ثم قال الشيخ رحمه الله تعالى : وقوله تعالى إخبارً عن عيسى عليه السلام أنه قال : (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) . وهذا في إثبات النفس لله سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله وعظمته . ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى في آية أخرى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) (آل عمران: من الآية28 ) ,
وورد أيضاً في أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها قوله في الدعاء : (( سبحان الله وبحمده , عدد خلقه , ورضا نفسه , وزنة عرشه , ومداد كلماته )) (1) .
وأيضاً ورد في الحديث الصحيح الآخر المشهور : (( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي, وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا )) (2) .
فهذه الآيات والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم دالة على إثبات هذه الصفة , وأهل السنة والجماعة يثبتونها لله سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله وعظمته .
لكن ينبغي ألا يفهم منها - كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - أن لله نفساً منفصلة عن الله سبحانه وتعالى كما يقال بالنسبة للمخلوق : إن لـه جسداً وله روح تسمى نفساً, فيقولون : خرجت نفسه, يعني خرجت روحه .
فقول الله تعالى : {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}
لا يفهم منهما أن لله صفة منفصلة عنه , كما قد يفهم بالنسبة للمخلوق , وهذا هو الذي تدل عليه النصوص, فإن النفس هنا دالٌ على الصفة وعلى ذات الله سبحانه وتعالى التي لا تشبه ذوات المخلوقين .
____________________
(1) أخرجه مسلم رقم (2726) كتاب البذكر والدعاء
(2) أخرجه مسلم رقم (2577) كتاب البر والصلة