ومن سورة التكاثر
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {ألهاكم التّكّاثر...}.
نزلت في حيين من قريش تفاخروا: أيهم أكثر عددا؟؛ وهما: بنو عبد مناف وبنو سهم فكثرت بنو عبد مناف بني سهم، فقالت بنو سهم: إن البغي أهلكنا في الجاهلية، فعادّونا بالأحياء والأموات فكثرتهم بنو سهم، فأنزل الله عز وجل: {ألهاكم التّكّاثر} حتى ذكرتم الأموات، ثم قال لهم: {كلاّ...} ليس الأمر على ما أنتم [عليه]، وقال {سوف تعلمون... ثمّ كلاّ سوف تعلمون...}. والكلمة قد تكررها العرب على التغليظ والتخويف، فهذا من ذاك.
وقوله عز وجل: {علم اليقين...}.
مثل قوله: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين}. المعنى فيه: لو تعلمون علما يقينا.
[معاني القرآن: 3/287]
وقوله عز وجل: {لترونّ الجحيم...}.
{ثمّ لترونّها...} مرتين من التغليظ أيضا. {لترونّها عين اليقين...} عينا لستم بغائبين، فهذا قراءة العوام أهل المدينة، وأهل الكوفة وأهل البصرة بفتح التاء من الحرفين.
[حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال] حدثنا الفراء قال: وحدثني محمد بن الفضل عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رحمه الله أنه قرأ "لترون الجحيم، ثمّ لترونّها"، بضم التاء الأولى، وفتح الثانية. والأوّل أشبه بكلام العرب، لأنه تغليظ، فلا ينبغي أن يختلف لفظه، ألا ترى قوله: {سوف تعلمون، ثمّ كلاّ سوف تعلمون}؟ وقوله عز وجل: {إنّ مع العسر يسراً، إنّ مع العسر يسرا}.
ومن التغليظ قوله في سورة: {قل يأيّها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون} مكرر، كرر فيها وهو معنى واحد، ولو رفعت التاء في الثانية، كما رفعت الأولى كان وجها جيدا.
وقوله عز وجل: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم...}.
قال: إنه الأمن والصحة. وذكر الكلبي بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا في أمر فرجعوا جياعا، فدخلوا على رجل من الأنصار، فأصابوا تمرا وماءا باردا، فلما خرجوا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنكم ستسألون عن هذه وعن هذا؛ فقالوا: فما شكرها يا رسول الله؟ قال: أن تقولوا: الحمد لله.
وذكر في هذا الحديث: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا يسأل عنهن المسلم: طعام يقيم صلبه، وثوب يواري عورته، وبيت يكنه من الحر والبرد).
[معاني القرآن: 3/288]