تابع..تلخيص درس يوم الاثنين:
القسم الثاني: شرح مسائل نزول سورة الفاتحة:
أولا: الخلاف في مكية سورة الفاتحة:
اختلف العلماء في نزول سورة الفاتحة على أقوال:
القول الأول: هي سورة مكية, وهو قول أبي العالية الرياحي والربيع بن أنس البكري.
وقد استدل جماعة من المفسرين لهذا القول بقوله تعالى:(ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) , وهذه الآية من سورة الحجر وهي مكية باتفاق العلماء.
وهو استدلال قوي والله أعلم.
وهذا القول هو قول جمهور المفسرين , قال الثعلبي:(وعلى هذا أكثر العلماء).
وقال البغوي:(وهي مكية على قول الأكثرين).
والقول الثاني: هي مدنية , وهو قول مجاهد بن جبر.
والقول الثالث: نزلت مرتين: مرة بمكة ومرة بالمدينة , وهذا القول نسبه الثعلبي والواحدي في البسيط والبغوي في معالم التنزيل إلى الحسن بن الفضل البجلي.
والقول الرابع: نزل نصفها بمكة , ونصفها الآخر بالمدينة , وهذا القول ذكره أبوالليث السمرقندي في تفسيره المسمى "بحر العلوم" , قال:(ويقال: نصفها نزل بمكة ونصفها نزل بالمدينة)اهـ
وهو قول باطل لاأصل له , ولم ينسبه أبو الليث إلى أحد.
والراجح من هذه الأقوال :
القول الأول , وهو أن سورة الفاتحة مكية لقوله تعالى :(ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) وسورة الحجر مكية بالاتفاق,
وقد صح تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للمراد بالسبع المثاني أنها فاتحة الكتاب , وقد تقدم أن هذا هو قول جمهور المفسرين والله أعلم.
-----------------------------
ثانيا: خبر نزول سورة الفاتحة:
جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال:(بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم , سمع نقيضا من فوقه , فرفع رأسه , فقال:(هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم) , فنزل منه ملك فقال:(هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم ) فسلّم وقال :(أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك:فاتحة الكتاب , وخواتيم سورة البقرة , لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته).
وفي هذا الحديث بشارات عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته دونا عن سائر الأمم ,
ومن هذه البشارات :
البشارة الأولى: أنها نور عظيم البركة يبصّر العبد بربه وبمايقربه إليه.
البشارة الثانية: أن هذه السورة كرامة خاصة لهذه الأمة دونا عن سائر الأمم.
البشارة الثالثة: دعوة الداعي بها مستجابة , (لن تقرأ بحرف منها إلا أعطيته).
--------------------
ثالثا: ترتيب نزول سورة الفاتحة:
لايصح في ترتيب نزول سورة الفاتحة حديث ولا أثر , ولاتحديد لتاريخ نزولها , والوارد في هذا حديث مرسل , وآثار ضعيفة لايعتمد عليها في شئ والله أعلم.
--------------------
رابعا: نزولها من كنز تحت العرش:
وأما نزولها من كنز تحت العرش فلم يأت في هذا دليل صحيح , غاية ماهنالك حديثان شديدا الضعف لايحتج بهما , والثابت في هذا أن الذي نزل من تحت العرش خواتيم سورة البقرة , ويدل على هذا حديث حذيفة عند أحمد وأبي داود والنسائي وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(فضلنا على الناس بثلاث...) ومنها:(و أوتيت هؤلاء الآيات آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش...) الحديث.
وبهذا أكملت تلخيص درس يوم الاثنين والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.