دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 ربيع الثاني 1432هـ/30-03-2011م, 02:59 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ


وَيَصِحُّ مِنْهُ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَأَقَلَّ .............................
هذا الفصل في الاستثناء في الطلاق.
الاستثناء: لغة من الثنيا، وهي الرجوع، يقال: ثنا بمعنى رجع، ومنه اثنان؛ لأن اثنين رجوع واحد مع آخر معه.
وأما في الاصطلاح: فهو إخراج بعض أفراد العام بإلا أو إحدى أخواتها، أو نقول: إخراج ما لولاه لدخل في الكلام بإلا أو إحدى أخواتها، فإذا قلت: قام القوم إلا زيداً، فلولا هذا الاستثناء لكان زيد قائماً، وقام القوم غير زيد، وقام القوم سوى زيد، وقام القوم حاشا زيداً، وقام القوم لا يكون زيداً، وقام القوم ليس زيداً، فكل أدوات الاستثناء مثل إلا.
والاستثناء له شروط، وليس كل استثناء يصح، قال المؤلف في الشرط الأول:
«ويصح منه» أي: من الزوج، فيشترط أن يكون الاستثناء من المتكلم نفسه، فلو استثنى غيرُه من عموم كلامه لم يصح، فلو قال شخص: كل النساء طوالق، فقال واحد بجنبه: إلا فاطمة، فإنها تطلق؛ لأن المستثنِي غير المتكلم.
قوله:: «استثناء النصف فأقل» هذا هو الشرط الثاني: أن يكون المُستثنَى النصف فأقل، فإذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إلا ثنتين، تطلق ثلاثاً؛ لأنه استثنى أكثر من النصف فيلغى، ولو قال: نسائي الأربع طوالق إلا ثلاثاً يطلقن كلهن؛ لأن الاستثناء أكثر من النصف فيلغى.
فإن قال قائل: هذا ينتقض عليكم بالقرآن الكريم، قال الله تعالى مخاطباً الشيطان: {{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ *}} [الحجر] ، ومن اتبعه من الغاوين أكثر من النصف، تسعمائة وتسعة وتسعون بالألف[(1)]، فبماذا تجيبون؟
قلنا: إذا كانت الأكثرية مستفادة بالصفة فإنها لا تضر، ويجوز الاستثناء ولو كان أكثر، حتى لو افترضنا أن الاستثناء يقضي على كل المستثنى صح، فلو قلت: أكرم من في هذا المجلس إلا من عليه قميصٌ يصح الاستثناء، وعلى هذا ما نكرم ولا واحداً منهم؛ لأن كل واحد عليه قميص، وهنا قوله تعالى: {{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ}}، هذه الكثرة مستفادة بالوصف {{مَنِ اتَّبَعَكَ}} لأن اسم الموصول بمنزلة الوصف؛ إذ إن {{مَنِ اتَّبَعَكَ}} بمعنى المتَّبِع لك، وعلى هذا فلا يضر، أما إذا كـان من عـدد، كأنتِ طالق ثلاثاً إلا ثنتين، أو أكرم ثلاثة رجال إلا رجلين، أو عندي لك عشرة دراهم إلا سبعة، فلا يصح الاستثناء، ويلزمني عشرة، أو عندي لك مائة ريال إلا واحداً وخمسين ريالاً فيلزمني مائة؛ لأني استثنيت أكثر من النصف.
فإذا قال قائل: ما الدليل على أنه ما يصح؟
قالوا: لأن اللغة العربية لا تأتي على هذا الأسلوب، فإذا كان عليك ـ مثلاً ـ ثلاثة دراهم فما تقول: عليَّ عشرة إلا سبعة، لكن تقول: عليَّ ثلاثة، هذا هو الأسلوب المعروف في اللغة العربية، وما خرج عن الأسلوب العربي فلا عبرة به.
وقال بعض أهل العلم: إن استثناء أكثر من النصف لا بأس به، وليس لكم أن تحجروا على الناس أقوالهم، ولو فرضنا أن هذا ليس من فصيح لسان العرب، لكنه معنى معقول، وإذا جعلتموه معقولاً في الوصف حتى ربما يرتفع المستثنى منه كله، فلماذا لا تجيزونه في العدد؟!
وهذا هو القول الراجح أنه يصح استثناء أكثر من النصف؛ لأن المدار على المعنى، وعلى ما أراده المتكلم، أما كونه فصيحاً أو غير فصيح في اللغة العربية فهذا شيء ثانٍ، صحيح أننا نقول لمن قال: عندي لك عشرة إلا سبعة: هذا كلام لا ينبغي، لكن أن نلزمه بعشرة فليس بصحيح.

مِنْ عَدَدِ الطَّلاَقِ وَالْمُطَلَّقَاتِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إِلاَّ وَاحِدَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ قَالَ: ثَلاَثاً إِلاَّ وَاحِدَةً فَطَلْقَتَانِ، وَإِنِ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ مِنْ عَدَدِ الْمُطَلَّقَاتِ صَحَّ دُونَ عَدَدِ الطَّلَقَاتِ، وَإِنْ قَالَ: أَرْبَعُكُنَّ إِلاَّ فُلاَنَةَ طَوَالِقُ صَحَّ الاسْتِثْنَاءُ، ............................................
قوله: «من عدد الطلاق والمطلقات، فإذا قال: أنت طالق طلقتين إلا واحدة وقعت واحدة، وإن قال: ثلاثاً إلا واحدة فطلقتان» ومثال المطلقات أن يقول: نسائي الأربع طوالق إلا ثلاثاً فتطلق الأربع.
قوله: «وإن استثنى بقلبه من عدد المطلقات صح دون عدد الطلقات» هنا مسألتان:
المسألة الأولى : إذا استثنى من عدد المطلقات، ولها صورتان:
الأولى : أن يذكر ذلك بلفظ عام بدون عدد، ويستثني بقلبه شيئاً منه، مثل: أن يقول: نسائي طوالق، وينوي إلا هنداً فيصح؛ لأن «نسائي» لفظ عام، والعام قد يستعمل في الخاص، فيمكن للمتكلم أن يريد باللفظ العام شيئاً مخصوصاً من هذا العام، قال الله عزّ وجل: {{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}} [آل عمران: 173] ، هل القائل الناس كلهم؟ لا، يقال: إنه نعيم بن مسعود الأشجعي، قال للرسول صلّى الله عليه وسلّم: إن أبا سفيان قد جمع لكم[(2)]، وعلى هذا يكون القائل واحداً، والجامع واحداً، مع أن «الناس» لفظ عموم.
الثانية : أن يذكر ذلك بصريح العدد، ويستثني بقلبه شيئاً من المعدود، مثل أن يقول: نسائي الأربع طوالق، فهذا صريح، وينوي إلا هنداً، فظاهر كلام المؤلف: أن ذلك صحيح، ولكن كلامه ليس بصحيح، والصواب: أن الاستثناء لا يصح؛ لأن النية لا تؤثر في الصريح.
المسألة الثانية: أن يستثني من عدد الطلقات، فإذا قال: أنت طالق ثلاثاً، قلنا: بانت منك زوجتك، فإذا قال: أنا قصدت ثلاثاً إلا واحدة، قلنا: لا يصح؛ لأن الصريح لا تؤثر فيه النية.
قوله: «وإن قال: أربعكن إلا فلانة طوالق صح الاستثناء» لماذا أتى المؤلف بها مع أنه معلوم مما سبق؟ أتى به ليبين أنه لا فرق بين أن يتقدم الاستثناء، أو يتأخر، فلو قال: أربعكن طوالق إلا فلانة صار الاستثناء متأخراً، كذلك لو قدم الاستثناء لا يضر، أربعكن إلا فلانة طوالق يجوز، ففائدة هذا المثال الذي ذكره جواز الاستثناء مقدماً قبل أن تتم الجملة، كما أنه يصح ـ أيضاً ـ مؤخراً بعد تمام الجملة.

وَلاَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ لَمْ يَتَّصِلْ عَادَةً، فَلَوِ انْفَصَلَ وَأمْكَنَ الْكَلاَمُ دُونَهُ بَطَلَ، وَشَرْطُهُ النِّيَّةُ قَبْلَ كَمَالِ مَا اسْتُثْنِيَ مِنْهُ.
قوله: «ولا يصح استثناء لم يتصل عادة» هذا هو الشرط الثالث من شروط الاستثناء، أن يكون الاستثناء متصلاً بحسب العادة والعرف بالمستثنى منه، بحيث لا يفصل بينه وبينه كلام، فإن فصل بينهما بكلام أو سكوت يمكنه الكلام فيه، فإن الاستثناء لا يصح، فلو قال: أنت طالق ثلاثاً ـ وهو ناوٍ أن يستثني، ثم قال: ـ انتبهي، ثم قال: إلا واحدة فلا يصح؛ لأنه فصل بين الاستثناء والمستثنى منه، ولو قال: أنت طالق ثلاثاً ثم سكت سكوتاً يمكنه الكلام فيه، ثم قال: إلا واحدة فلا يصح؛ لأنه لا بد من الاتصال، ولو قال: نسائي الأربع طوالق، ثم أخذه عطاس وبقي في العطاس خمس دقائق، ثم قال: إلا فلانة يصح؛ لأنه لا يمكن أن يتكلم.
وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال باشتراطه، ومنهم من لم يقل باشتراطه، والصحيح: أنه ما دام الكلام واحداً فإنه لا يشترط.
والدليل على ذلك أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما فتح مكة قام في ذلك اليوم، وخطب الناس، وبَيَّن حرمة مكة، وقال: ((إنه لا يختلى خَلاها، ولا يعضد شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد)) ، ثم ذكر كلاماً فقال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله؟ فقال: ((إلا الإذخر)) [(3)]، مع أن الكلام غير متصل، وكذلك سليمان بن داود ـ عليهما الصلاة والسلام ـ قال: والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحد منهن غلاماً، يقاتل في سبيل الله، فقال له المَلَك: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لو قال: إن شاء الله لم يحنث ولكان دركاً لحاجته)) [(4)]، وفي لفظ: «لو قال: إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعين» [(5)]، مع أنه منفصل.
فالصواب: أنه ما دام الكلام واحداً فإنه يصح الاستثناء، وهذا دائماً يحدث، يقول الإنسان: كلكن طوالق، ثم يندم، ويقول: إلا فلانة بعد أن سكت.
وكذلك لو قال: أنت طالق ثلاثاً، ثم سكت، ثم ندم وقال: إلا واحدة، فالصواب: أنه يصح؛ لأن الأدلة واضحة، وأما مقدار الفصل في السكوت فهو ما جرى به العرف.
قوله: «فلو انفصل وأمكن الكلام دونه بطل» أي: انفصل الاستثناء، وأمكن الكلام بينه وبين المستثنى منه، فإنه يبطل الاستثناء لوجود الفصل، وكذلك لو تكلم بينهما بكلام أجنبي؛ لأنه إذا كان السكوت الذي يتمكن فيه من الكلام مبطلاً للاستثناء، فالكلام نفسه من باب أولى، فإذا تكلم بكلام خارج عن موضوع الكلام لا يتصل بالمستثنى، فإنه يبطل الاستثناء ولا يصح، ولكن الصحيح ما ذكرته من قبل، وهو أنه ما دام الكلام واحداً وهو في مجلسه، وما زال يتحدث فإنه يعتبر كلاماً متصلاً، ويصح الاستثناء فيه.
قوله: «وشرطه النية قبل كمال ما استثني منه» هذا هو الشرط الرابع من شروط الاستثناء، أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه لا بعده، وهنا ثلاث حالات: أن ينويه قبل، أو بعد، أو في الأثناء.
فاشتراط أن ينويه قبل أن يتكلم قال به بعض أهل العلم، لكنه ليس المذهب، وهو ضعيف.
ونية الاستثناء في أثناء الكلام تصح وهو المذهب.
ونية الاستثناء بعد تمام الكلام على المذهب لا تصح، بل يشترط أن ينوي الاستثناء قبل أن يتم المستثنى منه، فلو قال: نسائي الأربع طوالق، ثم في الحال قال: إلا فلانة، لكن ما نوى الاستثناء إلا بعد أن تمت الجملة الأولى فهو على المذهب لا يصح.
والصحيح أنه يصح أن ينويه بعد أن يتم الكلام، وقصة سليمان صلّى الله عليه وسلّم[(6)] دليل على ذلك، وقصة العباس دليل على ذلك ـ أيضاً ـ؛ لأن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ استثنى فقال: ((إلا الإذخر)) [(7)] ولم ينوِه قبل ذلك، إذ لو نواه لقاله، لكنه لم ينوه إلا بعد أن ذكّره العباس رضي الله عنه، فاستثناه.
إذاً الصواب أن النية قبل تمام المستثنى منه ليست بشرط، وأنه يجوز أن ينوي ولو بعد أن تم الكلام، سواء تذكر هو بنفسه أو ذكَّره أحد.
إذن شروط الاستثناء أربعة:
الأول : أن يكون المستثنى والمستثنى منه من متكلم واحد.
الثاني : أن يكون المستثنى من النصف فأقل إذا كان من عدد.
الثالث : أن يكون متصلاً بالمستثنى منه.
الرابع : أن ينويه قبل تمام المستثنى منه.
وهذه الشروط التي في الاستثناء ليست خاصة بالطلاق، بل هي شرط في كل الاستثناءات.
ولا يظهر دليل واضح على هذه الشروط، إلا على الشرط الأول فقط، وهو أن يكون من متكلم واحد؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما اكتفى باستثناء العباس رضي الله عنه، ولو كان الاستثناء يصح من متكلم آخر لسكت الرسول صلّى الله عليه وسلّم وصح، فما يتبين لي من السنة دليل على أن هذه الشروط صحيحة إلا الشرط الأول فقط، فشرط النية وشرط الاتصال قام الدليل على خلافهما، وشرط أن يكون من النصف فأقل تعليله ضعيف.
فالذي يتبين لي أن الشرط الأول فقط هو المعتمد.




[1] كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب قضية يأجوج ومأجوج... (3348)، ومسلم في الإيمان/ باب قوله: «يقول الله لابن آدم...» (222) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[2] انظر: تفسير الطبري (2/294).
[4] أخرجه مسلم في الحج/ باب تحريم مكة (1353) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
[5] أخرجه البخاري في كفارات الأيمان/ باب الاستثناء في الأيمان (6720)، ومسلم في النذر/ باب الاستثناء في اليمين وغيرها (1654) (23) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[6] أخرجه البخاري في الجهاد/ باب من طلب الولد للجهاد (2819)، ومسلم في الموضع السابق (1654) (25).
[7] سبق تخريجه ص(109).
[8]سبق تخريجه ص(108).


التوقيع :

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الاستثناء, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir