2/454 - وَعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِن الصَّحَابَةِ، أَنَّ رَكْباً جَاؤُوا فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلالَ بِالأَمْسِ، فَأَمَرَهُم النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إلَى مُصَلاَّهُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَهَذَا لَفْظُهُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
(وَعَنْ أَبِي عُمَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): هُوَ أَبُو عُمَيْرِ ابْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، يُقَالُ: إنَّ اسْمَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِن الصَّحَابَةِ، وَعَمَّرَ بَعْدَ أَبِيهِ زَمَاناً طَوِيلاً، (عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِن الصَّحَابَةِ، أَنَّ رَكْباً جَاؤُوا فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلالَ بِالأَمْسِ.
فَأَمَرَهُم النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إلَى مُصَلاَّهُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَهَذَا لَفْظُهُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ). وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ السَّكَنِ وَابْنُ حَزْمٍ.
وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: إنَّ أَبَا عُمَيْرٍ مَجْهُولٌ، مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَهُ مَنْ صَحَّحَ لَهُ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَلاةَ الْعِيدِ تُصَلَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي؛ حَيْثُ انْكَشَفَ الْعِيدُ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلاةِ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الإِطْلاقُ بِالنَّظَرِ إلَى وَقْتِ الصَّلاةِ، وَأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا بَاقِياً حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْلُوماً مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى الْعَمَلِ بِهِ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لا يَعْلَمَ إلاَّ وَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهَا؛ فَإِنَّهَا تُقْضَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَقَطْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تُؤَدَّى فِيهِ فِي يَوْمِهَا.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ: بِشَرْطِ أَنْ يَتْرُكَ لِلَّبْسِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ، يُعَمَّمُ الْعُذْرُ سَوَاءٌ كَانَ لِلَّبْسِ أَوْ لِمَطَرٍ، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ؛ قِيَاساً لِغَيْرِ اللَّبْسِ عَلَيْهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهَا أَدَاءٌ لا قَضَاءٌ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ أَنَّهَا لا تُقْضَى مُطْلَقاً كَمَا لا تُقْضَى فِي يَوْمِهَا، وَلِلشَّافِعِيَّةِ تَفَاصِيلُ أُخْرَى ذَكَرَهَا فِي الشَّرْحِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَرَدَ فِي عِيدِ الإِفْطَارِ، وَقَاسُوا عَلَيْهِ الأَضْحَى، وَفِي التَّرْكِ لِلَّبْسِ، وَقَاسُوا عَلَيْهِ سَائِرَ الأَعْذَارِ. وَفِي الْقِيَاسِ نَظَرٌ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَعْرِفَةُ الْجَامِعِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.