228 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنَّا نَحْزُرُ قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ والعَصْرِ، فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ: {الم * تَنْزِيلُ} السَّجْدَةِ، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ منْ ذَلِكَ، وَفِي الأُولَيَيْنِ من العصرِ عَلَى قَدْرِ الأُخْرَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَالأُخْرَيَيْنِ عَلَى النِّصْفِ منْ ذَلِكَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- نَحْزُرُ: بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الزَّايِ، مِنْ بَابِ نَصَرَ؛ بِمَعْنَى: نَخْرُصُ وَنُقَدِّرُ وَنَقِيسُ.
قَالَ فِي (المصباحِ): حَزَرْتُ الشيءَ: قَدَّرْتُهُ، وَحَزَرْتُ النَّخْلَ؛ إِذَا خَرَصْتَهُ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- كَانَ قَدْرُ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأُولَيَيْنِ من الظهرِ بِقَدْرِ سُورَةِ{الم * تَنْزِيلُ}. السَّجْدَةِ، وَفِي الأُخْرَيَيْنِ قَدْرِ النِّصْفِ منْ ذَلِكَ، وَفِي الأُولَيَيْنِ من العَصْرِ على قَدْرِ الأُخْرَيَيْنِ من الظُّهْرِ، والأُخْرَيَيْنِ عَلَى النِّصْفِ منْ ذَلِكَ.
2- قولُهُ: فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ من الظُّهْرِ قَدْرَ {الم تَنْزِيلُ} يَقْتَضِي أَنَّ الركعةَ الأُولَى وَالثَّانِيَةَ من الظهرِ كَانَتَا سَوَاءً، بِخِلافِ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ السابقِ، وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ؛ إِمَّا عَلَى اخْتِلافِ الأوقاتِ وتَعَدُّدِ الوَاقِعَةِ، أَوْ يُقَالُ: إِنَّ الأُولَى طَالَتْ بِدُعَاءِ الاستفتاحِ والتَّعَوُّذِ.
والأَوْلَى فِي تَخْرِيجِ تَعَارُضِ الحَدِيثَيْنِ - حَدِيثِ أَبِي قَتَادَة وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ -: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي صَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منْ أَنَّهُ يَجْعَلُ الرَّكْعَةَ الأُولَى أَطْوَلَ من الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَجَاءَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْقَاعِدَةِ فِي بَعْضِ الأحيانِ، فَيَكُونُ جَوَازُ الأَمْرَيْنِ والعملُ بالحَدِيثَيْنِ، إِلاَّ أَنَّ الأَصْلَ هُوَ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، مِنْ تَطْوِيلِ الأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ.
كَمَا أَنَّ السُّنَّةَ الغالبةَ هِيَ تطويلُ صَلاةِ الظهرِ عَلَى العصرِ فِي الْقِرَاءَةِ والأفعالِ.
3- اسْتِحْبَابُ تطويلِ صَلاةِ الظهرِ وقراءَتِهَا عَلَى صَلاةِ العصرِ وَقِرَاءَتِهَا.
4- لَعَلَّ تطويلَ الظهرِ عَن العصرِ رَاجِعٌ إِلَى الوقتِ، فالظُّهْرُ وَقْتُهَا يَمْتَدُّ، أَمَّا العصرُ فَيَقَعُ بَعْدَهُ وَقْتُ الاصفرارِ، وَهَذَا وَقْتُ الضرورةِ.
5- قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: يُسْتَحَبُّ إطالةُ الركعةِ الأُولَى منْ كُلِّ صَلاةٍ عَلَى الثَّانِيَةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمُدَّ فِي الأُولَيَيْنِ، وَيَحْذِفَ فِي الأُخْرَيَيْنِ، وَعَامَّةُ الفقهاءِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ.
6- هَذَا الْحَدِيثُ يُؤَيِّدُ مَا جَاءَ منْ أَنَّهُ قَدْ لا يَقْتَصِرُ المُصَلِّي عَلَى الفاتحةِ فِي الأُخْرَيَيْنِ من الظهرِ والعصرِ؛ حَيْثُ كَانَت الأُخْرَيَانِ فِي الظهرِ عَلَى النصفِ من الأُولَيَيْنِ مِنْهُمَا، مَعَ أَنَّهُ يَقْرَأُ بِـ {الم تَنْزِيلُ} السجدةِ، وَقَدْ دَلَّتِ الرِّوَايَاتُ الصحيحةُ عَلَى الاقتصارِ عَلَى قِرَاءَةِ الفاتحةِ فِي الأُخْرَيَيْنِ من الظهرِ والعصرِ، فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ هَذَا تارةً، وَذَاكَ أُخْرَى، فَالكُلُّ جَائِزٌ، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِمَا غَيْرَ الفاتحةِ، وَقِرَاءَةُ شَيْءٍ بَعْدَ الفاتحةِ فِي الأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ، وَالأُولَيَيْنِ مِنَ العصرِ مَعْلُومٌ، ومُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.