دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الصلاة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 08:05 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم.


باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ارجع فصل فإنك لم تصل)) فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ارجع فصل فإنك لم تصل)) ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، وافعل ذلك في صلاتك كلها)).

الشيخ:
هذا حديث في صفة الصلاة، مشتمل على أغلب صفات الصلاة، ولكن القصد منه الطمأنينة فيها، ذكر في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسًا في ناحية من المسجد ومعه صحابته يعلمهم ويقرؤهم ويستفيدون منه، وهكذا كانت عادته في كل صباح غالبًا، يجلس ويتوافدون إليه للتعليم. فجاء هذا الرجل فدخل المسجد كغيره، ولما دخل المسجد كان عليه أن يصلي تحية المسجد، فجاء وصلى تحية المسجد ركعتين والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، ولكنه خففها ولم يتمها، فلما انتهى جاء وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام وأمره أن يرجع فيعيد الصلاة، وأخبره بأن هذه الصلاة التي صلى ليست صلاة، لا تحسب لـه صلاة، فكأنه لم يصل وكأنه لم يأتِ بعبادة أمره بأن يعيدها.
ثم أنه أعادها المرة الثانية، وأعادها المرة الثالثة، كرر ذلك ثلاثًا، ولما صلاها ثلاث مرات على تلك الحالة أخبر بأنه لا يعرف غير هذا، أن هذا منتهى ما يعرفه، طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصف لـه الصلاة المجزئة التي إذا فعلها خرج من العهدة وبرئت ذمته، فنبي الله صلى الله عليه وسلم وصف لـه الصلاة المجزئة، أمره أولاً بالتكبير بعد القيام، أمره بالقيام، ثم أمره بالتكبير، ثم أمره بقراءة ما تيسر من القرآن، ثم أمره بعد ذلك بالركوع وأمره بالطمأنينة فيه، ثم بالرفع من الركوع وأمره بالاعتدال فيه، ثم أمره بالسجود وبالطمأنينة فيه وأمره بالرفع منه وبالطمأنينة فيه.
ووصف له ركعة إلا أنه لم يذكر فيها إلا سجدة في هذه الرواية، وأمره بأن يفعل ذلك في كل ركعاته، هكذا اشتمل هذا الحديث على وصف ركعة ولكن ليس فيها إلا سجدة. وفي بعض الروايات أنه وصف لـه السجدة الثانية، يعني أن يسجد سجدتين. وفي بعض الروايات أنه ذكر له الطهارة، قال: ((إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله))، وفي بعض الروايات أنه وصف لـه الوضوء فقال: ((اغسل وجهك ويديك وامسح برأسك واغسل قدميك)).
فكل ذلك مما أخبر به عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث، وصف له هذه الصلاة وبين له أن هذه هي الصلاة المجزئة، وأنه إذا لم يفعل هذا يكون بذلك لم يصل، كأنه صلى صلاة لا تكفي ولا تجزئ،. ومباحث الحديث كثيرة. لعلنا نتعرض لها لشيء منها بعد الأذان.
قوله: ((فكبر)) فالمراد بها تكبيرة الإحرام، لاشك أنها أُمر بها ((فكبر)) وبينها النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وبقوله، فكان إذا قام إلى الصلاة يقول: ((الله أكبر))، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((تحريمها التكبير وتحليلها التسليم))، يعني أن الصلاة لها تحريم ولها تحليل، فكون الإنسان محرمًا بالصلاة بقول: الله أكبر، إذا كبر أصبح حرام عليه أن لا يَعمل ما لا يُعمل في الصلاة، مالا يعمل فيها.
جمهور الأمة على أن التكبيرة ركن، تكبيرة الإحرام، وعلى أنه لا يجزئ غيرها بدلها، فلا يجزئ أن يقول: الله أعظم ولا الله أجل ولا الله الأكبر، بل لابد من قول: الله أكبر. وذهب بعض الحنفية إلى أنه يجزئ ما يدل على المعنى، يجزئ عندهم أن يقول: الله أجل أو الله أمجد أو الله أقوى، يعني كلمة تدل على الكبرياء وعلى العظمة. ولكن معلوم أن الصلاة تعبدية، وأن أفعالها مبنية على النقل، وأنه لا يصح فيها شيء إلا ما ثبت دليله، فلما لم يأت ما يدل على أنه يبدل التكبير بالتعظيم ولا بالتبجيل ولا بالإجلال دل على أن اللفظة مقصودة.
الحنفية يقولون: إن القصد منها.. إن القصد من التكبيرة معناها وهو استحضار العظمة،استحضار عظمة الله تعالى. نقول: الكلمة مقصود لفظها ومقصود معناها؛ وذلك لأن المكبر إذا قال: الله أكبر فعليه أن يستحضر مدلول هذه الكلمة وهو كبرياء الله وعظمته وجلاله وهيبته، فيوجب له ذلك تبجيله وتعظيمه ويوجب له ذلك حضور قلبه وخشوعه وخضوعه بين يدي ربه؛ لأنه إذا قال: الله أكبر تمثل أن الله أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء، وأن المخلوقات صغيرة وحقيرة بين يديه،وحقيرة بالنسبة إلى عظمته، فيحتقر المخلوق ويعظم الخالق، وعند ذلك يخبت إلى الله وينيب إليه ويخشع ويخضع بين يديه، فهذا هو المقصود من افتتاح هذه الصلاة بهذا التكبير.
((إذا قمت إلى الصلاة فكبر)).لم يُذكر في هذا الحديث الاستفتاح، قوله: ((سبحانك اللهم وبحمدك)) أو قوله: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي ))، ذكر في أحاديث أخرى وقد استدل بتركه هنا على أنه ليس من الواجبات، بل هو من المستحبات، لوتركه عمدًا ما بطلت الصلاة بتركه، ولكنه سنة مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك يتأكد أن يستفتح وأن يواظب على هذا الاستفتاح إذا تيسر له. بأي نوع يستفتح؟ ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بقوله: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) إلى آخره، وتارة يستفتح بقوله: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل)) ….إلى آخره، وتارة بقوله: ((سبحانك اللهم وبحمدك)) ….إلى آخره، فأيها استفتح به أجزأ ذلك إن شاء الله.
ولكن اختار الإمام أحمد الاستفتاح بقوله: ((سبحانك اللهم)) ؛ لأنه ثناءٌ ولأنه مختصر, ورجح بعض العلماء أنه يأتي بهذا تارة وبهذا تارة حتى لا يترك شيئًا من السنة ولا يهجر شيئًا مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما القراءة لم يُذكر في هذا الحديث قراءة الفاتحة بل قال: ((اقرأ ما تيسر معك من القرآن))، وقد استدل بذلك بعض الحنفية على أن قراءة الفاتحة ليست بواجبة بل الواجب جنس القراءة، واستدلوا أيضًا بالآية الكريمة في سورة المزمل وهي قوله تعالى: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}.
ولكن دلت أحاديث أخرى على أنه يجب قراءة الفاتحة، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب))، وفي حديث آخر: ((صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج خداج غير تمام))، فأخذ من هذا أن قراءة الفاتحة واجبة، ولكن وجوبها يكون على الإمام والمنفرد، وأما المأموم فإنها مستحبة في حقه؛ وذلك لأنه قد يكون مع الإمام والإمام يقرأ ومأمور بأن ينصت لقراءة إمامه، فإن تيسر له قراءتها في سكتات إمامه فعل ذلك, وإن لم يتيسر له اقتصر على قراءة الإمام وتكفيه.
وذهب بعضهم إلى أنه يقرأ ولو قرأ الإمام، وروي ذلك عن أبي هريرة لما قيل له: إني أكون خلف الإمام فقال: اقرأ بها في نفسك، واستدل بحديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين)). وبكل حال فيتأكد قراءتها لمن خلف الإمام في سر وفي جهر. أما من يقول: إنه يكفي قدرها من السور الأخرى فأخذوا بظاهر هذا الحديث، ولعله صلى الله عليه وسلم لم يذكر الفاتحة؛ لأنها معلومة مشهورة ولأن ذلك الرجل قد علم حكمها، علم حكمها من الفعل المتكرر، فإن الصحابة كانوا يصلون خلف النبي صلى الله عليه وسلم في كل أحوالهم، ولم يكن يترك قراءة الفاتحة، فيسمعونه ويعرفون حكمها من قوله ومن فعله، فبذلك يعلم أنه ما ترك تعليم الفاتحة أو ذكر الفاتحة إلا لكونها معلومة مشهورة.
بعد ذلك ذكر الركوع، الركوع معناه الانحناء من قيام إلى أن تصل يداه إلى ركبتيه، ولا شك أنه ركن في الصلاة, قد أمر الله تعالى به في عدة آيات في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}، وفي قوله تعالى: { وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} وفي قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، فالركوع الانحناء في القيام وهو عبادة، عبادة من العبادات من أجل العبادات، وما ذاك إلا لما فيه من الانحناء وما فيه من الذل والخضوع والتذلل بين يدي الرب سبحانه وتعالى، فإنه في تلك الحال يكون مخبتًا منيبًا متواضعًا متخشعًا متذللاً مهطعًا مقنعًا لربه، خاضعًا بين يديه ، قد خفض رأسه، فلذلك يأتي فيه بالذكر المناسب يقول فيه: سبحان ربي العظيم فكأنه يقول: أنا...

الوجـه الثانـي

...الذليل وأنت العظيم، أنا العبد وأنت المعبود، أنا العبد وأنت المالك، أنت مالكي وأنت ربي، أنا المربوب وأنت رب العباد، أعظمك حق التعظيم.
ورد في حديث يقول صلى الله عليه وسلم: ((أما إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)) يعني حري أن تستجاب دعواتكم، فأمرهم بالركوع بأن يعظموا الرب، ولأجل ذلك يسن أن يؤتى بالأذكار التي فيها تعظيم لله تعالى وتسبيح له وتنزيه له وتقديس له، وكل ذلك ليستحضر العبد عظمة ربه وأنه خاشع وخاضع وهو واقف بين يديه، فيوجب له ذلك الانكسار ويوجب الانكسار رحمة الله تعالى، ورد في حديث: ((أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي )) وإذا انكسر القلب تواضع الجسم فيكون ذلك سببًا في نزول الرحمة.
في هذا الحديث الأمر بالطمأنينة في قوله: ((حتى تطمئن راكعًا)) الطمأنينة هي الركود فيه،وذلك بأن يتمكن ويركد، تمام الركوع هو أن تمس يداه ركبتيه، وكماله أن يلقم كل ركبة يدًا، وأن يفرق أصابعه وأن يمسك ركبتيه إمساكًا قويًا، وتمامه أيضًا أن يمد ظهره ويجعله مستويًا ويجعل رأسه بحياله، فلا يرفعه ولا يخفضه، ويجعل ظهره مستويًا بحيث لو وضع عليه قدح لركد لم يمل ههنا ولا ههنا، ومقداره بقدر ما يقول: سبحان ربي العظيم مرة باطمئنان لا بعجلة.
فهذا حقيقة الطمأنينة المذكورة في هذا الحديث، الطمأنينة: الركود، الطمأنينة: الركون يعني حتى تطمئن، أي تركد وتركن وتقف يعني يتحقق أنك ركنت، فهذا دليل على أن الطمأنينة ركن، وهي التي أنكر على ذلك الرجل الذي أساء صلاته ولم يحسن ما يأتي به فيها، فلذلك قال: (( فإنك لم تصل)) لما أنه لم يأتِ بهذه الطمأنينة، قال: ((إنك لم تصل)).
ذهب جمهور الأمة إلى أن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة وعدوه في أركانها.
ولكن روي عن بعض الحنفية أنهم لا يوجبون الطمأنينة، أنه يجوز عندهم الصلاة بلا طمأنينة وعليه تشاهدون كثيرًا من الذين يدعون أنهم على مذهب أبي حنيفة، لا يطمئنون فلا يصل أحدهم إلى الركوع حتى يرفع، ولا يرفع حتى ينخفض, ولا يسجد ويصل الأرض حتى يرفع، إذا مست جبهته الأرض رفع بسرعة، إذا انحنى فساعة ما ينحني يرفع بسرعة، فيترك ركنًا أكده النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون أن أبا حنيفة لم يوجبه.
فيقال لهم: لعل أبا حنيفة لم يفصح بترك ذلك، ثم أيضًا ارجعوا إلى فعل أبي حنيفة رحمه الله فقد كان كثير العبادة, وقد كان كثير الصلاة، أبو حنيفة الذي تقتضون به وتخففون الصلاة ما اقتديتم به في كل الحالات، كان أبو حنيفة رحمه الله يقوم الليل كله حتى أنه صلى الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة أو قريبًا منها، لا شك أنه يطيل الأركان، يطيل أركان الصلاة، فربما تكون الركعة في نصف ساعة أو نحوها، لا شك أنه يطمئن فيها، ولم ينقل أيضًا في أفعاله أنه كان يخفف صلاته.
فهؤلاء الذين يقتدون به ما اتبعوه حقًا، يمكن أنه نقلت عنه رواية أن الطمأنينة ليست واجبة ولكن تلك الرواية قد تكون في وقت لها مناسبة، فأخذها هؤلاء وقالوا: الطمأنينة ليست ركنًا وليست واجبة حتى نقول لهم: هل حرمها أبو حنيفة؟ وهل كرهها؟ وهل نهى عنها؟ كونه يقول في هذه الرواية: أنها ليست ركنًا، لا يقتضي أنكم تنقرون الصلاة وتخففونها التخفيف الذي قد يبطلها.
اعتبروا بهذا الحديث الذي قال فيه: (( فإنك لم تصل)) وتذكروا أن نبينا صلى الله عليه وسلم نهى عن التخفيف الزائد وسماه نقرًا، فنهى عن نقر كنقر الغراب، لا شك أن الذي يكون كذلك كأنه ينقر الصلاة، لا يصل إلى الأرض إلا وقد رفع فيكون شبيهًا بالغراب، نقر كنقر الغراب، نهى عنه صلى الله عليه وسلم يعني في الركوع وفي السجود فلينتبه المسلم إلى ذلك.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, وجوب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir