دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 11:52 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صلاة المسافر والمريض (1/10) [أول ما شرعت الصلاة كانت ركعتين ثم فرضت أربعا]


بابُ صَلَاةِ الْمُسافِرِ والمريضِ
عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: أوَّلُ ما فُرِضَت الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، فأُقِرَّتْ صَلَاةُ السفَرِ، وأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وللبخاريِّ: ثُمَّ هاجَرَ، ففُرِضَتْ أربَعًا، وأُقِرَّتْ صَلَاةُ السفَرِ عَلَى الأَوَّلِ.
زادَ أحمدُ: إلا الْمَغْرِبَ فإنها وِتْرُ النهارِ، وإلا الصُّبْحَ فإنها تُطَوَّلُ فِيهَا القراءةُ.


  #2  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 02:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


بَابُ صَلاةِ المُسَافِرِ والمَرِيضِ
1/399- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا فُرِضَتِ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلاةُ الْحَضَرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ: ثُمَّ هَاجَرَ، فَفُرِضَتْ أَرْبَعاً، وَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ عَلَى الأَوَّلِ.
زَادَ أَحْمَدُ: إلاَّ الْمَغْرِبَ؛ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَإِلاَّ الصُّبْحَ؛ فَإِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا الْقِرَاءَةُ.
(عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا فُرِضَتِ الصَّلاةُ) مَا عَدَا الْمَغْرِبَ (رَكْعَتَيْنِ)؛ أيْ: حَضَراً وَسَفَراً، (فَأُقِرَّتْ)؛ أيْ: أَقَرَّ اللَّهُ، (صَلاةَ السَّفَرِ) بِإِبْقَائِهَا رَكْعَتَيْنِ، (وَأُتِمَّتْ صَلاةُ الْحَضَرِ) مَا عَدَا الْمَغْرِبَ، يزيدُ فِي الثَّلاثِ الصَّلَوَاتِ رَكْعَتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِأُتِمَّتْ زِيدَ فِيهَا حَتَّى كَانَتْ تَامَّةً بِالنَّظَرِ إلَى صَلاةِ السَّفَرِ، (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ) وَحْدَهُ عَنْ عَائِشَةَ.
(ثُمَّ هَاجَرَ)؛ أَي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (فَفُرِضَتْ أَرْبَعاً)؛ أيْ: صَارَتْ أَرْبَعاً بِزِيَادَةِ اثْنَتَيْنِ، (وَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ عَلَى الأَوَّلِ)؛ أيْ: عَلَى الْفَرْضِ الأَوَّلِ، (زَادَ أَحْمَدُ: إلاَّ الْمَغْرِبَ)؛ أيْ: زَادَهُ مِنْ رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ بَعْدَ قَوْلِهَا: أَوَّلُ مَا فُرِضَتِ الصَّلاةُ؛ أيْ: إلاَّ الْمَغْرِبَ؛ فَإِنَّهَا فُرِضَتْ ثَلاثاً، (فَإِنَّهَا)؛ أَي: الْمَغْرِبَ، (وِتْرُ النَّهَارِ) فُرِضَتْ وِتْراً ثَلاثاً مِنْ أَوَّلِ الأَمْرِ، (وَإِلاَّ الصُّبْحَ؛ فَإِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا الْقِرَاءَةُ).
فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ؛ لأَنَّ فُرِضَتْ بِمَعْنَى وَجَبَتْ، وَوُجُوبُهُ مَذْهَبُ الْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ: إنَّهُ رُخْصَةٌ، وَالتَّمَامُ أَفْضَلُ، وَقَالُوا: فُرِضَتْ بِمَعْنَى قُدِّرَتْ، أَوْ فُرِضَتْ لِمَنْ أَرَادَ الْقَصْرَ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}، وَبِأَنَّهُ سَافَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْصُرُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُتِمُّ، وَلا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَبِأَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يُتِمُّ، وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ، أَخْرَجَ ذَلِكَ مُسْلِمٌ، وَرَدَّ بِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالُ صَحَابَةٍ لا حُجَّةَ فِيهَا، وَبِأَنَّهُ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي (الصَّغِيرِ) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفاً: "صَلاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ نَزَلَتَا مِن السَّمَاءِ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَرُدُّوهُمَا".
قَالَ الْهَيْثَمِيُّ رِجَالُهُ مُوَثَّوقُونَ، وَهُوَ تَوْقِيفٌ؛ إذْ لا مَسْرَحَ فِيهِ لِلاجْتِهَادِ.
وَأَخْرَجَ أَيْضاً عَنْهُ فِي (الْكَبِيرِ) بِرِجَالِ الصَّحِيحِ: " صَلاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ "، وَفِي قَوْلِهِ: السُّنَّةَ، دَلِيلٌ عَلَى رَفْعِهِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ: كَانَ يَقْصِرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّبَاعِيَّةَ فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مُسَافِراً إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّهُ أَتَمَّ الرُّبَاعِيَّةَ فِي السَّفَرِ الْبَتَّةَ.
وَفِي قَوْلِهَا: " إِلاَّ الْمَغْرِبَ " دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ شَرْعِيَّتَهَا فِي الأَصْلِ ثَلاثاً لَمْ تَتَغَيَّرْ. وَقَوْلُهَا: إنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ؛ أيْ: صَلاةُ النَّهَارِ كَانَتْ شَفْعاً، وَالْمَغْرِبُ آخِرُهَا لِوُقُوعِهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِن النَّهَارِ، فَهِيَ وِتْرٌ لِصَلاةِ النَّهَارِ، كَمَا أَنَّهُ شُرِعَ الْوِتْرُ لِصَلاةِ اللَّيْلِ، وَالْوِتْرُ مَحْبُوبٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ: ((إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ)).
وَقَوْلُهَا: إِلاَّ الصُّبْحَ؛ فَإِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا الْقِرَاءَةُ، تُرِيدُ أَنَّهُ لا يَقْتَصِرُ فِي صَلاتِهَا فَإِنَّهَا رَكْعَتَانِ حَضَراً وَسَفَراً؛ لأَنَّهُ شُرِعَ فِيهَا تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ، وَلِذَلِكَ عُبِّرَ عَنْهَا فِي الآيَةِ بـ {قُرْآنِ الْفَجْرِ}؛ لَمَّا كَانَت الْقِرَاءَةُ مُعْظَمَ أَرْكَانِهَا لِطُولِهَا فِيهَا، فَعُبِّرَ عَنْهَا بِهَا مِنْ إطْلاقِ الْجُزْءِ الأَعْظَمِ عَلَى الْكُلِّ.


  #3  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 02:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام



بَابُ صَلاةِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ


مُقَدِّمَةٌ


قَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي (إِعْلامِ المُوَقِّعِينَ): خَصَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى المُسَافِرَ فِي سَفَرِهِ بالتَّرَفُّهِ، فَخَصَّهُ بالفِطْرِ والقَصْرِ، وَهَذَا مِنْ حِكْمَةِ الشارعِ، فَإِنَّ السفرَ فِي نَفْسِهِ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَشَقَّةٌ وَجهدٌ، وَلَوْ كَانَ المسافرُ منْ أَرْفَهِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ فِي مَشَقَّةٍ وَجُهْدٍ بِجِسْمِهِ، فَكَانَ منْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ وَبِرِّهِ بِهِمْ أَنْ خَفَّفَ عَنْهُمْ شَطْرَ الصَّلاةِ، وَاكْتَفَى مِنْهُمْ بالشَّطْرِ.
فَلَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِمْ مصلحةَ العبادةِ بِإِسْقَاطِهَا فِي السفرِ جملةً، وَلَمْ يُلْزِمْ بِهَا فِي السفرِ كَإِلْزَامِهِ بِهَا فِي الحضرِ، وَأَمَّا الإقامةُ فَلا مُوجِبَ لإسقاطِ الواجبِ فِيهَا وَلا تَأْخِيرِهِ، وَمَا يَعْرِضُ فِيهَا من المَشَقَّةِ والشُّغْلِ فَأَمْرٌ لا يَنْضَبِطُ وَلا يَنْحَصِرُ، فَلَوْ جَوَّزَ لِكُلِّ مَشْغُولٍ وَكُلِّ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ الترخيصَ ـ ضَاعَ وَاضْمَحَلَّ بالكُلِّيَّةِ، وَإِنْ جَوَّزَ للبَعْضِ لَمْ يَنْضَبِطْ، فَإِنَّهُ لا وَصْفَ يَضْبِطُ مَا تَجُوزُ مَعَهُ الرُّخْصَةُ وَمَا لا تَجُوزُ بخلافِ السفرِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السِّعْدِيُّ: مِنْ قَوَاعِدِ الشريعةِ: (أَنَّ المَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ). وَلَمَّا كَانَ السفرُ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ يَمْنَعُ الْعَبْدَ نَوْمَهُ، وَرَاحَتَهُ وَقَرَارَهُ، رَتَّبَ الشارعُ عَلَيْهِ مَا رَتَّبَ مِن الرُّخَصِ، وحتى لَوْ فُرِضَ خُلُوُّهُ عَنِ المَشَقَّاتِ؛ لأَنَّ الأَحْكَامَ تَتَعَلَّقُ بِعِلَلِهَا التَّامَّةِ، وَإِنْ تَخَلَّفَتْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَالأَفْرَادِ.
فالحكمُ الفردُ يُلْحَقُ بالأَعَمِّ، وَلا يُفْرَدُ بالحُكْمِ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الفقهاءِ: (النَّادِرُ لا حُكْمَ لَهُ). يَعْنِي: لا يَنْقُضُ الْقَاعِدَةَ، وَلا يُخَالِفُ حُكْمَهَا، فَهَذَا أصلٌ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ.
وَجَاءَ التخفيفُ فِي أداءِ الواجباتِ عَن الْمَرِيضِ، فِي الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [الْبَقَرَة: 184]. وَقَالَ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [الْبَقَرَة: 286].
وَجَاءَ فِي (الْبُخَارِيِّ) وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ـ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((صَلِّ قَائِماً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ)).
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لا أَعْلَمُ خِلافاً بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ للمريضِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَن الْجَمَاعَاتِ منْ أَجْلِ المرضِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ القيامِ فِي الفريضةِ، صَلاهَا قَاعِداً، وَلا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَلا يَنْقُصُ مِنْ ثَوَابِهِ للخبرِ.
قَالَ فِي (الرَّوْضِ وَالْحَاشِيَةِ): وَلا يَنْقُصُ أَجْرُ الْمَرِيضِ إِذَا صَلَّى، عَنْ أَجْرِ الصَّحِيحِ المُصَلِّي، لحديثِ أَبِي مُوسَى: ((إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (2996) .
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَنْ نَوَى الْخَيْرَ وَفَعَلَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْفَاعِلِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ وَغَيْرِهِ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: مَتَى تَسْقُطُ الصَّلاةُ عَنِ الْمَرِيضِ؟
فَمَذْهَبُ أَحْمَدَ كَمَا قَالَ عَنْهُ فِي (الرَّوْضِ): لا تَسْقُطُ الصَّلاةُ مَا دَامَ الْعَقْلُ ثَابِتاً؛ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الإيماءِ بِطَرْفِهِ مَعَ النِّيَّةِ بِقَلْبِهِ؛ لِعُمُومِ أَدِلَّةِ وُجُوبِهَا، والروايةُ الأُخْرَى عَن الإمامِ سُقُوطُهَا.
قَالَ الشَّيْخُ فِي (الاخْتِيَارَاتِ): مَتَى عَجَزَ الْمَرِيضُ عَن الإيماءِ بِرَأْسِهِ سَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلاةُ، وَلا يَلْزَمُهُ الإيماءُ بِطَرْفِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السِّعْدِيُّ: أَمَّا صَلاةُ الْمَرِيضِ بِطَرْفِهِ وَقَلْبِهِ، فَلَمْ تَثْبُتْ، وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صلاتَهُ عَلَى جَنْبِهِ مَعَ الإيماءِ هِيَ آخِرُ الْمَرَاتِبِ الْوَاجِبَةِ، والمَذْهَبُ أَحْوَطُ.
قَرَارُ مَجْمَعِ الْفِقْهِ الإِسْلامِيِّ بِشَأْنِ الأَخْذِ بالرُّخْصَةِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
قَرَارٌ رَقْمُ (74/1 /د8) بِشَأْنِ: الأَخْذِ بِالرُّخْصَةِ وَحُكْمِهِ.
إِنَّ مَجْلِسَ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإسلاميِّ المُنْعَقِدَ فِي دورةِ مُؤْتَمَرِهِ الثَّامِنِ ببندرِ سيري باجوان، بروناي دَارِ السَّلامِ مِنْ (1ـ 7 مُحَرَّمٍ 1414هـ، الْمُوَافِقِ: 21 ـ 27 يُونْيُو 1993م).
بَعْدَ اطِّلاعِهِ عَلَى البحوثِ الواردةِ إِلَى المجمعِ بخصوصِ موضوعِ (الأَخْذِ بالرُّخْصَةِ وَحُكْمِهِ).
وَبَعْدَ استماعِهِ إِلَى المناقشاتِ الَّتِي دَارَتْ حَوْلَهُ ـ قَرَّرَ مَا يلي.
1 - الرخصةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ مَا شُرِعَ من الأَحْكَامِ لِعُذْرٍ؛ تَخْفِيفاً عَن المُكَلَّفِينَ، مَعَ قِيَامِ السَّبَب المُوجِبِ للحُكْمِ الأصليِّ.
وَلا خِلافَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الأَخْذِ بالرُّخَصِ الشَّرْعِيَّةِ إِذَا وُجِدَتْ أَسْبَابُهَا، بشرطِ التَّحَقُّقِ مِنْ دَوَاعِيهَا، وَالاقْتِصَارِ عَلَى مَوَاضِعِهَا، مَعَ مراعاةِ الضوابطِ الشَّرْعِيَّةِ المُقَرَّرَةِ للأخذِ بِهَا.
2 - الْمُرَادُ بالرُّخَصِ الفِقْهِيَّةِ مَا جَاءَ من الاجتهاداتِ المَذْهَبِيَّةِ مُبِيحاً لأمرٍ، فِي مقابلةِ اجتهاداتٍ أُخْرَى تَحْظَرُهُ، والأخذُ بِرُخَصِ الفقهاءِ ـ بِمَعْنَى: اتِّبَاعِ مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْ أَقْوَالِهِمْ ـ جَائِزٌ شَرْعاً بالضوابطِ الآتيةِ فِي (البَنْدِ 4).
3 - الرُّخَصُ فِي القَضَايَا الْعَامَّةِ تُعَامَلُ مُعَامَلَةَ المسائلِ الفِقْهِيَّةِ الأَصْلِيَّةِ، إِذَا كَانَتْ مُحَقِّقَةً لِمَصْلَحَةٍ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعاً وَصَادِرَةٍ عَن اجتهادٍ جَمَاعِيٍّ مِمَنْ تَتَوَافَرُ فِيهِمْ أَهْلِيَّةُ الاختيارِ، وَيَتَّصِفُونَ بالتَّقْوَى والأمانةِ العِلْمِيَّةِ.
4 - لا يَجُوزُ الأَخْذُ بِرُخَصِ المذاهبِ الفِقْهِيَّةِ لِمُجَرَّدِ الْهَوَى؛ لأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى التَّحَلُّلِ مِنَ التكليفِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الأَخْذُ بالرُّخَصِ بمراعاةِ الضوابطِ التاليةِ:
(أ) أَنْ تَكُونَ أَقْوَالُ الفقهاءِ الَّتِي يُتَرَخَّصُ بِهَا مُعْتَبَرَةً شَرْعاً، وَلَمْ تُوصَفْ بِأَنَّهَا مِنْ شَوَاذِّ الأقوالِ.
(ب) أَنْ تَقُومَ الحاجةُ إِلَى الأَخْذِ بالرخصةِ؛ دَفْعاً للمَشَقَّةِ، سَوَاءٌ أكانتْ حَاجَةً عَامَّةً للمجتمعِ، أَمْ خَاصَّةً، أَمْ فَرْدِيَّةً.
(ج) أَنْ يَكُونَ الآخِذُ بالرُّخَصِ ذَا قُدْرَةٍ عَلَى الاختيارِ، أَوْ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ.
(د) أَلاَّ يَتَرَتَّبَ عَلَى الأَخْذِ بالرُّخَصِ الوقوعُ فِي التَّلْفِيقِ المَمْنُوعِ، الآتِي بَيَانُهُ فِي (البَنْدِ 6).
(هـ) أَلاَّ يَكُونَ الأَخْذُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ ذَرِيعَةً للوصولِ إِلَى غَرَضٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ،
(وَ) أنْ تَطْمَئِنَّ نَفْسُ المُتَرَخِّصِ للأَخْذِ بالرُّخْصَةِ.
5 - حقيقةُ التَّلْفِيقِ فِي تقليدِ المذاهبِ هِيَ أَنْ يَأْتِيَ المُقَلِّدُ فِي مسألةٍ وَاحِدَةٍ ذَاتِ فَرْعَيْنِ مُتَرَابِطَيْنِ فَأَكْثَرَ، بِكَيْفِيَّةٍ لا يَقُولُ بِهَا مُجْتَهِدٌ، مِمَّنْ قَلَّدَهُمْ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ.
6 - يَكُونُالتلفيقُ مَمْنُوعاً فِي الأحوالِ التاليةِ:
(أ) إِذَا أَدَّى إِلَى الأَخْذِ بالرُّخَصِ لِمُجَرَّدِ الْهَوَى، أَو الإخلالِ بِأَحَدِ الضوابطِ المُبَيَّنَةِ فِي مسألةِ الأَخْذِ بالرخصِ.
(ب) إِذَا أَدَّى إِلَى نَقْضِ حُكْمِ الْقَضَاءِ.
(ج) إِذَا أَدَّى إِلَى نَقْضِ مَا عُمِلَ بِهِ تَقْلِيداً فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ.
(د) إِذَا أَدَّى إِلَى مُخَالَفَةِ الإجماعِ أَوْ مَا يَسْتَلْزِمُهُ.
(هـ) إِذَا أَدَّى إِلَى حَالَةٍ مُرَكَّبَةٍ، لا يُقِرُّهَا أَحَدٌ مِنَ المُجْتَهِدِينَ، وَاللَّهُ أعلمُ.
347 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا فُرِضَتِ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاةُ الْحَضَرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: ثُمَّ هَاجَرَ، فَفُرِضَتْ أَرْبَعاً، وَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ عَلَى الأَوَّلِ.
وَزَادَ أَحْمَدُ: إِلاَّ المَغْرِبَ، فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَإِلاَّ الصُّبْحَ، فَإِنَّهَا تُطَوَّلُ فِيهَا القراءةُ.
ــ
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
فُرِضَت: الفَرْضُ فِي اللُّغَةِ: الوَاجِبُ، وَالْمَعْنَى: أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَى المُكَلَّفِينَ مِنْ عِبَادِهِ.
الصَّلاةُ: أَي: الصَّلاةُ الرُّبَاعِيَّةُ.
أُتِمَّتْ صَلاةُ الْحَضَرِ: أَيْ: زِيدَ فِيهَا حَتَّى صَارَتْ أَرْبَعاً، فالزيادةُ فِي عددِ الركعاتِ.
أُقِرَّتْ: قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: (قَرَّ) أَصْلانِ صَحِيحَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى تَمَكُّنٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.
يُقَالُ: قَرَّ وَاسْتَقَرَّ، وَقَالَ فِي (المُحِيطِ): أَقَرَّهُ فِي الْمَكَانِ: ثَبَّتَهُ.
قُلْتُ: وَمِنْهُ: أُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، بِإِبْقَائِهَا رَكْعَتَيْنِ.
أَوَّلُ: مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ (رَكْعَتَانِ) عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْحَدِيثِ، وَيَجُوزُ نَصْبُ (رَكْعَتَيْنِ) عَلَى أَنَّهَا حَالٌ سَدَّ مَسَدَّ الْخَبَرِ.
أُتِمَّتْ: بالبناءِ للمجهولِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: (وَزِيدَ فِي صَلاةِ الحضرِ)، وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ (أُتِمَّتْ)، وَالْمَعْنَى: زِيدَ فِيهَا حَتَّى صَارَتْ أربعاً، فالزيادةُ فِي عددِ الركعاتِ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - مِنْ عِظَمِ هَذِهِ الصلواتِ الخمسِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَهَا عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّمَاءِ، وَأَنَّ فَرْضَهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُشَافَهَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِلا وَاسِطَةٍ، وَذَلِكَ لَيْلَةَ الإسراءِ وَالمِعْرَاجِ حِينَمَا عُرِجَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَمَاوَاتِ وَمَا فَوْقَهُنَّ، وَأَنَّهَا فُرِضَتْ خَمْسِينَ فِي الْيَوْمِ والليلةِ، فَخُفِّفَتْ إِلَى خَمْسٍ، وَلَكِنْ بَقِيَ ثَوَابُ الْخَمْسِينَ فِي الخمسِ، فَلَمْ يَنْقُصْ إِلاَّ العددُ.
2 - أَوَّلُ مَا فُرِضَتِ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَاسْتَمَرَّتْ مُدَّةَ بَقَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا هَاجَرَ زِيدَ فِي صَلاةِ الظَّهْرِ، وَالعَصْرِ، والعشاءِ، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى صِرْنَ رُبَاعِيَّاتٍ، أَمَّا المغربُ فَقَدْ فُرِضَتْ ثَلاثاً، وَبَقِيَتْ عَلَى مَا فُرِضَتْ عَلَيْهِ؛ لِتَكُونَ وِتْرَ النَّهَارِ، وَأَمَّا الفَجْرُ فَبَقِيَتْ رَكْعَتَيْنِ، وَذَلِكَ لِطُولِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا، فَكَانَ مِنَ الأَوْلَى أَلاَّ يُزَادَ فِيهَا رَكْعَتَانِ، هَذَا فِي الحَضَرِ، وَعَلَى هَذَا فَتَسْمِيَتُهُ قَصْراً هُوَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ، لا حَقِيقِيٌّ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ قَصْرٌ فِي الصَّلاةِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ زِيَادَةٌ فِي صَلاةِ الحَضَرِ، وإبقاءٌ لصلاةِ السفرِ عَلَى حالِهَا كَمَا فُرِضَتْ.
3 - قَوْلُهُ: (أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ) الفَرْضُ فِي الشَّرْعِ: هُوَ مَا أُمِرَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الإلزامِ بِهِ، وَهُوَ والواجبُ مُتَرَادِفَانِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الإمامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَذَهَبَ الحنفيَّةُ إِلَى أَنَّ الفرضَ: مَا وَجَبَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ، وَأَمَّا الواجبُ: فَهُوَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ، فَهُوَ أَخَفُّ إِلْزَاماً مِنَ الفرضِ، وَالصحيحُ هُوَ الْقَوْلُ الأَوَّلُ، مِنْ أَنَّ الواجبَ والفرضَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
4 - أَمَّا فِي السفرِ فَإِنَّ الرُّبَاعِيَّاتِ الثَّلاثَ أُبْقِينَ عَلَى عَدَدِهِنَّ الأَوَّلِ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَهُنَّ المَقْصُورَاتُ مِنَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ إِلَى رَكْعَتَيْنِ، أَمَّا المغربُ فَأُبْقِيَتْ ثَلاثاً وَلَمْ تُقْصَرْ؛ لأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، فَإِذَا سَقَطَ مِنْهَا ركعةٌ بَطَلَ كَوْنُهَا وِتْراً، وَإِنْ سَقَطَ مِنْهَا رَكْعَتَانِ بَقِيَتْ رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَلا نَظِيرَ لَهُ، وَأَمَّا الصُّبْحُ فَهِيَ رَكْعَتَانِ، وَلَوْ قُصِرَتْ عَلَى وَاحِدَةٍ بَقِيَتْ رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَلا نَظِيرَ لَهُ، فالمغربُ وَالصبحُ لا يُقْصَرَانِ إِجْمَاعاً.
5 - القَصْرُ رحمةٌ من اللَّهِ تَعَالَى بِعِبَادِهِ، فَإِنَّ المسافرَ يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ وَتَعَبٌ، وَنَصَبٌ، فَمِنْ لُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِعَبْدِهِ أَنْ خَفَّفَ عَنْهُ شَطْرَ الصَّلاةِ، وَاكْتَفَى مِنْهُ بالشطرِ الثَّانِي، لِئَلاَّ تَفُوتَ عَلَيْهِ مصلحةُ العبادةِ، فَيَنْقَطِعَ عَنْ رَبِّهِ وَمُنَاجَاتِهِ.
6 - أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الركعتَيْنِ هُمَا فَرْضُ السفرِ، مَا دَامَ أَنَّ صَلاةَ السفرِ بَاقِيَةٌ، وَأَمَّا الحَضَرُ فَطَرَأَ عَلَيْهَا الزيادةُ، فَهَذَا يُؤَكِّدُ عَلَى المسافرِ أَلاَّ يُصَلِّيَ فِي السفرِ إِلاَّ قَصْراً خَشْيَةً مِنْ بُطْلانِ صَلاتِهِ بالزيادةِ مَا دَامَتِ الزيادةُ لَيْسَتْ أَصْلِيَّةً فِي الصَّلاةِ، وَلَعَلَّ هَذَا منْ حُجَّةِ الَّذِينَ أَوْجَبُوا القَصْرَ فِي السفرِ، وَمِنْهُم الظاهريَّةُ والحنفيَّةُ، وَنُقِلَ عَن الإمامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي صِحَّةِ صَلاةِ مَنْ صَلَّى أَرْبَعاً، وبهذا يَكُونُ القصرُ مُؤَكَّدَ الاستحبابِ، وَإِذَا تَأَكَّدَ اسْتِحْبَابُهُ كُرِهَ تَرْكُهُ، وَلَكِنَّ الراجحَ أَنَّهَا تُسَمَّى مَقْصُورَةً؛ لِتُوَافِقَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: الآيَة: 101] وَتُوَافِقَ الأَحَادِيثَ الواردةَ فِي الموضوعِ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ: الأَصَحُّ أَنَّ الآيَةَ أَفَادَتْ قَصْرَ الصَّلاةِ فِي العددِ والعملِ جَمِيعاً. قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ: قَصْرُ الصَّلاةِ المكتوبةِ الرُّبَاعِيَّةِ إِلَى رَكْعَتَيْنِ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ والسُّنَّةِ، وَجَائِزٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مَنْقُولٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتواترِ، وَأَظْهَرُ الأَقْوَالِ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ القَصْرَ سُنَّةٌ، وَإِنَّ الإِتْمَامَ مَكْرُوهٌ، وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ: لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَمَّ الرُّبَاعِيَّةَ فِي السَّفَرِ أَلْبَتَّةَ.
وَقَالَ المُوَفَّقُ: القَصْرُ أَفْضَلُ من الإتمامِ فِي قَوْلِ جمهورِ الْعُلَمَاءِ.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي القصرِ: أَهُوَ عَزِيمَةٌ أَمْ رُخْصَةٌ؟
ذَهَبَ الأَئِمَّةُ الثلاثةُ إِلَى: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَصْرُهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النِّسَاء: الآيَة 101] فَنَفْيُ الْجُنَاحِ يُفِيدُ أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَلَيْسَ عَزِيمَةً، وَالأَصْلُ الإتمامُ.
وَذَهَبَ أَبُو حنيفةَ إِلَى: أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَنَصَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ، فَقَالَ: إِنَّ فرضَ المسافرِ رَكْعَتَانِ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاوَمَ عَلَيْهِ، وَلِمَا فِي (الصَّحِيحَيْنِ) عَنْ عَائِشَةَ: (فُرِضَتِ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاةُ الْحَضَرِ).
وَأَجَابَ الجمهورُ عَن الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ: أَحْسَنُهَا أَنَّ هَذَا مِنْ كَلامِ عَائِشَةَ، وَلَمْ يُرْفَعْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ مُحَرِّرُهُ: الأَوْلَى لِلْمُسَافِرِ ألاَّ يَدَعَ القَصْرَ؛ اتِّبَاعاً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخُرُوجاً منْ خِلافِ مَنْ أَوْجَبَهُ بِحُجَّةٍ قَوِيَّةٍ، ولأنَّ القصرَ أَفْضَلُ إِجْمَاعاً.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir