دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 محرم 1430هـ/31-12-2008م, 11:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الحث على الخشوع في الصلاة (1/8) [النهي عن أن يضع المصلي يديه على خاصرته]


بابُ الْحَثِّ علَى الْخُشوعِ فِي الصَّلَاةِ


238- عن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: نَهَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنْ يُصَلِّيَ الرجُلُ مُخْتَصِرًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ واللفظُ لمسلِمٍ. ومعناه: أن يَجْعَلَ يَدَهُ علَى خاصِرَتِه.
239- وفي البخاريِّ: عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أنَّ ذَلِكَ فِعْلُ اليَهودِ.


  #2  
قديم 4 محرم 1430هـ/31-12-2008م, 12:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


بابُ الحَثِّ على الخُشُوعِ في الصلاةِ

فِي القَامُوسِ: الخُشُوعُ الخُضُوعُ، أَوْ قَرِيبٌ مِن الخُضُوعِ، أَوْ هُوَ فِي البَدَنِ، وَالخُشُوعُ فِي الصَّوْتِ وَالبَصَرِ وَالسُّكُونِ وَالتَّذَلُّلِ، وفي الشَّرحِ: الخُضُوعُ تَارَةً يَكُونُ فِي القَلْبِ، وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ قِبَلِ البَدَنِ، كَالسُّكُوتِ.
وَقِيلَ: لا بُدَّ مِن اعْتِبَارِهِمَا، حَكَاهُ الفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عَمَلِ القَلْبِ حَدِيثُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ: ((الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ)). أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ.
قُلْتُ: وَيَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ: ((لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ))، وَحَدِيثُ الدُّعَاءِ فِي الاسْتِعَاذَةِ: ((وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ)).
وَقَد اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الخُشُوعِ فِي الصَّلاةِ؛ فَالجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ. وَقَدْ أَطَالَ الغَزَالِيُّ فِي الإِحْيَاءِ الكَلامَ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَدِلَّةَ وُجُوبِهِ، وَادَّعَى النَّوَوِيُّ الإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ.
1/224 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِراً.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): هَذَا إخْبَارٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْتِ بِلَفْظِهِ الَّذِي أَفَادَ النَّهْيَ، لَكِنْ هَذَا لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ.
(أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ): وَمِثْلُهُ المَرْأَةُ.
(مُخْتَصَراً): بِضَمِّ المِيمِ وَسُكُونِ الخَاءِ المُعْجَمَةِ وَفَتْحِ المُثَنَّاةِ الفَوْقِيَّةِ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَرَاءٍ، وَهُوَ مُنْتَصِبٌ عَلَى الحَالِ، وَعَامِلُهُ يُصَلِّي، وَصَاحِبُهَا الرَّجُلُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ).
وَفَسَّرَهُ المُصَنِّفُ أَيْضاً بِقَوْلِهِ: (وَمَعْنَاهُ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ) اليُمْنَى أَو اليُسْرَى (عَلَى خَاصِرَتِهِ) كَذَلِكَ؛ أَي: الخَاصِرَةِ اليُمْنَى، أَو اليُسْرَى، أَوْ هُمَا مَعاً عَلَيْهِمَا، إلاَّ أَنَّ تَفْسِيرَهُ بِمَا ذَكَرَ يُعَارِضُهُ مَا فِي القَامُوسِ مِنْ قَوْلِهِ: وَفِي الحَدِيثِ: ((الْمُخْتَصِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمُ النُّورُ))؛ أي: المُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَإِذَا تَعِبُوا وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَى خَوَاصِرِهِمْ. اهـ.
إلاَّ أَنَّنِي لَمْ أَجِدِ الحَدِيثَ مُخَرَّجاً، فَإِنْ صَحَّ فَالجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الكِتَابِ أَنْ يَتَوَجَّهَ النَّهْيُ إلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ تَعَبٍ، كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِهِ: فَإِذَا تَعِبُوا؛ إلاَّ أَنَّهُ يُخَالِفُهُ تَفْسِيرُ النِّهَايَةِ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: أَرَادَ أَنَّهُمْ يَأْتُونَ وَمَعَهُمْ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ، يَتَّكِئُونَ عَلَيْهَا.
فِي القَامُوسِ: الخَاصِرَةُ الشَّاكِلَةُ وَمَا بَيْنَ الحَرْقَفَةِ وَالقُصَيْرَى، وَفَسَّرَ الحَرْقَفَةَ بِعَظْمِ الحَجَبَةِ؛ أيْ: رَأْسِ الوَرِكِ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ عَلَيْهِ الأَكْثَرُ.
وَقِيلَ: الاخْتِصَارُ فِي الصَّلاةِ هُوَ أَنْ يَأْخُذَ بِيَدِهِ عَصاً يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا.
وَقِيلَ: أَنْ يَخْتَصِرَ السُّورَةَ وَيَقْرَأَ مِنْ آخِرِهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ.
وَقِيلَ: أَنْ يَحْذِفَ مِن الصَّلاةِ، فَلا يَمُدُّ قِيَامَهَا وَرُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا وَحُدُودَهَا. وَالحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ بَيَّنَهَا قَوْلُهُ:
2/225 - وَفِي البُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ ذَلِكَ فِعْلُ اليَهُودِ فِي صَلاتِهِمْ.
(وَفِي البُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ ذَلِكَ)؛ أَي: الاخْتِصَارَ فِي الصَّلاةِ (فِعْلُ اليَهُودِ فِي صَلاتِهِمْ)، وَقَدْ نُهِينَا عَن التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ.
فَهَذَا وَجْهُ حِكْمَةِ النَّهْيِ، لا مَا قِيلَ: إنَّهُ فِعْلُ الشَّيْطَانِ، أَوْ إنَّ إبْلِيسَ أُهْبِطَ مِن الجَنَّةِ كَذَلِكَ، أَوْ إنَّهُ فِعْلُ المُتَكَبِّرِينَ؛ لأَنَّ هَذِهِ عِلَلٌ تَخْمِينِيَّةٌ، وَمَا وَرَدَ مَنْصُوصاً؛ أيْ: عَن الصَّحَابِيِّ، هُوَ العُمْدَةُ؛ لأَنَّهُ أَعْرَفُ بِسَبَبِ الحَدِيثِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ، وَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِوُرُودِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ أَثَراً.
وَفِي ذِكْرِ المُصَنِّفِ لِلْحَدِيثِ فِي بَابِ الخُشُوعِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ العِلَّةَ فِي النَّهْيِ عَن الاخْتِصَارِ أَنَّهُ يُنَافِي الخُشُوعَ.


  #3  
قديم 4 محرم 1430هـ/31-12-2008م, 12:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام



بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْخُشُوعِ فِي الصَّلاةِ


مُقَدِّمَةٌ


الخُشُوعُ: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ: الْخُشُوعُ فِي الصَّلاةِ: السُّكُونُ فِيهَا.
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: الْخُشُوعُ فِي الْبَدَنِ وَالْبَصَرِ وَالصَّوْتِ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْمَاءِ: هُوَ التَّذَلُّلُ وَالتَّوَاضُعُ لِلَّهِ بِالْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ.
وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ: جُمَّاعُ الْخُشُوعِ هُوَ التَّذَلُّلُ للآمِرِ، والاسْتِسْلامُ للحُكْمِ، والانْصِيَاعُ للحَقِّ، فَيَتَلَقَّى الأَمْرَ بِقَبُولٍ وَانْقِيَادٍ، وَيَسْتَسْلِمُ لِلْحُكْمِ بِلا مُعَارَضَةٍ وَلا رَأْيٍ، وَيَتَضَرَّعُ قَلْبُهُ وَيَنْكَسِرُ، لِنَظَرِ الرَّبِّ إِلَى قَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ.
وَعَلَى ضَوْءِ هَذِهِ التعريفاتِ، نَشَأَ خِلافُ أَهْلِ الْعِلْمِ، هَل الخُشُوعُ منْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ، أَوْ منْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ كالسُّكُونِ، أَوْ هُوَ منْ مَجْمُوعِ الأَمْرَيْنِ؟ قَالَ الرَّازِيُّ: الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ عَامٌّ للقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ،وَدَلِيلُهُ مَا صَحَّ منْ كَلامِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: (لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ).فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الشَّرْعِيِّ، مِنْ أَنَّ الخشوعَ يَكُونُ للقلبِ والجوارحِ، فَأَفْضَلُهُ إِذَنْ أَنْ يَتَوَاطَأَ الْقَلْبُ وَالْجَوَارِحُ عَلَيْهِ، فالقلبُ بِحُضُورِهِ وَانْكِسَارِهِ بَيْنَ يَدَي اللَّهِ تَعَالَى، وَالْجَوَارِحُ بِسُكُونِهَا وَسُكُوتِهَا ذَلِيلَةً بَيْنَ يَدَي اللَّهِ تَعَالَى، وَكُلُّ هَذَا رَاجِعٌ إِلَى مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: اعْلَمْ أَنَّ نُمُوَّ الخُشُوعِ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَرَقُّبٍ مِنْ آفَاتِ النَّفْسِ وَالْعَمَلِ؛ فَإِنَّ انْتِظَارَ ظُهُورِ نَقَائِصِ نَفْسِكَ وَعَمَلِكَ وَعُيُوبِهَا لَكَ، تَجْعَلُ الْقَلْبَ خَاشِعاً لا مَحَالَةَ، لِمُطَالَعَةِ عُيُوبِ النَّفَسِ وَأَعْمَالِهِ وَنَقَائِصِهَا مِنَ الكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَالرِّيَاءِ، وَضَعْفِ الصِّدْقِ، وَقِلَّةِ اليَقِينِ، وَتَشَتُّتِ الْعَزِيمَةِ، وَعَدَمِ تَجَرُّدِ الْبَاعِثِ مِنَ الْهَوَى النَّفْسَانِيِّ، وَعَدَمِ إِيقَاعِ الْعَمَلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَرْضَاهُ لِرَبِّكَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ منْ عُيُوبِ النَّفْسِ، وَمُفْسِدَاتِ الأَعْمَالِ.
وَيَكْمُلُ الخشوعُ بِتَصْفِيَةِ الْقَلْبِ مِنْ مُرَاءَاةِ الْخَلْقِ، وَتَجْرِيدِ رُؤْيَةِ الفَضْلِ، فَيُخْفِي أَحْوَالَهُ عَن الْخَلْقِ جُهْدَهُ، وَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ، فَلا شَيْءَ أَنْفَعُ لِلصَّادِقِ من التَّحَقُّقِ بالمَسْكَنَةِ، وَالْفَاقَةِ، وَالذُّلِّ، وَقَدْ شَاهَدْتُ مِنْ شَيْخِ الإِسْلامِ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ أُشَاهِدْهُ منْ غَيْرِهِ، قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ.
قَالَ مُحَرِّرُهُ: أَمَّا الخشوعُ فِي الصَّلاةِ فَهُوَ رُوحُهَا، وَيَكْثُرُ ثَوَابُهَا، أَوْ يَقِلُّ، حَسْبَمَا عَقَلَهُ المُصَلِّي مِنْهَا، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْخَاشِعِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 2، 1].
وَقَالَ الشَّيْخُ الْحَدَّادُ: وَمِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلاةِ وَالإِقَامَةِ لَهَا حُسْنُ الْخُشُوعِ فِيهَا، وَحُضُورُ الْقَلْبِ، وَتَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ، وَفَهْمُ مَعَانِيهَا، وَاسْتِشْعَارُ الْخُضُوعِ وَالتَّوَاضُعِ لِلَّهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَامْتِلاءُ الْقَلْبِ بِتَعْظِيمِ اللَّهِ وَتَقْدِيسِهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ والتَّسْبِيحِ، وَفِي سَائِرِ أَجْزَاءِ الصَّلاةِ، وَمُجَانَبَةُ الأفكارِ وَالْخَوَاطِرِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَالإِعْرَاضُ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ فِي ذَلِكَ، بَلْ يَكُونُ الهَمُّ مَقْصُوراً عَلَى إِقَامَتِهَا وَتَأْدِيَتِهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ؛ فَإِنَّ الصَّلاةَ مَعَ الْغَفْلَةِ وَعَدَمِ الخُشُوعِ وَالخُضُوعِ لا حَاصِلَ لَهَا، وَلا نَفْعَ فِيهَا، وَلِذا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((لَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ صَلاتِهِ إِلاَّ مَا عَقَلَ مِنْهَا، وَأَنَّ الْمُصَلِّيَ قَدْ يُصَلِّي الصَّلاةَ فَلا يُكْتَبُ مِنْهَا إِلاَّ سُدُسُهَا وَإِلاَّ عُشْرُهَا)).
رَوَاهُ أَحْمَدُ (18415)، وَأَبُو دَاوُدَ (796).
أَعْنِي: أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا الْقَدْرُ الَّذِي كَانَ فِيهِ حَاضِراً مَعَ اللَّهِ، خَاشِعاً، وَقَدْ يَقِلُّ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكْثُرُ بِحَسَبِ الْغَفْلَةِ وَالانْتِبَاهِ، فَالْحَاضِرُ الْخَاشِعُ فِي جَمِيعِهَا لَهُ الصَّلاةُ كُلُّهَا، وَالْغَافِلُ اللاهِي فِي جَمِيعِ صَلاتِهِ لا يُكْتَبُ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا. ا هـ كَلامَهُ.
وَلإِحْضَارِ الْقَلْبِ فِي الصَّلاةِ أَسْبَابٌ مِنْهَا:
1- الاستعاذةُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الشَّيْطَانِ الرجيمِ.
2- تَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاةِ، وأنواعِ الذِّكْرِ فِيهَا.
3- اسْتِحْضَارُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ المُصَلِّيَ يُنَاجِيهِ مُتَوَجِّهاً إِلَيْهِ.
4- مَعْرِفَةُ ضَعْفِ الإِنْسَانِ وَفَقْرِهِ فِي حَالِ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ لِجلالِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ.
5- حَصْرُ نَظَرِهِ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ؛ فَإِنَّ النَّظَرَ إِذَا تَفَرَّقَ تَبِعَهُ الْقَلْبُ.
6- أَلاَّ يَدْخُلَ الصَّلاةَ وَهُوَ فِي انْشِغَالِ بَالٍ، مِنْ أَجْلِ شَهْوَةِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ أَجْلِ مُدَافَعَةِ أَحَدِ الأَخْبَثَيْنِ.
ذَهَبَ جمهورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى صِحَّةِ الصَّلاةِ وَإِجْزَائِهَا، وَلَوْ غَلَبَتْ عَلَيْهَا الوَسَاوِسُ، وَذَلِكَ مَعَ نَقْصِ ثَوَابِهَا وَأَجْرِهَا.

189 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِراً.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ ذَلِكَ فِعْلُ الْيَهُودِ فِي صَلاتِهِمْ.

· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- مُخْتَصِراً: اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الاخْتِصَارِ؛ يَعْنِي: وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ، أَوْ يَدَيْهِ عَلَى خَاصِرَتَيْهِ، وَالْخَاصِرَةُ مِنَ الإِنْسَانِ هِيَ مَا بَيْنَ الوَرِكِ، وَأَسْفَلِ الأَضْلاعِ، وَهُمَا خَاصِرَتَانِ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- النَّهْيُ أَنْ يُصَلِّيَ المُصَلِّي وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ، وَهِيَ مَا بَيْنَ رَأْسِ الوَرِكِ، وَأَسْفَلِ الأَضْلاعِ.
2- الحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ هُوَ الابتعادُ عَنْ مُشَابَهَةِ الْيَهُودِ؛ فَإِنَّهُمْ يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى خَوَاصِرِهِمْ فِي الصَّلاةِ.
3- وَقِيلَ: الحكمةُ أَنَّهُ فِعْلُ المُتَكَبِّرِينَ، وَلا مُنَافَاةَ؛ فَإِنَّ مِنْ طَبِيعَةِ الْيَهُودِ الْكِبْرَ، وَاحْتِقَارَ النَّاسِ، وَلا يَرَوْنَ شَعْباً، وَلا جِنْساً أَفْضَلَ مِنْهُمْ، فَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُمْ شَعْبُ اللَّهِ المُخْتَارُ.
4- المطلوبُ فِي الصَّلاةِ الخشوعُ والخضوعُ؛ لأَنَّ المُصَلِّيَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَي اللَّهِ تَعَالَى، مُتَذَلِّلاً بَعِيداً عَنْ صِفَاتِ المُتَكَبِّرِينَ وَسِيمَاهُمْ.
5- الواجبُ البُعْدُ عَنْ مُشَابَهَةِ أَهْلِ الضلالِ؛ سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا التَّشَبُّهُ مِمَّا يُخْرِجُ مِنَ المِلَّةِ، أَوْ كَانَ يُفْضِي إِلَى الْمَعْصِيَةِ؛ فَإِنَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ، فَهُوَ مِنْهُمْ.
6- جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ حَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَمِنْ هَؤُلاءِ الْحَنَابِلَةُ، قَالُوا: لأَنَّهُ لا يَعُودُ عَلَى الصَّلاةِ بِبُطْلانٍ.


وَهَذَا مَحْمَلٌ وَجِيهٌ، مَا لَمْ يَقْصِدِ الْمُخْتَصِرُ التَّشَبُّهَ بِالْيَهُودِ أَو المُتَكَبِّرِينَ فَيَكُونَ حَرَاماً.



موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحث, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir