623- وعَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَها مِن أَعْلاهَا، وخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مُفْرَداتُ الحديثِ:
-أَعْلاهَا: ثَنِيَّةُ الحَجُونِ بفَتْحِ الحَاءِ، وتُسَمَّى كَدَاءَ، بفَتْحِ الكَافِ وآخِرَه أَلِفٌ مَمْدُودَةٌ، وهي الطَّرِيقُ الآتِي مِن بينَ مَقْبَرَتِي المعلاةِ.
-أَسْفَلِهَا: ثَنِيَّةُ كُدًى، بضَمِّ الكَافِ وآخِرَهُ ألِفٌ مَقْصُورَةٌ كهُدًى، ويُعْرَفُ الآنَ برِيعِ الرَّسَّامِ، فهو الطَّرِيقُ الذي يَأْتِي مِن حَارَّةِ البابِ مُتَّجِهاً إلى جرولٍ معَ قُبَّةِ مَحْمودٍ، والثَّنِيَّةُ هي كُلُّ طَرِيقٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1-دُخولُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديثِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ، وهو مَدْخَلُه حِينَما جَاءَ فَاتِحاً لَهَا فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ.
2-جَاءَ في بَعْضِ طُرُقِ حديثِ ابنِ عُمَرَ في الصحيحَيْنِ، قالَ: "كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ مِن الثَّنِيَّةِ العُلْيَا، ويَخْرُجُ مِن الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى". مِمَّا يَدُلُّ على أنَّ هذيْنِ الطريقَيْنِ هما مَدْخَلُه ومَخْرَجُه، غَازِياً، أو حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِراً، فيَكُونُ هَذَا هو المَشْروعَ لمَن سَهُلَ عليه ذلك.
3- قالَ في (فَتْحِ البارِي): اخْتُلِفَ في المَعْنَى الذي لأجْلِه خَالَفَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينَ الطَّرِيقَيْنِ، فقِيلَ: ليَتَبَرَّكَ بِهِ كُلُّ مَن في طَرِيقِه، وقِيلَ: لمُنَاسَبَةِ العُلُوِّ عندَ الدُّخولِ لِمَا فيه مِن تَعْظيمِ المَكَانِ، وعَكْسُه الإِشَارَةُ إلى فِرَاقِه، وقِيلَ: لأنَّ إِبْرَاهِيمَ عليهِ السلامُ دخَلَ منها. وقيل: لأنَّ مَن جَاءَ مِن تِلْكَ الجِهَةِ كانَ مُسْتَقْبِلاً للبَيْتِ.
قُلْتُ: لَعَلَّ المَدْخَلَ هذا والمَخْرَجَ أَسْمَحُ لَهُ عندَ الدُّخولِ والخُروجِ, واللهُ أعْلَمُ.