(ومَن شَكَّ في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ)؛ بأن تَرَدَّدَ: أَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أم ثَلاثَةً؟ مَثَلاً, (أَخَذَ بالأَقَلِّ)؛ لأنَّه المُتَيَقَّنُ، ولا فَرْقَ بينَ الإمامِ والمُنْفَرِدِ، ولا يَرْجِعُ مَأْمُومٌ وَاحِدٌ إلى فِعْلِ إِمَامِه، فإذا سَلَّمَ أَتَى بما شَكَّ فيهِ, وسَجَدَ وسَلَّمَ، وإن شَكَّ: هل دخَلَ معَهُ في الأُولَى أو الثَّانِيَةِ؟ جَعَلَهُ في الثَّانِيَةِ؛ لأنَّه المُتَيَقَّنُ.
وإن شَكَّ مَن أَدْرَكَ الإمامَ رَاكِعاً: أرَفَعَ الإمامُ رَأْسَهُ قبلَ إِدْرَاكِه رَاكِعاً أم لا؟ لم يَعْتَدَّ بتلكَ الرَّكْعَةِ؛ لأنَّه شَاكٌّ في إِدْرَاكِهَا, ويَسْجُدُ للسَّهْوِ، (وإن شَكَّ) المُصَلِّي (في تَرْكِ رُكْنٍ, فكَتَرْكِه)؛ أي: فكما لو تَرَكَهُ, يَأْتِي به وبما بَعْدَهُ إن لم يَكُنْ شَرَعَ في قراءَةِ التي بعدَهَا، فإن شرَعَ في قِرَاءَتِهَا صَارَت بَدَلاً عَنْهَا. (ولا يَسْجُدُ) للسَّهْوِ؛ (لشَكِّه في تَرْكِ وَاجِبٍ)؛ كتَسْبِيحِ رُكُوعٍ ونَحْوِه، (أو) لشَكِّه في (زِيَادَةٍ), إلاَّ إذا شَكَّ في الزِّيَادَةِ وَقْتَ فِعْلِهَا؛ لأنَّه شَكَّ في سَبَبِ وُجُوبِ السُّجُودِ، والأَصْلُ عَدَمُه، فإن شَكَّ في أَثْنَاءِ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ: أهي رَابِعَةٌ أم خَامِسَةٌ؟ سَجَدَ؛ لأنَّه أدَّى جُزْءاً مِن صَلاتِه مُتَرَدِّداً في كَوْنِه مِنْهَا، وذلكَ يُضْعِفُ النِّيَّةَ.
ومَن شَكَّ في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ, وبَنَى على اليَقِينِ, ثُمَّ زَالَ شَكُّه, وعَلِمَ أنَّهُ مُصِيبٌ فيما فَعَلَهُ- لم يَسْجُدْ.
(ولا سُجُودَ على مَأْمُومٍ) دَخَلَ معَ الإمامِ مِن أَوَّلِ الصَّلاةِ (إلاَّ تَبَعاً لإمَامِه) إن سَهَا على الإمَامِ فيُتَابِعُه, وإن لم يُتِمَّ ما عليهِ مِن تَشَهُّدٍ ثُمَّ يُتِمُّه، فإن قامَ بعدَ سَلامِ إِمَامِه رجَعَ فسَجَدَ معَهُ، ما لم يَسْتَتِمَّ قَائِماً, فيُكْرَهُ له الرُّجُوعُ، أو يَشْرَعْ في القِرَاءَةِ, فيَحْرُمُ.
ويَسْجُدُ مَسْبُوقٌ سَلَّمَ معَهُ سَهْواً, ولسَهْوِه معَ إِمَامِه، أو فيما انفَرَدَ به لم يَسْجُدِ الإمامُ للسَّهْوِ، [و] سَجَدَ مَسْبُوقٌ إذا فَرَغَ وغَيْرُه بعدَ إِيَاسِه مِن سُجُودِه.
(وسُجُودُ السَّهْوِ لِمَا)؛ أي: لفِعْلِ شَيْءٍ أو تَرْكِه (يُبْطِلُ) الصَّلاةَ؛ (عَمْدُه)؛ أي: تَعَمُّدُه، ومِنْهُ اللَّحْنُ المُحِيلُ للمَعْنَى سَهْواً أو جَهْلاً- (وَاجِبٌ)؛ لفِعْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وأَمْرِه به في غَيْرِ حَدِيثٍ، والأمرُ للوُجُوبِ.
ومَا لا يُبْطِلُ عَمْدُه؛ كتَرْكِ السُّنَنِ وزِيَادَةِ قَوْلٍ مَشْرُوعٍ غَيْرِ السَّلامِ في غيرِ مَوْضِعِه؛ لا يَجِبُ له السُّجُودُ, بل يُسَنُّ في الثَّانِي.
(وتَبْطُلُ) الصَّلاةُ (بـ) تَعَمُّدِ (تَرْكِ سُجُودِ سَهْوٍ) وَاجِبٍ. (أَفْضَلِيَّتُهُ قَبْلَ السَّلامِ فَقَطْ), فلا تَبْطُلُ بتَعَمُّدِ تَرْكِ سُجُودٍ مَسْنُونٍ ولا وَاجِبٍ, بل أَفْضَلِيَّتُه بعدَ السَّلامِ، وهو ما إذا سَلَّمَ قَبْلَ إِتْمَامِهَا؛ لأنَّه خَارِجٌ عَنْهَا, فلم يُؤَثِّرْ في إِبْطَالِهَا، وعُلِمَ مِن قَوْلِه: أَفْضَلِيَّتُه أنَّ كَوْنَهُ قَبْلَ السَّلامِ أو بَعْدَهُ نَدْبٌ؛ لوُرُودِ الأحاديثِ بكُلٍّ مِن الأمرَيْنِ, (وإن نَسِيَهُ)؛ أي: نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ الذي مَحَلُّه قَبْلَ السَّلامِ (وسَلَّمَ), ثُمَّ ذَكَرَ, (سَجَدَ) وُجُوباً, (إن قَرُبَ زَمَنُه) وإن شَرَعَ في صَلاةٍ أُخْرَى، فإذا سَلَّمَ- وإن طَالَ الفَصْلُ عُرْفاً- أو أَحْدَثَ أو خَرَجَ مِن المَسْجِدِ, لم يَسْجُدْ, وصَحَّتْ صَلاتُه.
(ومَن سَهَا) في صَلاةٍ (مِرَاراً, كفَاهُ) لجَمِيعِ سَهْوِه (سَجْدَتَانِ), ولو اختَلَفَ مَحَلُّ السُّجُودِ، ويَغْلِبُ ما قَبْلَ السَّلامِ لسَبْقِه.
وسُجُودُ السَّهْوِ ومَا يُقَالُ فيهِ وفي الرَّفْعِ مِنْهُ, كسُجُودِ صُلْبِ الصَّلاةِ، فإن سَجَدَ قَبْلَ السَّلامِ أَتَى به بَعْدَ فَرَاغِه مِن التَّشَهُّدِ, وسَلَّمَ عَقِبَهُ، وإِن أَتَى [به] بَعْدَ السَّلامِ جَلَسَ بعدَه مُفْتَرِشاً في ثُنَائِيَّةٍ ومُتَوَرِّكاً في غَيْرِها, وتَشَهَّدَ وُجُوباً التَّشَهُّدَ الأخيرَ, ثُمَّ سَلَّمَ؛ لأنَّه في حُكْمِ المُسْتَقِلِّ في نَفْسِه.