دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 رجب 1435هـ/26-05-2014م, 11:37 AM
لطيفة المنصوري لطيفة المنصوري غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 728
افتراضي صفحة الطالبة: لطيفة المنصوري للقراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن.

بسم الله الرحمن الرحيم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 رجب 1435هـ/28-05-2014م, 08:34 PM
لطيفة المنصوري لطيفة المنصوري غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 728
افتراضي


مقدمة تفسير ابن كثير

يمكن تقسيم المقدمة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مقدمة المصنف.
القسم الثاني: كتاب فضائل القرآن.
القسم الثالث: مقدمة يسيرة قبل البدء بالتفسير ضمنها بعض علوم القرآن.

المقصد العام: بيان بعض فضائل القرآن الكريم قبل البدء بالتفسير ليكون ذلك باعثا على حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه، والتمهيد للتفسير.

أولا: مقاصد مقدمة ابن كثير:
- بيان أهمية تعلم كتاب الله تعالى وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، ووجوب تبليغ العلم على أهل العلم.

قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}، {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون}

- بيان أصح طرق التفسير وهي:

  • تفسير القرآن بالقرآن. قال ابن كثير رحمه الله: "ما أُجمل في مكان فإنه فسر في موضع آخر" يعني من القرآن الكريم.
  • تفسير السنة بالسنة. قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}
  • التفسير بأقوال الصحابة. قال ابن كثير: "فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح" قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: (والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته)
  • التفسير بأقوال التابعين. قال سفيان الثوري: (إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به)
- بيان حرمة تفسير القرآن بمجرد الرأي، وتحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به.
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه، -أو بما لا يعلم-، فليتبوأ مقعده من النار)).
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (أي أرض تقلني وأي سماء تظلني؟ إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم.)

- بيان أن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله.

قال ابن عباس رضي الله عنه: (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله)

ثانيا: مقاصد كتاب فضائل القرآن:
- بيان فضل القرآن ببيان أنه مهيمن وأمين على كل كتاب قبله.

قال تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه}، قال ابن عباس: (المهيمن الأمين القرآن، أمين على كل كتاب قبله).

- بيان فضل القرآن ببيان شرف مكان وزمان ابتداء نزوله.

جاء في صحيح البخاري أنه عليه الصلاة والسلام، أقام بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشرا
عن ابن عباس قال: (أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، ثم قرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا})

- بيان فضل القرآن بذكر فضل الملك الموكل بتبليغ الوحي، وهو جبريل عليه السلام
.
قال تعالى: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين}

- بيان فضيلة معجزة القرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء، وعلى كل كتاب أنزل ، لعموم رسالته ولدوامه إلى قيام الساعة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)).

- بيان عناية الله تعالى برسوله وإكرامه، حيث جعل الوحي متتابعا عليه ولم يقطعه عنه.

عن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد.

- بيان نزول القرآن بلسان قريش والعرب.

قال تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون}.

- بيان فضل القرآن بحفظ الله تعالى لكتابه من الضياع والتحريف والاختلاف عليه وذلك من خلال جمع القرآن في:

العهد النبوي:
ثبت في الصحيحين عن أنس قال: جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، كلهم من الأنصار؛ أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. فقيل له: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي.

خلافة أبي بكر الصديق:

جاء في صحيح البخاري أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه ...)الحديث.

خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه:

جاء عند البخاري أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان …) الحديث.

- بيان فضل القرآن بنزوله على سبعة أحرف، أي: سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة عند أكثر أهل العلم، ولها معاني أخرى عند بعض العلماء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).

- بيان فضل القرآن في ترتيب سوره وآياته:

فذكر جواز قراءة السور على أي ترتيب كان، ففي الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قرأ في قيام الليل بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران. وقالت
عائشة رضي الله عنها لرجل من العراق: (وما يضرك أيه قرأت قبل) الحديث، أما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أملت رضي الله عنها آي السور للسائل في الحديث السابق.

- بيان فضل القرآن بذكر معارضة جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل عام مرة، وفي العام الذي قبض فيه مرتين، ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا.
عن فاطمة، رضي الله عنها: (أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي).

- بيان فضل القرآن بذكر حرص عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على جمعه، وعلى قراءته غضا كما أنزل، والعلم به.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ومن أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد))
قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-: (والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه).

- بيان فضل القرآن بذكر نزول السكينة والملائكة عند قراءته.
قال تعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}، جاء في بعض التفاسير: أن الملائكة تشهده.
في الحديث المشهور الصحيح: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه مسلم عن أبي هريرة.

- بيان فضل القرآن بذكر أنه وصية النبي صلى الله عليه وسلم وتركته.
قال طلحة بن مصرف: "سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية، أمروا بها ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله، عز وجل".
عن عبد العزيز بن رفيع قال: "دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد بن معقل: أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين. قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين".

- بيان فضل القرآن على سائر الكلام باقترانه بطيب الرائحة وجودا وعدما، وبجعل أمة الإسلام - ببركته وشرفه - خير أمة أخرجت للناس.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها)).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله))

- بيان فضل القرآن بذكر فضل التغني به.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، ومعناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها

- بيان فضل القرآن ببيان أن صاحب القرآن في غبطة وهو حسن الحال، واستحباب تغبيطه بذلك.
عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار)).

- بيان فضل القرآن ببيان أن خير الناس من تعلم القرآن وعلمه، فجمع بين النفع القاصر والمتعدي.

عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

- بيان فضل القرآن ببيان فضل قراءته عن ظهر غيب، وحرص الصحابة رضوان الله عليهم على إدامة النظر فيه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).
عن ابن مسعود قال: (أديموا النظر في المصحف.)، وعن ابن عباس، عن عمر: (أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه)

- بيان فضل القرآن بذكر حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعاهده لئلا يعرضه حافظه للنسيان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها)).

- بيان فضل القرآن ببيان استحباب أو وجوب تعليمه الصبيان.
قال ابن عباس: (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم).

- بيان فضل القرآن ببيان أن من الأدب معه أن لا يقول: نسيت آية كذا، وترك إضافة ذلك إلى الله تعالى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي))

- بيان فضل القرآن ببيان استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غير هذرمة ولا سرعة مفرطة، بل بتأمل وتفكر.
قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، {ورتل القرآن ترتيلا}.

- بيان فضل القرآن ببيان التحذير من الغلو فيه، أو الجفاء عنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به)).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث)). [قال ابن كثير: قد ترخص جماعة من السلف في تلاوة القرآن في أقل من ذلك؛ منهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه]

- بيان فضل القرآن ببيان التحذير من المراءاة بتلاوته التي هي من أعظم القرب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)).

- بيان فضل القرآن ببيان حض النبي صلى الله عليه وسلم أمته على تلاوته إذا كانت القلوب مجتمعة على تلاوته، متفكرة فيه، متدبرة له، لا في حال شغلها وملالها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)).

- بيان فضل القرآن ببيان فضل تلاوته وفضل أهله.
قال عليه الصلاة والسلام: ((يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه))، ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه))

ثالثا: مقصد المقدمة اليسيرة: التمهيد للتفسير ببيان السور المكية والمدنية، وعدد آيات القرآن الكريم، وحروفه، وبيان معنى السورة والآية، والاختلاف في أصل اشتقاق كل منهما ونحو ذلك.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 شعبان 1435هـ/30-05-2014م, 06:46 PM
لطيفة المنصوري لطيفة المنصوري غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 728
افتراضي

المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز

المقصد العام: معرفة كيفية نزول القرآن وجمعه وتلاوته، ومعنى الأحرف السبعة التي نزل عليها، والمراد بالقراءات السبع وضابط ما قوي منها، وبيان ما انضم إليها، والتعريف بحق تلاوته وحسن معاملته.


قُسم المصنف إلى ستة أبواب، أهمها الباب الثالث؛ لأنه المقصود بهذا التصنيف، وما قبله وما بعده من الأبواب مقدم بين يديه، وتبع له.
مقاصد الكتاب هي عناوين الأبواب الرئيسية في المقام الأول، ثم ما ذكر تحت كل باب.

الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه.
- نزل في رمضان وفي ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك إلى الأرض منجما.
قال تعالى:{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.

- المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر أقوال:
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.وهذا قول الشعبي.
والثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر
والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة
قال مقاتل: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام في عشرين سنة..

- ذكر فوائد نزول القرآن إلى الأرض منجما.

منها: تقوية قلب النبي صلى الله عليه وسلم به وتثبيت حفظه، وللإجابة عن ما يسأل به النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن بعضه ناسخ ومنسوخ، وغير ذلك.
قال تعالى: {لنثبت به فؤادك}.

- أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن: أول سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق} ثم نزل {يا أيها المدثر}. وآخر ما نزل من الآيات: قيل: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها، وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين، وقيل آيات الربا.

- ذكر بعض الآثار الواردة فيمن جمع القرآن من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبيان أنها ليست للحصر.
عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
قال المصنف: قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.

- أنواع النسخ في القرآن:
- ما نسخت تلاوته وبقي حكمه. عن عمر رضي الله عنه قال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها.
- ما نسخت تلاوته وحكمه. عن عائشة رضي الله عنها: كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن
ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته. كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.

الباب الثاني: في جمع الصحابة رضي الله عنهم القرآن وإيضاح ما فعله أبو بكر وعمر وعثمان.
- جمع أبو بكر رضي الله عنه القرآن مكتوبا مجتمعا غير مفرق على اللفظ الذي أملاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتبة الوحي، خشية دثوره بقتل قرائه.

عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن…) الحديث.

- جمع عثمان رضي الله عنه المصاحف على مصحف واحد، ليجمع الناس على قراءة القرآن على وفق ما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يكثر فيه التصرف، فيتفاحش تغيره، وتنمحق ألفاظه المنزلة، وحتى لا يكثر الاختلاف.

حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق. فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى…)الحديث.

الباب الثالث: في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (أنزل القرآن على سبعة أحرف)

- سرد الأحاديث الدالة على نزول القرآن على سبعة أحرف:

في الصحيحين عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل عليه السلام على حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).

- المراد بالأحرف السبعة التي نزل القرآن عليها:

* قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى في كتاب "غريب الحديث": قوله سبعة أحرف يعني سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه". عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.
[ذكر المصنف أن سبع اللغات: منهم من قال من لغات العرب جميعا، وقيل: من لغات قريش، وقيل: من قريش ومن جاورها، وقيل: من مضر]

* وقال أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) مشكل لا يدرى معناه؛ لأن العرب تسمي الكلمة المنظومة حرفا، وتسمي القصيدة بأسرها كلمة، والحرف يقع على الحرف المقطوع من الحروف المعجمة، والحرف أيضا المعنى والجهة كقوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} أي على جهة من الجهات ومعنى من المعاني.

* وذكر بعضهم وجها آخر، وهو أن القرآن أنزل مرخصا للقارئ، وموسعا علي يقرأه على سبعة أحرف، أي يقرأ بأي حرف شاء منها على البدل من صاحبه،…
وذلك لتسهل قراءته على الناس، ولو أخذوا بأن يقرءوه على حرف واحد لشق عليهم، ولكان ذلك داعية إلى الزهادة فيه وسببا للنفور عنه".

* وقيل: فيه وجه آخر، وهو أن المراد به التوسعة، ليس حصرا للعدد. وهو كما قيل في معنى قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} إالمراد التعبير عن التكثير، لا حصرا في هذا العدد.

* وقالوا: إنما معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا أكثر أهل العلم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك)) -زاد بعضهم- ((ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).

* ذهب قوم إلى أنها سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه، واحتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا))

- ذكر الطرق التي استخرج بها جماعة من أهل العلم بالقراءات سبعة أحرف من القراءات المشهورة، وبيان المصنف ضعف هذه الطرق، وبيان انعدام الدليل عليها.
قال المصنف: ...
كلها ضعيفة؛ إذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم، ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا. ثم لم يحصل حصر جميع القراءات فيما ذكروه من الضوابط، فما الدليل على جعل ما ذكروه مما دخل في ضابطهم من جملة الأحرف السبعة دون ما لم يدخل في ضابطهم.

- بيان حال المجموع في المصحف، هل هو جميع الأحرف السبعة التي أبيحت القراءة عليها أو حرف واحد منها.
- ذهب الطبري وغيره من العلماء إلى أن جميع هذه القراءات المستعملة ترجع إلى حرف واحد، وهو حرف زيد بن ثابت".
المصنف: لأن خط المصحف نفى ما كان يقرأ به من ألفاظ الزيادة والنقصان والمرادفة والتقديم والتأخير، وكانوا علموا أن تلك الرخصة قد انتهت بكثرة المسلمين واجتهاد القراء وتمكنهم من الحفظ.

- قال القاضي أبو بكر بن الطيب: ليس الأمر على ما توهمتم من أن عثمان رضي الله عنه جمعهم على حرف واحد وقراءة واحدة، بل إنما جمعهم على القراءة بسبعة أحرف وسبع قراءات، كلها عنده وعند الأمة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ... لئلا تسقط قراءة قرأ بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعفو أثرها، ويندرس رسمها، ويظن بعد ذلك القارئ بها أنه قارئ بغير ما أنزل الله من القرآن. وعرف عثمان حاجة الناس إلى معرفة جميع تلك الأحرف، كتبها في مصاحفه، وأنفذ كل إمام منها إلى ناحية، لتكون جميع القراءات محروسة محفوظة"..

- وقال أبو العباس أحمد بن عمار المقرئ: أصح ما عليه الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك إنما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن. وتفسير ذلك أن الحروف السبعة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن نزل عليها تجري على ضربين: أحدهما: زيادة كلمة ونقص أخرى، وإبدال كلمة مكان أخرى، وتقديم كلمة على أخرى..فهذا الضرب وما أشبهه متروك، لا تجوز القراءة به. الضرب الثاني: ما اختلف القراء فيه من إظهار، وإدغام، وروم، وإشمام، وقصر، ومد، وتخفيف، وشد وإبدال حركة بأخرى، وياء بتاء، وواو بفاء، وما أشبه ذلك من الاختلاف المتقارب. فهذا الضرب هو المستعمل في زماننا هذا، وهو الذي عليه خط مصاحف الأمصار، سوى ما وقع فيه من اختلاف في حروف يسيرة.

* المصنف: والحق أن يلخص الأمر على ذلك فيقال: المجموع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به، وهو ما كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أو ثبت عنه أنه قرأ به أو أقرأ غيره به.

الباب الرابع: في معنى القراءات المشهورة الآن، وتعريف الأمر في ذلك كيف كان.

- بيان خطأ القول بأن قراءة الأئمة السبعة هي التي عبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)).

قال أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم:"وأما ما اختلف فيه أئمة القراءة بالأمصار من النصب والرفع والتحريك والإسكان والهمز وتركه والتشديد والتخفيف والمد والقصر وإبدال حرف بحرف يوافق صورته فليس ذلك بداخل في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)).
قال: "وذلك من قبل أن كل حرف اختلفت فيه أئمة القراءة لا يوجب المراء كفرا لمن مارى به في قول أحد من المسلمين، وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم الكفر للمماري بكل حرف من الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن".

- بيان سبب اختلاف الأئمة السبعة بعد المرسوم لهم.

قيل: لما خلت تلك المصاحف من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه وكان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه".

- بيان أن الذي في أيدينا من القراءات هو ما وافق خط ذلك المصحف من القراءات التي نزل بها القرآن وهو من الإجماع. وسقط العمل بالقراءات التي تخالف خط المصحف.

قال أبو محمد مكي: هذه القراءات كلها التي يقرؤها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه وعلى اطراح ما سواه، ولم ينقط ولم يضبط فاحتمل التأويل لذلك.

- بيان العلة التي من أجلها كثر الاختلاف عن الأئمة.

أن كل واحد من الأئمة قرأ على جماعات بقراءات مختلفة فنقل ذلك على ما قرأ، فكانوا في برهة من أعمارهم، يقرءون الناس بما قرءوا، فمن قرأ عليهم بأي حرف كان لم يردوه عنه؛ إذ كان ذلك مما قرءوا به على أئمتهم".

- بيان العلة التي من أجلها اشتهر هؤلاء السبعة بالقراءة دون من هو فوقهم.
أن الرواة عن الأئمة من القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيرا في العدد، كثيرا في الاختلاف. فأراد الناس في العصر الرابع أن يقتصروا من القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة والأمانة في النقل وحسن الدين وكمال العلم، واشتهر أمره وأجمع أهل مصره على عدالته فيما نقل، وثقته فيما قرأ وروى، وعلمه بما يقرئ به، ولم تخرج قراءته عن خط مصحفهم المنسوب إليهم، فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان رضي الله عنه مصحفا إماما، هذه صفته وقراءته على مصحف ذلك المصر".

- ذكر سبب جعل القراء الذين اختيروا للقراءة سبعة.
1: لأن عثمان رضي الله عنه كتب سبعة مصاحف ووجه بها إلى الأمصار، فجعل عدد القراء على عدد المصاحف.
2: جعلوا على عدد الحروف التي نزل بها القرآن، وهي سبعة.

الباب الخامس: في الفصل بين القراءة الصحيحة القوية والشاذة الضعيفة المروية.

- بيان أن كل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها على الفصيح من لغة العرب، فهي قراءة صحيحة معتبرة.
فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة.
نص عليه الشيخ المقرئ أبو محمد مكي بن أبي طالب القيرواني.

- بيان أن
القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم، فوق ما ينقل عن غيرهم.

- حرص الأئمة الكبار القدوة في جميع الأمصار من الفقهاء والمحدثين وأئمة العربية على توقير القرآن واجتناب الشاذ واتباع القراءة المشهورة ولزوم الطرق المعروفة في الصلاة وغيرها.
قال ابن مهدي: لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم.
قال مالك:"من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف، لم يصل وراءه".

الباب السادس: الإقبال على ما ينفع من علوم القرآن والعمل بها وترك التعمق في تلاوة ألفاظه والغلو بسببها

- بيان أهمية فهم معاني القرآن، والتفكر فيه والعمل بمقتضاه والوقوف عند حدوده
عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة في قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}، قال: يتبعونه حق إتباعه.

- الحث على حسن ترتيل القرآن واجتناب الهذ والتكلف والتنطع في التلاوة.

عن مجاهد في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، قال: ترسل فيه ترسلا.
وعن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)).

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 20 شوال 1435هـ/16-08-2014م, 07:41 PM
لطيفة المنصوري لطيفة المنصوري غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 728
افتراضي تلخيص مقاصد مقدمة تفسير ابن عطية

مقدمة تفسير ابن عطية

المقصد العام: التمهيد للتفسير بذكر بعض علوم القرآن مما ينبغي أن يكون راسخا في ذهن الناظر في هذا العلم؛ كفضائل القرآن، وتأويل آياته، وكجمعه وإعجازه وعربيته، وكتفسير الأحرف السبعة الواردة في شأنه ونحو ذلك، مع بيان سبب التصدر لهذا العلم الشريف، والمنهج المتبع في التصنيف.

أولا: مقاصد خطبة تفسير ابن عطية:
- ذكر استعداده لهذا العمل الكبير بالأخذ من العلوم كلها والاجتهاد في طلبها.
- بيان سبب اختياره لعلم التفسير، ومن ذلك كونه أعظم العلوم تقريبا إلى الله، ولأنه العلم الذي جعل للشرع قواما.
- ذكر عزمه على جعل مصنفه جامعا وجيزا، فلا يذكر
من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به مع إثبا ت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم.
- بيان منهجه في التفسير بذكر كل ما يتعلق بألفاظ الآية - على حسب ترتيبها- من حكم أو نحو أو لغة أو معنى أو قراءة.

ثانيا: مقاصد المقدمة: بيان ما يلي:
ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ...)) الحديث. [رواه الترمذي]
- وقال عبد الله بن مسعود إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وإن أدب الله القرآن.

فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه.

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)).
- وقال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} قال الحكمة: الفهم في القرآن.

ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين.

روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)). [رواه أبو داوود والترمذي، وقال الترمذي: غريب]
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو والأصول وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر.

مراتب المفسرين:

- صدر المفسرين من الصحابة: علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويتلوه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن.
-
التابعين: الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة، ويتلوهم عكرمة والضحاك بن مزاحم، أما السدي رحمه الله فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر.
-
ثم ألف الناس فيه كعبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم.
-
ثم إن محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد.
- ومن المبرزين في المتأخرين أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي، وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما وعلى سننهما مكي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو العباس المهدوي.

معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))
اختلف في معنى هذا الحديث:
- قيل: الحروف السبعة هي فيما اختلف لفظه - على سبعة أوجه فما دونها - واتحد معناه؛ كتعال وأقبل وإلي ونحوي وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة، وهذا قول ضعيف.
-
قال ابن شهاب في كتاب مسلم: هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام. قال ابن عطية: وهذا كلام محتمل.
-
قال فريق من العلماء: إن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. وهذا أيضا ضعيف.
-
قال بعض العلماء: هي وجوه الاختلاف في القراءة، وهي سبعة منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه .. إلخ.
-
قال القاضي أبو بكر بن الطيب: إن القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترق في كتاب الله.
- مال
كثير من أهل العلم كأبي عبيد وغيره إلى أن معنى الحديث المذكور أنه أنزل على سبع لغات لسبع قبائل انبث فيه من كل لغة منها، فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة، وذلك مقيد بأن الجميع مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ عليه.
(
هذه اللغات هي التي انتهت إليها الفصاحة وسلمتمن الدخيل).

جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره.
- جمع في عهد أبي بكر الصديق بإشارة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه خشية أن يذهب منه شيء لكثرة من قتل من القراء في يوم اليمامة، ثم جمع في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه بإشارة من حذيفة بن اليمان رضي الله عنه لجمع المسلمين على مصحف واحد حتى لا يختلفوا.
- شُكل المصحف ونُقط بأمر من عبد الملك بن مروان، وتجرد للأمر وأشرف عليه الحجاج، فأمر الحسن ويحيى بن معمر بذلك. وقيل أول من نقط أبو الأسود الدؤلي، وقيل نصر بن عاصم.
- وضع الأعشار كان بأمر من المأمون العباسي، وقيل بأمر من الحجاج.

الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق.
اختلف الناس في هذه المسألة:
- ذهب أبو عبيدة وغيره إلى أن في كتاب الله تعالى من كل لغة.
- ذهب الطبري وغيره إلى أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة وما نسب إلى سائر اللغات فهو بسبب توافق اللغتان.
- ذهب ابن عطية
إلى أن القاعدة والعقيدة هي أن القرآن نزل بلسان عربي مبين فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب، وإنما فيه ألفاظ في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية.

نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن.
- قال قوم: إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات.
-
وقال قوم: إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.
-
القول الذي عليه الجمهور والحذاق: أن التحدي إنما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه.

الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى.
مثل: خاطب الله بهذه الآية المؤمنين وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون وحكى الله تعالى عن أم موسى ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع. وذكر بعض الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه.

تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية.
* القرآن مصدر من: قرأ الرجل إذا تلا، وقال قتادة: القرآن معناه التأليف، قرأ الرجل إذا جمع وألف قول، والقول الأول أقوى.
- وهو الكتاب:
وهو مصدر من كتب إذا جمع.
- وهو
الفرقان؛ لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر.
- وهو الذكر؛ لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.

* السورة: من العرب من يهمزها (سؤرة) كتميم وغيرهم، وهي عندهم: كالبقية من الشيء والقطعة منه، ومنهم من لا يهمز كقريش وهذيل وسعد بن بكر، ويرونها من المعنى المتقدم إلا أنها سهلت همزتها، ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه.

* الآية: هي العلامة، وسميت الجملة التامة من القرآن آية؛ لأنها علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها.
وقيل: لأنها جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا
وقيل: لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو الحجة 1435هـ/11-10-2014م, 07:17 PM
محمود بن عبد العزيز محمود بن عبد العزيز غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: مصر، خلَّصها الله من كل ظلوم
المشاركات: 802
Thumbs up

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لطيفة المنصوري مشاهدة المشاركة

مقدمة تفسير ابن كثير

يمكن تقسيم المقدمة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مقدمة المصنف.
القسم الثاني: كتاب فضائل القرآن.
القسم الثالث: مقدمة يسيرة قبل البدء بالتفسير ضمنها بعض علوم القرآن.

المقصد العام: بيان بعض فضائل القرآن الكريم قبل البدء بالتفسير ليكون ذلك باعثا على حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه، والتمهيد للتفسير.

أولا: مقاصد مقدمة ابن كثير:
- بيان أهمية تعلم كتاب الله تعالى وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، ووجوب تبليغ العلم على أهل العلم.

قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}، {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون}

- بيان أصح طرق التفسير وهي:

  • تفسير القرآن بالقرآن. قال ابن كثير رحمه الله: "ما أُجمل في مكان فإنه فسر في موضع آخر" يعني من القرآن الكريم.
  • تفسير السنة بالسنة. قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}
  • التفسير بأقوال الصحابة. قال ابن كثير: "فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح" قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: (والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته)
  • التفسير بأقوال التابعين. قال سفيان الثوري: (إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به)
- بيان حرمة تفسير القرآن بمجرد الرأي، وتحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به.
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه، -أو بما لا يعلم-، فليتبوأ مقعده من النار)).
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (أي أرض تقلني وأي سماء تظلني؟ إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم.)

- بيان أن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله.

قال ابن عباس رضي الله عنه: (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله)

ثانيا: مقاصد كتاب فضائل القرآن:
- بيان فضل القرآن ببيان أنه مهيمن وأمين على كل كتاب قبله.

قال تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه}، قال ابن عباس: (المهيمن الأمين القرآن، أمين على كل كتاب قبله).

- بيان فضل القرآن ببيان شرف مكان وزمان ابتداء نزوله.

جاء في صحيح البخاري أنه عليه الصلاة والسلام، أقام بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشرا
عن ابن عباس قال: (أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، ثم قرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا})

- بيان فضل القرآن بذكر فضل الملك الموكل بتبليغ الوحي، وهو جبريل عليه السلام
.
قال تعالى: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين}

- بيان فضيلة معجزة القرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء، وعلى كل كتاب أنزل ، لعموم رسالته ولدوامه إلى قيام الساعة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)).

- بيان عناية الله تعالى برسوله وإكرامه، حيث جعل الوحي متتابعا عليه ولم يقطعه عنه.

عن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد.

- بيان نزول القرآن بلسان قريش والعرب.

قال تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون}.

- بيان فضل القرآن بحفظ الله تعالى لكتابه من الضياع والتحريف والاختلاف عليه وذلك من خلال جمع القرآن في:

العهد النبوي:
ثبت في الصحيحين عن أنس قال: جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، كلهم من الأنصار؛ أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. فقيل له: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي.

خلافة أبي بكر الصديق:

جاء في صحيح البخاري أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه ...)الحديث.

خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه:

جاء عند البخاري أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان …) الحديث.

- بيان فضل القرآن بنزوله على سبعة أحرف، أي: سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة عند أكثر أهل العلم، ولها معاني أخرى عند بعض العلماء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).

- بيان فضل القرآن في ترتيب سوره وآياته:

فذكر جواز قراءة السور على أي ترتيب كان، ففي الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قرأ في قيام الليل بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران. وقالت
عائشة رضي الله عنها لرجل من العراق: (وما يضرك أيه قرأت قبل) الحديث، أما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أملت رضي الله عنها آي السور للسائل في الحديث السابق.

- بيان فضل القرآن بذكر معارضة جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل عام مرة، وفي العام الذي قبض فيه مرتين، ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا.
عن فاطمة، رضي الله عنها: (أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي).

- بيان فضل القرآن بذكر حرص عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على جمعه، وعلى قراءته غضا كما أنزل، والعلم به.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ومن أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد))
قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-: (والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه).

- بيان فضل القرآن بذكر نزول السكينة والملائكة عند قراءته.
قال تعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}، جاء في بعض التفاسير: أن الملائكة تشهده.
في الحديث المشهور الصحيح: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه مسلم عن أبي هريرة.

- بيان فضل القرآن بذكر أنه وصية النبي صلى الله عليه وسلم وتركته.
قال طلحة بن مصرف: "سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية، أمروا بها ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله، عز وجل".
عن عبد العزيز بن رفيع قال: "دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد بن معقل: أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين. قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين".

- بيان فضل القرآن على سائر الكلام باقترانه بطيب الرائحة وجودا وعدما، وبجعل أمة الإسلام - ببركته وشرفه - خير أمة أخرجت للناس.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها)).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله))

- بيان فضل القرآن بذكر فضل التغني به.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، ومعناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها

- بيان فضل القرآن ببيان أن صاحب القرآن في غبطة وهو حسن الحال، واستحباب تغبيطه بذلك.
عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار)).

- بيان فضل القرآن ببيان أن خير الناس من تعلم القرآن وعلمه، فجمع بين النفع القاصر والمتعدي.

عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

- بيان فضل القرآن ببيان فضل قراءته عن ظهر غيب، وحرص الصحابة رضوان الله عليهم على إدامة النظر فيه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).
عن ابن مسعود قال: (أديموا النظر في المصحف.)، وعن ابن عباس، عن عمر: (أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه)

- بيان فضل القرآن بذكر حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعاهده لئلا يعرضه حافظه للنسيان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها)).

- بيان فضل القرآن ببيان استحباب أو وجوب تعليمه الصبيان.
قال ابن عباس: (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم).

- بيان فضل القرآن ببيان أن من الأدب معه أن لا يقول: نسيت آية كذا، وترك إضافة ذلك إلى الله تعالى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي))

- بيان فضل القرآن ببيان استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غير هذرمة ولا سرعة مفرطة، بل بتأمل وتفكر.
قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، {ورتل القرآن ترتيلا}.

- بيان فضل القرآن ببيان التحذير من الغلو فيه، أو الجفاء عنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به)).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأه في أقل من ثلاث)). [قال ابن كثير: قد ترخص جماعة من السلف في تلاوة القرآن في أقل من ذلك؛ منهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه]

- بيان فضل القرآن ببيان التحذير من المراءاة بتلاوته التي هي من أعظم القرب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)).

- بيان فضل القرآن ببيان حض النبي صلى الله عليه وسلم أمته على تلاوته إذا كانت القلوب مجتمعة على تلاوته، متفكرة فيه، متدبرة له، لا في حال شغلها وملالها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)).

- بيان فضل القرآن ببيان فضل تلاوته وفضل أهله.
قال عليه الصلاة والسلام: ((يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه))، ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه))

ثالثا: مقصد المقدمة اليسيرة: التمهيد للتفسير ببيان السور المكية والمدنية، وعدد آيات القرآن الكريم، وحروفه، وبيان معنى السورة والآية، والاختلاف في أصل اشتقاق كل منهما ونحو ذلك.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد ..
فتلخيصك طيب وجيد، عليه بعض الملاحظات اليسيرة:
1. المقاصد المذكورة فيها إشكال، فقد وصلتِ فيها ما حقه الفصل، وهذا يظهر في النقطتين التاليتين:
أ- «جمع القرآن وكتابة المصاحف»؛ هو من المقاصد العظيمة التي بنى عليها المؤلف كتابه، فقد أسهب فيه فيما يزيد على الثلاثين صفحة، فكيف يصح اختزاله بهذه الطريقة، كان ينبغي إفراده وتفصيل ما فصله المؤلف فيه من مراحل جمعه إلى تدوينه وكتابته ومواقف الصحابة من ذلك ومصير المصاحف العثمانية وغيره الكثير.
ب- «نزول القرآن على سبعة أحرف»، أيضًا من مقاصد كتابة المؤلف لكتابه، وقد أفرده بالكلام والنقاش وذكر الأقوال والوجوه فيه، فكان ينبغي التفصيل فيه وذكر ما رآه ابن كثير، والفضيلة المذكورة يمكن إدراجها فيه تحت عنوان: «الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف» مثلًا.

2. طريقة التلخيص هذه طريقة متبعة في التلخيصات، لكن المقصد من هذا التلخيص ليس مجرد ذكر المسألة ودليلها، بل هو الاختصار والتلخيص لكلام المؤلف، وتتضح الطريقة بالخطوات الآتية: قراءة النص المراد تلخيصه / استخلاص المقاصد العامة التي بنى عليها المؤلف كتابه / استخلاص المسائل التي يعالجها المؤلف في كتابه / عنونة المسائل المستخلصة بعنوان يدل عليها / ذكر دليل المسألة تحت عنوانها / إتباع الدليل بملخص كلام المؤلف على هيئة نقاط مختصرة ومركزة / بعد الانتهاء من مسائل النص كله نقوم بإعادة توزيع كل مسألة استخلصناها تحت المقصد المناسب لها / ثم ترتيب المسائل داخل كل مقصد ترتيبًا منطقيًّا موضوعيًّا / إحكام صياغة العبارات والبعد عن الأخطاء الإملائية / تلوين وتمييز العناوين والآيات والأحاديث وتقسيم الفقرات ومراعاة علامات الترقيم.

3. بعض المسائل غريبة نوعًا ما، فمثلًا: ما وجه الفضل المتعلق بالقرآن الكريم في ترتيب سوره وآياته؟ ما وجه الفضل في أمر النبي باستذكاره وتعاهده؟ ما وجه الفضل في كون الأدب معه أن لا يقول المرء: نسيت؟ إلى غير ذلك من مسائل ليس لها تعلق بالفضائل أصلًا.

4. كل الذي سبق من خطوات إذا تم تنفيذها، سيخرج القارئ بعد قراءة التلخيص بصورة عامة وشاملة لكل ما ناقشه ورجحه ابن كثير من مسائل في «مقدمته»، بصورة مرتبة منظمة معنونة، بصياغة محكمة، وعرض طيب، وهذا هو المقصد من التدرب على هذه المهارة.
توزيع الدرجات:
الشمول: 29 / 30
الترتيب: 15 / 20
التحرير: 19 / 20
حسن الصياغة: 15 / 15
حسن العرض: 15/ 15
الدرجة النهائية: 93 / 100
رزقكِ علمًا نافعًا، وعملًا صالحًا، وفَهمًا صحيحًا
وزادكِ توفيقًا وسدادًا

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 محرم 1436هـ/5-11-2014م, 11:11 AM
لطيفة المنصوري لطيفة المنصوري غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 728
افتراضي

مقاصد مقدمة ابن جرير

المقصد العام: بيان نزول جميع القرآن بلسان العرب، ومعنى نزوله بسبعة أحرف، والرد على ما يثار حول ذلك من التساؤلات، مع ذكر بعض الفوائد المتفرقة في فضل القرآن وعلومه.

المقاصد الفرعية
:

أ: بيان فضل القرآن
ب: نزول جميع القرآن بلسان العرب
ج: معنى نزول القرآن على سبعة أحرف والرد على بعض التساؤلات
د: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير
هـ: تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه
و: بيان منهج الطبري في التفسير


أ: بيان فضل القرآن
1: فضل بيان القرآن على سائر الكلام

- أعلى منازل البيان درجة: أبلغه في حاجة المبين عن نفسه، وأقربه من فهم سامعه، فما جاوز ذلك، وعجز عن أن يأتي بمثله جميع العباد، وأقر رؤساء صناعة الخطب والبلاغة، وقيل الشعر والفصاحة ـ إلا من استكبر منهم - بالعجز عن الإتيان بمثل بعضه، كان حجة وعلما لرسل الواحد القهار.
-
قدر فضل بيان الله جل ذكره على بيان جميع خلقه، كفضله على جميع عباده.

2: تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم بحفظ الوحي والتنزيل
إن من جسيم ما خص الله به أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الفضيلة، وشرفهم به على سائر الأمم من المنازل الرفيعة، حفظه ما حفظ عليهم من وحيه وتنزيله، الذي جعله على حقيقة نبوة نبيهم صلى الله عليه وسلم دلالة، وعلى ما خصه به من الكرامة علامة واضحة.

3: اتباع القرآن سبيل الهداية والفوز في الدنيا والآخرة
- قال تعالى: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم}
-
قال ابن جرير: (جعله لهم في دجى الظلم نورا ساطعا، وفي سدف الشبه شهابا لامعا وفي مضلة المسالك دليلا هاديا، وإلى سبل النجاة والحق حاديا، ولا يجور عن قصد المحجة تابعه ولا يضل عن سبل الهدى مصاحبه. من اتبعه فاز وهدى، ومن حاد عنه ضل وغوى، فهو موئلهم الذي إليه عند الاختلاف يئلون، ومعقلهم الذي إليه في النوازل يعتقلون وحصنهم الذي به من وساوس الشيطان يتحصنون، وحكمة ربهم التي إليها يحتكمون، وفصل قضائه بينهم الذي إليه ينتهون، وعن الرضى به يصدرون، وحبله الذي بالتمسك به من الهلكة يعتصمون).

4: العلم بالقرآن هو أحق ما صرفت إليه العناية
-
كتاب الله أحق ما صرفت إليه العناية؛ لأن لله في العلم به رضى، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وهو الفائز بجزيل الذخر وسني الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

ب:بيان نزول جميع القرآن بلسان العرب

1: اتفاق معاني آي القرآن ومعاني اللسان العربي

-
لا يرسل الله تعالى رسولا برسالة إلا بلسان وبيان يفهمه المرسل إليهم، قال تعالى:{وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}، وكتاب الله الذي أنزله إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بلسان محمد صلى الله عليه وسلم، فهو عربي مبين، قال تعالى: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}
-
معاني كتاب الله المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لمعاني كلام العرب موافقة، وظاهره لظاهر كلامها ملائما، فماكان موجودا في كلام العرب من الإيجاز في بعض الأحوال، واستعمال الإطالة والإكثار، وإظهار المعاني بالأسماء دون الكناية عنها، والإسرار في بعض الأوقات، وتقديم ما هو في المعنى مؤخر، وتأخير ما هو في المعنى مقدم، وغير ذلك فله في كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من كل ذلك نظيرا وشبيها.

2: البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم
جاءت بعض الأخبار التي تدل على أن في القرآن ألفاظ وردت في غير لسان العرب، وأن فيه من كل لسان، من ذلك:
-
عن أبي موسى: {يؤتكم كفلين من رحمته}، قال: الكفلان: ضعفان من الأجر، بلسان الحبشة.
-
عن ابن عباس: {إن ناشئة الليل}قال: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ.
-
عن أبي ميسرة: {يا جبال أوبي معه}قال: سبحي، بلسان الحبشة
-
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله: {فرت من قسورة}قال: هو بالعربية الأسد، وبالفارسية شار، وبالنبطية أريا، وبالحبشية قسورة.
-
عن أبي ميسرة، قال: في القرآن من كل لسان.

توجيه ابن جرير:
-
نسبة بعض السلف بعض ألفاظ القرآن إلى لسان الحبشة أو لسان الفرس أو لسان الروم، لا ينف - بنسبته إياه إلى ما نسبه إليه - أن يكون عربيا، ولم يقولوا أنها لم تكن للعرب كلاما قبل نزول القرآن، وإنما قال بعضهم: حرف كذا بلسان الحبشة معناه كذا، وحرف كذا بلسان العجم معناه كذا،فقد تتفق ألفاظ بعض الأجناس المختلفة بمعنى واحد. ولو عرف استعمال بعض الكلام في أجناس من الأمم -جنسين أو أكثر- بلفظ واحد ومعنى واحد، كان ذلك منسوبا إلى كل جنس من تلك الأجناس، لا يستحق جنس منها أن يكون به أولى من سائر الأجناس غيره.
-
وفيه من كل لسان بمعنى والله أعلم: أن فيه من كل لسان اتفق فيه لفظ العرب ولفظ غيرها من الأمم التي تنطق به، نظير ما وصفنا.
-
كما أنه غير جائز أن يتوهم ذو فطرة صحيحة، مقر بكتاب الله، ممن قد قرأ القرآن وعرف حدود الله -أن يعتقد أن بعض القرآن فارسي لا عربي، وبعضه رومي لا عربي، وبعضه حبشي لا عربي، بعد ما أخبر الله تعالى ذكره عنه أنه جعله قرآنا عربيا.

فإن قال قائل: الألفاظ التي تقدم ذكرها وما أشبهها إنما هي كلام أجناس من الأمم سوى العرب، وقعت إلى العرب فعربته
قيل له: ما برهانك على صحة ما قلت في ذلك؟ وما الفرق بينك وبين من عارضك في ذلك فقال: هذه الأحرف، وما أشبهها من الأحرف غيرها، أصلها عربي، غير أنها وقعت إلى سائر أجناس الأمم غيرها فنطقت كل أمة منها ببعض ذلك بألسنتها، من الوجه الذي يجب التسليم له؟ فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله.

3: بيان نزول القرآن ببعض ألسنة العرب لا بألسن جميعها
-
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه))
-
عن أم أيوب، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((نزل القرآن على سبعة أحرف، فما قرأت أصبت)).
- قال ابن جرير: العرب، وإن جمع جميعها اسم أنهم عرب، فهم مختلفو الألسن بالبيان، متباينو المنطق والكلام، وإذ كان ذلك كذلك -وكان الله جل ذكره قد أخبر عباده أنه قد جعل القرآن عربيا وأنه أنزل بلسان عربي مبين، ثم كان ظاهره محتملا خصوصا وعموما- لم يكن لنا السبيل إلى العلم بما عنى الله تعالى ذكره من خصوصه وعمومه، إلا ببيان من جعل إليه بيان القرآن، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وقال أيضا: صح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعض منها دون الجميع، إذ كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبعة، بما يعجز عن إحصائه.

ج
:بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف والرد على بعض التساؤلات
1: المراد بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن
قال ابن جرير:الأحرف السبعة التي أنزل الله بها القرآن، هن لغات سبع، في حرف واحد، وكلمة واحدة، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وتعال، وأقبل، وإلي، وقصدي، ونحوي، وقربي، ونحو ذلك، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعاني، وإن اختلفت بالبيان به الألسن، كالذي روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمن روينا ذلك عنه من الصحابة، أن ذلك بمنزلة قوله: "هلم وتعال وأقبل"، وقوله: {ما ينظرون إلا صيحة}، و (إلا زقية).
- وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف))بمعزل؛لأنه معلوم أنه لا حرف من حروف القرآن - مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى- يوجب المراء به كفر المماري به في قول أحد من علماء الأمة.

2: الرد على بعض التساؤلات
إن قال قائل: وما برهانك على أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((نزل القرآن على سبعة أحرف))، وقوله: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف))، هو ما ادعيته - من أنه نزل بسبع لغات، وأمر بقراءته على سبعة ألسن- دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك، من أنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص ومثل ونحو ذلك من الأقوال؟ فقد علمت قائل ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة.

قيل له: - إن الذين قالوا ذلك لم يدعوا أنهم قالوه في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن دون غيره، فيكون ذلك لقولنا مخالفا، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف، يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه،والذي قالوه من ذلك كما قالوا.
-
ثبتت الروايات عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وغيرهم، أنهم تماروا في القرآن، فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة، دون ما في ذلك من المعاني، وأنهم احتكموا فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأ كل رجل منهم، ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها، ومعلوم أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك، لو كان تماريا واختلافا فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وما أشبه ذلك، لكان مستحيلا أن يصوب جميعهم صلى الله عليه وسلم، ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه؛ لأن الله تعالى لم ينزل كتابه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم إلا بحكم واحد متفق في جميع خلقه، لا بأحكام فيهم مختلفة. قال تعالى:{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}

-
أوضح نص الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اختلاف الأحرف السبعة، إنما هو اختلاف ألفاظ، كقولك "هلم وتعال" باتفاق المعاني، لا باختلاف معان موجبة اختلاف أحكام:فعن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال جبريل: اقرأ القرآن على حرف. قال ميكائيل: استزده. فقال: على حرفين. حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلم وتعال)).

-
وقد صحت بذلك الأخبار عن السلف والخلف:
-
فعن شقيق، قال: قال عبد الله: إني قد سمعت القرأة، فوجدتهم متقاربين فاقرأوا كما علمتم، وإياكم والتنطع، فإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال.
- عن عبد الرحمن بن عابس، عن رجل من أصحاب عبد الله، عن عبد الله بن مسعود، قال: من قرأ القرآن على حرف فلا يتحولن منه إلى غيره.
فمعلوم أن عبد الله لم يعن بقوله هذا: من قرأ ما في القرآن من الأمر والنهي فلا يتحولن منه إلى قراءة ما فيه من الوعد والوعيد، ومن قرأ ما فيه من الوعد والوعيد فلا يتحولن منه إلى قراءة ما فيه من القصص والمثل، وإنما عنى رحمة الله عليه أن من قرأ بحرف - والحرف: قراءة بعض من قرأ ببعض الأحرف السبعة-، فلا يتحولن عنه إلى غيره رغبة عنه، فإن الكفر بحرف من ذلك كفر بجميعه.
-
عن الأعمش، قال: قرأ أنس هذه الآية: (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي: {وأقوم}فقال: أقوم وأصوب وأهيأ، واحد.
-
وعن مجاهد: أنه كان يقرأ القرآن على خمسة أحرف، وعن سالم: أن سعيد بن جبير كان يقرأ القرآن على حرفين، وعن مغيرة، قال: كان يزيد بن الوليد يقرأ القرآن على ثلاثة أحرف.فمن زعم أن تأويل الأحرف السبعة هو الأوجه السبعة من الأمر والنهي والوعد والوعيد والجدل والقصص والمثل - كان يرى أن مجاهدا وسعيد بن جبير لم يقرآ من القرآن إلا ما كان من وجهيه أو وجوهه الخمسة دون سائر معانيه؟ ويكون ظنه بهما غير الذي يعرفان به من منازلهما من القرآن، ومعرفتهما بآي الفرقان!

فإن قال: ففي أي كتاب الله نجد حرفا واحدا مقروءا بلغات سبع مختلفات الألفاظ، متفقات المعنى، فنسلم لك صحة ما ادعيت من التأويل في ذلك؟
قيل: إنا لم ندع أن ذلك موجود اليوم، وإنما أخبرنا أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف))، على نحو ما جاءت به الأخبار التي تقدم ذكرناها. وهو ما وصفنا، دون ما ادعاه مخالفونا في ذلك، للعلل التي قد بينا.

فإن قال قائل: إن الأحرف السبعة، لغات في القرآن سبع، متفرقة في جميعه، من لغات أحياء من قبائل العرب مختلفة الألسن
قيل: إن كانت الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، متفرقة في القرآن، مثبتة اليوم في مصاحف أهل الإسلام، فقد بطلت معاني الأخبار التي رويتها عمن رويت عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم اختلفوا في قراءة سورة من القرآن، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر كلا أن يقرأ كما علم. لأن الأحرف السبعة إذا كانت لغات متفرقة في جميع القرآن، فغير موجب حرف من ذلك اختلافا بين تاليه لأن كل تال فإنما يتلو ذلك الحرف تلاوة واحدة على ما هو به في المصحف، وعلى ما أنزل.
- وهذا القول لا يجتمع والأخبار التي رويت عمن روي ذلك عنه من الصحابة والتابعين أنه قال: هو بمنزلة قولك تعال وهلم وأقبل؛ وأن بعضهم قال: هو بمنزلة قراءة عبد الله (إلا زقية)، وهي في قراءتنا {إلا صيحة}وما أشبه ذلك؛لأن الذي نزل به القرآن عنده إحدى القراءتين -: إما "صيحة"، وإما "زقية" وإما "تعال" أو "أقبل" أو "هلم" - لا جميع ذلك؛ لأن كل لغة من اللغات السبع عنده في كلمة أو حرف من القرآن، غير الكلمة أو الحرف الذي في اللغة الأخرى.

فإن قال: فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة، إن كان الأمر في ذلك على ما وصفت، وقد أقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وأمر بالقراءة بهن، وأنزلهن الله من عنده على نبيه صلى الله عليه وسلم؟ أنسخت فرفعت، فما الدلالة على نسخها ورفعها؟ أم نسيتهن الأمة، فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه؟ أم ما القصة في ذلك؟

قيل له: لم تنسخ فترفع، ولا ضيعتها الأمة وهي مأمورة بحفظها، ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن، وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت، كما أمرت إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة، أن تكفر بأي الكفارات الثلاث شاءت، فكذلك الأمة، أمرت بحفظ القرآن وقراءته، وخيرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت، فرأت - لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد- قراءته بحرف واحد، ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه، بما أذن له في قراءته به.

فإن قال: وما العلة التي أوجبت الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية؟
-
قال ابن شهاب: أخبرني أنس بن مالك الأنصاري: أنه اجتمع لغزوة أذربيجان وإرمينية أهل الشام وأهل العراق، فتذاكروا القرآن، فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة. فركب حذيفة بن اليمان - لما رأى اختلافهم في القرآن - إلى عثمان، فقال: "إن الناس قد اختلفوا في القرآن، حتى إني والله لأخشى أن يصيبهم مثل ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف". قال: ففزع لذلك فزعا شديدا، فأرسل إلى حفصة فاستخرج الصحف التي كان أبو بكر أمر زيدا بجمعها، فنسخ منها مصاحف، فبعث بها إلى الآفاق.

وما أشبه ذلك من الأخبار والآثار الدالة على أن إمام المسلمين وأمير المؤمنين عثمان بن عفان رحمة الله عليه، جمع المسلمين إشفاقا منه عليهم، ورأفة منه بهم، حذار الردة من بعضهم بعد الإسلام، والدخول في الكفر بعد الإيمان، إذ ظهر من بعضهم بمحضره وفي عصره التكذيب ببعض الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن، مع نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التكذيب بشيء منها، وإخباره إياهم أن المراء فيها كفر- فحملهم رحمة الله عليه على حرف واحد، وجمعهم على مصحف واحد، وخرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه بما أمن عليهم معه عظيم البلاء في الدين.
واستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها ولكن نظرا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها.

فإن قال بعض من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بقراءتها؟
قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم، لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة، عند من يقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قرأة الأمة. وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين.بل كان الواجب عليهم من الفعل ما فعلوا، من النظر للإسلام وأهله وهو أولى من فعل ما لو فعلوه كانوا إلى الجناية على الإسلام وأهله أقرب منهم إلى السلامة من ذلك.

فإن قال لنا قائل: فهل لك من علم بالألسن السبعة التي نزل بها القرآن؟ وأي الألسن هي من ألسن العرب؟
قلنا: أما الألسن الستة التي قد نزلت القراءة بها، فلا حاجة بنا إلى معرفتها، لأنا لو عرفناها لم نقرأ اليوم بها مع الأسباب التي قدمنا ذكرها.
وقد قيل إن خمسة منها لعجز هوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة. روي جميع ذلك عن ابن عباس، وليست الرواية به عنه من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله.
وذلك أن الذي روى عنه: "أن خمسة منها من لسان العجز من هوازن"، الكلبي عن أبي صالح، وأن الذي روى عنه: "أن اللسانين الآخرين لسان قريش وخزاعة"، قتادة، وقتادة لم يلقه ولم يسمع منه.
- قال أبو جعفر: والعجز من هوازن: سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف.

ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر نزول القرآن على سبعة أحرف: إن كلها شاف كاف؟
-
هو كما قال جل ثناؤه في وصفه القرآن: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}، جعله الله للمؤمنين شفاء، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وساوس الشيطان وخطراته، فيكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته.

ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان الكتاب الأول، نزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف))؟
كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلى الله عليهم، فإنما نزل بلسان واحد، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله وأنزل كتابنا بألسن سبعة، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها، فيصير فاعل ذلك حينئذ -إذا أصاب معناه- له مترجما.

ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الكتاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب))؟
((نزل الكتاب الأول من باب واحد))، المراد -والله أعلم -، ما نزل من كتب الله على من أنزله من أنبيائه، خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام، كزبور داود، الذي إنما هو تذكير ومواعظ، وإنجيل عيسى، الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض -دون غيرها من الأحكام والشرائع- وما أشبه ذلك من الكتب التي نزلت ببعض المعاني السبعة، فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله تعالى مطلبا ينالون به الجنة، إلا من الوجه الواحد الذي أنزل به كتابهم، وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب.
وخص الله جل وعز نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته، بأن أنزل عليهم كتابه على أوجه سبعة من الوجوه التي ينالون بها رضوان الله، ويدركون بها الفوز بالجنة، إذا أقاموها فكل وجه من أوجهه السبعة باب من أبواب الجنة الذي نزل منه القرآن.
فالعمل بما أمر الله جل ذكره في كتابه، وترك ما نهى الله عنه فيه؛ وتحليل ما حلل الله فيه، وتحريم ما حرم الله فيه، والإيمان بمحكمه المبين، والتسليم لمتشابهه الذي استأثر الله بعلمه وحجب علمه عن خلقه، والإقرار بأن كل ذلك من عند ربه، والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بعظاته، كل منها باب من أبواب الجنة.

تنبيه:
وكل هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، متقاربة المعاني، لأن قول القائل: فلان مقيم على باب من أبواب هذا الأمر، وفلان مقيم على حرف من هذا الأمر، سواء، كما وصف تعالى قوما عبدوه على وجه من وجوه العبادات، أنهم عبدوه على حرف فقال: {ومن الناس من يعبد الله على حرف}، يعني أنهم عبدوه على وجه الشك، لا على اليقين به والتسليم لأمره.
فكذلك رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نزل القرآن من سبعة أبواب)) و((نزل على سبعة أحرف)) سواء، معناهما مؤتلف، وتأويلهما غير مختلف في هذا الوجه.

معنى ما جاء في رواية ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منها ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع))
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في القرآن: ((إن لكل حرف منه حدا))، يعني الكل وجه من أوجهه السبعة حداً حده الله جل ثناؤه، لا يجوز لأحد أن يتجاوزه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا))، فظهره: الظاهر في التلاوة، وبطنه: ما بطن من تأويله.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن لكل حد من ذلك مطلعا))، فإنه يعني أن لكل حد من حدود الله التي حدها فيه -من حلال وحرام، وسائر شرائعه- مقدارا من ثواب الله وعقابه، يعاينه في الآخرة، ويطلع عليه ويلاقيه في القيامة. كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لو أن لي ما في الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع"، يعني بذلك ما يطلع عليه ويهجم عليه من أمر الله بعد وفاته.

د: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير
1: الوجوه التي من قِبَلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن
-
قال ابن عباس: " التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله."رواه ابن جرير.
1: ما لا يعلم تأويله إلا الله تعالى:
- مثل: ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى بن مريم، وما أشبه ذلك.
قال تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون}

2: ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم:
- قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}وقال: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}
-
وذلك تأويل جميع ما فيه: من وجوه أمر الله - واجبه وندبه وإرشاده-، وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آيه.
-
هذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه، إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم تأويله بنص منه عليه، أو بدلالة قد نصبها، دالة أمته على تأويله.

3: ما تعرفه العرب من كلامها:
- وذلك: إقامة إعرابه، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها، والموصوفات بصفاتها الخاصة دون ما سواها، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم.
-
وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}، لم يجهل أن معنى الإفساد هو ما ينبغي تركه مما هو مضرة، وأن الإصلاح هو ما ينبغي فعله مما فعله منفعة، وإن جهل المعاني التي جعلها الله إفسادا، والمعاني التي جعلها الله إصلاحا.

2: النهي عن القول في تأويل القرآن بمجرد الرأي
-
قال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}.
-عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قال في القرآن برأيه - أو بما لا يعلم - فليتبوأ مقعده من النار))رواه ابن جرير.
-
عن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ)) رواه ابن جرير.
- قال ابن جرير: ما كان من تأويل القرآن الذي لا يدرك علمه إلا بنص بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بنصبه الدلالة عليه، فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه، وهو مخطئ وإن أصاب عين الحق، فالقائل في دين الله بالظن، قائل على الله ما لم يعلم.

3: الحض على العلم بتفسير القرآن
-
عن ابن مسعود، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن.
-
عن أبي عبد الرحمن، قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
-
قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته.
-
عن سعيد بن جبير، قال: من قرأ القرآن ثم لم يفسره، كان كالأعجمي أو كالأعرابي.
-
قال أبو جعفر: في حث الله عز وجل عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات - بقوله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}وقوله: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون * قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} وما أشبه ذلك من آي القرآن، التي أمر الله عباده وحثهم فيها على الاعتبار بأمثال آي القرآن، والاتعاظ بمواعظه - ما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله من آيه.

4: الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن والرد عليها
4-أ: حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
عن عائشة، قالت
: "ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل."
توجيه ابن جرير:
-
هو مما لا يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتعليم الله ذلك إياه بوحيه إليه، إما مع جبريل، أو مع من شاء من رسله إليه، من ذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه، وسائر معاني شرائع دينه، الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل، وهن لا شك آي ذوات عدد.
-
أمر الله نبيه ببيان ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقال له جل ذكره: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}، ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه، كان إنما أنزل إليه صلى الله عليه وسلم الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم، لا ليبين لهم ما نزل إليهم.
-
هذا مع ما في الخبر الذي روي عن عائشة من العلة التي في إسناده، التي لا يجوز معها الاحتجاج به .

4-ب: أقوال التابعين
- عن عبيد الله بن عمر، قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع.
-
عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت رجلا يسأل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن، فقال: لا أقول في القرآن شيئا.
-
عن ابن أبي مليكة: أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها.
-
عن الوليد بن مسلم، قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله، فسأله عن آية من القرآن، فقال له: أحرج عليك إن كنت مسلما، لما قمت عنى - أو قال: أن تجالسني.
-
عن الشعبي، قال: ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت: القرآن، والروح، والرأي. وأشباه ذلك.

توجيه ابن جرير:من أحجم منهم إنما كان إحجامه عنه حذارا أن لا يبلغ أداء ما كلف من إصابة صواب القول فيه، لا على أن تأويل ذلك محجوب عن علماء الأمة، غير موجود بين أظهرهم، فهو كفعل من أحجم منهم عن الفتيا في النوازل والحوادث، مع إقراره بأن لله في كل نازلة وحادثة حكما موجودا بنص أو دلالة.

5: الأخبار عن بعض السلف ممن كان محمودا علمه بالتفسير ومن كان مذموما علمه به
- عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قال: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
- عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها.
- سمعت سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.
- عن عبد الملك بن ميسرة، قال: لم يلق الضحاك ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير.
- عن زكريا، قال: كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!
- عن علي بن الحسين بن واقد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الأعمش، قال: حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {والله يقضي بالحق}قال: قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة {إن الله هو السميع البصير}، قال الحسين: فقلت للأعمش: حدثني به الكلبي، إلا أنه قال: إن الله قادر أن يجزى بالسيئة السيئة وبالحسنة عشرا، فقال الأعمش: لو أن الذي عند الكلبي عندي ما خرج مني إلا بخفير.
- عن صالح بن مسلم، قال: مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا.

6: أحق المفسرين بإصابة الحق في تأويل القرآن
- أوضحهم حجة فيما تأول وفسر، من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه: إما من جهة النقل المستفيض، وإما من جهة نقل العدول الأثبات، أو من جهة الدلالة المنصوبة على صحته.
-
وأوضحهم برهانا مما كان مدركا علمه من جهة اللسان: إما بالشواهد من أشعارهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة.
-
ومن لا يكون خارجا تفسيره عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة، والخلف من التابعين وعلماء الأمة.

هـ: بيان تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه

1 : تأويل أسماء القرآن
قال أبو جعفر:إن الله عز وجل سمى تنزيله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أسماء أربعة، ولكل اسم من أسمائه الأربعة في كلام العرب، معنى ووجه غير معنى الآخر ووجهه، منهن:

1-أ: القرآن
- قال تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}
- اختُلف في تأويله على قولين:
الأول:من التلاوة والقراءة.
-
مصدر من قول القائل: قرأت القرآن، كقولك: "الخسران" من "خسرت"، و "الغفران" من "غفر الله لك"
-
عن ابن عباس: {إن علينا جمعه وقرآنه}قال: أن نقرئك فلا تنسى{فإذا قرأناه}عليك{ فاتبع قرآنه} يقول: إذا تلي عليك فاتبع ما فيه.
الثاني:من الجمع والتأليف.
- مصدر من قول القائل: قرأت الشيء، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض، كقولك: "ما قرأت هذه الناقة سلى قط" تريد بذلك أنها لم تضمم رحما على ولد.
-
عن قتادة في قوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه}يقول: حفظه وتأليفه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}يقول: اتبع حلاله، واجتنب حرامه.

قال ابن جرير:ولكلا القولينوجه صحيح في كلام العرب، غير أن أولى قوليهما بتأويل قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}قول ابن عباس؛ لأن الله جل ثناؤه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم في غير آية من تنزيله باتباع ما أوحى إليه، ولم يرخص له في ترك اتباع شيء من أمره إلى وقت تأليفه القرآن.فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يسمى "قرآنا" بمعنى القراءة، وإنما هو مقروء؟قيل: كما جاز أن يسمى المكتوب "كتابا"، بمعنى: كتاب الكاتب.
1-ب: الفرقان
-قال تعالى : {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا}
-
قال ابن جرير:جاء تأويله على ألفاظ مختلفة هي في المعاني مؤتلفة:
* هو النجاة. ذكره عكرمة والسدي وجماعة غيرهما.
* هو المخرج. ذكره ابن عباس ومجاهد.
وكان مجاهد يقول في قول الله جل ثناؤه: {يوم الفرقان}يوم فرق الله فيه بين الحق والباطل.

قال ابن جرير:وأصل "الفرقان" عندنا: الفرق بين الشيئين والفصل بينهما.
فقد تبين بذلك أن القرآن سمي "فرقانا"، لفصله - بحججه وأدلته وحدود فرائضه وسائر معاني حكمه - بين المحق والمبطل. وفرقانه بينهما: بنصره المحق، وتخذيله المبطل، حكما وقضاء.

1-ج: الكتاب:
-
قال تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما}.
-
قال ابن جرير: هو مصدر من قولك: كتبت كتابا كما تقول: قمت قياما.
والكتاب: هو خط الكاتب حروف الكتاب المعجم مجموعة ومفترقة. وسمي "كتابا"، وإنما هو مكتوب، كما قال الشاعر في صفة طلاق كتابه كتبه لامرأته:

تؤمل رجعة منى وفيها = كتاب مثل ما لصق الغراء
يريد: طلاقا مكتوبا، فجعل "المكتوب" كتابا.

1-د: الذكر:
قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
قال ابن جرير:تأويله محتمل معنيين:
أحدهما: أنه ذكر من الله جل ذكره، ذكر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه.
والآخر:أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه، كما قال جل ثناؤه:{وإنه لذكر لك ولقومك}، يعني به أنه شرف له ولقومه.

2: تأويل أسماء السور
- عن واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل))

2-أ: السبع الطول:
- قال ابن جرير:سميت هذه السور السبع الطول، لطولها على سائر سور القرآن، وقال سعيد بن جبير هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، وروي عن ابن عباس قول يدل على موافقته هذا القول.
عن ابن عباس قال: "قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطرا: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطول؟ ما حملكم على ذلك؟"إلى آخر ما جاء في الأثر الذي رواه ابن جرير، وقال عنه: يصرح عن ابن عباس أنه لم يكن يرى ذلك منها.

2-ب: المئين:
-
هي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد عليها شيئا أو تنقص منها شيئا يسيرا.

3-ج: المثاني:
-قيل:ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني.
- وقيل:إن المثاني سميت مثاني، لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر، وهو قول ابن عباس. وعن سعيد بن جبير: لأنها ثنيت فيها الفرائض والحدود.
- قال جماعة يكثر تعدادهم: القرآن كله مثان.وقال جماعة أخر: بل المثاني فاتحة الكتاب، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة.

4-
د: المفصل:
-
سميت مفصلا لكثرة الفصول التي بين سورها بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".

3: تأويل السورة والآية
3-
أ: تأويل السورة:
- السورة، بغير همز: المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة، سمي بذلك الحائط الذي يحويها، لارتفاعه على ما يحويه.
- وقد همز بعضهم السورة من القرآن، وتأويلها في لغة من همزها: القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت. وذلك أن سؤر كل شيء: البقية منه تبقى بعد الذي يؤخذ منه.

3-
ب: تأويل الآية:
قال ابن جرير:وأما الآية من آي القرآن، فإنها تحتمل وجهين في كلام العرب:
أحدهما:أن تكون سميت آية، لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها، ومنه قوله جل ثناؤه: {ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك}يعني بذلك علامة منك لإجابتك دعاءنا وإعطائك إيانا سؤلنا.
والآخر منهما:القصة، كما قال كعب بن زهير بن أبي سلمى:ألا أبلغا هذا المعرض آية = أيقظان قال القول إذ قال أم حلم
يعني بقوله "آية": رسالة مني وخبرا عني.فيكون معنى الآيات: القصص.

4: تأويل أسماء فاتحة الكتاب
-
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني)).
-
قال ابن جرير: سميت "فاتحة الكتاب"، لأنها يفتتح بكتابتها المصاحف، وبقراءتها في الصلوات، فهي فواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتاب والقراءة.
- وسميت "أم القرآن" لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة؛ لأن العرب تسمي كل جامع أمرا - أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه، هو لها إمام جامع- "أما"، فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: "أم الرأس".وقد قيل إن مكة سميت "أم القرى"، لتقدمها أمام جميعها، وجمعها ما سواها.
- وأما تأويل اسمها أنها "السبع"، فإنها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك، وإنما اختلفوا في الآي التي صارت بها سبع آيات.
-
وأما وصفها بمثان، فلأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة. وكذلك كان الحسن البصري يتأول ذلك.
-
وليس في وجوب اسم "السبع المثاني" لفاتحة الكتاب، ما يدفع صحة وجوب اسم "المثاني" للقرآن كله، ولما ثنى المئين من السور. لأن لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما، لا يفسد - بتسمية بعض ذلك بالمثاني - تسمية غيره بها.

و: بيان منهج الطبري في التفسير
بيان معاني القرآن في كتاب جامع يذكر فيه ما انتهى إليه من اتفاق الحجة فيما اتفقت عليه منه واختلافها فيما اختلفت فيه منه، مبينا علل كل مذهب من مذاهبهم، وموضحا الصحيح لديه من ذلك، بأوجز ما أمكن من الإيجاز

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 محرم 1436هـ/5-11-2014م, 11:15 AM
لطيفة المنصوري لطيفة المنصوري غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 728
افتراضي

مقاصد كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد

المقصد العام: بيان جملة من فضائل القرآن وفضائل سوره وآياته، وآداب حملته و آداب تلاوته، وبيان بعض الأحكام المتعلقة بالمصاحف.

المقاصد الفرعية:
أ: بيان فضل القرآن وتعلمه والعمل به وفضل أهله
ب: فضائل بعض سور القرآن وآياته
ج: آداب حامل القرآن
د: آداب وأحكام تلاوة القرآن
هـ: جمع القرآن وكتابة المصاحف
و: قراءات القرآن وحروفه
ز: بيان بعض الفوائد في علوم القرآن وأصول التفسير
ح: بيان بعض أحكام المصاحف

أ: بيان فضل القرآن وتعلمه والعمل به وفضل أهله
1: فضل القرآن وتعلمه وتعليمه الناس

- عن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه»
- عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فلأن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد، فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، ومن ثلاث، ومن أعدادهن من الإبل»
- عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول: «عليكم بالقرآن فتعلموه، وعلموه أبناءكم، فإنكم عنه تسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظا لمن عقل».

2: فضل قراءة القرآن والاستماع إليه
- عن عبد الله بن مسعود، قال: «تعلموا القرآن واتلوه، فإنكم تؤجرون فيه بكل حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول الم ، ولكن ألف ولام وميم»
- قال ابن عباس: «من سمع آية من كتاب الله عز وجل تتلى كانت له نورا يوم القيامة»

3: فضل الحض على القرآن والإيصاء به وإيثاره على ما سواه
- قال مالك بن عبادة الغافقي:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا في حجة الوداع فقال: «عليكم بالقرآن فإنكم سترجعون إلى قوم يشتهون الحديث عني، فمن عقل شيئا فليحدث به، ومن قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتا أو قال مقعدا من جهنم»
- قال عقبة بن عامر: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، ونحن في المسجد، نتدارس القرآن، فقال: «تعلموا كتاب الله عز وجل واقتنوه»
- قال ابن مسعود: إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بغيره»

4: فضل اتباع القرآن وما في العمل به من الثواب وما في تضييعه من العقاب
-
عن أنس بن مالك، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق، من شفع له القرآن يوم القيامة نجا، ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله في النار على وجهه»
-
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك في آخر آية تقرأها»
- عن أبي موسى الأشعري، رحمه الله أنه قال: «إن هذا القرآن كائن لكم ذكرا، أو كائن لكم أجرا، أو كائن عليكم وزرا ، فاتبعوا القرآن، ولا يتبعنكم القرآن، فإنه من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة، ومن يتبعه القرآن يزخ في قفاه حتى يقذفه في نار جهنم»

5: ما جاء في مثل القرآن وحامله والعامل به والتارك له

- عن النواس بن سمعان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سور فيه أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى رأس الصراط داع يقول: ادخلوا الصراط جميعا ..، إلى أن قال: وذلك الداعي على رأس الصراط: القرآن ..) الحديث.
-
عن عبد الله بن مسعود، قال: مثل الذي يقرأ القرآن، ولا يعمل به، كمثل الريحانة ريحها طيب، ولا طعم لها. ومثل الذي يعمل به ولا يقرؤه كمثل التمرة طعمها طيب، ولا ريح لها. ومثل الذي يعمل به ويقرؤه مثل الأترجة.

6: إعظام أهل القرآن وتقديمهم وإكرامهم
-
قال أبوموسى الأشعري: «إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وذي السلطان المقسط»
-
قال عمر: «أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله سبحانه وتعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما، ويضع به آخرين».

7: فضل علم القرآن والسعي في طلبه
-
قال عبد الله بن مسعود: «إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين»
- قال مسروق بن الأجدع: «ما نسأل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء إلا وعلمه في القرآن، ولكن علمنا قصر عنه»
-
قال ابن مسعود: «لو أعلم أن أحدا تبلغنيه الإبل أحدث عهدا بالعرضة الأخيرة مني لأتيته، أو لتكلفت أن آتيه»

8: فضل قراءة القرآن نظرا وقراءة الذي لا يقيم القرآن
-
عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرؤه ظاهرا كفضل الفريضة على النافلة»
-
قال عبد الله: «أديموا النظر في المصحف»
-
عن الأوزاعي، أن رجلا، صحبهم في سفر، قال: فحدثنا حديثا ما أعلمه إلا رفعه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل»

9: فضل ختم القرآن
-
قال عبد الله بن مسعود: «من ختم القرآن فله دعوة مستجابة».
-
عن إبراهيم التيمي، قال: كان يقال: «إذا ختم الرجل القرآن في أول النهار صلت عليه الملائكة بقية يومه، وإذا ختمه أول الليل صلت عليه الملائكة بقية ليلته، قال: فكانوا يحبون أن يختموا في أول النهار أو في أول الليل»

ب: فضائل بعض سور القرآن وآياته
1: فضل البسملة

-
ذكر سعيد بن جبير، أن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم
- عن ابن عباس أنها آية من القرآن.
-
عن ابن عون، قال: كان نافع يعظم ترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم ويقول فيه
- قال أبو عبيد: إنما غلظوا ترك قراءتها في الصلاة أو غير الصلاة. إلا أنه يسرها في الصلاة وهذا عندنا هو السنة

2: فضل فاتحة الكتاب

-
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم»
-
عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس عن قوله ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال: «هي أم القرآن، استثناها الله عز وجل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فدخرها لهم، حتى أخرجها لهم، ولم يعطها أحدا قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم».
-
ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنها رقية، بعد أن رقى بها أحد الصحابة لديغا فشفي.

3: فضائل السبع الطول

-
عن واثلة بن الأسقع، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل»
-
عن عائشة، رضوان الله عليها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أخذ السبع فهن له خير»

4: فضل سورة البقرة وخواتيمها وآية الكرسي
-
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه»
-
عن أبي أمامة الباهلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اقرءوا البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة»
-
عن أبي مسعود الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأهما في ليلته كفتاه»
-
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أبي بن كعب عن أعظم آية في القرآن فقال: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم}، فضرب صدره وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر».

5: فضل سورة البقرة وآل عمران والنساء

-
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اقرءوا الزهراوين سورة البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو كأنهما غمامتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما".
-
عن سعيد بن جبير، قال: قال لي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «من قرأ البقرة وآل عمران والنساء في ليلة كان أو كتب من القانتين»

6: فضل المائدة والأنعام

-
عن عطية بن قيس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المائدة من آخر القرآن تنزيلا، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها»
-
عن ابن عباس، قال: «نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة، ونزل معها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح»

7: فضل سورة براءة

- عن أبي عطية، قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب أن «تعلموا سورة التوبة، وعلموا نساءكم سورة النور»
-
ذُكر أنها سميت الفاضحة لأنها تفضح المنافقين، وأنها تحث على الجهاد.
8: فضائل سورة هود وبني إسرائيل والكهف ومريم وطه
-
عن ابن شهاب، قال: قالوا يا رسول الله، إنا نرى في رأسك شيبا، فقال: «كيف لا أشيب وأنا أقرأ سورة هود، وإذا الشمس كورت؟»
-
عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ العشر الأواخر من الكهف عصم من فتنة الدجال»
-
قال عبد الله بن مسعود: «إن بني إسرائيل والكهف ومريم وطه من تلادي وهن من العتاق الأول»

9: فضل سورة الحج وسورة النور
-
عن عمر أنه سجد في الحج سجدتين، وقال: «إن هذه السورة فضلت على السور بسجدتين»
-
وعنه أنه قال: «علموا نساءكم سورة النور».

10: فضل تنزيل السجدة ويس

-
عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تنزيل و هل أتى على الإنسان
-
عن شهر بن حوشب، قال: «يرفع القرآن عن أهل الجنة، إلا طه ويس»

11: فضل آل حم

-
عن ابن عباس، قال: «إن لكل شيء لبابا، وإن لباب القرآن آل حم، أو قال: الحواميم»

12: فضل سورة الواقعة والمسبحات

-
عن مسروق بن الأجدع، قال: «من أراد أن يعلم نبأ الأولين، ونبأ الآخرين، ونبأ أهل الجنة، ونبأ أهل النار، ونبأ الدنيا، ونبأ الآخرة فليقرأ سورة الواقعة»
-
عن خالد بن معدان، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ المسبحات، ويقول: «إن فيها آية كألف آية»

13: فضل تبارك الذي بيده الملك

-
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي تبارك الذي بيده الملك»

14: فضل إذا زلزلت والعاديات

-
عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، والعاديات تعدل نصف القرآن»

15: فضل قل يا أيها الكافرون

-
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قل يا أيها الكافرون تعدل بربع القرآن»

16: فضل قل هو الله أحد

-
عن أبي مسعود، أو ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قل هو الله أحد»

17: فضل المعوذتين

-
عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنزلت علي آيات لم تنزل علي مثلهن قط: المعوذتان»

18: فضل بعض آيات القرآن
-
الثلاث آيات في سورة الأنعام: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ...}إلى ثلاث آيات، والتي في بني إسرائيل: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ...}. ذكر ابن عباس أنها الآيات المحكمات.
-
آية الكرسي. عن ابن مسعود: ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية في سورة البقرة الله لا إله إلا هو الحي القيوم.
-
آية في سورة النحل. قال ابن مسعود: ما في القرآن أجمع لخير ولا لشرّ من آية في سورة النحل {إن الله يأمر بالعدل والإحسان..}الآية.
- آية في سورة الزمر. قال ابن مسعود: ما في القرآن آية أعظم فرجا من آية في سورة الغرف {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ..}
- آية في سورة الطلاق. قال ابن مسعود: ما في القرآن آية أكثر تفويضا من آية في سورة النساء الصغرى {ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ..}
- آيتا آل عمران والنساء: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا..}، {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه..}، عن ابن مسعود: ما قرأهما عبد مسلم عند ذنب إلا غفر له.
-
آية في سورة المؤمنون: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا..}. قال عنهارسو ل الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن رجلا قرأ بها على جبل لزال).
-
خمس آيات في سورة النساء. قال عنها ابن مسعود: (ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها)، وهي: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} {إن الله لا يظلم وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما}، {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما}، {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}.
-
الآيات: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها..} {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو..} {سيجعل الله بعد عسر يسرا} {وما من دابة إلا على الله رزقها}. عن عامر بن عبد قيس: «إذا قرأتهن ما أبالي ما أصبح عليه وما أمسي»

ج: آداب حامل القرآن
1: ما يجب على حامل القرآن أن يأخذ به من أدب القرآن

-
عن ابن مسعود، قال: «إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه، وإن أدب الله عز وجل القرآن»
-
سئلت عائشة عليها السلام عن خلق، رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خلقه القرآن ؛ يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه»
-
قال عبد الله بن مسعود: «ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون. قال: وأحسبه قال: وبحزنه إذا الناس يفرحون»

2: ما يستحب لحامل القرآن من إكرام القرآن وتعظيمه وتنزيهه
-
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسافروا بالقرآن فإني أخاف أن يناله العدو»
- عن مجاهد، أنه كان يكره لمن يريد قيام الليل أن يأكل الثوم والبصل والكراث، وعنه أنه كان إذا صلى فوجد ريحا أمسك عن القراءة.
-
قال مجاهد: «إذا تثاءبت وأنت تقرأ القرآن فأمسك عن القراءة، حتى يذهب تثاؤبك»
-
عن علي أنه كان يكره أن يكتب القرآن في الشيء الصغير.
-
عن معمر بن سليمان النخعي أنه كانت له حاجة إلى بعض الملوك، فقيل له: لو أتيته فكلمته. فقال: قد أردت إتيانه، ثم ذكرت القرآن والعلم فأكرمتهما عن ذلك.

3: ما يؤمر به حامل القرآن من تلاوته بالقراءة والقيام به في الصلاة
-
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في الليل والنهار»
-
عن المهاصر بن حبيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن واتلوه آناء الليل والنهار»

4: ما يوصف به حامل القرآن من تلاوته بالاتباع والطاعة له والعمل به
-
عن ابن عباس في قول الله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}قال: «يتبعونه حق اتباعه»، وذكر نحو ذلك عكرمة ومجاهد.
-
عن الشعبي في قوله تعالى فنبذوه وراء ظهورهم قال: «أما إنه كان بين أيديهم، ولكن نبذوا العمل به»

د: آداب وأحكام تلاوة القرآن
1: ما يستحب لقارئ القرآن من البكاء عند القراءة في صلاة وغير صلاة وما في ذلك

-
عن عبد الملك بن عمير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني قارئ عليكم سورة، فمن بكى فله الجنة». فقرأها، فلم يبك أحد، ثم أعاد الثانية ثم الثالثة فقال: «ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا»
-
عن أبي صالح، قال: لما قدم أهل اليمن في زمن أبي بكر رحمة الله عليه فسمعوا القرآن فجعلوا يبكون، فقال أبو بكر الصديق: «هكذا كنا ثم قست القلوب»
-
عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، قالانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل» يعني من البكاء
-
عن عبيد بن عمير، قال: «صلى بنا عمر بن الخطاب كرم الله وجهه صلاة الفجر فافتتح سورة يوسف فقرأها حتى إذا بلغ وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم بكى حتى انقطع فركع»

2: ما يستحب للقارئ إذا مر في قراءته بذكر الجنة من المسألة، وبذكر النار من التعوذ
-
عن حذيفة، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكان إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب تعوذ، وإذا مر بآية فيها تنزيه الله سبحانه وتعالى سبح.

3: ما يستحب لقارئ القرآن من تكرار الآية وتردادها
-
قال أبو ذر: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي، فقرأ آية واحدة الليل كله حتى أصبح، بها يقوم، وبها يركع، وبها يسجد. فقال القوم لأبي ذر: أي آية هي؟ فقال: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}
-
قال القاسم بن أبي أيوب: سمعت سعيد بن جبير يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}

4: ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية والشهادة لها
-
عن جعفر بن إياس، قال: دخل عمر بن الخطاب رضوان الله عنه المسجد، وقد سبق ببعض الصلاة، فنشب في الصف، وقرأ الإمام: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}فقال عمر: «وأنا أشهد»
-
عن صالح بن مسمار، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم}فقال: «جهله»
- عن ابن عباس، أنه قرأ في الصلاة {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} فقال: «سبحانك وبلى»
-
عن ابن عمر، أنه قرأ {سبح اسم ربك الأعلى}فقال: «سبحان ربي الأعلى»

5: ما يستحب لقارئ القرآن من الترسل في قراءته والترتيل والتدبر
-
عن مجاهد في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} قال: «ترسل فيه ترسيلا»
-
عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. (ملك يوم الدين)
-
قرأ علقمة على عبد الله، فكأنه عجل، فقال عبد الله: «فداك أبي وأمي رتل، فإنه زين القرآن»
-
عن أبي حمزة، قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث فقال: «لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول»

6: ما يستحب للقارئ من تحسين القرآن وتزيينه بصوته
-
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «زينوا أصواتكم بالقرآن»
-
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به»
-
عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم»
-
ذكرأبو عبيد أن المراد بحسن الصوت، إنما هو طريق الحزن والتخويف والتشويق، لا الألحان المطربة الملهية.

7: القارئ يجهر على أصحابه بالقرآن فيؤذيهم بذلك
- عن البياضي، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بم يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن»
-
عن لقمان بن عامر، قال: صلى رجل إلى جنب أبي مسلم الخولاني، فجهر بالقراءة، فلما فرغ أبو مسلم من صلاته قال: «يا ابن أخي، أفسدت علي وعلى نفسك»

8: القارئ يمد صوته بالقرآن ليلا في الخلوة به
-
عن أبي هريرة، قال: كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل يرفع طورا، ويخفض طورا
-
عن أم هانئ بنت أبي طالب، قالت: «كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي». قال أبو عبيد: تعني بالليل.
-
عن علقمة، قال: بت عند عبد الله ذات ليلة، فقالوا: كيف كانت قراءته؟ فقال: «كان يسمع أهل الدار»

9: القارئ يقرن بين السورتين من القرآن معا
-
عن ابن عمر، أنه كان يقرأ عشر سور في الركعة. قال عاصم: فذكرت ذلك لأبي العالية قال: قد كنت أفعله، حتى حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لكل سورة حظها من الركوع والسجود»
-
عن أبي وائل، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال: إني قرأت البارحة المفصل في ركعة. فقال عبد الله: «أنثرا كنثر الدقل، وهذا كهذ الشعر؟ لقد علمت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن السورتين في ركعة»

10: القارئ يقرأ القرآن في سبع ليال أو ثلاث
-
عن قيس بن أبي صعصعة، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، في كم أقرأ القرآن؟ فقال: «في كل خمس عشرة». فقال: إني أجدني أقوى من ذلك، فقال: «ففي كل جمعة»
-
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفقهه من قرأه في أقل من ثلاث»
-
قال عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يختم القرآن في أقل من ثلاث.

11: القارئ يختم القرآن كله في ليلة أو في ركعة
-
قالت نائلة بنت الفرافصة الكلبية حين دخلوا على عثمان، رضي الله عنه، ليقتلوه: «إن تقتلوه أو تدعوه، فقد كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن»
-
ذكر أبو عبيد جماعة ممن قرأ القرآن في ركعة منهم: تميم الداري، وسعيد بن جبير، وعلقمة، وذكر أن سليم بن عتر التجيبي، كان يختم القرآن في الليلة ثلاث مرات.
-
قال أبو عبيد: والذي عليه أمر الناس أن الجمع بين السور في الركعة حسن واسع غير مكروه.

12: القارئ يحافظ على جزئه وورده من القرآن بالليل والنهار في صلاة أو غير صلاة
-
عن عبد الرحمن بن عبد القاري، قال: استأذنت على عمر بالهاجرة، فحبسني طويلا، ثم أذن لي، وقال: «إني كنت في قضاء وردي»
-
عن خيثمة، قال: دخلت على عبد الله بن عمرو وهو يقرأ في المصحف، فقلت له، فقال: «هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة»
-
عن عمر، قال: «من فاته حزبه من الليل فقرأه حتى تزول الشمس إلى صلاة الظهر، فكأنه لم يفته، أو كأنه أدركه»

13: القارئ يقرأ آي القرآن من مواضع مختلفة أو يفصل القراءة بالكلام
- روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة، فقال له: «اقرأ السورة على وجهها». أو قال: «على نحوها»
-
عن ابن عون، قال: كان ابن سيرين يكره أن يقرأ الرجل القرآن، إلا كما أنزل؛ يكره أن يقرأ، ثم يتكلم، ثم يقرأ
-
عن نافع، قال: كان ابن عمر إذا قرأ لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد أن يقرأه، وعن ابن مسعود أن أصحابه كانوا ينشرون المصحف فيقرءون، ويفسر لهم.
-
قال أبو عبيد: لو كان الكلام من أحاديث الناس وأخبارهم كان عندي مكروها أن تقطع القراءة به.

14: القارئ يقرأ القرآن على غير وضوء ويقرؤه جنبا
-
عن علي، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال إلا الجنابة»
-
عن ابن عباس، وابن عمر، أنهما كانا يقرآن أجزاءهما بعدما يخرجان من الخلاء قبل أن يتوضآ

15: القارئ يعلم المشركين القرآن أو يحمله في سفر نحو بلاد العدو
-
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسافروا بالقرآن، فإني أخاف أن يناله العدو»
-
عن سعيد بن جبير، أنه كان معه غلام مجوسي يخدمه، فكان يأتيه بالمصحف في غلافه.
-
عن حبيب المعلم، قال: سألت الحسن قلت: أعلم أولاد أهل الذمة القرآن؟ فقال: «نعم ..
-
قال أبو عبيد: الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يمس القرآن إلا طاهر» أولى بالاتباع من هذا كله، وكيف تكون الرخصة لأهل الشرك أن يمسوه مع نجاستهم، وقد كره المسلمون أن يمسه أحد من أهل الإسلام وهو جنب أو غير طاهر؟)

16: القارئ ينسى القرآن بعد أن قرأه وما في ذلك من التغليظ
-
عن سلمان الفارسي، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكبر ذنب توافي به أمتي يوم القيامة سورة من كتاب الله كانت مع أحدهم فنسيها»
- قال الضحاك بن مزاحم: «ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله عز وجل يقول: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب»
-
عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بئس ما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، ليس هو نسي ولكن نسي، فاستذكروا القرآن، فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقله»

17: القارئ يستأكل بالقرآن ويرزأ عليه الأموال وما في ذلك من الكراهة والتشديد
-
عن عبد الرحمن بن شبل، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرءوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به»
-
عن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»
-
قال أبو عبيد: التغني: هو الاستغناء والتعفف عن مسألة الناس واستئكالهم بالقرآن، وأن يكون في نفسه بحمله القرآن غنيا، وإن كان من المال معدما.

18: ما يكره للقارئ من المباهاة بالقرآن والتعمق في إقامة حروفه وتعليمه غير أهله
-
قال حذيفة: «إن أقرأ الناس للقرآن منافق يقرؤه لا يترك منه واوا ولا ألفا يلفته بلسانه كما تلفت البقرة الخلاء بلسانها، لا يجاوز ترقوته»
-
قال معاوية: «إن أغر الضلالة الرجل يقرأ القرآن لا يفقه فيه، فيعلمه الصبي والمرأة والعبد، فيجادلون به أهل العلم»

19: القارئ يصعق عند قراءة القرآن ومن كره ذلك وعابه
-
مر ابن عمر برجل من أهل العراق ساقطا، والناس حوله، فقال: «ما هذا؟» فقالوا: إذا قرئ عليه القرآن أو سمع الله يذكر خر من خشية الله. فقال ابن عمر: «والله إنا لنخشى الله وما نسقط»
-
عن عكرمة، قال: سئلت أسماء هل كان أحد من السلف يغشى عليه من الخوف؟ فقالت: «لا، ولكنهم كانوا يبكون»

20: كتمان قراءة القرآن وما يكره من ذكر ذلك وستره ونشره
-
عن الحسن أن رجلا قال: قرأت البارحة كذا وكذا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «حظه من صلاته كلامه»
-
عن الأعمش، عن إبراهيم، أنه كان يقرأ في المصحف، فاستأذن عليه إنسان، فغطاه، وقال: لا يرى هذا أني أقرأ في المصاحف كل ساعة.

21: الاسترقاء بالقرآن، وما يكتب منه ويتعلق للاستشفاء به
-
ذكر أبو عبيد بعض الآثار عن بعض من كرهه ومنها: عن ابن عون، قال: سألت إبراهيم عن رجل كان بالكوفة يكتب من الفزع آيات، فيسقي المريض، فكره ذلك.
-
وذكر أن الأحاديث التي ذكرت الرخصة في ذلك هي أعلى من الأحاديث التي ذكر فيها الكراهة، ومنها: عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مرض يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث. وقال عبد الله: عليكم بالشفاءين؛ القرآن والعسل.

هـ: جمع القرآن وكتابة المصاحف
1: جمع القرآن وتأليفه

- الجمع النبوي: عن عثمان بن عفان، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه سورة، دعا بعض من يكتب، فقال: «ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا»
- جمع أبي بكر: وكان ذلك بعد أن استحر القتل بقراء القرآن في يوم اليمامة، فأمر زيد بن ثابت بتتبع القرآن وجمعه، كما جاء في الحديث الذي رواه زيد بن ثابت. وعن عبد خير، قال: «أول من جمع القرآن بين اللوحين أبو بكر رضي الله عنه».
- جمع عثمان: كان بمشورة حذيفة بن اليمان بعد أن أفزعه اختلاف المسلمين في القرآن في فتح أرمينية، فجمعهم عثمان على مصحف واحد ليمنع الاختلاف بين الأمة في القرآن.

2: حروف القرآن التي اختلفت فيها مصاحف أهل الحجاز وأهل العراق، ومصاحف أهل الشام وأهل العراق
- اختلفت مصاحف أهل الحجاز وأهل العراق في اثنا عشر حرفا.
- منها: كتب أهل المدينة في سورة البقرة (وأوصى بها إبراهيم بنيه) بالألف، وكتب أهل العراق ووصى بغير ألف. ذكره إسماعيل المديني.
- واختلفتمصاحف أهل الشام وأهل العراق في ثمان وعشرون حرفا وقد وافقت أهل الحجاز في بعض وفارقت بعضا.
- ومنها: في مصاحف أهل الشام: في سورة البقرة: (قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه) بغير واو. وفي سورة آل عمران: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم) بغير واو.
- أما العراق نفسها فلم تختلف مصاحفها فيما بينها إلا خمسة أحرف بين مصاحف الكوفة والبصرة؛ كتب الكوفيون في سورة الأنعام: (لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين) بغير تاء، وكتبها البصريون: لئن أنجيتنا بالتاء. وغيرها.
- بينأبو عبيد أن هذه الحروف التي اختلفت في مصاحف الأمصار، ليست كتلك الزوائد التي ذكرت؛ لأن هذه مثبتة بين اللوحين، وهي كلها منسوخة من الإمام الذي كتبه عثمان رضي الله عنه، ثم بعث إلى كل أفق مما نسخ بمصحف.

3: ذكر قراء القرآن ومن كانت القراءة تؤخذ عنه من الصحابة والتابعين بعدهم
-
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة»
- عن أنس بن مالك، قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: معاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وأبي بن كعب
- عن إبراهيم، قال: كان الذين يقرئون الناس القرآن ويعلمونهم من أصحاب عبد الله ستة؛ علقمة والأسود، ومسروق، وعبيدة، وعمرو بن شرحبيل، والحارث بن قيس.

و: قراءات القرآن وحروفه
1: لغات القرآن وأي العرب نزل القرآن بلغته

-
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرأني جبريل على حرف، فراجعته فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف»
-
وعنه أنه قال: «نزل القرآن بلغة الكعبين؛ كعب قريش وكعب خزاعة»، وقال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.
- قال أبو عبيد: نزل على سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف منها بلغة قبيلة، والثاني بلغة أخرى سوى الأولى.

2: إعراب القرآن وما يستحب للقارئ من ذلك وما يؤمر به
-
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعربوا القرآن».
- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلموا إعراب القرآن كما تعلمون حفظه.

3: المراء في القرآن والاختلاف في وجوهه وما في ذلك من التغليظ والكراهة
-
عن أبي جهيم الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تماروا في القرآن، فإن مراء فيه كفر»

4: عرض القراء للقرآن وما يستحب لهم من أخذه عن أهل القراءة، واتباع السلف فيها والتمسك بما تعلمه به منها
-
عن الشعبي، أن جبريل، كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بما أنزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
-
عن أبي بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أمرني أن أعرض القرآن عليك» الحديث.
- قال أبو عبيد: معنى هذا الحديث عندنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد بذلك العرض على أبي أن يتعلم أبي منه.
- عن مجاهد، قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث مرات.

5: الرواية من الحروف التي خولف بها الخط في القرآن
- منها: عن عمر بن الخطاب، أنه كان يقرأ: (غير المغضوب عليهم وغير الضالين)، وعن عبد الله بن الزبيرأنه قرأ: (صراط من أنعمت عليهم)
-
عن ابن عباس، أنه كان يقرأ: «ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج»
- عن أبي بن كعب، أنه كان يقرأ: «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر». وغيرها.

ز: بيان بعض الفوائد في علوم القرآن وأصول التفسير
1: منازل القرآن بمكة والمدينة وذكر أوائله وأواخره

أول ما نزل:
-
عن جابر بن عبد الله، أن أول شيء نزل من القرآن يا أيها المدثر، قم فأنذر، وعن ابن عباس: اقرأ باسم ربك هو أول شيء نزل.
- عن الزهري، قال: أول آية أنزلت في القتال: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ثم ذكر القتال في آي كثير.

آخر ما نزل:
- عن عثمان قال: كانت براءة من آخر القرآن نزولا.
-
عن البراء بن عازب قال: آخر آية أنزلت {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
-
عن ابن عباس: آخر ما نزل آية الربا ، زاد ابن شهاب: وآية الدين.
- عن عطاء: آية {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}. وذكره ابن عباس.

ما نزل في مكة:
- عن ابن عباس، قال: نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا
-
قال عبد الله: إن بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه من تلادي ومن العتيق الأول. قال أبو عبيدة: ومعناه أن ذلك كان بمكة.
- ماكان من ذكر الأمم والعذاب.
- عن ميمون بن مهران، قال: ما كان في القرآن يا أيها الناس أو يا بني آدم فإنه مكي.

ما نزل في المدينة:
- عن علي بن أبي طلحة، قال: نزلت بالمدينة سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والحج، والنور، والأحزاب، والذين كفروا، والفتح، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والحواريون يريد الصف والتغابن، ويا أيها النبي إذا طلقتم، ويا أيها النبي لم تحرم، والفجر، والليل، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، ولم يكن، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله؛ وسائر ذلك بمكة.
-
عن علقمة، قال: كل شيء من القرآن يا أيها الذين آمنوا فإنه أنزل بالمدينة.
- عن مجاهد، قال: نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة.

2: ما رفع من القرآن بعد نزوله ولم يثبت في المصاحف
-
عن ابن عمر، قال: «لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر منه»
- عن ابن عباس، قال: خطب عمر فقال: «ألا إن ناسا يقولون: ما بال الرجم، وإنما في كتاب الله الجلد؟ وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا معه. والله لولا أن يقول قائلون: زاد عمر في كتاب الله لأثبتها كما أنزلت».
-
قال: قال عمر: كنا نقرأ (لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم) ثم قال لزيد بن ثابت: أكذاك يا زيد؟ قال: نعم.
- ذكرأبو عبيد أن من جحد هذه الزوائد فلا يحكم بكفره، ويحكم بالكفر على الجاحد لما بين اللوحين خاصة بعد أن أجمعت عليه الأمة.

3: تأول القرآن بالرأي، وما في ذلك من الكراهة والتغليظ
-
قال أبو بكر رضي الله عنه: أي سماء تظلني، أو أي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟
- عن سعيد بن المسيب، أنه كان إذا سئل عن شيء من القرآن قال: أنا لا أقول في القرآن شيئا
- عن مسروق، قال: اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية على الله تعالى.

ح: بيان بعض أحكام المصاحف
1: بيع المصاحف واشترائها وما جاء في ذلك من الكراهة والرخصة

- ذكر أبو عبيد أنه كره بيع المصاحف: ابن عمر، ابن عباس، جابر بن عبد الله، سعيد بن جبير، إبراهيم، عبيدة، ابن سيرين، عبد الله بن يزيد، مسروق، شريح، وكان شراؤه أحب إليهم من بيعه.
- وذكر أنه لم ير في ذلك بأسا: الحسن، الشعبي، وقيل: سعيد بن جبير.

2: نقط المصاحف وما فيه من الرخصة والكراهة
- كرهه: عبد الله بن مسعود، إبراهيم، الحسن، ابن سيرين. قال إبراهيم: جردوا القرآن، لا تخلطوا به ما ليس منه.
- رخص فيه الحسن، وقال: لا بأس به ما لم تبغوا.

3: تعشير المصاحف وفواتح السور والآي
- ورد كراهة التعشير عن: عبد الله بن مسعود، مجاهد، وابن سيرين.
-
كره أبو رزين كتابة سورة كذا وكذا حتى لا ينشأ قوم يظنونه منه.
-
قال يحيى بن أبي كثير: ما كانوا يعرفون شيئا مما أحدث في هذه المصاحف، إلا هذه النقط الثلاث على رءوس الآيات.

4: تزيين المصاحف وحليتها بالذهب والفضة
-
ذُكر أنه كرهه جماعة من السلف، منهم: ابن عباس، وأبو ذر، ،وأبو الدرداء، وإبراهيم. قال ابن عباس: أتغرون به السارق، وزينته في جوفه؟
- ذُكر عن ابن سيرين أنه لا يرى فيه بأسا.

5: كتاب المصاحف وما يستحب من عظمها، ويكره من صغرها

- ذُكر عن السلف كراهة كتابة المصحف في الشيء الصغير، أو بخط سريع أو غير جيد.
- عن أبي الأسود أن عمر بن الخطاب، وجد مع رجل مصحفا قد كتبه بقلم دقيق، فقال: ما هذا؟ قال: القرآن كله فكره ذلك، وضربه، وقال: عظموا كتاب الله. قال: وكان عمر إذا رأى مصحفا عظيما سر به.

6: المصحف يمسه المشرك أو المسلم الذي ليس بطاهر
- عن ابن عمر، أنه كان لا يأخذ المصحف إلا وهو طاهر.
- عن مالك، قال: لا يحمل المصحف أحد بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر، إكراما للقرآن. قال أبو عبيد: وهذا عندنا هو المعمول به. وقد رخص فيه ناس علماء.
- رخص الحسن مسه وحمله بلا وضوء، ورخص الشعبي أخذه بعلاقته على غير وضوء. وكان غلام سعيد بن جبير المجوسي يأتيه بالمصحف في علاقته.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 ربيع الأول 1436هـ/13-01-2015م, 05:53 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لطيفة المنصوري مشاهدة المشاركة
المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز

المقصد العام: معرفة كيفية نزول القرآن وجمعه وتلاوته، ومعنى الأحرف السبعة التي نزل عليها، والمراد بالقراءات السبع وضابط ما قوي منها، وبيان ما انضم إليها، والتعريف بحق تلاوته وحسن معاملته.


قُسم المصنف إلى ستة أبواب، أهمها الباب الثالث؛ لأنه المقصود بهذا التصنيف، وما قبله وما بعده من الأبواب مقدم بين يديه، وتبع له.
مقاصد الكتاب هي عناوين الأبواب الرئيسية في المقام الأول، ثم ما ذكر تحت كل باب.

الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه.
- نزل في رمضان وفي ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك إلى الأرض منجما.
قال تعالى:{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، {إنا أنزلناه في ليلة القدر}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام.

- المقصود بالإنزال الخاص المضاف إلى ليلة القدر أقوال:
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.وهذا قول الشعبي.
والثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر
والثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة
قال مقاتل: أنزله الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة، وهم الكتبة من الملائكة في السماء الدنيا، فكان ينزل ليلة القدر من الوحي على قدر ما ينزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في السنة كلها إلى مثلها من العام القابل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر، ونزل به جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام في عشرين سنة..

- ذكر فوائد نزول القرآن إلى الأرض منجما.

منها: تقوية قلب النبي صلى الله عليه وسلم به وتثبيت حفظه، وللإجابة عن ما يسأل به النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن بعضه ناسخ ومنسوخ، وغير ذلك.
قال تعالى: {لنثبت به فؤادك}.

- أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن: أول سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق} ثم نزل {يا أيها المدثر}. وآخر ما نزل من الآيات: قيل: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية، وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها، وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين، وقيل آيات الربا.

- ذكر بعض الآثار الواردة فيمن جمع القرآن من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبيان أنها ليست للحصر.
عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
قال المصنف: قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.
وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.

- أنواع النسخ في القرآن:
- ما نسخت تلاوته وبقي حكمه. عن عمر رضي الله عنه قال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها.
- ما نسخت تلاوته وحكمه. عن عائشة رضي الله عنها: كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن
ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته. كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.

الباب الثاني: في جمع الصحابة رضي الله عنهم القرآن وإيضاح ما فعله أبو بكر وعمر وعثمان.
- جمع أبو بكر رضي الله عنه القرآن مكتوبا مجتمعا غير مفرق على اللفظ الذي أملاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتبة الوحي، خشية دثوره بقتل قرائه.

عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن…) الحديث.

- جمع عثمان رضي الله عنه المصاحف على مصحف واحد، ليجمع الناس على قراءة القرآن على وفق ما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يكثر فيه التصرف، فيتفاحش تغيره، وتنمحق ألفاظه المنزلة، وحتى لا يكثر الاختلاف.

حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق. فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى…)الحديث.

الباب الثالث: في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (أنزل القرآن على سبعة أحرف)

- سرد الأحاديث الدالة على نزول القرآن على سبعة أحرف:

في الصحيحين عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن عباس حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل عليه السلام على حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).

- المراد بالأحرف السبعة التي نزل القرآن عليها:

* قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله تعالى في كتاب "غريب الحديث": قوله سبعة أحرف يعني سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه". عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.
[ذكر المصنف أن سبع اللغات: منهم من قال من لغات العرب جميعا، وقيل: من لغات قريش، وقيل: من قريش ومن جاورها، وقيل: من مضر]

* وقال أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) مشكل لا يدرى معناه؛ لأن العرب تسمي الكلمة المنظومة حرفا، وتسمي القصيدة بأسرها كلمة، والحرف يقع على الحرف المقطوع من الحروف المعجمة، والحرف أيضا المعنى والجهة كقوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} أي على جهة من الجهات ومعنى من المعاني.

* وذكر بعضهم وجها آخر، وهو أن القرآن أنزل مرخصا للقارئ، وموسعا علي يقرأه على سبعة أحرف، أي يقرأ بأي حرف شاء منها على البدل من صاحبه،…
وذلك لتسهل قراءته على الناس، ولو أخذوا بأن يقرءوه على حرف واحد لشق عليهم، ولكان ذلك داعية إلى الزهادة فيه وسببا للنفور عنه".

* وقيل: فيه وجه آخر، وهو أن المراد به التوسعة، ليس حصرا للعدد. وهو كما قيل في معنى قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} إالمراد التعبير عن التكثير، لا حصرا في هذا العدد.

* وقالوا: إنما معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا أكثر أهل العلم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شاف كاف، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك)) -زاد بعضهم- ((ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).

* ذهب قوم إلى أنها سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه، واحتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا))

- ذكر الطرق التي استخرج بها جماعة من أهل العلم بالقراءات سبعة أحرف من القراءات المشهورة، وبيان المصنف ضعف هذه الطرق، وبيان انعدام الدليل عليها.
قال المصنف: ...
كلها ضعيفة؛ إذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم، ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا. ثم لم يحصل حصر جميع القراءات فيما ذكروه من الضوابط، فما الدليل على جعل ما ذكروه مما دخل في ضابطهم من جملة الأحرف السبعة دون ما لم يدخل في ضابطهم.

- بيان حال المجموع في المصحف، هل هو جميع الأحرف السبعة التي أبيحت القراءة عليها أو حرف واحد منها.
- ذهب الطبري وغيره من العلماء إلى أن جميع هذه القراءات المستعملة ترجع إلى حرف واحد، وهو حرف زيد بن ثابت".
المصنف: لأن خط المصحف نفى ما كان يقرأ به من ألفاظ الزيادة والنقصان والمرادفة والتقديم والتأخير، وكانوا علموا أن تلك الرخصة قد انتهت بكثرة المسلمين واجتهاد القراء وتمكنهم من الحفظ.

- قال القاضي أبو بكر بن الطيب: ليس الأمر على ما توهمتم من أن عثمان رضي الله عنه جمعهم على حرف واحد وقراءة واحدة، بل إنما جمعهم على القراءة بسبعة أحرف وسبع قراءات، كلها عنده وعند الأمة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ... لئلا تسقط قراءة قرأ بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعفو أثرها، ويندرس رسمها، ويظن بعد ذلك القارئ بها أنه قارئ بغير ما أنزل الله من القرآن. وعرف عثمان حاجة الناس إلى معرفة جميع تلك الأحرف، كتبها في مصاحفه، وأنفذ كل إمام منها إلى ناحية، لتكون جميع القراءات محروسة محفوظة"..

- وقال أبو العباس أحمد بن عمار المقرئ: أصح ما عليه الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك إنما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن. وتفسير ذلك أن الحروف السبعة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن نزل عليها تجري على ضربين: أحدهما: زيادة كلمة ونقص أخرى، وإبدال كلمة مكان أخرى، وتقديم كلمة على أخرى..فهذا الضرب وما أشبهه متروك، لا تجوز القراءة به. الضرب الثاني: ما اختلف القراء فيه من إظهار، وإدغام، وروم، وإشمام، وقصر، ومد، وتخفيف، وشد وإبدال حركة بأخرى، وياء بتاء، وواو بفاء، وما أشبه ذلك من الاختلاف المتقارب. فهذا الضرب هو المستعمل في زماننا هذا، وهو الذي عليه خط مصاحف الأمصار، سوى ما وقع فيه من اختلاف في حروف يسيرة.

* المصنف: والحق أن يلخص الأمر على ذلك فيقال: المجموع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به، وهو ما كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أو ثبت عنه أنه قرأ به أو أقرأ غيره به.

الباب الرابع: في معنى القراءات المشهورة الآن، وتعريف الأمر في ذلك كيف كان.

- بيان خطأ القول بأن قراءة الأئمة السبعة هي التي عبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)).

قال أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم:"وأما ما اختلف فيه أئمة القراءة بالأمصار من النصب والرفع والتحريك والإسكان والهمز وتركه والتشديد والتخفيف والمد والقصر وإبدال حرف بحرف يوافق صورته فليس ذلك بداخل في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)).
قال: "وذلك من قبل أن كل حرف اختلفت فيه أئمة القراءة لا يوجب المراء كفرا لمن مارى به في قول أحد من المسلمين، وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم الكفر للمماري بكل حرف من الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن".

- بيان سبب اختلاف الأئمة السبعة بعد المرسوم لهم.

قيل: لما خلت تلك المصاحف من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه وكان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه".

- بيان أن الذي في أيدينا من القراءات هو ما وافق خط ذلك المصحف من القراءات التي نزل بها القرآن وهو من الإجماع. وسقط العمل بالقراءات التي تخالف خط المصحف.

قال أبو محمد مكي: هذه القراءات كلها التي يقرؤها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه وعلى اطراح ما سواه، ولم ينقط ولم يضبط فاحتمل التأويل لذلك.

- بيان العلة التي من أجلها كثر الاختلاف عن الأئمة.

أن كل واحد من الأئمة قرأ على جماعات بقراءات مختلفة فنقل ذلك على ما قرأ، فكانوا في برهة من أعمارهم، يقرءون الناس بما قرءوا، فمن قرأ عليهم بأي حرف كان لم يردوه عنه؛ إذ كان ذلك مما قرءوا به على أئمتهم".

- بيان العلة التي من أجلها اشتهر هؤلاء السبعة بالقراءة دون من هو فوقهم.
أن الرواة عن الأئمة من القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيرا في العدد، كثيرا في الاختلاف. فأراد الناس في العصر الرابع أن يقتصروا من القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة والأمانة في النقل وحسن الدين وكمال العلم، واشتهر أمره وأجمع أهل مصره على عدالته فيما نقل، وثقته فيما قرأ وروى، وعلمه بما يقرئ به، ولم تخرج قراءته عن خط مصحفهم المنسوب إليهم، فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان رضي الله عنه مصحفا إماما، هذه صفته وقراءته على مصحف ذلك المصر".

- ذكر سبب جعل القراء الذين اختيروا للقراءة سبعة.
1: لأن عثمان رضي الله عنه كتب سبعة مصاحف ووجه بها إلى الأمصار، فجعل عدد القراء على عدد المصاحف.
2: جعلوا على عدد الحروف التي نزل بها القرآن، وهي سبعة.

الباب الخامس: في الفصل بين القراءة الصحيحة القوية والشاذة الضعيفة المروية.

- بيان أن كل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها على الفصيح من لغة العرب، فهي قراءة صحيحة معتبرة.
فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة.
نص عليه الشيخ المقرئ أبو محمد مكي بن أبي طالب القيرواني.

- بيان أن
القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم، فوق ما ينقل عن غيرهم.

- حرص الأئمة الكبار القدوة في جميع الأمصار من الفقهاء والمحدثين وأئمة العربية على توقير القرآن واجتناب الشاذ واتباع القراءة المشهورة ولزوم الطرق المعروفة في الصلاة وغيرها.
قال ابن مهدي: لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم.
قال مالك:"من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف، لم يصل وراءه".

الباب السادس: الإقبال على ما ينفع من علوم القرآن والعمل بها وترك التعمق في تلاوة ألفاظه والغلو بسببها

- بيان أهمية فهم معاني القرآن، والتفكر فيه والعمل بمقتضاه والوقوف عند حدوده
عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة في قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}، قال: يتبعونه حق إتباعه.

- الحث على حسن ترتيل القرآن واجتناب الهذ والتكلف والتنطع في التلاوة.

عن مجاهد في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، قال: ترسل فيه ترسلا.
وعن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)).
تصحيح الشيخ عبد العزيز
الدرجة: 100
أحسنت بارك الله فيك.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 جمادى الأولى 1437هـ/5-03-2016م, 02:59 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لطيفة المنصوري مشاهدة المشاركة
مقاصد مقدمة ابن جرير

المقصد العام: بيان نزول جميع القرآن بلسان العرب، ومعنى نزوله بسبعة أحرف، والرد على ما يثار حول ذلك من التساؤلات، مع ذكر بعض الفوائد المتفرقة في فضل القرآن وعلومه.

المقاصد الفرعية
:

أ: بيان فضل القرآن
ب: نزول جميع القرآن بلسان العرب
ج: معنى نزول القرآن على سبعة أحرف والرد على بعض التساؤلات
د: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير
هـ: تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه
و: بيان منهج الطبري في التفسير


أ: بيان فضل القرآن
1: فضل بيان القرآن على سائر الكلام

- أعلى منازل البيان درجة: أبلغه في حاجة المبين عن نفسه، وأقربه من فهم سامعه، فما جاوز ذلك، وعجز عن أن يأتي بمثله جميع العباد، وأقر رؤساء صناعة الخطب والبلاغة، وقيل الشعر والفصاحة ـ إلا من استكبر منهم - بالعجز عن الإتيان بمثل بعضه، كان حجة وعلما لرسل الواحد القهار.
-
قدر فضل بيان الله جل ذكره على بيان جميع خلقه، كفضله على جميع عباده.

2: تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم بحفظ الوحي والتنزيل
إن من جسيم ما خص الله به أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الفضيلة، وشرفهم به على سائر الأمم من المنازل الرفيعة، حفظه ما حفظ عليهم من وحيه وتنزيله، الذي جعله على حقيقة نبوة نبيهم صلى الله عليه وسلم دلالة، وعلى ما خصه به من الكرامة علامة واضحة.

3: اتباع القرآن سبيل الهداية والفوز في الدنيا والآخرة
- قال تعالى: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم}
-
قال ابن جرير: (جعله لهم في دجى الظلم نورا ساطعا، وفي سدف الشبه شهابا لامعا وفي مضلة المسالك دليلا هاديا، وإلى سبل النجاة والحق حاديا، ولا يجور عن قصد المحجة تابعه ولا يضل عن سبل الهدى مصاحبه. من اتبعه فاز وهدى، ومن حاد عنه ضل وغوى، فهو موئلهم الذي إليه عند الاختلاف يئلون، ومعقلهم الذي إليه في النوازل يعتقلون وحصنهم الذي به من وساوس الشيطان يتحصنون، وحكمة ربهم التي إليها يحتكمون، وفصل قضائه بينهم الذي إليه ينتهون، وعن الرضى به يصدرون، وحبله الذي بالتمسك به من الهلكة يعتصمون).

4: العلم بالقرآن هو أحق ما صرفت إليه العناية
-
كتاب الله أحق ما صرفت إليه العناية؛ لأن لله في العلم به رضى، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وهو الفائز بجزيل الذخر وسني الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

ب:بيان نزول جميع القرآن بلسان العرب

1: اتفاق معاني آي القرآن ومعاني اللسان العربي

-
لا يرسل الله تعالى رسولا برسالة إلا بلسان وبيان يفهمه المرسل إليهم، قال تعالى:{وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}، وكتاب الله الذي أنزله إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بلسان محمد صلى الله عليه وسلم، فهو عربي مبين، قال تعالى: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}
-
معاني كتاب الله المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لمعاني كلام العرب موافقة، وظاهره لظاهر كلامها ملائما، فماكان موجودا في كلام العرب من الإيجاز في بعض الأحوال، واستعمال الإطالة والإكثار، وإظهار المعاني بالأسماء دون الكناية عنها، والإسرار في بعض الأوقات، وتقديم ما هو في المعنى مؤخر، وتأخير ما هو في المعنى مقدم، وغير ذلك فله في كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من كل ذلك نظيرا وشبيها.

2: البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم
جاءت بعض الأخبار التي تدل على أن في القرآن ألفاظ وردت في غير لسان العرب، وأن فيه من كل لسان، من ذلك:
-
عن أبي موسى: {يؤتكم كفلين من رحمته}، قال: الكفلان: ضعفان من الأجر، بلسان الحبشة.
-
عن ابن عباس: {إن ناشئة الليل}قال: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ.
-
عن أبي ميسرة: {يا جبال أوبي معه}قال: سبحي، بلسان الحبشة
-
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله: {فرت من قسورة}قال: هو بالعربية الأسد، وبالفارسية شار، وبالنبطية أريا، وبالحبشية قسورة.
-
عن أبي ميسرة، قال: في القرآن من كل لسان.

توجيه ابن جرير:
-
نسبة بعض السلف بعض ألفاظ القرآن إلى لسان الحبشة أو لسان الفرس أو لسان الروم، لا ينف - بنسبته إياه إلى ما نسبه إليه - أن يكون عربيا، ولم يقولوا أنها لم تكن للعرب كلاما قبل نزول القرآن، وإنما قال بعضهم: حرف كذا بلسان الحبشة معناه كذا، وحرف كذا بلسان العجم معناه كذا،فقد تتفق ألفاظ بعض الأجناس المختلفة بمعنى واحد. ولو عرف استعمال بعض الكلام في أجناس من الأمم -جنسين أو أكثر- بلفظ واحد ومعنى واحد، كان ذلك منسوبا إلى كل جنس من تلك الأجناس، لا يستحق جنس منها أن يكون به أولى من سائر الأجناس غيره.
-
وفيه من كل لسان بمعنى والله أعلم: أن فيه من كل لسان اتفق فيه لفظ العرب ولفظ غيرها من الأمم التي تنطق به، نظير ما وصفنا.
-
كما أنه غير جائز أن يتوهم ذو فطرة صحيحة، مقر بكتاب الله، ممن قد قرأ القرآن وعرف حدود الله -أن يعتقد أن بعض القرآن فارسي لا عربي، وبعضه رومي لا عربي، وبعضه حبشي لا عربي، بعد ما أخبر الله تعالى ذكره عنه أنه جعله قرآنا عربيا.

فإن قال قائل: الألفاظ التي تقدم ذكرها وما أشبهها إنما هي كلام أجناس من الأمم سوى العرب، وقعت إلى العرب فعربته
قيل له: ما برهانك على صحة ما قلت في ذلك؟ وما الفرق بينك وبين من عارضك في ذلك فقال: هذه الأحرف، وما أشبهها من الأحرف غيرها، أصلها عربي، غير أنها وقعت إلى سائر أجناس الأمم غيرها فنطقت كل أمة منها ببعض ذلك بألسنتها، من الوجه الذي يجب التسليم له؟ فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله.

3: بيان نزول القرآن ببعض ألسنة العرب لا بألسن جميعها
-
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه))
-
عن أم أيوب، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((نزل القرآن على سبعة أحرف، فما قرأت أصبت)).
- قال ابن جرير: العرب، وإن جمع جميعها اسم أنهم عرب، فهم مختلفو الألسن بالبيان، متباينو المنطق والكلام، وإذ كان ذلك كذلك -وكان الله جل ذكره قد أخبر عباده أنه قد جعل القرآن عربيا وأنه أنزل بلسان عربي مبين، ثم كان ظاهره محتملا خصوصا وعموما- لم يكن لنا السبيل إلى العلم بما عنى الله تعالى ذكره من خصوصه وعمومه، إلا ببيان من جعل إليه بيان القرآن، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وقال أيضا: صح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعض منها دون الجميع، إذ كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبعة، بما يعجز عن إحصائه.

ج
:بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف والرد على بعض التساؤلات
1: المراد بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن
قال ابن جرير:الأحرف السبعة التي أنزل الله بها القرآن، هن لغات سبع، في حرف واحد، وكلمة واحدة، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وتعال، وأقبل، وإلي، وقصدي، ونحوي، وقربي، ونحو ذلك، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعاني، وإن اختلفت بالبيان به الألسن، كالذي روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمن روينا ذلك عنه من الصحابة، أن ذلك بمنزلة قوله: "هلم وتعال وأقبل"، وقوله: {ما ينظرون إلا صيحة}، و (إلا زقية).
- وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف))بمعزل؛لأنه معلوم أنه لا حرف من حروف القرآن - مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى- يوجب المراء به كفر المماري به في قول أحد من علماء الأمة.

2: الرد على بعض التساؤلات
إن قال قائل: وما برهانك على أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((نزل القرآن على سبعة أحرف))، وقوله: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف))، هو ما ادعيته - من أنه نزل بسبع لغات، وأمر بقراءته على سبعة ألسن- دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك، من أنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص ومثل ونحو ذلك من الأقوال؟ فقد علمت قائل ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة.

قيل له: - إن الذين قالوا ذلك لم يدعوا أنهم قالوه في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن دون غيره، فيكون ذلك لقولنا مخالفا، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف، يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه،والذي قالوه من ذلك كما قالوا.
-
ثبتت الروايات عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وغيرهم، أنهم تماروا في القرآن، فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة، دون ما في ذلك من المعاني، وأنهم احتكموا فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأ كل رجل منهم، ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها، ومعلوم أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك، لو كان تماريا واختلافا فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وما أشبه ذلك، لكان مستحيلا أن يصوب جميعهم صلى الله عليه وسلم، ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه؛ لأن الله تعالى لم ينزل كتابه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم إلا بحكم واحد متفق في جميع خلقه، لا بأحكام فيهم مختلفة. قال تعالى:{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}

-
أوضح نص الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اختلاف الأحرف السبعة، إنما هو اختلاف ألفاظ، كقولك "هلم وتعال" باتفاق المعاني، لا باختلاف معان موجبة اختلاف أحكام:فعن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال جبريل: اقرأ القرآن على حرف. قال ميكائيل: استزده. فقال: على حرفين. حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلم وتعال)).

-
وقد صحت بذلك الأخبار عن السلف والخلف:
-
فعن شقيق، قال: قال عبد الله: إني قد سمعت القرأة، فوجدتهم متقاربين فاقرأوا كما علمتم، وإياكم والتنطع، فإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال.
- عن عبد الرحمن بن عابس، عن رجل من أصحاب عبد الله، عن عبد الله بن مسعود، قال: من قرأ القرآن على حرف فلا يتحولن منه إلى غيره.
فمعلوم أن عبد الله لم يعن بقوله هذا: من قرأ ما في القرآن من الأمر والنهي فلا يتحولن منه إلى قراءة ما فيه من الوعد والوعيد، ومن قرأ ما فيه من الوعد والوعيد فلا يتحولن منه إلى قراءة ما فيه من القصص والمثل، وإنما عنى رحمة الله عليه أن من قرأ بحرف - والحرف: قراءة بعض من قرأ ببعض الأحرف السبعة-، فلا يتحولن عنه إلى غيره رغبة عنه، فإن الكفر بحرف من ذلك كفر بجميعه.
-
عن الأعمش، قال: قرأ أنس هذه الآية: (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي: {وأقوم}فقال: أقوم وأصوب وأهيأ، واحد.
-
وعن مجاهد: أنه كان يقرأ القرآن على خمسة أحرف، وعن سالم: أن سعيد بن جبير كان يقرأ القرآن على حرفين، وعن مغيرة، قال: كان يزيد بن الوليد يقرأ القرآن على ثلاثة أحرف.فمن زعم أن تأويل الأحرف السبعة هو الأوجه السبعة من الأمر والنهي والوعد والوعيد والجدل والقصص والمثل - كان يرى أن مجاهدا وسعيد بن جبير لم يقرآ من القرآن إلا ما كان من وجهيه أو وجوهه الخمسة دون سائر معانيه؟ ويكون ظنه بهما غير الذي يعرفان به من منازلهما من القرآن، ومعرفتهما بآي الفرقان!

فإن قال: ففي أي كتاب الله نجد حرفا واحدا مقروءا بلغات سبع مختلفات الألفاظ، متفقات المعنى، فنسلم لك صحة ما ادعيت من التأويل في ذلك؟
قيل: إنا لم ندع أن ذلك موجود اليوم، وإنما أخبرنا أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف))، على نحو ما جاءت به الأخبار التي تقدم ذكرناها. وهو ما وصفنا، دون ما ادعاه مخالفونا في ذلك، للعلل التي قد بينا.

فإن قال قائل: إن الأحرف السبعة، لغات في القرآن سبع، متفرقة في جميعه، من لغات أحياء من قبائل العرب مختلفة الألسن
قيل: إن كانت الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، متفرقة في القرآن، مثبتة اليوم في مصاحف أهل الإسلام، فقد بطلت معاني الأخبار التي رويتها عمن رويت عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم اختلفوا في قراءة سورة من القرآن، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر كلا أن يقرأ كما علم. لأن الأحرف السبعة إذا كانت لغات متفرقة في جميع القرآن، فغير موجب حرف من ذلك اختلافا بين تاليه لأن كل تال فإنما يتلو ذلك الحرف تلاوة واحدة على ما هو به في المصحف، وعلى ما أنزل.
- وهذا القول لا يجتمع والأخبار التي رويت عمن روي ذلك عنه من الصحابة والتابعين أنه قال: هو بمنزلة قولك تعال وهلم وأقبل؛ وأن بعضهم قال: هو بمنزلة قراءة عبد الله (إلا زقية)، وهي في قراءتنا {إلا صيحة}وما أشبه ذلك؛لأن الذي نزل به القرآن عنده إحدى القراءتين -: إما "صيحة"، وإما "زقية" وإما "تعال" أو "أقبل" أو "هلم" - لا جميع ذلك؛ لأن كل لغة من اللغات السبع عنده في كلمة أو حرف من القرآن، غير الكلمة أو الحرف الذي في اللغة الأخرى.

فإن قال: فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة، إن كان الأمر في ذلك على ما وصفت، وقد أقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وأمر بالقراءة بهن، وأنزلهن الله من عنده على نبيه صلى الله عليه وسلم؟ أنسخت فرفعت، فما الدلالة على نسخها ورفعها؟ أم نسيتهن الأمة، فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه؟ أم ما القصة في ذلك؟

قيل له: لم تنسخ فترفع، ولا ضيعتها الأمة وهي مأمورة بحفظها، ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن، وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت، كما أمرت إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة، أن تكفر بأي الكفارات الثلاث شاءت، فكذلك الأمة، أمرت بحفظ القرآن وقراءته، وخيرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت، فرأت - لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد- قراءته بحرف واحد، ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه، بما أذن له في قراءته به.

فإن قال: وما العلة التي أوجبت الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية؟
-
قال ابن شهاب: أخبرني أنس بن مالك الأنصاري: أنه اجتمع لغزوة أذربيجان وإرمينية أهل الشام وأهل العراق، فتذاكروا القرآن، فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة. فركب حذيفة بن اليمان - لما رأى اختلافهم في القرآن - إلى عثمان، فقال: "إن الناس قد اختلفوا في القرآن، حتى إني والله لأخشى أن يصيبهم مثل ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف". قال: ففزع لذلك فزعا شديدا، فأرسل إلى حفصة فاستخرج الصحف التي كان أبو بكر أمر زيدا بجمعها، فنسخ منها مصاحف، فبعث بها إلى الآفاق.

وما أشبه ذلك من الأخبار والآثار الدالة على أن إمام المسلمين وأمير المؤمنين عثمان بن عفان رحمة الله عليه، جمع المسلمين إشفاقا منه عليهم، ورأفة منه بهم، حذار الردة من بعضهم بعد الإسلام، والدخول في الكفر بعد الإيمان، إذ ظهر من بعضهم بمحضره وفي عصره التكذيب ببعض الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن، مع نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التكذيب بشيء منها، وإخباره إياهم أن المراء فيها كفر- فحملهم رحمة الله عليه على حرف واحد، وجمعهم على مصحف واحد، وخرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه بما أمن عليهم معه عظيم البلاء في الدين.
واستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها ولكن نظرا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها.

فإن قال بعض من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بقراءتها؟
قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة؛ لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم، لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة، عند من يقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قرأة الأمة. وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين.بل كان الواجب عليهم من الفعل ما فعلوا، من النظر للإسلام وأهله وهو أولى من فعل ما لو فعلوه كانوا إلى الجناية على الإسلام وأهله أقرب منهم إلى السلامة من ذلك.

فإن قال لنا قائل: فهل لك من علم بالألسن السبعة التي نزل بها القرآن؟ وأي الألسن هي من ألسن العرب؟
قلنا: أما الألسن الستة التي قد نزلت القراءة بها، فلا حاجة بنا إلى معرفتها، لأنا لو عرفناها لم نقرأ اليوم بها مع الأسباب التي قدمنا ذكرها.
وقد قيل إن خمسة منها لعجز هوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة. روي جميع ذلك عن ابن عباس، وليست الرواية به عنه من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله.
وذلك أن الذي روى عنه: "أن خمسة منها من لسان العجز من هوازن"، الكلبي عن أبي صالح، وأن الذي روى عنه: "أن اللسانين الآخرين لسان قريش وخزاعة"، قتادة، وقتادة لم يلقه ولم يسمع منه.
- قال أبو جعفر: والعجز من هوازن: سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف.

ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر نزول القرآن على سبعة أحرف: إن كلها شاف كاف؟
-
هو كما قال جل ثناؤه في وصفه القرآن: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}، جعله الله للمؤمنين شفاء، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وساوس الشيطان وخطراته، فيكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته.

ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان الكتاب الأول، نزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف))؟
كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلى الله عليهم، فإنما نزل بلسان واحد، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله وأنزل كتابنا بألسن سبعة، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها، فيصير فاعل ذلك حينئذ -إذا أصاب معناه- له مترجما.

ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الكتاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب))؟
((نزل الكتاب الأول من باب واحد))، المراد -والله أعلم -، ما نزل من كتب الله على من أنزله من أنبيائه، خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام، كزبور داود، الذي إنما هو تذكير ومواعظ، وإنجيل عيسى، الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض -دون غيرها من الأحكام والشرائع- وما أشبه ذلك من الكتب التي نزلت ببعض المعاني السبعة، فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله تعالى مطلبا ينالون به الجنة، إلا من الوجه الواحد الذي أنزل به كتابهم، وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب.
وخص الله جل وعز نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته، بأن أنزل عليهم كتابه على أوجه سبعة من الوجوه التي ينالون بها رضوان الله، ويدركون بها الفوز بالجنة، إذا أقاموها فكل وجه من أوجهه السبعة باب من أبواب الجنة الذي نزل منه القرآن.
فالعمل بما أمر الله جل ذكره في كتابه، وترك ما نهى الله عنه فيه؛ وتحليل ما حلل الله فيه، وتحريم ما حرم الله فيه، والإيمان بمحكمه المبين، والتسليم لمتشابهه الذي استأثر الله بعلمه وحجب علمه عن خلقه، والإقرار بأن كل ذلك من عند ربه، والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بعظاته، كل منها باب من أبواب الجنة.

تنبيه:
وكل هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، متقاربة المعاني، لأن قول القائل: فلان مقيم على باب من أبواب هذا الأمر، وفلان مقيم على حرف من هذا الأمر، سواء، كما وصف تعالى قوما عبدوه على وجه من وجوه العبادات، أنهم عبدوه على حرف فقال: {ومن الناس من يعبد الله على حرف}، يعني أنهم عبدوه على وجه الشك، لا على اليقين به والتسليم لأمره.
فكذلك رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نزل القرآن من سبعة أبواب)) و((نزل على سبعة أحرف)) سواء، معناهما مؤتلف، وتأويلهما غير مختلف في هذا الوجه.

معنى ما جاء في رواية ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منها ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع))
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في القرآن: ((إن لكل حرف منه حدا))، يعني الكل وجه من أوجهه السبعة حداً حده الله جل ثناؤه، لا يجوز لأحد أن يتجاوزه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا))، فظهره: الظاهر في التلاوة، وبطنه: ما بطن من تأويله.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن لكل حد من ذلك مطلعا))، فإنه يعني أن لكل حد من حدود الله التي حدها فيه -من حلال وحرام، وسائر شرائعه- مقدارا من ثواب الله وعقابه، يعاينه في الآخرة، ويطلع عليه ويلاقيه في القيامة. كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لو أن لي ما في الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع"، يعني بذلك ما يطلع عليه ويهجم عليه من أمر الله بعد وفاته.

د: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير
1: الوجوه التي من قِبَلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن
-
قال ابن عباس: " التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله."رواه ابن جرير.
1: ما لا يعلم تأويله إلا الله تعالى:
- مثل: ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى بن مريم، وما أشبه ذلك.
قال تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون}

2: ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم:
- قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}وقال: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}
-
وذلك تأويل جميع ما فيه: من وجوه أمر الله - واجبه وندبه وإرشاده-، وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آيه.
-
هذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه، إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم تأويله بنص منه عليه، أو بدلالة قد نصبها، دالة أمته على تأويله.

3: ما تعرفه العرب من كلامها:
- وذلك: إقامة إعرابه، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها، والموصوفات بصفاتها الخاصة دون ما سواها، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم.
-
وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو: {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون}، لم يجهل أن معنى الإفساد هو ما ينبغي تركه مما هو مضرة، وأن الإصلاح هو ما ينبغي فعله مما فعله منفعة، وإن جهل المعاني التي جعلها الله إفسادا، والمعاني التي جعلها الله إصلاحا.

2: النهي عن القول في تأويل القرآن بمجرد الرأي
-
قال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}.
-عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قال في القرآن برأيه - أو بما لا يعلم - فليتبوأ مقعده من النار))رواه ابن جرير.
-
عن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ)) رواه ابن جرير.
- قال ابن جرير: ما كان من تأويل القرآن الذي لا يدرك علمه إلا بنص بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بنصبه الدلالة عليه، فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه، وهو مخطئ وإن أصاب عين الحق، فالقائل في دين الله بالظن، قائل على الله ما لم يعلم.

3: الحض على العلم بتفسير القرآن
-
عن ابن مسعود، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن.
-
عن أبي عبد الرحمن، قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
-
قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته.
-
عن سعيد بن جبير، قال: من قرأ القرآن ثم لم يفسره، كان كالأعجمي أو كالأعرابي.
-
قال أبو جعفر: في حث الله عز وجل عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات - بقوله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}وقوله: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون * قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} وما أشبه ذلك من آي القرآن، التي أمر الله عباده وحثهم فيها على الاعتبار بأمثال آي القرآن، والاتعاظ بمواعظه - ما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله من آيه.

4: الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن والرد عليها
4-أ: حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
عن عائشة، قالت
: "ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل."
توجيه ابن جرير:
-
هو مما لا يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتعليم الله ذلك إياه بوحيه إليه، إما مع جبريل، أو مع من شاء من رسله إليه، من ذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه، وسائر معاني شرائع دينه، الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل، وهن لا شك آي ذوات عدد.
-
أمر الله نبيه ببيان ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقال له جل ذكره: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}، ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه، كان إنما أنزل إليه صلى الله عليه وسلم الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم، لا ليبين لهم ما نزل إليهم.
-
هذا مع ما في الخبر الذي روي عن عائشة من العلة التي في إسناده، التي لا يجوز معها الاحتجاج به .

4-ب: أقوال التابعين
- عن عبيد الله بن عمر، قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع.
-
عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت رجلا يسأل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن، فقال: لا أقول في القرآن شيئا.
-
عن ابن أبي مليكة: أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها.
-
عن الوليد بن مسلم، قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله، فسأله عن آية من القرآن، فقال له: أحرج عليك إن كنت مسلما، لما قمت عنى - أو قال: أن تجالسني.
-
عن الشعبي، قال: ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت: القرآن، والروح، والرأي. وأشباه ذلك.

توجيه ابن جرير:من أحجم منهم إنما كان إحجامه عنه حذارا أن لا يبلغ أداء ما كلف من إصابة صواب القول فيه، لا على أن تأويل ذلك محجوب عن علماء الأمة، غير موجود بين أظهرهم، فهو كفعل من أحجم منهم عن الفتيا في النوازل والحوادث، مع إقراره بأن لله في كل نازلة وحادثة حكما موجودا بنص أو دلالة.

5: الأخبار عن بعض السلف ممن كان محمودا علمه بالتفسير ومن كان مذموما علمه به
- عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قال: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
- عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها.
- سمعت سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.
- عن عبد الملك بن ميسرة، قال: لم يلق الضحاك ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير.
- عن زكريا، قال: كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!
- عن علي بن الحسين بن واقد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا الأعمش، قال: حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {والله يقضي بالحق}قال: قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة {إن الله هو السميع البصير}، قال الحسين: فقلت للأعمش: حدثني به الكلبي، إلا أنه قال: إن الله قادر أن يجزى بالسيئة السيئة وبالحسنة عشرا، فقال الأعمش: لو أن الذي عند الكلبي عندي ما خرج مني إلا بخفير.
- عن صالح بن مسلم، قال: مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا.

6: أحق المفسرين بإصابة الحق في تأويل القرآن
- أوضحهم حجة فيما تأول وفسر، من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه: إما من جهة النقل المستفيض، وإما من جهة نقل العدول الأثبات، أو من جهة الدلالة المنصوبة على صحته.
-
وأوضحهم برهانا مما كان مدركا علمه من جهة اللسان: إما بالشواهد من أشعارهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة.
-
ومن لا يكون خارجا تفسيره عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة، والخلف من التابعين وعلماء الأمة.

هـ: بيان تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه

1 : تأويل أسماء القرآن
قال أبو جعفر:إن الله عز وجل سمى تنزيله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أسماء أربعة، ولكل اسم من أسمائه الأربعة في كلام العرب، معنى ووجه غير معنى الآخر ووجهه، منهن:

1-أ: القرآن
- قال تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}
- اختُلف في تأويله على قولين:
الأول:من التلاوة والقراءة.
-
مصدر من قول القائل: قرأت القرآن، كقولك: "الخسران" من "خسرت"، و "الغفران" من "غفر الله لك"
-
عن ابن عباس: {إن علينا جمعه وقرآنه}قال: أن نقرئك فلا تنسى{فإذا قرأناه}عليك{ فاتبع قرآنه} يقول: إذا تلي عليك فاتبع ما فيه.
الثاني:من الجمع والتأليف.
- مصدر من قول القائل: قرأت الشيء، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض، كقولك: "ما قرأت هذه الناقة سلى قط" تريد بذلك أنها لم تضمم رحما على ولد.
-
عن قتادة في قوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه}يقول: حفظه وتأليفه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}يقول: اتبع حلاله، واجتنب حرامه.

قال ابن جرير:ولكلا القولينوجه صحيح في كلام العرب، غير أن أولى قوليهما بتأويل قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}قول ابن عباس؛ لأن الله جل ثناؤه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم في غير آية من تنزيله باتباع ما أوحى إليه، ولم يرخص له في ترك اتباع شيء من أمره إلى وقت تأليفه القرآن.فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يسمى "قرآنا" بمعنى القراءة، وإنما هو مقروء؟قيل: كما جاز أن يسمى المكتوب "كتابا"، بمعنى: كتاب الكاتب.
1-ب: الفرقان
-قال تعالى : {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا}
-
قال ابن جرير:جاء تأويله على ألفاظ مختلفة هي في المعاني مؤتلفة:
* هو النجاة. ذكره عكرمة والسدي وجماعة غيرهما.
* هو المخرج. ذكره ابن عباس ومجاهد.
وكان مجاهد يقول في قول الله جل ثناؤه: {يوم الفرقان}يوم فرق الله فيه بين الحق والباطل.

قال ابن جرير:وأصل "الفرقان" عندنا: الفرق بين الشيئين والفصل بينهما.
فقد تبين بذلك أن القرآن سمي "فرقانا"، لفصله - بحججه وأدلته وحدود فرائضه وسائر معاني حكمه - بين المحق والمبطل. وفرقانه بينهما: بنصره المحق، وتخذيله المبطل، حكما وقضاء.

1-ج: الكتاب:
-
قال تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما}.
-
قال ابن جرير: هو مصدر من قولك: كتبت كتابا كما تقول: قمت قياما.
والكتاب: هو خط الكاتب حروف الكتاب المعجم مجموعة ومفترقة. وسمي "كتابا"، وإنما هو مكتوب، كما قال الشاعر في صفة طلاق كتابه كتبه لامرأته:

تؤمل رجعة منى وفيها = كتاب مثل ما لصق الغراء
يريد: طلاقا مكتوبا، فجعل "المكتوب" كتابا.

1-د: الذكر:
قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
قال ابن جرير:تأويله محتمل معنيين:
أحدهما: أنه ذكر من الله جل ذكره، ذكر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه.
والآخر:أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه، كما قال جل ثناؤه:{وإنه لذكر لك ولقومك}، يعني به أنه شرف له ولقومه.

2: تأويل أسماء السور
- عن واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل))

2-أ: السبع الطول:
- قال ابن جرير:سميت هذه السور السبع الطول، لطولها على سائر سور القرآن، وقال سعيد بن جبير هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، وروي عن ابن عباس قول يدل على موافقته هذا القول.
عن ابن عباس قال: "قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطرا: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطول؟ ما حملكم على ذلك؟"إلى آخر ما جاء في الأثر الذي رواه ابن جرير، وقال عنه: يصرح عن ابن عباس أنه لم يكن يرى ذلك منها.

2-ب: المئين:
-
هي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد عليها شيئا أو تنقص منها شيئا يسيرا.

3-ج: المثاني:
-قيل:ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني.
- وقيل:إن المثاني سميت مثاني، لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر، وهو قول ابن عباس. وعن سعيد بن جبير: لأنها ثنيت فيها الفرائض والحدود.
- قال جماعة يكثر تعدادهم: القرآن كله مثان.وقال جماعة أخر: بل المثاني فاتحة الكتاب، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة.

4-
د: المفصل:
-
سميت مفصلا لكثرة الفصول التي بين سورها بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".

3: تأويل السورة والآية
3-
أ: تأويل السورة:
- السورة، بغير همز: المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة، سمي بذلك الحائط الذي يحويها، لارتفاعه على ما يحويه.
- وقد همز بعضهم السورة من القرآن، وتأويلها في لغة من همزها: القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت. وذلك أن سؤر كل شيء: البقية منه تبقى بعد الذي يؤخذ منه.

3-
ب: تأويل الآية:
قال ابن جرير:وأما الآية من آي القرآن، فإنها تحتمل وجهين في كلام العرب:
أحدهما:أن تكون سميت آية، لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها، ومنه قوله جل ثناؤه: {ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك}يعني بذلك علامة منك لإجابتك دعاءنا وإعطائك إيانا سؤلنا.
والآخر منهما:القصة، كما قال كعب بن زهير بن أبي سلمى:ألا أبلغا هذا المعرض آية = أيقظان قال القول إذ قال أم حلم
يعني بقوله "آية": رسالة مني وخبرا عني.فيكون معنى الآيات: القصص.

4: تأويل أسماء فاتحة الكتاب
-
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني)).
-
قال ابن جرير: سميت "فاتحة الكتاب"، لأنها يفتتح بكتابتها المصاحف، وبقراءتها في الصلوات، فهي فواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتاب والقراءة.
- وسميت "أم القرآن" لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة؛ لأن العرب تسمي كل جامع أمرا - أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه، هو لها إمام جامع- "أما"، فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ: "أم الرأس".وقد قيل إن مكة سميت "أم القرى"، لتقدمها أمام جميعها، وجمعها ما سواها.
- وأما تأويل اسمها أنها "السبع"، فإنها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك، وإنما اختلفوا في الآي التي صارت بها سبع آيات.
-
وأما وصفها بمثان، فلأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة. وكذلك كان الحسن البصري يتأول ذلك.
-
وليس في وجوب اسم "السبع المثاني" لفاتحة الكتاب، ما يدفع صحة وجوب اسم "المثاني" للقرآن كله، ولما ثنى المئين من السور. لأن لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما، لا يفسد - بتسمية بعض ذلك بالمثاني - تسمية غيره بها.

و: بيان منهج الطبري في التفسير
بيان معاني القرآن في كتاب جامع يذكر فيه ما انتهى إليه من اتفاق الحجة فيما اتفقت عليه منه واختلافها فيما اختلفت فيه منه، مبينا علل كل مذهب من مذاهبهم، وموضحا الصحيح لديه من ذلك، بأوجز ما أمكن من الإيجاز

أحسنت بهذا التلخيص المثالي نفع الله بك، وزادك علماً وفهماً وهدى.
أ+

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 5 محرم 1438هـ/6-10-2016م, 04:28 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لطيفة المنصوري مشاهدة المشاركة
مقدمة تفسير ابن عطية

المقصد العام: التمهيد للتفسير بذكر بعض علوم القرآن مما ينبغي أن يكون راسخا في ذهن الناظر في هذا العلم؛ كفضائل القرآن، وتأويل آياته، وكجمعه وإعجازه وعربيته، وكتفسير الأحرف السبعة الواردة في شأنه ونحو ذلك، مع بيان سبب التصدر لهذا العلم الشريف، والمنهج المتبع في التصنيف.

أولا: مقاصد خطبة تفسير ابن عطية:
- ذكر استعداده لهذا العمل الكبير بالأخذ من العلوم كلها والاجتهاد في طلبها.
- بيان سبب اختياره لعلم التفسير، ومن ذلك كونه أعظم العلوم تقريبا إلى الله، ولأنه العلم الذي جعل للشرع قواما.
- ذكر عزمه على جعل مصنفه جامعا وجيزا، فلا يذكر
من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به مع إثبا ت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم.
- بيان منهجه في التفسير بذكر كل ما يتعلق بألفاظ الآية - على حسب ترتيبها- من حكم أو نحو أو لغة أو معنى أو قراءة.

ثانيا: مقاصد المقدمة: بيان ما يلي:
ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ...)) الحديث. [رواه الترمذي]
- وقال عبد الله بن مسعود إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وإن أدب الله القرآن.

فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه.

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)).
- وقال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} قال الحكمة: الفهم في القرآن.

ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين.

روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)). [رواه أبو داوود والترمذي، وقال الترمذي: غريب]
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو والأصول وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر.

مراتب المفسرين:

- صدر المفسرين من الصحابة: علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويتلوه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن.
-
التابعين: الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة، ويتلوهم عكرمة والضحاك بن مزاحم، أما السدي رحمه الله فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر.
-
ثم ألف الناس فيه كعبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم.
-
ثم إن محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد.
- ومن المبرزين في المتأخرين أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي، وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما وعلى سننهما مكي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو العباس المهدوي.

معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))
اختلف في معنى هذا الحديث:
- قيل: الحروف السبعة هي فيما اختلف لفظه - على سبعة أوجه فما دونها - واتحد معناه؛ كتعال وأقبل وإلي ونحوي وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة، وهذا قول ضعيف.
-
قال ابن شهاب في كتاب مسلم: هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام. قال ابن عطية: وهذا كلام محتمل.
-
قال فريق من العلماء: إن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. وهذا أيضا ضعيف.
-
قال بعض العلماء: هي وجوه الاختلاف في القراءة، وهي سبعة منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه .. إلخ.
-
قال القاضي أبو بكر بن الطيب: إن القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترق في كتاب الله.
- مال
كثير من أهل العلم كأبي عبيد وغيره إلى أن معنى الحديث المذكور أنه أنزل على سبع لغات لسبع قبائل انبث فيه من كل لغة منها، فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة، وذلك مقيد بأن الجميع مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ عليه.
(
هذه اللغات هي التي انتهت إليها الفصاحة وسلمتمن الدخيل).

جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره.
- جمع في عهد أبي بكر الصديق بإشارة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه خشية أن يذهب منه شيء لكثرة من قتل من القراء في يوم اليمامة، ثم جمع في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه بإشارة من حذيفة بن اليمان رضي الله عنه لجمع المسلمين على مصحف واحد حتى لا يختلفوا.
- شُكل المصحف ونُقط بأمر من عبد الملك بن مروان، وتجرد للأمر وأشرف عليه الحجاج، فأمر الحسن ويحيى بن معمر بذلك. وقيل أول من نقط أبو الأسود الدؤلي، وقيل نصر بن عاصم.
- وضع الأعشار كان بأمر من المأمون العباسي، وقيل بأمر من الحجاج.

الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق.
اختلف الناس في هذه المسألة:
- ذهب أبو عبيدة وغيره إلى أن في كتاب الله تعالى من كل لغة.
- ذهب الطبري وغيره إلى أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة وما نسب إلى سائر اللغات فهو بسبب توافق اللغتان.
- ذهب ابن عطية
إلى أن القاعدة والعقيدة هي أن القرآن نزل بلسان عربي مبين فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب، وإنما فيه ألفاظ في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية.

نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن.
- قال قوم: إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات.
-
وقال قوم: إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.
-
القول الذي عليه الجمهور والحذاق: أن التحدي إنما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه.

الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى.
مثل: خاطب الله بهذه الآية المؤمنين وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون وحكى الله تعالى عن أم موسى ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع. وذكر بعض الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه.

تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية.
* القرآن مصدر من: قرأ الرجل إذا تلا، وقال قتادة: القرآن معناه التأليف، قرأ الرجل إذا جمع وألف قول، والقول الأول أقوى.
- وهو الكتاب:
وهو مصدر من كتب إذا جمع.
- وهو
الفرقان؛ لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر.
- وهو الذكر؛ لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.

* السورة: من العرب من يهمزها (سؤرة) كتميم وغيرهم، وهي عندهم: كالبقية من الشيء والقطعة منه، ومنهم من لا يهمز كقريش وهذيل وسعد بن بكر، ويرونها من المعنى المتقدم إلا أنها سهلت همزتها، ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه.

* الآية: هي العلامة، وسميت الجملة التامة من القرآن آية؛ لأنها علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها.
وقيل: لأنها جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا
وقيل: لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها.

التقويم :

أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 30 / 30
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها): 20 / 20
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 15 / 15
خامساً: العرض
(حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 15 / 15

أحسنتِ بارك الله فيكِ ونفع بكِ وزادكِ علمًا وهدىً.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 27 شوال 1441هـ/18-06-2020م, 11:44 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لطيفة المنصوري مشاهدة المشاركة
مقاصد كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد

المقصد العام: بيان جملة من فضائل القرآن وفضائل سوره وآياته، وآداب حملته و آداب تلاوته، وبيان بعض الأحكام المتعلقة بالمصاحف.

المقاصد الفرعية:
أ: بيان فضل القرآن وتعلمه والعمل به وفضل أهله
ب: فضائل بعض سور القرآن وآياته
ج: آداب حامل القرآن
د: آداب وأحكام تلاوة القرآن
هـ: جمع القرآن وكتابة المصاحف
و: قراءات القرآن وحروفه
ز: بيان بعض الفوائد في علوم القرآن وأصول التفسير
ح: بيان بعض أحكام المصاحف

أ: بيان فضل القرآن وتعلمه والعمل به وفضل أهله
1: فضل القرآن وتعلمه وتعليمه الناس

- عن عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه»
- عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فلأن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد، فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، ومن ثلاث، ومن أعدادهن من الإبل»
- عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول: «عليكم بالقرآن فتعلموه، وعلموه أبناءكم، فإنكم عنه تسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظا لمن عقل».

2: فضل قراءة القرآن والاستماع إليه
- عن عبد الله بن مسعود، قال: «تعلموا القرآن واتلوه، فإنكم تؤجرون فيه بكل حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول الم ، ولكن ألف ولام وميم»
- قال ابن عباس: «من سمع آية من كتاب الله عز وجل تتلى كانت له نورا يوم القيامة»

3: فضل الحض على القرآن والإيصاء به وإيثاره على ما سواه
- قال مالك بن عبادة الغافقي:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا في حجة الوداع فقال: «عليكم بالقرآن فإنكم سترجعون إلى قوم يشتهون الحديث عني، فمن عقل شيئا فليحدث به، ومن قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتا أو قال مقعدا من جهنم»
- قال عقبة بن عامر: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، ونحن في المسجد، نتدارس القرآن، فقال: «تعلموا كتاب الله عز وجل واقتنوه»
- قال ابن مسعود: إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بغيره»

4: فضل اتباع القرآن وما في العمل به من الثواب وما في تضييعه من العقاب
-
عن أنس بن مالك، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق، من شفع له القرآن يوم القيامة نجا، ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله في النار على وجهه»
-
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك في آخر آية تقرأها»
- عن أبي موسى الأشعري، رحمه الله أنه قال: «إن هذا القرآن كائن لكم ذكرا، أو كائن لكم أجرا، أو كائن عليكم وزرا ، فاتبعوا القرآن، ولا يتبعنكم القرآن، فإنه من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة، ومن يتبعه القرآن يزخ في قفاه حتى يقذفه في نار جهنم»

5: ما جاء في مثل القرآن وحامله والعامل به والتارك له

- عن النواس بن سمعان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سور فيه أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى رأس الصراط داع يقول: ادخلوا الصراط جميعا ..، إلى أن قال: وذلك الداعي على رأس الصراط: القرآن ..) الحديث.
-
عن عبد الله بن مسعود، قال: مثل الذي يقرأ القرآن، ولا يعمل به، كمثل الريحانة ريحها طيب، ولا طعم لها. ومثل الذي يعمل به ولا يقرؤه كمثل التمرة طعمها طيب، ولا ريح لها. ومثل الذي يعمل به ويقرؤه مثل الأترجة.

6: إعظام أهل القرآن وتقديمهم وإكرامهم
-
قال أبوموسى الأشعري: «إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وذي السلطان المقسط»
-
قال عمر: «أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله سبحانه وتعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما، ويضع به آخرين».

7: فضل علم القرآن والسعي في طلبه
-
قال عبد الله بن مسعود: «إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين»
- قال مسروق بن الأجدع: «ما نسأل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء إلا وعلمه في القرآن، ولكن علمنا قصر عنه»
-
قال ابن مسعود: «لو أعلم أن أحدا تبلغنيه الإبل أحدث عهدا بالعرضة الأخيرة مني لأتيته، أو لتكلفت أن آتيه»

8: فضل قراءة القرآن نظرا وقراءة الذي لا يقيم القرآن
-
عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرؤه ظاهرا كفضل الفريضة على النافلة»
-
قال عبد الله: «أديموا النظر في المصحف»
-
عن الأوزاعي، أن رجلا، صحبهم في سفر، قال: فحدثنا حديثا ما أعلمه إلا رفعه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل»

9: فضل ختم القرآن
-
قال عبد الله بن مسعود: «من ختم القرآن فله دعوة مستجابة».
-
عن إبراهيم التيمي، قال: كان يقال: «إذا ختم الرجل القرآن في أول النهار صلت عليه الملائكة بقية يومه، وإذا ختمه أول الليل صلت عليه الملائكة بقية ليلته، قال: فكانوا يحبون أن يختموا في أول النهار أو في أول الليل»

ب: فضائل بعض سور القرآن وآياته
1: فضل البسملة

-
ذكر سعيد بن جبير، أن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم
- عن ابن عباس أنها آية من القرآن.
-
عن ابن عون، قال: كان نافع يعظم ترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم ويقول فيه
- قال أبو عبيد: إنما غلظوا ترك قراءتها في الصلاة أو غير الصلاة. إلا أنه يسرها في الصلاة وهذا عندنا هو السنة

2: فضل فاتحة الكتاب

-
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم»
-
عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس عن قوله ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال: «هي أم القرآن، استثناها الله عز وجل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فدخرها لهم، حتى أخرجها لهم، ولم يعطها أحدا قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم».
-
ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنها رقية، بعد أن رقى بها أحد الصحابة لديغا فشفي.

3: فضائل السبع الطول

-
عن واثلة بن الأسقع، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل»
-
عن عائشة، رضوان الله عليها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أخذ السبع فهن له خير»

4: فضل سورة البقرة وخواتيمها وآية الكرسي
-
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه»
-
عن أبي أمامة الباهلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اقرءوا البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة»
-
عن أبي مسعود الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأهما في ليلته كفتاه»
-
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أبي بن كعب عن أعظم آية في القرآن فقال: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم}، فضرب صدره وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر».

5: فضل سورة البقرة وآل عمران والنساء

-
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اقرءوا الزهراوين سورة البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان أو كأنهما غمامتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما".
-
عن سعيد بن جبير، قال: قال لي عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «من قرأ البقرة وآل عمران والنساء في ليلة كان أو كتب من القانتين»

6: فضل المائدة والأنعام

-
عن عطية بن قيس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المائدة من آخر القرآن تنزيلا، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها»
-
عن ابن عباس، قال: «نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة، ونزل معها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح»

7: فضل سورة براءة

- عن أبي عطية، قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب أن «تعلموا سورة التوبة، وعلموا نساءكم سورة النور»
-
ذُكر أنها سميت الفاضحة لأنها تفضح المنافقين، وأنها تحث على الجهاد.
8: فضائل سورة هود وبني إسرائيل والكهف ومريم وطه
-
عن ابن شهاب، قال: قالوا يا رسول الله، إنا نرى في رأسك شيبا، فقال: «كيف لا أشيب وأنا أقرأ سورة هود، وإذا الشمس كورت؟»
-
عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ العشر الأواخر من الكهف عصم من فتنة الدجال»
-
قال عبد الله بن مسعود: «إن بني إسرائيل والكهف ومريم وطه من تلادي وهن من العتاق الأول»

9: فضل سورة الحج وسورة النور
-
عن عمر أنه سجد في الحج سجدتين، وقال: «إن هذه السورة فضلت على السور بسجدتين»
-
وعنه أنه قال: «علموا نساءكم سورة النور».

10: فضل تنزيل السجدة ويس

-
عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تنزيل و هل أتى على الإنسان
-
عن شهر بن حوشب، قال: «يرفع القرآن عن أهل الجنة، إلا طه ويس»

11: فضل آل حم

-
عن ابن عباس، قال: «إن لكل شيء لبابا، وإن لباب القرآن آل حم، أو قال: الحواميم»

12: فضل سورة الواقعة والمسبحات

-
عن مسروق بن الأجدع، قال: «من أراد أن يعلم نبأ الأولين، ونبأ الآخرين، ونبأ أهل الجنة، ونبأ أهل النار، ونبأ الدنيا، ونبأ الآخرة فليقرأ سورة الواقعة»
-
عن خالد بن معدان، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ المسبحات، ويقول: «إن فيها آية كألف آية»

13: فضل تبارك الذي بيده الملك

-
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي تبارك الذي بيده الملك»

14: فضل إذا زلزلت والعاديات

-
عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، والعاديات تعدل نصف القرآن»

15: فضل قل يا أيها الكافرون

-
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قل يا أيها الكافرون تعدل بربع القرآن»

16: فضل قل هو الله أحد

-
عن أبي مسعود، أو ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قل هو الله أحد»

17: فضل المعوذتين

-
عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنزلت علي آيات لم تنزل علي مثلهن قط: المعوذتان»

18: فضل بعض آيات القرآن
-
الثلاث آيات في سورة الأنعام: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ...}إلى ثلاث آيات، والتي في بني إسرائيل: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ...}. ذكر ابن عباس أنها الآيات المحكمات.
-
آية الكرسي. عن ابن مسعود: ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية في سورة البقرة الله لا إله إلا هو الحي القيوم.
-
آية في سورة النحل. قال ابن مسعود: ما في القرآن أجمع لخير ولا لشرّ من آية في سورة النحل {إن الله يأمر بالعدل والإحسان..}الآية.
- آية في سورة الزمر. قال ابن مسعود: ما في القرآن آية أعظم فرجا من آية في سورة الغرف {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ..}
- آية في سورة الطلاق. قال ابن مسعود: ما في القرآن آية أكثر تفويضا من آية في سورة النساء الصغرى {ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ..}
- آيتا آل عمران والنساء: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا..}، {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه..}، عن ابن مسعود: ما قرأهما عبد مسلم عند ذنب إلا غفر له.
-
آية في سورة المؤمنون: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا..}. قال عنهارسو ل الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن رجلا قرأ بها على جبل لزال).
-
خمس آيات في سورة النساء. قال عنها ابن مسعود: (ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها)، وهي: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} {إن الله لا يظلم وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما}، {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما}، {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}.
-
الآيات: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها..} {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو..} {سيجعل الله بعد عسر يسرا} {وما من دابة إلا على الله رزقها}. عن عامر بن عبد قيس: «إذا قرأتهن ما أبالي ما أصبح عليه وما أمسي»

ج: آداب حامل القرآن
1: ما يجب على حامل القرآن أن يأخذ به من أدب القرآن

-
عن ابن مسعود، قال: «إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه، وإن أدب الله عز وجل القرآن»
-
سئلت عائشة عليها السلام عن خلق، رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خلقه القرآن ؛ يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه»
-
قال عبد الله بن مسعود: «ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون. قال: وأحسبه قال: وبحزنه إذا الناس يفرحون»

2: ما يستحب لحامل القرآن من إكرام القرآن وتعظيمه وتنزيهه
-
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسافروا بالقرآن فإني أخاف أن يناله العدو»
- عن مجاهد، أنه كان يكره لمن يريد قيام الليل أن يأكل الثوم والبصل والكراث، وعنه أنه كان إذا صلى فوجد ريحا أمسك عن القراءة.
-
قال مجاهد: «إذا تثاءبت وأنت تقرأ القرآن فأمسك عن القراءة، حتى يذهب تثاؤبك»
-
عن علي أنه كان يكره أن يكتب القرآن في الشيء الصغير.
-
عن معمر بن سليمان النخعي أنه كانت له حاجة إلى بعض الملوك، فقيل له: لو أتيته فكلمته. فقال: قد أردت إتيانه، ثم ذكرت القرآن والعلم فأكرمتهما عن ذلك.

3: ما يؤمر به حامل القرآن من تلاوته بالقراءة والقيام به في الصلاة
-
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في الليل والنهار»
-
عن المهاصر بن حبيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن واتلوه آناء الليل والنهار»

4: ما يوصف به حامل القرآن من تلاوته بالاتباع والطاعة له والعمل به
-
عن ابن عباس في قول الله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}قال: «يتبعونه حق اتباعه»، وذكر نحو ذلك عكرمة ومجاهد.
-
عن الشعبي في قوله تعالى فنبذوه وراء ظهورهم قال: «أما إنه كان بين أيديهم، ولكن نبذوا العمل به»

د: آداب وأحكام تلاوة القرآن
1: ما يستحب لقارئ القرآن من البكاء عند القراءة في صلاة وغير صلاة وما في ذلك

-
عن عبد الملك بن عمير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني قارئ عليكم سورة، فمن بكى فله الجنة». فقرأها، فلم يبك أحد، ثم أعاد الثانية ثم الثالثة فقال: «ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا»
-
عن أبي صالح، قال: لما قدم أهل اليمن في زمن أبي بكر رحمة الله عليه فسمعوا القرآن فجعلوا يبكون، فقال أبو بكر الصديق: «هكذا كنا ثم قست القلوب»
-
عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، قالانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل» يعني من البكاء
-
عن عبيد بن عمير، قال: «صلى بنا عمر بن الخطاب كرم الله وجهه صلاة الفجر فافتتح سورة يوسف فقرأها حتى إذا بلغ وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم بكى حتى انقطع فركع»

2: ما يستحب للقارئ إذا مر في قراءته بذكر الجنة من المسألة، وبذكر النار من التعوذ
-
عن حذيفة، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكان إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب تعوذ، وإذا مر بآية فيها تنزيه الله سبحانه وتعالى سبح.

3: ما يستحب لقارئ القرآن من تكرار الآية وتردادها
-
قال أبو ذر: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي، فقرأ آية واحدة الليل كله حتى أصبح، بها يقوم، وبها يركع، وبها يسجد. فقال القوم لأبي ذر: أي آية هي؟ فقال: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}
-
قال القاسم بن أبي أيوب: سمعت سعيد بن جبير يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}

4: ما يستحب لقارئ القرآن من الجواب عند الآية والشهادة لها
-
عن جعفر بن إياس، قال: دخل عمر بن الخطاب رضوان الله عنه المسجد، وقد سبق ببعض الصلاة، فنشب في الصف، وقرأ الإمام: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}فقال عمر: «وأنا أشهد»
-
عن صالح بن مسمار، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم}فقال: «جهله»
- عن ابن عباس، أنه قرأ في الصلاة {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} فقال: «سبحانك وبلى»
-
عن ابن عمر، أنه قرأ {سبح اسم ربك الأعلى}فقال: «سبحان ربي الأعلى»

5: ما يستحب لقارئ القرآن من الترسل في قراءته والترتيل والتدبر
-
عن مجاهد في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} قال: «ترسل فيه ترسيلا»
-
عن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. (ملك يوم الدين)
-
قرأ علقمة على عبد الله، فكأنه عجل، فقال عبد الله: «فداك أبي وأمي رتل، فإنه زين القرآن»
-
عن أبي حمزة، قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث فقال: «لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول»

6: ما يستحب للقارئ من تحسين القرآن وتزيينه بصوته
-
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «زينوا أصواتكم بالقرآن»
-
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به»
-
عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم»
-
ذكرأبو عبيد أن المراد بحسن الصوت، إنما هو طريق الحزن والتخويف والتشويق، لا الألحان المطربة الملهية.

7: القارئ يجهر على أصحابه بالقرآن فيؤذيهم بذلك
- عن البياضي، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بم يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن»
-
عن لقمان بن عامر، قال: صلى رجل إلى جنب أبي مسلم الخولاني، فجهر بالقراءة، فلما فرغ أبو مسلم من صلاته قال: «يا ابن أخي، أفسدت علي وعلى نفسك»

8: القارئ يمد صوته بالقرآن ليلا في الخلوة به
-
عن أبي هريرة، قال: كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل يرفع طورا، ويخفض طورا
-
عن أم هانئ بنت أبي طالب، قالت: «كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي». قال أبو عبيد: تعني بالليل.
-
عن علقمة، قال: بت عند عبد الله ذات ليلة، فقالوا: كيف كانت قراءته؟ فقال: «كان يسمع أهل الدار»

9: القارئ يقرن بين السورتين من القرآن معا
-
عن ابن عمر، أنه كان يقرأ عشر سور في الركعة. قال عاصم: فذكرت ذلك لأبي العالية قال: قد كنت أفعله، حتى حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لكل سورة حظها من الركوع والسجود»
-
عن أبي وائل، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال: إني قرأت البارحة المفصل في ركعة. فقال عبد الله: «أنثرا كنثر الدقل، وهذا كهذ الشعر؟ لقد علمت النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن السورتين في ركعة»

10: القارئ يقرأ القرآن في سبع ليال أو ثلاث
-
عن قيس بن أبي صعصعة، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، في كم أقرأ القرآن؟ فقال: «في كل خمس عشرة». فقال: إني أجدني أقوى من ذلك، فقال: «ففي كل جمعة»
-
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفقهه من قرأه في أقل من ثلاث»
-
قال عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يختم القرآن في أقل من ثلاث.

11: القارئ يختم القرآن كله في ليلة أو في ركعة
-
قالت نائلة بنت الفرافصة الكلبية حين دخلوا على عثمان، رضي الله عنه، ليقتلوه: «إن تقتلوه أو تدعوه، فقد كان يحيي الليل بركعة يجمع فيها القرآن»
-
ذكر أبو عبيد جماعة ممن قرأ القرآن في ركعة منهم: تميم الداري، وسعيد بن جبير، وعلقمة، وذكر أن سليم بن عتر التجيبي، كان يختم القرآن في الليلة ثلاث مرات.
-
قال أبو عبيد: والذي عليه أمر الناس أن الجمع بين السور في الركعة حسن واسع غير مكروه.

12: القارئ يحافظ على جزئه وورده من القرآن بالليل والنهار في صلاة أو غير صلاة
-
عن عبد الرحمن بن عبد القاري، قال: استأذنت على عمر بالهاجرة، فحبسني طويلا، ثم أذن لي، وقال: «إني كنت في قضاء وردي»
-
عن خيثمة، قال: دخلت على عبد الله بن عمرو وهو يقرأ في المصحف، فقلت له، فقال: «هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة»
-
عن عمر، قال: «من فاته حزبه من الليل فقرأه حتى تزول الشمس إلى صلاة الظهر، فكأنه لم يفته، أو كأنه أدركه»

13: القارئ يقرأ آي القرآن من مواضع مختلفة أو يفصل القراءة بالكلام
- روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة، فقال له: «اقرأ السورة على وجهها». أو قال: «على نحوها»
-
عن ابن عون، قال: كان ابن سيرين يكره أن يقرأ الرجل القرآن، إلا كما أنزل؛ يكره أن يقرأ، ثم يتكلم، ثم يقرأ
-
عن نافع، قال: كان ابن عمر إذا قرأ لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد أن يقرأه، وعن ابن مسعود أن أصحابه كانوا ينشرون المصحف فيقرءون، ويفسر لهم.
-
قال أبو عبيد: لو كان الكلام من أحاديث الناس وأخبارهم كان عندي مكروها أن تقطع القراءة به.

14: القارئ يقرأ القرآن على غير وضوء ويقرؤه جنبا
-
عن علي، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال إلا الجنابة»
-
عن ابن عباس، وابن عمر، أنهما كانا يقرآن أجزاءهما بعدما يخرجان من الخلاء قبل أن يتوضآ

15: القارئ يعلم المشركين القرآن أو يحمله في سفر نحو بلاد العدو
-
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسافروا بالقرآن، فإني أخاف أن يناله العدو»
-
عن سعيد بن جبير، أنه كان معه غلام مجوسي يخدمه، فكان يأتيه بالمصحف في غلافه.
-
عن حبيب المعلم، قال: سألت الحسن قلت: أعلم أولاد أهل الذمة القرآن؟ فقال: «نعم ..
-
قال أبو عبيد: الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يمس القرآن إلا طاهر» أولى بالاتباع من هذا كله، وكيف تكون الرخصة لأهل الشرك أن يمسوه مع نجاستهم، وقد كره المسلمون أن يمسه أحد من أهل الإسلام وهو جنب أو غير طاهر؟)

16: القارئ ينسى القرآن بعد أن قرأه وما في ذلك من التغليظ
-
عن سلمان الفارسي، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكبر ذنب توافي به أمتي يوم القيامة سورة من كتاب الله كانت مع أحدهم فنسيها»
- قال الضحاك بن مزاحم: «ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله عز وجل يقول: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب»
-
عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بئس ما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، ليس هو نسي ولكن نسي، فاستذكروا القرآن، فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقله»

17: القارئ يستأكل بالقرآن ويرزأ عليه الأموال وما في ذلك من الكراهة والتشديد
-
عن عبد الرحمن بن شبل، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرءوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به»
-
عن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»
-
قال أبو عبيد: التغني: هو الاستغناء والتعفف عن مسألة الناس واستئكالهم بالقرآن، وأن يكون في نفسه بحمله القرآن غنيا، وإن كان من المال معدما.

18: ما يكره للقارئ من المباهاة بالقرآن والتعمق في إقامة حروفه وتعليمه غير أهله
-
قال حذيفة: «إن أقرأ الناس للقرآن منافق يقرؤه لا يترك منه واوا ولا ألفا يلفته بلسانه كما تلفت البقرة الخلاء بلسانها، لا يجاوز ترقوته»
-
قال معاوية: «إن أغر الضلالة الرجل يقرأ القرآن لا يفقه فيه، فيعلمه الصبي والمرأة والعبد، فيجادلون به أهل العلم»

19: القارئ يصعق عند قراءة القرآن ومن كره ذلك وعابه
-
مر ابن عمر برجل من أهل العراق ساقطا، والناس حوله، فقال: «ما هذا؟» فقالوا: إذا قرئ عليه القرآن أو سمع الله يذكر خر من خشية الله. فقال ابن عمر: «والله إنا لنخشى الله وما نسقط»
-
عن عكرمة، قال: سئلت أسماء هل كان أحد من السلف يغشى عليه من الخوف؟ فقالت: «لا، ولكنهم كانوا يبكون»

20: كتمان قراءة القرآن وما يكره من ذكر ذلك وستره ونشره
-
عن الحسن أن رجلا قال: قرأت البارحة كذا وكذا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «حظه من صلاته كلامه»
-
عن الأعمش، عن إبراهيم، أنه كان يقرأ في المصحف، فاستأذن عليه إنسان، فغطاه، وقال: لا يرى هذا أني أقرأ في المصاحف كل ساعة.

21: الاسترقاء بالقرآن، وما يكتب منه ويتعلق للاستشفاء به
-
ذكر أبو عبيد بعض الآثار عن بعض من كرهه ومنها: عن ابن عون، قال: سألت إبراهيم عن رجل كان بالكوفة يكتب من الفزع آيات، فيسقي المريض، فكره ذلك.
-
وذكر أن الأحاديث التي ذكرت الرخصة في ذلك هي أعلى من الأحاديث التي ذكر فيها الكراهة، ومنها: عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مرض يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث. وقال عبد الله: عليكم بالشفاءين؛ القرآن والعسل.

هـ: جمع القرآن وكتابة المصاحف
1: جمع القرآن وتأليفه

- الجمع النبوي: عن عثمان بن عفان، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه سورة، دعا بعض من يكتب، فقال: «ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا»
- جمع أبي بكر: وكان ذلك بعد أن استحر القتل بقراء القرآن في يوم اليمامة، فأمر زيد بن ثابت بتتبع القرآن وجمعه، كما جاء في الحديث الذي رواه زيد بن ثابت. وعن عبد خير، قال: «أول من جمع القرآن بين اللوحين أبو بكر رضي الله عنه».
- جمع عثمان: كان بمشورة حذيفة بن اليمان بعد أن أفزعه اختلاف المسلمين في القرآن في فتح أرمينية، فجمعهم عثمان على مصحف واحد ليمنع الاختلاف بين الأمة في القرآن.

2: حروف القرآن التي اختلفت فيها مصاحف أهل الحجاز وأهل العراق، ومصاحف أهل الشام وأهل العراق
- اختلفت مصاحف أهل الحجاز وأهل العراق في اثنا عشر حرفا.
- منها: كتب أهل المدينة في سورة البقرة (وأوصى بها إبراهيم بنيه) بالألف، وكتب أهل العراق ووصى بغير ألف. ذكره إسماعيل المديني.
- واختلفتمصاحف أهل الشام وأهل العراق في ثمان وعشرون حرفا وقد وافقت أهل الحجاز في بعض وفارقت بعضا.
- ومنها: في مصاحف أهل الشام: في سورة البقرة: (قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه) بغير واو. وفي سورة آل عمران: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم) بغير واو.
- أما العراق نفسها فلم تختلف مصاحفها فيما بينها إلا خمسة أحرف بين مصاحف الكوفة والبصرة؛ كتب الكوفيون في سورة الأنعام: (لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين) بغير تاء، وكتبها البصريون: لئن أنجيتنا بالتاء. وغيرها.
- بينأبو عبيد أن هذه الحروف التي اختلفت في مصاحف الأمصار، ليست كتلك الزوائد التي ذكرت؛ لأن هذه مثبتة بين اللوحين، وهي كلها منسوخة من الإمام الذي كتبه عثمان رضي الله عنه، ثم بعث إلى كل أفق مما نسخ بمصحف.

3: ذكر قراء القرآن ومن كانت القراءة تؤخذ عنه من الصحابة والتابعين بعدهم
-
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة»
- عن أنس بن مالك، قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: معاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وأبي بن كعب
- عن إبراهيم، قال: كان الذين يقرئون الناس القرآن ويعلمونهم من أصحاب عبد الله ستة؛ علقمة والأسود، ومسروق، وعبيدة، وعمرو بن شرحبيل، والحارث بن قيس.

و: قراءات القرآن وحروفه
1: لغات القرآن وأي العرب نزل القرآن بلغته

-
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرأني جبريل على حرف، فراجعته فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف»
-
وعنه أنه قال: «نزل القرآن بلغة الكعبين؛ كعب قريش وكعب خزاعة»، وقال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.
- قال أبو عبيد: نزل على سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف منها بلغة قبيلة، والثاني بلغة أخرى سوى الأولى.

2: إعراب القرآن وما يستحب للقارئ من ذلك وما يؤمر به
-
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعربوا القرآن».
- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلموا إعراب القرآن كما تعلمون حفظه.

3: المراء في القرآن والاختلاف في وجوهه وما في ذلك من التغليظ والكراهة
-
عن أبي جهيم الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تماروا في القرآن، فإن مراء فيه كفر»

4: عرض القراء للقرآن وما يستحب لهم من أخذه عن أهل القراءة، واتباع السلف فيها والتمسك بما تعلمه به منها
-
عن الشعبي، أن جبريل، كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بما أنزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
-
عن أبي بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أمرني أن أعرض القرآن عليك» الحديث.
- قال أبو عبيد: معنى هذا الحديث عندنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد بذلك العرض على أبي أن يتعلم أبي منه.
- عن مجاهد، قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث مرات.

5: الرواية من الحروف التي خولف بها الخط في القرآن
- منها: عن عمر بن الخطاب، أنه كان يقرأ: (غير المغضوب عليهم وغير الضالين)، وعن عبد الله بن الزبيرأنه قرأ: (صراط من أنعمت عليهم)
-
عن ابن عباس، أنه كان يقرأ: «ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج»
- عن أبي بن كعب، أنه كان يقرأ: «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر». وغيرها.

ز: بيان بعض الفوائد في علوم القرآن وأصول التفسير
1: منازل القرآن بمكة والمدينة وذكر أوائله وأواخره

أول ما نزل:
-
عن جابر بن عبد الله، أن أول شيء نزل من القرآن يا أيها المدثر، قم فأنذر، وعن ابن عباس: اقرأ باسم ربك هو أول شيء نزل.
- عن الزهري، قال: أول آية أنزلت في القتال: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ثم ذكر القتال في آي كثير.

آخر ما نزل:
- عن عثمان قال: كانت براءة من آخر القرآن نزولا.
-
عن البراء بن عازب قال: آخر آية أنزلت {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
-
عن ابن عباس: آخر ما نزل آية الربا ، زاد ابن شهاب: وآية الدين.
- عن عطاء: آية {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}. وذكره ابن عباس.

ما نزل في مكة:
- عن ابن عباس، قال: نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا
-
قال عبد الله: إن بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه من تلادي ومن العتيق الأول. قال أبو عبيدة: ومعناه أن ذلك كان بمكة.
- ماكان من ذكر الأمم والعذاب.
- عن ميمون بن مهران، قال: ما كان في القرآن يا أيها الناس أو يا بني آدم فإنه مكي.

ما نزل في المدينة:
- عن علي بن أبي طلحة، قال: نزلت بالمدينة سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والحج، والنور، والأحزاب، والذين كفروا، والفتح، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والحواريون يريد الصف والتغابن، ويا أيها النبي إذا طلقتم، ويا أيها النبي لم تحرم، والفجر، والليل، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، ولم يكن، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله؛ وسائر ذلك بمكة.
-
عن علقمة، قال: كل شيء من القرآن يا أيها الذين آمنوا فإنه أنزل بالمدينة.
- عن مجاهد، قال: نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة.

2: ما رفع من القرآن بعد نزوله ولم يثبت في المصاحف
-
عن ابن عمر، قال: «لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر منه»
- عن ابن عباس، قال: خطب عمر فقال: «ألا إن ناسا يقولون: ما بال الرجم، وإنما في كتاب الله الجلد؟ وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا معه. والله لولا أن يقول قائلون: زاد عمر في كتاب الله لأثبتها كما أنزلت».
-
قال: قال عمر: كنا نقرأ (لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم) ثم قال لزيد بن ثابت: أكذاك يا زيد؟ قال: نعم.
- ذكرأبو عبيد أن من جحد هذه الزوائد فلا يحكم بكفره، ويحكم بالكفر على الجاحد لما بين اللوحين خاصة بعد أن أجمعت عليه الأمة.

3: تأول القرآن بالرأي، وما في ذلك من الكراهة والتغليظ
-
قال أبو بكر رضي الله عنه: أي سماء تظلني، أو أي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟
- عن سعيد بن المسيب، أنه كان إذا سئل عن شيء من القرآن قال: أنا لا أقول في القرآن شيئا
- عن مسروق، قال: اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية على الله تعالى.

ح: بيان بعض أحكام المصاحف
1: بيع المصاحف واشترائها وما جاء في ذلك من الكراهة والرخصة

- ذكر أبو عبيد أنه كره بيع المصاحف: ابن عمر، ابن عباس، جابر بن عبد الله، سعيد بن جبير، إبراهيم، عبيدة، ابن سيرين، عبد الله بن يزيد، مسروق، شريح، وكان شراؤه أحب إليهم من بيعه.
- وذكر أنه لم ير في ذلك بأسا: الحسن، الشعبي، وقيل: سعيد بن جبير.

2: نقط المصاحف وما فيه من الرخصة والكراهة
- كرهه: عبد الله بن مسعود، إبراهيم، الحسن، ابن سيرين. قال إبراهيم: جردوا القرآن، لا تخلطوا به ما ليس منه.
- رخص فيه الحسن، وقال: لا بأس به ما لم تبغوا.

3: تعشير المصاحف وفواتح السور والآي
- ورد كراهة التعشير عن: عبد الله بن مسعود، مجاهد، وابن سيرين.
-
كره أبو رزين كتابة سورة كذا وكذا حتى لا ينشأ قوم يظنونه منه.
-
قال يحيى بن أبي كثير: ما كانوا يعرفون شيئا مما أحدث في هذه المصاحف، إلا هذه النقط الثلاث على رءوس الآيات.

4: تزيين المصاحف وحليتها بالذهب والفضة
-
ذُكر أنه كرهه جماعة من السلف، منهم: ابن عباس، وأبو ذر، ،وأبو الدرداء، وإبراهيم. قال ابن عباس: أتغرون به السارق، وزينته في جوفه؟
- ذُكر عن ابن سيرين أنه لا يرى فيه بأسا.

5: كتاب المصاحف وما يستحب من عظمها، ويكره من صغرها

- ذُكر عن السلف كراهة كتابة المصحف في الشيء الصغير، أو بخط سريع أو غير جيد.
- عن أبي الأسود أن عمر بن الخطاب، وجد مع رجل مصحفا قد كتبه بقلم دقيق، فقال: ما هذا؟ قال: القرآن كله فكره ذلك، وضربه، وقال: عظموا كتاب الله. قال: وكان عمر إذا رأى مصحفا عظيما سر به.

6: المصحف يمسه المشرك أو المسلم الذي ليس بطاهر
- عن ابن عمر، أنه كان لا يأخذ المصحف إلا وهو طاهر.
- عن مالك، قال: لا يحمل المصحف أحد بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر، إكراما للقرآن. قال أبو عبيد: وهذا عندنا هو المعمول به. وقد رخص فيه ناس علماء.
- رخص الحسن مسه وحمله بلا وضوء، ورخص الشعبي أخذه بعلاقته على غير وضوء. وكان غلام سعيد بن جبير المجوسي يأتيه بالمصحف في علاقته.
أ+
أحسنت وتميزت بارك الله فيك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir