الفصل الثامن: داود ذو الأيد: أنبياء وملوك:
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ( الفصل الثامن
داود ذو الأيد: أنبياء وملوك
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/131]
يتناول هذا الفصل تفسير اثنى عشر اسمًا علمًا، هي: طالوت – جالوت – داود – الزبور – سليمان – إلياس – اليَسَع – ذو الكفل – يونس – أيوب – عزير – لقمان.
والترتيب التاريخي للأعلام الخمسة الأولى: طالوت – جالوت – داود – الزبور – سليمان، ترتيب تتفق فيه التوراة مع القرآن. فطالوت هو شاؤول، أول ملوك بني إسرائيل، سألوا نبيا لهم أن يبعث الله عليهم ملكًا فبعث الله عليهم طالوت ملكًا، وهو شاؤول كما مر بك، ومعنى «شاؤول» عبريًا هو السؤل والطلبة كما سترى. وجالوت من جبابرة الفلسطينيين الذين كانت بينهم وبين إسرائيل حروب على عصر شاؤول. وداود كان يمشي في عسكر شاؤول، فخرج إلى مبارزة جالوت، وقتل داود جالوت [البقرة: 246 – 252]. والزبور هو «المزامير» في أسفار العهد القديم، وحي الله على داود كما تعلم. أما سليمان فهو ابن داود عليهما السلام، خلف أباه في بني إسرائيل فورث العرش كما ورث النبوة.
أما الأعلام السبعة الأخرى: إلياس – اليسع – ذو الكفل – يونس – أيوب – عزير – لقمان، فلا يستبين لها ترتيب مقطوع به في القرآن. ولكنك تجد في التوراة إلياس في أعقاب سليمان، وتجد اليسع تلميذًا لإلياس، ويجيء ذو الكفل من خلفاء اليسع. أما يونس وأيوب فلا ترتيب لهما تطمئن إليه في التوراة، فجئنا بهما الواحد بعد الآخر، قبل عزير. وأما لقمان فقد انفرد به القرآن ولم تسمه التوراة.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/132]
وليس المراد من عنوان هذا الفصل - «أنبياء وملوك» - أن رجاله جميعًا إما أنبياء وإما ملوك، أو أنهم ملوك أنبياء. نعم، قد كان منهم الملكُ النبي مثل داود وسليمان، وكان منهم الملك فحسب مثل شاؤول (طالوت) الذي كان ملكًا ولم يكن نبيًا، وكان منهم إلياس واليسع وذو الكفل ويونس وأيوب، أنبياء ليسوا بملوك. ولكن منهم أيضًا من ليس هذا ولا ذاك: جالوت، جبار فلسطيني عابد وثن، لا تثبت له التوراة صفة الملك على الفلسطينيين، ولا يُثبتها له القرآن، وإنما يثبت له صفة قائد جندهم أو أمير جُموعهم كما تجد في قوله عز وجل: {فلما برزوا لجالوت وجنوده} [البقرة: 250]، بينما هو في التوراة شجاع عملاق من أبطال جند الفلسطينيين فحسب. وثم أيضًا عزير، لا نبي ولا ملك. وثم أيضًا لقمان الذي انفرد به القرآن ولا تتجاوز به رتبة الصديق، فلم تثبت له النبوة في القرآن أو في حديث صحيح.
وإنما الإشارة بهذا العنوان - «أنبياء وملوك» - هي إلى داود وسليمان، أبرز أعلام هذا الفصل، اللذين انفردا بالملك والنبوة جميعًا، صلوات الله وسلامه على جميع رسله وأنبيائه).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/ 130-133]