دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 07:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: المجمل ما لم تتضح دلالته فلا إجمال في آية السرقة ولا في نحو {حرمت عليكم أمهاتكم} {وامسحوا برؤوسكم} ((لا نكاح إلا بولي)) ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان)) ((لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)) لوضوح دلالة الكل وخالف قوم.
ش: عبر بـ (ما) ليتناول القول والفعل كتركه عليه الصلاة والسلام التشهد الأول فإنه يحتمل العمد فيكون غير واجب، والسهو فلا يدل على أنه غير واجب سواء تركه عمدا أو سهوا، فلا إجمال فيه، واحترز بقوله: لم تتضح دلالته، عن المهمل فإنه لا دلالة له أصلا، وهذا له دلالة غير واضحة، ثم ذكر صورا ادعى فيها الإجمال، والأصح خلافه:
الأولى: آية السرقة قال بعض الحنفية: فيها إجمال في القطع، لأنه يحتمل الشق والإبانة وفي اليد لاحتمالها الجميع إلى المنكب، وإلى الكوع والأصح خلافه والقطع هو الإبانة وإطلاقه على الشق لأن فيه إبانة لانفصال بعض أجزاء اللحم عن بعضها، واليد حقيقة إلى المنكب وإطلاقها هنا إلى الكوع مجاز من إطلاق الكل على الجزء، دل عليه فعل النبي صلى الله عليه وسلم والإجماع.
الثانية: لا إجمال أيضا في قوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم} لأن العرف دال على التعميم فيتناول العقد والوطء، وقد تقدم هذا في قول المصنف: في العموم: (وقد يعم اللفظ عرفا كالفحوى) {حرمت عليكم أمهاتكم} وحمله الكرخي على ظاهره وقال: الحكم متعلق بالعين، ومعناه خروجها عن أن يكون محلا شرعا كما أن حرمة الفعل خروج عن الاعتبار شرعا.
الثالثة: قال الحنفية أو بعضهم: قوله تعالى في آية الوضوء: {وامسحوا برؤوسكم} مجمل لاحتماله مسح الكل والبعض على السواء، وبينت السنة المراد بمسحه عليه الصلاة والسلام على الناصية: وقال الجمهور: لا إجمال فيه. ثم قال المالكية: هو حقيقة في مسح الكل.
وقال الشافعية: إنه حقيقة في القدر المشترك بين الكل والبعض وهو ما ينطلق عليه الاسم.
الرابعة: مثل قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا نكاح إلا بولي)) وقوله:
((لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)) وقوله: ((لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل)) ذهب قوم إلى أنه مجمل ثم اختلفوا في سبب إجماله على أقوال:
أحدها: أنه ليس المراد نفي الوقوع، فإن وقوعها مشاهد ولم يعلم المراد منها فكانت مجملة.
ثانيها: أنها مترددة بين نفي الجواز ونفي الكمال.
الثالث: أنها ظاهرة في نفي الوجوب ونفي الحكم فسارت مجملة، وقال الجمهور: لا إجمال فيها وهو مبني على ثبوت الحقائق الشرعية وتقديمها على اللغوية واختصاصها بالصحيح، والحقائق الشرعية الصحيحة منتفية في هذه الصورة لانتفاء جزئها أو شرطها.
الخامسة: قوله عليه الصلاة والسلام: ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان)) ذهب البصريان أبو الحسين وأبو عبد الله إلى أنه مجمل وقال الجمهور: لا إجمال فيه، بل معناه نفي المؤاخذة والعقاب، لكن هل هو بالعرف أو اللغة؟ جزم ابن الحاجب بالأول وابن السمعاني بالثاني.
وقال الشارح: نفى المصنف في باب العموم أن يكون هذا عاما حيث قال: (لا المقتضى) وهنا نفى أن يكون مجملا، وهو في الاضطراب متابع لابن الحاجب.
قلت: لا اضطراب في ذلك فلا عموم فيه، ولا إجمال وإنما معناه رفع شيء مخصوص وهو العقاب بدليل اقتضى ذلك، والله أعلم.
وقول المصنف: (خالف قوم) أي في جميع ما تقدم كما أوضحناه.
ص: إنما الإجمال في مثل القرء والنور والجسم ومثل المختار لتردده بين الفاعل والمفعول وقوله تعالى: {أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح} {إلا ما يتلى عليكم} {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به} وقوله عليه السلام: ((لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبة في جداره)) وقولك: زيد طبيب ماهر الثلاثة زوج وفرد.
ش: ذكر في هذه الجملة أمثلة للمجمل، والإجمال تارة يكون في المفرد وتارة في المركب، فالأول قد يكون لوضع اللفظ لكل منهما كالقرء، فإنه وضع في اللغة للطهر وللحيض، ولهذا جعل الشافعي العدة بالأطهار وأبو حنيفة بالحيض، وقد يكون لصلاحيته لمتماثلين كالنور للعقل ونور الشمس وغيرها، والجسم للسماء والأرض وغيرهما، وقد يكون لصلاحيته للفاعل والمفعول، كالمختار تقول: اخترت فلانا، فأنا مختار، وهو مختار، قال العسكرى: ويتميز بحرف الجر فتقول في الفاعل: مختار لكذا، وفي المفعول: مختار من كذا ثم ذكر للثاني أمثلة:
أحدها: قوله تعالى: {أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح} فإنه محتمل للزوج والولي، وقد حمله الشافعي على الأول ومالك على الثاني كذا ذكره ابن الحاجب من المجمل ولا إجمال فيه عندنا، لقيام الدليل على أن المراد به الزوج، وذلك مبسوط في موضعه.
ثانيهما: قوله تعالى: {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم} فهو مجمل لكونه دخله استثناء لمجهول، والمجهول إذا أخرج من المعلوم صار الجميع مجهولا.
ثالثها: قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} فإن الواو فيه مترددة بين العطف والقطع ولهذا اختلفوا في أن الوقف على قوله: {إلا الله} أم لا؟ وقد سبق ذلك، وأن الأصح أنه لا إجمال فيه.
رابعها: قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبة في جداره)) فقد وقع التردد في مرجع الضمير في قوله: (جداره) هل يعود على صاحب الخشبة، لأنه أقرب مذكور أو على الجار ويوافق الأول منع الشافعي في الجديد إجبار الجار على وضع جذوع جاره على جداره.
خامسها: قول القائل: زيد طبيب ماهر، قد ترجع المهارة إلى الصنعة وهي الطب وإلى الموصوف وهو زيد، فتكون مهارته في غير الطب.
سادسها: قول القائل: الثلاثة زوج وفرد، متردد من حيث اللفظ بين أن يكون المراد أن مجموع أجزائه زوج وفرد، وأن يكون المراد أنه موصوف بالزوجية والفردية، وإن كان الواقع هو الأول لصدق اللفظ، ولو حمل على الثاني لكان كذبا، وفي عد هذا من المجمل نظر لا يخفى.
ص: والأصح وقوعه في الكتاب والسنة.
ش: المخالف في وقوع المجمل في القرآن والسنة داود الظاهري، قال الصيرفي: لا أعلم قال به غيره، والحجة عليه ما سبق من الآيات والأحاديث.
ص: وأن المسمى الشرعي أوضح من اللغوي وقد تقدم فإن تعذر حقيقة فيرد إليه بتجوز أو مجمل أو يحمل على اللغوي أقوال.
ش: لما كان المسمى الشرعي أوضح من اللغوي قدم عليه، فيحمل اللفظ على مدلوله الشرعي، إلا أن يقوم دليل على إرادة اللغوي، وقد تقدم ذلك في فصل الحقيقة والمجاز.
فإن تعذرت الحقيقة الشرعية فهل يرد إليها بتجوز أو يحمل على الحقيقة اللغوية أو يجعل مجملا؟ فيه أقوال، أصحها الأول، ومثاله قوله عليه الصلاة والسلام: ((الطواف بالبيت صلاة)) فإنه ليست فيه حقيقة الصلاة الشرعية فكان مجازا، والمراد أن حكمه حكم الصلاة في الطهارة وستر العورة، ويدل لذلك قوله في بقية الحديث: ((إلا أن الله أحل فيه الكلام)) فدل على أن المراد كونه صلاة في الحكم إلا ما استثني لا في الحقيقة.
ومن حمله على اللغوي قال: الصلاة هنا بمعنى الدعاء، ومن قال بالإجمال فللتردد بينهما أي بين المجاز الشرعي والحقيقة اللغوية.
ص: والمختار أن اللفظ المستعمل لمعنى تارة ولمعنيين ليس ذلك المعنى أحدهما مجمل فإن كان أحدهما فيعمل به ويوقف الآخر؟
ش: إذا ورد من الشارع لفظ له استعمالان أحدهما لمعنى واحد، والثاني لمعنيين ففيه مذهبان:
أحدهما – وهو المختار: أنه مجمل إذا لم تقم قرينة على المراد.
والثاني – واختاره الآمدي: أنه يحمل على ما يفيد معنيين كما لو دار بين ما يفيد وما لا يفيد، وأطلق الغزالي وغيره المسألة، وقيدها المصنف بما إذا لم يكن ذلك المعنى المنفرد أحد ذينك المعنيين، فإن كان أحدهما عمل به قطعا لأنه إن كان هو تمام المراد باللفظ فلا إشكال، وإلا فهو أحد المرادين ويوقف الآخر عن العمل به، فإنه محل نظر.
البيان والمبين
ص: البيان، إخراج الشيء من خيز الإشكال إلى حيز التجلي وإنما يجب لمن أريد فهمه اتفاقا.
ش: هذا التعريف للبيان حكاه ابن السمعاني وغيره عن أبي بكر الصيرفي، وزاد عنه إمام الحرمين وابن الحاجب: (والوضوح) وأورد عليه القاضي أنه يخرج عنه البيان ابتداء وهو الظاهر من غير سبق إجمال، وأورد عليه إمام الحرمين، أن لفظ الحيز مجاز، ودخوله في التعريف ممتنع، وأجاب المصنف عن الأول بمنع تسمية الواضح ابتداء بيانا، وعن الثاني بأن المجاز الظاهر يجوز دخوله، وإلا لم يسلم لهم تعريف، فلذلك تبعه المصنف فيه واتفقوا على أنه لا يجب بيان المجمل إلا لمن أريد منه الفهم إما للعمل كالصلاة أو للإفتاء كأحكام الحيض في حق الرجال، فالمراد فهمهم لها ليفتوا بها النساء، وكأنه أريد بالواجب هنا ما لا بد منه، فإن الله تعالى لا يجب عليه شيء.
ص: والأصح أنه قد يكون بالفعل وأن المظنون يبين المعلوم وأن المتقدم، وإن جهلنا عينه من القول والفعل هو البيان وإن لم يتفق البيانان كما لو طاف بعد الحج طوافين، وأمر بواحد فالقول وفعله ندب أو واجب متقدما أو متأخرا وقال أبو الحسين المتقدم.
ش: فيه مسائل:
الأولى: يجوز البيان بالقول إما من الكتاب أو السنة اتفاقا، واختلف في البيان بالفعل والأصح جوازه، كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وحجه فإنهما مبينان لقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة} {ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا} ومن منع قال: الفعل يطول فيتأخر به البيان مع إمكان تعجيله.
قال القاضي في (التقريب): فلو قال: القصد بما كلفتم بهذه الآية ما أفعله ثم فعل فعلا فلا خلاف أنه يكون بيانا.
الثانية: إذا كان المجمل معلوما فهل يجوز أن يكون المبين له مظنونا؟ فيه مذاهب:
الأول: الجواز، حكاه القاضي أبو بكر عن الجمهور واختاره هو والإمام فخر الدين.
الثاني: أن البيان يجب أن يكون أقوى دلالة من المبين، واختاره ابن الحاجب.
الثالث: أنه يجوز أن يكون مساويا، وبه قال الكرخي.
الرابع: إن عم وجوبه سائر المكلفين كالصلاة ونحوها وجب أن يكون بيانه معلوما متواترا، وإن لم تعم به البلوى، واختص العلماء بمعرفته كنصاب السرقة وأحكام المكاتب قبل في بيانه خبر الواحد، حكاه القاضي أبو بكر عن العراقيين.
الثالثة: إذا ورد بعد المجمل قول وفعل فلهما حالتان:
إحداهما: أن يتفقا في الحكم فالبيان هو المتقدم منهما.
والثاني: تأكيد له، فإن علم عينه فذاك وإلا فهو المبين مع الجهل به في الصحيح.
وقال الآمدي: الأشبه مع الجهل تقدير المرجوح سابقا فيكون هو المبين والثاني تأكيد له، لئلا يلزم من عكسه تأكيد الراجح بالمرجوح، وهو ممتنع.
الثانية: أن يختلفا في الحكم كما لو طاف عليه الصلاة والسلام بعد الحج طوافين وأمر بواحد، فالصحيح أن البيان بالقول، ويحمل فعله على أنه من خصائصه إما مندوب أو واجب، ولا فرق بين أن يتقدم القول أو الفعل.
وقال أبو الحسين البصري: البيان هو المتقدم منهما، قولا كان أو فعلا كما لو اتفقا.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجمل, والمبين

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir