ص: والمخصص قسمان: الأول المتصل، وهو خمسة: الاستثناء وهو الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها من متكلم واحد، وقيل: مطلقا.
ش: المخصص حقيقة إرادة المتكلم ويطلق على الدال عليها مجازا وهو المراد هنا، وهو منقسم إلى متصل وهو ما لا يستقل بنفسه، ومنفصل وهو ما استقل، فالأول خمسة أشياء:
أحدها: الاستثناء وهو الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها، مثل (خلا) و(عدا) و(حاشا) وخص (إلا) بالذكر لأنها أصل أدوات الاستثناء وعبر بأو لأن الإخراج بأحدها لا بها جميعا، ولم يقيد إلا بغير الصفة كما فعل البيضاوي احترازا عن مثل قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} لأن المتبادر إلى الفهم من (إلا) الاستثناء فاستغني بذلك مع تقدم ذكر الإخراج كذا اعتذر به ابن مالك في (شرح الكافية) وهو صريح في أن (إلا) التي للصفة لا إخراج فيها.
وخرج بقوله: (من متكلم واحد) ما لو قال الله تعالى: {فاقتلوا المشركين} فقال النبي صلى الله عليه وسلم على الاتصال إلا أهل الذمة، فلا يكون استثناء بل هو من المخصصات المنفصلة، كذا رجحه الصفي الهندي وقال القاضي أبو بكر في (التقريب): إنه الصحيح، لكنه بناه على رأيه أن شرط الكلام صدوره من ناطق واحد، وقد ضعفه ابن مالك، وقال بعضهم في المثال المتقدم: بل هو استثناء متصل، وجعلوا صدوره من النبي صلى الله عليه وسلم كالمصرح به في كلام الله تعالى.
ص: ويجب اتصاله عادة. وعن ابن عباس إلى شهر. وقيل: سنة وقيل: أبدا، وعن سعيد بن جبير إلى أربعة أشهر، وعن عطاء والحسن في المجلس، ومجاهد: سنتين، وقيل: ما لم يأخذ في كلام آخر، وقيل: بشرط أن ينوى في الكلام، وقيل: في كلام الله فقط.
ش: يشترط اتصال المستثنى بالمستثنى منه، لأنهما في حكم جملة واحدة، ولولا ذلك لما استقر عتق ولا طلاق ولا حنث لجواز الاستثناء بعده، والمراد الاتصال العادي، فلا يضر طول الكلام المستثنى منه، ولا فصل المستثنى من المستثنى عنه، بتنفس أو سعال وحكي الخلاف في ذلك عن ابن عباس، ولم يثبته الأكثرون بل أولوه، ثم قيل عنه: يجوز إلى شهر وقيل: إلى سنة، وقيل: أبدا.
وحكي عن سعيد بن جبير جواز تأخيره أربعة أشهر، وعن عطاء بن أبي رباح والحسن البصري: يمتد ما دام المجلس موجودا.
وعن مجاهد: يجوز إلى سنتين، وقيل: يجوز تأخيره ما لم يأخذ في كلام آخر. وهذه مذاهب شاذة.
وقوله: (وقيل: يشترط أن ينوي في الكلام) هذا متفق عليه عند الذاهبين إلى اشتراط اتصاله، فلو لم تعرض له نية الاستثناء إلا بعد فراغ المستثنى منه، لم يعتد به، ثم قيل: يعتبر وجود النية في أول الكلام وقيل: يكتفى بوجودها قبل فراغه، وهذا هو الصحيح وتعبير المصنف عنه بـ (قيل) لا يدل على تمريضه وإنما يكون دالا على ذلك إذا أتى به في مقابلة ذكر مذهب مختار كذا قاله الشارح، وفيه نظر، فالاصطلاح أن لا يغتر بذلك إلا في قول ضعيف أو متوقف في ثبوته، والظاهر أن المصنف إنما ذكر ذلك تفريعا على مذهب من لا يشترط الاتصال، فمنهم من أخذه على إطلاقه ومنهم من قيده بأن ينوي ذلك في أثناء الكلام فيغتفر عنده الفصل الطويل في اللفظ إذا اقترنت نيته بأول الكلام وعلى هذا نزل القاضي مذهب ابن عباس فقال: لعل مراده – إن صح النقل عنه – ما إذا نوى الاستثناء متصلا بالكلام ثم أظهر نيته بعده، فإنه يدين وذهب بعضهم إلى جواز الاستثناء المنفصل في كلام الله تعالى فقط، وحمل بعضهم مذهب ابن عباس عليه، وأنه جوز ذلك في استثناءات القرآن فقط، وفي الفروع المرتبة على أنه لا يضر طول الفصل أنه لو قال: له علي ألف أستغفر الله إلا مائة – صح كما في زيادة (الروضة عن العدة) للطبري و(البيان) لكن قال: إن فيه نظراً، والله أعلم.
ص: أما المنقطع فثالثها متواطئ والرابع مشترك والخامس الوقف.
ش: الاستثناء المنقطع وهو ما كان من غير الجنس أي لم يدخل المستثنى في المستثنى منه، كقولك: جاء الناس إلا حمارا، فيه مذاهب.
أصحها: أنه مجاز.
والثاني: أنه حقيقة وعلى هذا مذهبان.
أحدهما: أن إطلاقه عليه وعلى المتصل من باب المتواطئ أي أن حقيقتهما واحدة، والاشتراك بينهما معنوي.
ثانيهما: أنه من الاشتراك اللفظي، أي أنه موضوع لكل منهما على انفراده فإنه ليس بينهما قدر مشترك فإن المتصل إخراج بخلاف المنفصل، وإذا كان التواطؤ والاشتراك فرعين على الحقيقة لم يحصل من ذلك إلا ثلاثة مذاهب، فجعل المصنف لها أربعة مردود، فالمذهب الأخير وهو الوقف ليس خامسا، وإنما هو رابع، وهو من زيادته على (المختصر) ولم يذكره المصنف في شرحه.
قلت: ويحتمل أن يكون خامسا، ويكون المذهب الثاني إنكار إطلاق لفظ الاستثناء على المنقطع لا بالحقيقة ولا المجاز، وهذا إن صح غريب والله أعلم.
ص: والأصح وفاقا لابن الحاجب: أن المراد بعشرة في قولك: عشرة إلا ثلاثة العشرة باعتبار الأفراد ثم أخرجت ثلاثة ثم أسند إلى الباقي تقديرا وإن كان قبله ذكرا. وقال الأكثر: المراد سبعة وإلا قرينة وقال القاضي: عشرة إلا ثلاثة بإزاء اسمين مفرد ومركب.
ش: أصل الخلاف في هذه المسألة ناشئ عن استشكال الاستثناء فإن المستثنى إن دخل في المستثنى منه تناقض الكلام لأنك أثبته ثم نفيته وإن لم يدخل فكيف صح إخراجه وقد أجمع أهل العربية على أن الاستثناء إخراج؟ فاختلف في تقديره على أقوال:
أحدها – وهو الذي صححه ابن الحاجب والمصنف-: أنه أريد جميع أفراد المستثنى منه, ولكن لم يحكم بالإسناد إلا بعد إخراج المستثنى، فإذا قلت: له علي عشرة إلا ثلاثة، فالمراد أولا العشرة، باعتبار الأفراد ولكن لا يحكم بإسناد الخبر، وهو (له) إلى المبتدأ وهو (عشرة) إلا بعد إخراج الثلاثة منه فأسند لفظا إلى عشرة، ومعنى إلى سبعة، ولم يقع الإسناد إلى بعد الإخراج فلم يسند إلا إلى سبعة، وليس الاستثناء مبينا للمراد بالأول بل به يحصل الإخراج.
قال ابن الحاجب: ففي هذا توفية بإجماع النحاة أن الاستثناء إخراج، ولا يؤدي إلى التناقض لأنك لم تنسب إلا بعد إخراج المستثنى.
الثاني – وبه قال الأكثرون -: أن المراد بعشرة في المثال المذكور سبعة وأداة الاستثناء نحو (إلا) قرينة على إطلاق اسم الكل وإرادة البعض مجازا، فالاستثناء موضع لمراد المتكلم.
الثالث – وبه قال القاضي أبو بكر: أن المستثنى والمستثنى منه جميعا وضعا لمعنى واحد وهو المفهوم منه آخرا فللسبعة اسمان مفرد وهو سبعة ومركب وهو عشرة إلا ثلاثة، فاحترز بهذا عما أورد من التناقض لكن بقي عليه مخالفة النحاة في أن الاستثناء إخراج، ولا إخراج على ما قرره وتظهر فائدة هذا الخلاف فيما لو قال: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة، ووقع الاستثناء بعد موتها فإن قلنا: ليس ببيان طلقت ثلاثا وإلا فثنتان.
ص: ولا يجوز المستغرق خلافا لشذوذ وقيل لا الأكثر وقيل: ولا المساوي، وقيل: إن كان العدد صريحا.
ش: الاستثناء المستغرق نحو: (له علي عشرة إلا عشرة) باطل بالإجماع، كما حكاه الآمدي وابن الحاجب وغيرهما، لكن في (المدخل) لابن طلحة في: (أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا) قولان في اللزوم وعدم اللزوم يقتضي صحة الاستثناء المستغرق وهو الشذوذ الذي أشار إليه المصنف، وأغرب منه ما نقله الشيخ أبو حيان عن الفراء أنه يجوز أن يكون أكثر نحو: (له علي ألف إلا ألفين) لكن قال: إنه منقطع وقريب منه ما حكاه المحاملي في (التجريد) في قوله: (له علي ألف إلا ثوبا) وفسر الثوب بما قيمته ألف، أن فيه وجهين، ومحل الإجماع إن صح إذا اقتصر عليه فلو عقبه باستثناء آخر فالخلاف فيه مشهور، نحو: (له علي عشرة إلا عشرة إلا ثلاثة) فقيل: يلزمه عشرة لبطلان الأول لاستغراقه، والثاني لترتبه عليه، وقيل: ثلاثة ومحل بطلان المستغرق عند الاقتصار عليه، فإن عقبه بما يصححه صح، وقيل سبعة ويحصل الاستثناء الثاني عائدا للأصل لبطلان الأول لاستغراقه.
ثم قال الجمهور: يصح استثناء المساوي نحو: (له علي خمسة إلا خمسة) والأكثر نحو: (له علي عشرة إلا تسعة) وقيل: يمتنع استثناء الأكثر، وحكاه البيضاوي عن الحنابلة وقيل: يمتنع المساوي أيضا وحكاه الشيخ أبو إسحاق والآمدي وابن الحاجب عن الحنابلة, وحكاه الشيخ أبو حيان عن نحاة البصرة وبه قال القاضي أبو بكر، وقال قوم: إن كان العدد صريحا لم يجز استثناء الأكثر نحو: (عشرة إلا تسعة) وإلا جاز مثل: خذ هذه الدراهم إلا ما في الكيس الفلاني، وكان ما فيه أكثر من الباقي كذا قرره الشارح، ومقتضى عبارة المصنف أنه يمتنع استثناء المساوي أيضا فيما إذا كان العدد صريحا، والله أعلم.
ص: وقيل: لا يستثنى من العدد عقد صحيح، وقيل: مطلقا.
ش: في الاستثناء من العدد مذاهب:
المشهور: الجواز مطلقا كغيره.
والثاني: المنع مطلقا، وصححه ابن عصفور، وأجاب عن قوله تعالى: {فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما} بأن الألف يستعمل في التكثير كقولك: اقعد ألف سنة أي زمنا طويلا وذكر المصنف في (شرح المختصر) أن القاضي حسين والمتولي ذهبا إليه حيث قالا: لو قال لنسوته الأربع: أربعتكن طوالق إلا ثلاثة لم يصح لأنه نص.
وقال الشارح: ليس كما قال، فإنهما صرحا بالجواز مع تقدم الاستثناء كقوله أربعتكن إلا فلانة طوالق وذلك لوقوع الحكم بعد الإخراج فلا تناقض بخلاف التأخير ولو كان مدركهما ما توهمه المصنف لمنعاه مطلقا.
الثالث: أنه لا يجوز استثناء عقد صحيح، نحو: له مائة إلا عشرة ويجوز إلا ثلاثة.
ص: والاستثناء من النفي إثبات وبالعكس خلافا لأبي حنيفة.
ش: الاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، هذا مذهب الشافعي والجمهور، وخالف أبو حنيفة فيهما كما حكاه الصفي الهندي، وتبعه المصنف، لكن الإمام في (المعالم) جعل الخلاف في الأولى فقط، وحكى الاتفاق على أن الاستثناء من الإثبات نفي، فلو قدم المصنف ذكر الاستثناء من الإثبات لفهم منه موافقة الإمام في تخصيص الخلاف بالاستثناء من النفي، فلما عكس تبين أن قوله خلافا لأبي حنيفة عائد إليهما.
ص: والمتعددة إن تعاطفت فللأول وإلا فكل لما يليه ما لم يستغرقه.
ش: الاستثناءات المتعددة إن تعاطفت أي عطفت بعضها على بعض فإنها ترجع كلها إلى الأول، وهو المستثنى منه، نحو: له علي عشرة إلا أربعة، وإلا ثلاثة وإلا اثنتين فلا يلزمه في هذه الصورة سوى درهم، وإن لم يعطف بعضها على بعض، رجع كل منهما لما يليه لا إلى المستثنى منه نحو: له علي عشرة، إلا ثمانية إلا سبعة، فالسبعة مثبتة مستثناة من الثمانية، فتضم إلى ما بقي من العشرة بعد الثمانية، وهو اثنان فيكون مقرا بتسعة، إلا أن يكون الاستثناء الثاني مستغرقا للأول، فيعودان معا للمستثنى منه، كقوله: له علي عشرة إلا ثلاثة، فيكن مقرا بأربعة.
ص: والوارد بعد جمل متعاطفة للكل تفريقا، وقيل: جمعا، وقيل: إن سيق الكل لغرض، وقيل: إن عطف بالواو، وقال أبو حنيفة والإمام: للأخيرة وقيل: مشترك وقيل بالوقف، والوارد بعد مفردات أولى بالكل.
ش: الاستثناء الواقع عقب جمل عطف بعضها على بعض، كقوله تعالى {والذين يرمون المحصنات} الآية، اختلف فيه على أقوال:
أحدها – وهو مذهب الشافعي -: أنه يعود للجميع إلا أن يقوم الدليل على إرادة البعض، كما في هذه الآية، فإنه حكم فيها بجلد القاذف، وعدم قبول شهادته، وأنه فاسق، ثم استثنى من تاب فلا يبقى فاسقا ولا مردود الشهادة، لكن الجلد لا يسقط، لما تقرر من أن حد الآدمي لا يسقط بالتوبة وقوله: (تفريقا وقيل: جمعا) لم يذكره الشارح ولم يشرحه وأشار به إلى الخلاف في أن المفرق يجمع أو يبقى على تفريقه, فإن جمعناه أعدنا الاستثناء للمجموع منهما وإن أبقيناه على تفريقه وهو الأصح جعلنا الاستثناء من كل منهما كما لو قال: أنت طالق ثلاثا وثلاثا إلا أربعا، فإن قلنا: إن المفرق لا يجمع وهو الأصح أوقعنا الثلاث؛ لأن قوله: إلا أربعاً, استثناء من كل منهما, وهو باطل لاستغراقه وإن جمعنا المفرق فكأنه قال: ستا إلا أربعا فيقع ثنتان ولم أر من تعرض لهذا التفريع وإن كان الخلاف في التفريق والجمع معروفا.
فقوله: تفريقا أي يجعل الاستثناء من كل من المفرقين مع بقائهما على تفريقهما.
وقوله: وقيل: جمعا، أي: يجمع المفرق ويستثنى ذلك من الحاصل منهما، وقد عرفت كيفية ظهور ثمرة الخلاف وتوقف ابن الرفعة في نسبة هذا المذهب للشافعي، لنقل ابن الصباغ عن نص البويطي فيما لو قال: أنت طالق ثلاثا وثلاثا إلا أربعة، أنه يقع ثلاث، ثم قال ابن الصباغ: وهذا إنما هو لأنه أوقع جملتين، واستثنى إحداهما بجملتها فلم يقع لأن الاستثناء يرجع إلى الأخيرة من الجملتين.
وأجاب المصنف في (شرح المختصر) عن هذا بتخصيص المسألة بغير العدد، وليس كما قال.
وأجاب عنه الشارح بأن شرط العود للجميع إمكان عوده إلى كل واحد منهما وهو منتف هنا فلهذا اختص بالأخيرة والحق عندي بناؤه على ما قررته قريبا، والله أعلم.
المذهب الثاني: أنه يعود للكل إن سيق الكل لغرض واحد، كأكرم بني تميم، واخلع عليهم، فإن الغرض فيهما التعظيم، فإن اختلفا عاد للأخيرة فقط وهو قول أبي الحسين البصري من المعتزلة.
الثالث: عوده للكل إن كان العطف بالواو فإن كان بـ (ثم) أو غيرها اختص بالأخيرة وبه قال إمام الحرمين، وعليه جرى الآمدي وابن الحاجب وهو الذي في (المحرر) للرافعي، و(المنهاج) للنووي وتوهم بعضهم أن ذلك قيد في المسألة وليس كذلك بل هو قول مخالف للمشهور، وهو الذي يقتضيه كلام المصنف، وصرح الغزالي في (البسيط) في الوقف بأن كل حرف يقتضي الترتيب كذلك، وصرح القاضي أبو بكر في (التقريب) بالفاء وغيرها، وهو المعتمد.
وقد أفردت ذلك بالكلام عليه.
الرابع: اختصاصه بالجملة الأخيرة وبه قال أبو حنيفة، ولهذا قال: إن شهادة القاذف مردودة، ولو تاب، واختاره الإمام فخر الدين في (المعالم).
الخامس: أنه مشترك بينهما لوروده تارة للجميع، وتارة للأخيرة، وبه قال المرتضى من الشيعة.
السادس: الوقف في المسألة لعدم العلم بمدلوله، وبه قال القاضي أبو بكر والغزالي واختاره الإمام فخر الدين في (المحصول) و(المنتخب).
أما الاستثناء المتعقب للمفردات فهو أولى بعوده لكلها لعدم استقلالها، ولهذا اقتضى كلام جماعة الاتفاق فيها. وقال الرافعي في الطلاق: إذا قال: حفصة وعمرة طالقان إن شاء الله – فهو من باب الاستثناء عقب الجمل.
ص: أما القران بين الجملتين لفظا فلا يقتضي التسوية في غير المذكور حكما خلافا لأبي يوسف والمزني.
ش: القران بين الجملتين في اللفظ في حكم من الأحكام لا يقتضي التسوية بينهما في غيره عند الجمهور، ويدل له قوله تعالى: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه} فعطف واجبا على مباح، وقال أبو يوسف والمزني: إنه يقتضي التسوية، لأن العطف يقتضي الشركة، واستدل بعض الحنفية بذلك على أنه لا تجب الزكاة في مال الصبي كما لا تجب عليه الصلاة لقرنهما في قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} لكن الذي في كتب الحنفية تخصيص ذلك بالجمل الناقصة نحو قوله: {فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا} فهما كجملة واحدة والإشهاد في المفارقة غير واجب، وكذا في الرجعة بخلاف قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} فإن كلا من الجملتين مستقلة بنفسها فلا يقتضي ثبوت الحكم في إحداهما ثبوته في الأخرى.