وَبَعْدَ غَيْرِ النَّفْيِ جَزْمًا اعْتَمِدْ = إِنْ تَسْقُطِ الفَا وَالجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ([1])
يجُوزُ في جوابِ غيرِ النفيِ مِنَ الأشياءِ التي سبَقَ ذِكْرُهَا أنْ تجْزمَ إذا سقَطَتِ الفاءُ، وقُصِدَ الجزاءُ نحو: " زُرْنِي أَزُرْكَ "، وكذلك الباقي وهلْ هو مجزومٌ بشرطٍ مُقَدَّرٍ أي: زُرْنِي فَإِنْ تَزُرْنِي أَزُرْكَ، أو بالجملةِ قبلَه قولانِ([2]) ولا يجُوزُ الجزمُ في النفيِ فلا تقولُ: "مَا تَأْتِينَا تُحَدِّثْنَا".
وَشَرْطُ جَزْمٍ بَعْدَ نَهْيٍ أَنْ تَضَعْ = "إِنْ" قَبْلَ "لاَ" دُونَ تَخَالُفٍ يَقَعْ([3])
لا يجُوزُ الجزمُ عندَ سقوطِ الفاءِ بعدَ النهيِ إلا بشرطِ أنْ يصِحَّ المعنى بتقديرِ دخولِ إنِ الشرطيةِ على لا، فتقولُ "لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ تَسْلَمْ" بجزمِ "تَسْلَمْ" إِذْ يصِحُّ "إِنْ لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ تَسْلَمْ" ولا يجُوزُ الجزمُ في قولك: "لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ يَأْكُلْكَ" إذ لا يصِحُّ "إِنْ لا تَدْنُ مِنَ الأسدِ يَأَكْلْكَ" وأجاز الكِسَائِيُّ ذلك، بناءٌ على أنَّهُ لا يُشْتَرَطُ عندَهُ دخولُ "إنِ" على "لا" فجزمُه على معنى "إِنْ تَدْنُ مِنَ الأسدِ يَأْكُلْكَ".
والأَمْرُ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ افْعَلْ فَلاَ = تَنْصِبْ جَوَابَهُ، وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ([4])
قَدْ سَبَقَ أنه إذا كانَ الأمرُ مدلولاً عليه باسمِ فعْلٍ، أو بلفظِ الخبرِ، لم يَجُزْ نَصْبُه بعدَ الفاءِ([5]) وقدْ صرَّحَ بذلك هنا فقال: متى كان الأمرُ بغيرِ صيغةِ افْعَلْ ونحوَها فلا يَنْتَصِبُ جوابُه، ولكن لو أَسقطْتَ الفاءُ جزَمْتَه كقولِك "صَهٍ أُحْسِنْ إِلَيْكَ، وَحَسْبُكَ الحديثُ يَنَمِ الناسُ"([6]) وإليه أشارَ بقولِه: (وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ).
([1])(وبعد) ظرف متعلق بقوله (اعتمد) الآتي, وبعد مضاف، و(غير) مضاف إليه، وغير مضاف و(النفي) مضاف إليه (جزما) مفعول مقدم لاعتمد (اعتمد) فعل أمر وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (إن) شرطية (تسقط) فعل مضارع فعل الشرط (ألفا) قصر ضرورة: فاعل تسقط (والجزاء) الواو واو الحال الجزاء: مبتدأ (قد) حرف تحقيق (قصد) فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الجزاء، والجملة من قصد ونائب فاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال.
([2])ذهب الجمهور إلى أن الجازم بعد الطلب هو شرط مقدر، وذهبوا أيضا إلى أنه يجب تقدير (إن) من بين أدوات الشرط وذهب قوم إلى أن الجازم هو نفس الجملة السابقة وهؤلاء على فريقين: فريق منهم قال: تضمنت الجملة معنى الشرط فعملت عمله كما عمل "ضربا" في نحو قولك: "ضربا زيدا" عمل اضرب حين تضمن معناه وفريق قال: بل العامل الجملة لكونها نائبة عن أداة الشرط ومن الناس من قال: الجازم لام أمر مقدرة، فالأقوال – على التفصيل – أربعة عند التحقيق.
([3])(وشرط) مبتدأ وشرط مضاف و(جزم) مضاف إليه (بعد) ظرف متعلق بـ (شرط) أو بـ (جزم) وبعد مضاف و(نهي) مضاف إليه أن مصدرية تضع فعل مضارع منصوب بأن، وسكن للوقف وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و(أن) المصدرية وما دخلت عليه في تأويل مصدر مرفوع خبر المبتدأ (إن) قصد لفظه: مفعول به لتضع (قبل) ظرف متعلق بتضع، وقبل مضاف و(لا) قصد لفظه: مضاف إليه (دون) ظرف متعلق بمحذوف حال من (إن) السابق، ودون مضاف و(تخالف) مضاف إليه (يقع) فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تخالف، والجملة من يقع وفاعله المستتر فيه في محل جر نعت لتخالف.
([4])(والأمر) مبتدأ (إن) شرطية (كان) فعل ماض ناقص فعل الشرط واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الأمر (بغير) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر (كان) وغير مضاف و(افعل) مضاف إليه (فلا) الفاء لربط الجواب بالشرط لا: ناهية تنصب فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (جوابه) جواب: مفعول به لتنصب وجواب مضاف والهاء مضاف إليه والجملة من تنصب وفاعله ضمير مستتر فيه في محل جزم جواب الشرط وجملة الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ و(جزمه) الواو عاطفة أو للاستئناف جزم: مفعول به مقدم لقوله: (اقبلا) الآتي، وجزم مضاف والهاء مضاف إليه، (اقبلا) فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
([5])يريد: "لم يجز نصب جوابه بعد الفاء" فحذف المضاف.
([6])ومن ذلك قول قطري بن الفجاءة التميمي:
وقولي كلما جشأت وجاشت = مكانك تحمدي أو تستريحي