قال سلامة بن جندل السعدي
أَوْدَى الشَّبابُ حَمِيداً ذُو التَّعاجِيبِ = أَوْدَى وذلكَ شَأْوٌ غَيْرُ مَطْلُوبِ
وَلَّى حَثِيثاً وهذا الشَّيْبُ يَطْلبُهُ = لو كان يُدْرِكُهُ رَكْضُ اليَعَاقِيبِ
أَوْدَى الشَّبابُ الَّذِي مَجْدٌ عَوَاقِبُهُ = فيهِ نَلَذُّ، ولا لَذَّاتِ لِلشِّيبِ
وللشبابِ إِذا دامَت بَشَاشَتُهُ = وُدُّ القلوبِ مِن البِيضِ الرَّعابيبِ
إِنَّا إِذا غَرَبَتْ شمسٌ أَو ارتفعتْ = وفي مَبارِكِها بُزْلُ المَصَاعِيبِ
قد يَسْعَدُ الجارُ والضَّيفُ الغريبُ بِنا = والسائلونَ، ونُغْلِي مَيْسِرَ النِّيب
وعندَنا قَيْنَةٌ بيضاءُ ناعِمَةٌ = مِثْلُ المَهاةِ مِن الحُورِ الخَرَاعِيبِ
تُجْرِي السِّوَاكِ على غُرٍّ مُفَلَّجَةٍ = لم يَغْرُها دَنَسٌ تحتَ الجَلاَبيبِ
دَعْ ذا وقُلْ لِبَني سعدٍ لِفَضْلِهِم = مَدْحاً يَسِيرُ به غادِي الأَرَاكِيبِ
يَومَانِ يومُ مَقَامَاتٍ وأَنْدِيَةٍ = ويومُ سَيْرٍ إِلى الأَعداءِ تَأْوِيبِ
وكَرُّنا خَيْلَنَا أَدْرَاجَها رُجُعاً = كُسَّ السَّنابِكِ مِن بَدْءٍ وتَعْقِيبِ
والعادِياتِ أَسِابِيُّ الدِّماءِ بها = كأَنَّ أَعْناقَها أَنْءصابُ تَرْجِيبِ
مِن كُلِّ حَتٍّ إِذَا ما ابْتَلَّ مُلْبَدُهُ = صَافِي الأَدِيمِ أَسِيل الخَدِّ يَعْبُوبِ
يَهْوِي إِذَا الخيلُ جازَتْهُ وثارَ لهَا = هَوِيَّ سَجْلٍ من العَلياءِ مَصْبُوبِ
لَيْسَ بِأَسْفَى ولا أَقْنَى ولا سَغِلٍ = يُعْطَى دَوَاءَ قَفيِّ السَّكْنِ مَربُوبِ
في كلِّ قائِمَةٍ منهُ إِذا انْدَفَعَتْ = منهُ أَسَاوٍ كَفَرْغِ الدَّلْوِ أُثْعُوبِ
كأَنَّهُ يَرْفَئِيٌّ نَامَ؟ عن غَنَم = مُسْتَنْفِرٌ في سَوَادٍ اللَّيْل مَذْؤوُبُ
يَرْقَى الدَّسِيعُ إِلى هادٍ لهُ بَتِعٍ = في جُؤْجُؤٍ كَمَدَاكِ الطِّيبِ مَخْضُوبِ
تظاهَرَ النَّيُّ فيهِ فَهْوَ مُحْتَفِلٌُ = يُعْطِي أَسَاهِيَّ مِن جَرْيٍ وتَقْرِيبِ
يُحاضِرُ الجُونَ مُخْضَرَّاً جَحافِلُها = ويسْبِقُ الأَلْف عَفْواً غَيْرِ مَضْرُوبِ
كم مِن فقيرٍ بإِذنِ اللهِ قد جَبَرَتْ = وذى غِنىً بَوَّأَتْه دارَ مَحْرُوبِ
مِمَّا تُقَدَّمُ في الهَيْجا إِذَا كُرِهَتْ = عندَ الطِّعانِ وتُنْجِي كلَّ مَكرُوبِ
هَمَّتْ مَعَدٌّ بِنَا هَمًّا فَنَهْنَهَهَا = عنَّا طِعانٌ غيرُ تذْبِيبِ
بالمَشْرِفِّى ومَصْقُولٍ أَسِنَّتُها = صُمِّ العَوامِلِ صَدْقَاتِ الأَنابِيبِ
يَجْلُو أَسِنَّتَها فِتْيِانُ عادِيَةٍ = لا مُقْرِفِينَ ولا سُودٍ جَعَابِيبِ
سَوَّى الثِّقَافُ قَنَاها فَهْيَ مُحْكَمَةٌ = قليلةُ الزَّيْعِ من سَنٍّ وترْكيبِ
زُرقاً أَسِنَّتُها حُمْراً مُثَقَّفَةً = أَطْرَافُهُنَّ مقِيلٌ لِليَعَاسِيبِ
كأَنَّها بأَكُفِّ القومِ إِذْ لَحِقُوا = مَوَاتِحُ البِئْرِ أَو أَشْطَانُ مَطْلُوبِ
كِلاَ الفَرِيقَينِ أَعلاهم وَأَسفَلُهُمْ = يَشْقَى بأَرْماحِنا غيرَ التَّكاذِيبِ
إِنِّي وجدتُ بَنِي سعْدٍ يُفَضِّلُهُمْ = كلُّ شِهَابٍ علَى الأَعْدَاءِ مَشْبُوبِ
إِلى تَمِيمٍ حُماةِ العِزِّ نِسبَتُهُمْ = وكلُّ ذِي حَسَبِ في النَّاسِ مَنْسُوبِ
قوَمٌ، إِذا صَرَّحَتْ كَحْل، بُيوتُهُمُ = عِزُّ الذَّلِيل ومَأْوَى كلِّ قُرْضُوبِ
يُنْجِيهِمُ مِن دَوَاهِي الشَّرِّ إِنْ أَزَمَتْ = صَبْرٌ عليها وقِبْصٌ غيرُ مَحْسُوبِ
كُنَّا نَحُلُّ إِذَا هَبَّتْ شآمِيَةً = بكلِّ وادٍ حَطِيبِ الجَوْفِ مَجْدُوبِ
شِيبِ المَبَارِكِ مَدْروسٌ مَدَافِعُهُ = هَابِي المرَاغِ قليلِ الوَدْقِ مَوْظُوبِ
كُنَّا إِذَا ما أَتانا صارخٌ فَزِعٌ = كان الصُّراخُ لهُ قَرْعُ الظَّنابِيبِ
وشَدَّ كُورٍ علَى وَجْنَاءَ ناجِيَةٍ = وشَدَّ سَرْجٍ على جَرْدَاءَ سُرْحُوبِ
يُقالُ مَحْبِسُها أَدْنَى لِمَرْتَعَهِا = وإِنْ تَعادَى بِبُكْءٍ كلُّ مَحْلُوبِ
حتَّى تُركنا وما تُثْنَى ظَعائِنُنَا = يَأْخُذْنَ بينَ سوادِ الخَطِّ فاللُّوبِ