260 والأمر ذو النفس بما تعيَّنا = ووقته مضيَّق تضمّنا
261 نهيًا عن الموجود من أضداد =...................
يعني أن الأمر النفسي بشيء معين ووقته مضيَّق يتضمن أي يستلزم عقلاً النهي عن الموجود من أضداده، وإليه ذهب أكثر أصحاب مالك، واحداً كان الضدُّ كضد السكون أي التحرك، أو أكثر كضد القيام أي القعود وغيره.
....................... = أو هو نفسُ النهي عن أندادِ
يعني أن الأمر النفسي بشيءٍ مُعين ووقته مضيق قيل: إنه هو نفس النهي عن أنداد أي أضداد ذلك الشيء، وهو قول الأشعري والقاضي وجمهور المتكلمين وفحول النظار.
و(أو) لتنويع الخلاف، فالمعنى أن ما يَصْدق عليه أنه أمر نفسي هل يصدق عليه أنه نهي عن ضده أو مستلزم له سواء كان إيجابًا أو ندبًا؟ فالنهي عن الضد في الواجب يكون على وجه التحريم وفي الندب على وجه الكراهة.
وبيانُ ذلك أن الطلب واحد هو بالنسبة إلى المأمور به أمر وإلى ضده نهي، وقولنا: (بشيءٍ معين) احترازاً عن المخير فيه بين أشياء فليس الأمر فيه بالنظر إلى مصدقه نهيًا عن ضده منها ولا مستلزمًا له اتفاقًا. واحترز بقوله: (ووقته مضيق) عن الموسّع فيه فلا يُنهي عن ضده.
262 وبتضمن الوجوب فرَّقا = بعضٌ وقيل لا يدلُّ مطلقا
يعني أن بعض الأصوليين فرق بين أمر الوجوب وأمر الندب فقال: يتضمن الأول النهي عن ضده بخلاف الثاني فإنه لا عَيَّنه ولا يتضمنه لأن الضد فيه لا يخرج به عن أصله من الجواز بخلاف الضد في أمر الوجوب لاقتضائه الذم على الترك.
(وقيل لا يدل مطلقاً) أي وقال الأبياري مِنَّا وإمام الحرمين والغزالي من الشافعية: إن الأمر المذكور لا يدل مطلقاً على النهي عن ضده. أي: ليس هو عينه ولا يتضمنه أمر وجوب كان أو ندب ومنعوا دليل القولين الأولين.
263 ففاعلٌ في كالصلاةِ ضدَّا = كسِرْقَةٍ على الخلافِ يُبْدى
يعني أن الخلاف في من فعل في العبادة كالصلاة ضدَّها كالسرقة هل يفسدها أم لا يبدى أي يظهر، ويُبنى على الخلاف في الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده أم لا؟ فعلى أن الأمر بالشيء نهيٌ عن ضده تبطل الصلاة بالسرقة فيها، وعلى أنه ليس نهيًا عن ضده ولا يدل عليه لا تبطل الصلاة. وأدخلت الكاف من صلى بحرير أو ذهب أو نظر إلى عورة إمامه فيها.
ومحل الخلاف إذا لم يدل دليل على الفساد بفعل الضد كالكلام في الصلاة عمداً وإلى ذلك أشار بقوله:
264 إلا إذا النصُّ الفساد أبدا = مثلُ الكلام في الصلاةِ عَمْدا
أي فإن ورد النص على الفساد للصلاة بفعل ذلك الضد كالكلام في الصلاة عمداً بطلت الصلاة. قوله: (الفسادَ) بالنصب مفعول مقدَّم لقوله: (أبداً).