دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 4 محرم 1430هـ/31-12-2008م, 12:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


193 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلاةِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلا يَبْصُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ)).
* مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- يُنَاجِي رَبَّهُ: مِنْ: نَاجَاهُ مُنَاجَاةً، فَهُوَ مُنَاجٍ، وَهُوَ المُخَاطِبُ لِغَيْرِهِ، والمُحَدِّثُ لَهُ، وَأَصْلُ المُنَاجَاةِ: المُسَارَّةُ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. [المجادلة: 9] وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الإقبالُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وكما فِي الْحَدِيثِ: ((لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ)).
- يَبْصُقَنَّ: بِالصَّادِ أَو السِّينِ أَو الزَّايِ، فَالْحُرُوفُ الثلاثةُ مُتَقَارِبَةُ المخارجِ، وَهِيَ حُرُوفُ الصَّفِيرِ، والفِعْلُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ، فِي مَحَلِّ جَزْمٍ؛ لاتِّصَالِهِ بنونِ التوكيدِ الثَّقِيلَةِ، والبَصْقُ: إِخْرَاجُ مَاءِ الْفَمِ، وَمَا دَامَ فِيهِ فَهُوَ رِيقٌ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- الصَّلاةُ فَرْضاً أَوْ نَفْلاً مَوْطِنُ مُنَاجَاةٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَاتِّصَالِ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}. [طه: 14] فَلا يَلِيقُ أَنْ يَبْصُقَ المُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَإِنَّ المناجاةَ تَكُونُ لِمَنْ هُوَ أَمَامَكَ، وَلِذا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى للبُخَارِيِّ (417): ((فَإِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ)). وَهَذِهِ مَعِيَّةٌ خَاصَّةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ حَالَ مُنَاجَاتِهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ: ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ)). وَهُوَ سُبْحَانَهُ عَلَى دُنُوِّهِ وَقُرْبِهِ مِنْ عَبْدِهِ فِي عُلُوِّهِ.
2- وَلا يَبْصُقْ عَنْ يَمِينِهِ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ: ((فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكاً))، ولابنِ أَبِي شَيْبَةَ: ((فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ كَاتِبَ الْحَسَنَاتِ)).
3- وَكَذَلِكَ عَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ؛ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17].وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ أَمِيرٌ عَلَى كَاتِبِ السَّيِّئَاتِ)).
فَإِذَا قِيلَ: كَيْفَ يَبْصُقُ عَنْ شِمَالِهِ، وَفِيهِ الْمَلَكُ؟
فالجوابُ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ هُوَ مَا يَأْتِي:
(أ) أَنَّ المُصَلِّيَ لا يَبْصُقُ فِي الصَّلاةِ إِلاَّ فِي حَالِ الحاجةِ، والحاجةُ تُبِيحُ المَكْرُوهَاتِ.
(ب) جِهَةُ الْيَمِينِ أَشْرَفُ منْ جِهَةِ الشمالِ، فَيَجْعَلُ الْيَمِينَ للمُسْتَطَابَاتِ، وَالشِّمَالَ للمُسْتَقْذَرَاتِ.
(ج) الْمَلَكُ المُقِيمُ فِي جِهَةِ الْيَمِينِ أَشْرَفُ من الْمَلَكِ المُقِيمِ فِي جِهَةِ الشمالِ.
(د) أَرْشَدَ الشَّارِعُ المُصَلِّيَ أَنْ يَبْصُقَ تَحْتَ قَدَمِهِ الشمالِ، فَهُوَ لَمْ يَبْصُقْ جِهَةَ الْمَلَكِ، وَإِنَّمَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَتَحْتَ القَدَمِ، والِمُسْلِمُ يَتَّقِي اللَّهَ تَعَالَى مَا اسْتَطَاعَ.

4- الْعُلُوُّ ثَابِتٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْكِتَابِ والسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجماعةِ، مِمَّنْ يَقْتَفُونَ الآثارَ، وَيَعْنُونَ بالأخبارِ، فَالْعُلُوُّ المُطْلَقُ ثَابِتٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْوَجْهِ اللائِقِ بِجَلالِهِ وَعَظَمَتِهِ، فَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَإِثْبَاتُ الجهةِ لِلَّهِ تَعَالَى لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الجهةَ تُحِيطُ بِهِ وَتَحْصُرُهُ، فاللهُ تَعَالَى أَعْظَمُ وَأَجَلُّ وَأَوْسَعُ منْ ذَلِكَ، فَقَدْ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ،{وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}.
5- المَنْفِيُّ عَن اللَّهِ تَعَالَى جِهَةُ السُّفْلِ؛ فَلا يَجُوزُ إِثْبَاتُهَا لَهُ تَعَالَى، فَلَهُ الْعُلُوُّ المُطْلَقُ بِذَاتِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَقَدْرِهِ، وَقَهْرِهِ.
6- وَيُنْفَى عَنْهُ تَعَالَى الحُلُولُ، فَهُوَ مَعَ خَلْقِهِ بِعِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ التَّامَّةِ، وَهُوَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالمُحْسِنِينَ بِحِفْظِهِ وَرِعَايَتِهِ الخَاصَّةِ، وَهُوَ مَعَ الْعَابِدِينَ السَّاجِدِينَ وَالدَّاعِينَ بِسَمْعِهِ وَإِجَابَتِهِ، وَإِعْطَائِهِ وَتَفَضُّلِهِ.
7- قَالَ الإِمَامُ الجُوَيْنيُّ: الْعَبْدُ إِذَا أَيْقَنَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوْقَ السَّمَاءِ، عَالٍ عَلَى عَرْشِهِ بِلا حَصْرٍ وَلا كَيْفِيَّةٍ، صَارَ لِقَلْبِهِ قِبْلَةٌ فِي صَلاتِهِ وَتَوَجُّهِهِ وَدُعَائِهِ، وَمَنْ لا يَعْرِفْ رَبَّهُ بِأَنَّهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، فَإِنَّهُ يَبْقَى حَائِراً لا يَعْرِفُ جِهَةَ مَعْبُودِهِ، فَإِذَا دَخَلَ فِي الصَّلاةِ وَكَبَّرَ تَوَجَّهَ قَلْبُهُ إِلَى جِهَةِ الْعَرْشِ، مُنَزِّهاً رَبَّهُ تَعَالَى عَنِ الحَصْرِ، مُعْتَقِداً أَنَّهُ فِي عُلُوِّهِ قَرِيبٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ مَعَهُمْ بِعِلْمِهِ، وَسَمْعِهِ، وَبَصَرِهِ، وَإِحَاطَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَمَشِيئَتِهِ، وذاتِهِ فَوْقَ الأَشْيَاءِ، حَتَّى إِذَا شَعَرَ قَلْبُهُ بِذَلِكَ فِي الصَّلاةِ، أَو التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ، أَشْرَقَ قَلْبُهُ وَاسْتَنَارَ بالإيمانِ، وَعُكِسَتْ أَشِعَّةُ الْعَظَمَةِ عَلَى عَقْلِهِ، وَرُوحِهِ، وَنَفْسِهِ، فَانْشَرَحَ لِذَلِكَ صَدْرُهُ، وَقَوِيَ إِيمَانُهُ، وَنَزَّهَ رَبَّهُ عَنْ صِفَاتِ خَلْقِهِ مِنَ الحَصْرِ والحُلُولِ، وَذَاقَ حِينَئِذٍ شَيْئاً مِنْ أَذْوَاقِ السَّابِقِينَ المُقَرَّبِينَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ الأَلْبَانِيُّ: رَبُّنَا تَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ، فَوْقَ مَخْلُوقَاتِهِ كُلِّهَا، كَمَا تَوَاتَرَتْ فِيهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَآثارُ الصَّحَابَةِ والسَّلَفِ الصالحِ؛ فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُحِيطٌ بالعالَمِ كُلِّهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ وَجْهَهُ عَزَّ وَجَلَّ.
8- جَاءَ فِي بَعْضِ ألفاظِ الْحَدِيثِ: ((قِبَلَ وَجْهِهِ)). قَالَ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ: وَهَذَا التعليلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ البُصَاقَ إِلَى الْقِبْلَةِ حَرَامٌ؛ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ لا، وَلا سِيَّمَا المُصَلِّي.
9- جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ (415)، وَمُسْلِمٍ (552)، مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا)).
قَالَ النَّوَوِيُّ: إِذَا بَصَقَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَدِ ارْتَكَبَ الْحَرَامَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفِنَهُ، وَيَجِبُ الإنكارُ عَلَى مَنْ رَأَى مَنْ يَبْصُقُ فِي الْمَسْجِدِ.
10- الإِسْلامُ يَدْعُو إِلَى النظافةِ والطَّهَارَةِ والنزاهةِ، وَيُنَفِّرُ مِنَ القَذَارَةِ وَالْوَسَاخَةِ، فَالأفضلُ للِمُسْلِمِ أَنْ يَصْحَبَ مَعَهُ (مَنَادِيلَ) يُزِيلُ بِهَا الأَقْذَارَ وَالأَذَى، وَيُلْقِيهَا فِي أَوَانِيَ الزُّبَالَةِ وَأَمَاكِنِهَا.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحث, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:12 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir