دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 06:17 PM
وحدة المقطري وحدة المقطري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 234
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


الأسلوب الحجاجي


قال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)} (سورة: التكوير)


المعنى الإجمالي:
في هذه الآيات الكريمات يقسم الله عز وجل بأمور عظيمة على أن القرآن كلامه أوحاه إلى عبده ورسوله البشري محمد -صلى الله عليه وسلم- بواسطة الرسول الملكي جبريل.
وذكر في طيات هذا الخبر براهين عدة على صدق خبره.


المعنى التفصيلي:
قال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)}
أقسم الله تعالى بالخنس وهي النجوم المختفية في النهار متوارية بضوئه عن البصر، فإذا طلعت و رآها الناس جرت في أفلاكها، حتى إذا حان موعد غروبها استترت في محالها كما تكنس الضباء في بيوتها، ومنه: تكَنَّسَت المرأةُ؛ إذا دَخَلَت فى هَوْدَجها، وأقسم سبحانه بالليل إذا أقبل وإذا أدبر معلنا طلوع الصباح، وأقسم بالصباح بهوائه ونسماته الباردة ، وفي إقسامه بالنجوم إشارة إلى أن هذا القرآن هداية للسالكين لربهم كما في النجوم هداية للسالكين في ظلمات الليل ، وفي إقسامه بالليل والصباح تنبيه على عظيم قدرته ومنته على خلقه، باعتبار أن الليل والنهار آيتين عظيمتين لا غناء للخلق عن أحدهما ، كما أن هذا القرآن أعظم منة من الله على عباده، وكما قال: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (72) } (سورة: القصص).
وفي إقسام الله بهذه الآيات الكونية تنبيه من الله للمكذبين بشأن القرآن ، وهذا من البراهين العقلية.
ثم بعد هذه الثلاثة الإقسامات ذكر سبحانه المقسم به فقال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُو عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)}


فالمقسم عليه أمران متلازمان؛ أولهما ذكره سبحانه في قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)} أي: هذا القرآن هو قول رسول صفته أنه:
1-كريم، أي ذي خلق وهيئة حسنة، وفي هذا إيماء إلى انه ليس بقول شيطان؛ لأن الشياطين هيئاتها مفزعة بلغت الغاية في القبح كما هو معروف.
2-ذي قوة. وفي التنصيص على أنه قوي ، للتأكيد على شدة القوة التي أعطاها جبريل فوق قوة الملائكة المعروفة، وإيماءً لرد من قد يلتبس عليه الوصف فيظنه الرسول البشري.
وفي قوله تعالى: {عند ذي العرش} -وذو العرش: هو الله- إشارتين:
الأولى: أن هذا الرسول المذكور هو جبريل؛ لأنه هو من عند ربه في السماء أما محمد صلى الله عليه وسلم فهو في الأرض.
الثانية: أنه كريم على ربه؛ ذو قدر عالٍ ومكانة عظيمة. وفي هذا إيماء إلى عظيم قدر محمد صلى الله عليه وسلم لأن ربه اختص رسولا إليه بهذا القدر عنده، فعلى قدر أهمية الرسالة وعظيم شان المرسل إليه تختار الملوك رسلها.
3-مكين؛ أي: ذي جاه ومكانة في الملإ الأعلى عموما وعند ربه خصوصا. وفي هذا إيماء إلى عظيم قدر محمد صلى الله عليه وسلم لأن ربه اختص رسولا إليه بهذه المكانة.
4-مطاع ثَمَّ. وثم بمعنى: هناك، أي: في الملإ الأعلى؛ وفي هذه الصفة (مطاع) إشارة إلى أنه لا يتسلط عليه أحد سوى ربه، فهو من يملي على الملائكة أوامره فيطيعونه.
وبمفهوم الموافقة الأولوي؛ إن كانت الملائكة الكرام مطيعة لجبريل و لا تستطيع مخالفته أو مقاومته؛ فغيرهم من المخلوقات التي لا تداني الملائكة قوة -كالإنس والجان- من باب أولى.
وفي هذه الثلاث الصفات (ذي قوة، مطاع ، مكين) إشارة إلى أنه متمكن من حفظ الوحي فلا أحد يستطيع أن يقهره ويغير في الوحي بزيادة أو نقص أو تحريف.
5-أمين، تنصيص على أنه مؤتمن في شأن الوحي فهو قد بلغه لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما أوحاه إليه ربه دون تغيير منه متعمد.
وفي صفات أمين الوحي جبريل برهان عقلي إلى أنه من كان هكذا شأنه فهو حقيق عليه ألَّا يبدل و ألَّا يغير في الرسالة التي حُمِّلها؛ لا متعمدا و لا مكرها، فسبحان الله ممن جحد هذه الحقيقة وتنكر لها ولم يعمل عقله كمشركي قريش ومن شابههم كالرافضة التي تدعي أن الله أرسل جبريل لعلي -رضي الله عنه- فخان الرسالة وأعطاها لمحمد صلى الله عليه وسلم!!.

وفي قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} وما بعدها من وصف جبريل؛ رد على إدعاء المشركين وغيرهم ممن ادعوا بأن القرآن قول بشر كما في قوله تعالى عنهم: {وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ} (سورة: الدخان، آية: 14)، وفي قوله: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) } (سورة: النحل).


وأما الأمر الثاني الذي أقسم الله عليه؛ فقد ذكره في قوله تعالى:{ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)}
ففي هذه الآيات يبرهن الله عقليا على صدق نبوة محمد وبأنه رسوله الذي أوحى إليه وليس بمدع مفترىٍ للكلام، مستخدما أسلوب السبر والتقسيم:


:1- فقال تعالى: { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22)}
هنا يذكر الله الاحتمال الأول وهو كونه مجنون -وحاشاه- منكرا لهذا الاحتمال بأداة النفي (ما) ومستغرقا للنفي بحرف (الباء) ، وزاد في ذلك بقوله (صاحبكم) وفي إضافة لفظة (صاحب) لـ (هم) تقريع وتبكيت لهم، وإشارة إلى كذبهم، لأنها من منطوقها تفيد أنه صاحبهم الذي صحبوه مدة عمره مذ ولادته حتى صار عمره أربعين عاما فأوحى إليه ربُّه، ومن مفهومها؛ أنهم يعرفون كمال عقله، وإيماءً؛ أنه ليس بكاذب فهو المشتهر بينهم بالصادق الأمين، فكيف يرتابون ويشككون في كلامه بعد كل هذا العمر والزمان بل ويكذبونه بافتراءات واضح بطلانها!.

2 - قال تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ}
اللام في قوله: {ولقد}: واقعة جواب قسم محذوف. والله لا يقسم إلا على عظيم، ففائدة القسم كما هي معروفة عند العرب تأكيد الكلام بمعظم، والرب سبحانه أقسم على صدق رؤية محمد صلى الله عليه وسلم لجبريل الذي أرسله له بالوحي، وبأنه رآه بالأفق المبين، والأفق: هو الفضاء الواسع بين السماء والأرض، والمبين صفة للأفق من الإبانة أي: الوضوح، وهذه الرؤية هي الروية الأولى التي رأى بها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الملائكية في كرسي بين السماء والأرض يسد الأفق كما جاء في الحديث الذي رواه جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت زملوني زملوني فأنزل الله تعالى {يا أيها المدثر . قم فأنذر - إلى قوله - والرجز فاهجر} فحمي الوحي وتتابع ". رواه البخاري (حديث رقم: 4).
ونلاحظ أن الله أكد كلامه في هذه الآية بثلاثة مؤكدات:
أ‌- القسم؛ أفادته اللام الموطئة للقسم في قوله: {ولقد}.
ب‌- حرف (قد) الذي يفيد التحقيق.
ت‌- وصف الأفق بأنه (مبين).
وفي هذا دليل على أنها رؤية واضحة لا لبس فيها و لا تخليط، فلم يكن ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم رئيا كما كان يزعم المبطلون، كما أنه لم يكن وهما أو تخييل توهمته عيناه؛ كمن يرى السراب فيظنه ماءً! بل هي رؤية حقيقية ببصر رأسه، وبمفهوم هذه الآية يخرج احتمال غلط النبي في الوحي عن غير قصد، وبدلالة الإيماء والتعليل تؤكد صدق ما أخبر عنه من أمر الوحي.

3- قال تعالى: {ومَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}
والغيب: بإجماع هو الوحي (القرآن)، وجاء في ضنين قراءتان: قراءة العامة وهي بالضاد ومعناه بخيل ، وقراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي بالظاء المشالة (بظنين) ومعناه بمتهم، ذكرهما الشوكاني، وباعتبارهما قراءتان فهما كالآيتين، فيكون في منطوق الآية الرد على احتمال كون النبي -صلى الله عليه وسلم- متهما باختلاق الوحي من نفسه، لأنه ليس بمتهم، وكذلك هو ليس بباخل للوحي رغم نفاسته لكنه يبذله ويعلمه دون مقابل يبتغيه منهم، وفي المعنى إيماء لمباعدته عن صفات الكهان الذين لا يتكلمون في أمور الغيب تخرصًا إلا بعد إعطائهم الحلوان.
ففي المعنى الأول على قراءة العامة (بضنين) فيها إشارة إلى أنه كريم، مؤدي لما ائتمنه ربه من أمر الوحي، لا يكتم منه شيئا، ومن لازم ذلك كونه صادق وأمين.
وعلى قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي (بظنين) فيها التصريح على أنه ليس بكاذب.
كما جاء أن معنى (ظنين) هو ضعيف من قول العرب للرجل الضعيف أو قليل الحيلة: هو ظنون ، قاله الفراء ، ذكره الأزهري، وفي هذا المعنى إشارة لكونه -صلى الله عليه وسلم- محتملا للوحي، مبلغا له دون تغيير من تحريف أو زيادة أو نقصان، فلا أحد يستطيع أن يقهره -صلى الله عليه وسلم-و يبدل فيما أوحاه إليه ربه شيئا.
ويُلاحظ أن هذه الآية ردت بالنفي الإنكاري بـ (ما) وأكدته بـ (الباء) على احتمالين قد يختلقهما المبطلون وهما:
أ‌- التبديل والتغير للوحي عن غير قصد من النبي صلى الله عليه وسلم، على معنى (ظنين): ضعيف.
ب‌- الافتراء-أي: الكذب تعمدا- للوحي، واختلاق الرسول صلى الله عليه وسلم له، على معنى (ظنين): متهم، ومن لازم القراءة بـ (بضنين) . كما قال تعالى: {أم يقولون افتراه}: و{َإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ (24)} (سورة: النحل).

4- قال الله عز وجل: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)} .
وهنا أعاد الله الكلام عن القرآن الذي أقسم عليه أولا، فاقسم مجددا بأن القرآن ليس بكلام شيطان يوحيه لنبينا صلوات الله وسلامه عليه وهذا منطوقها، وأما مفهومها المخالف فهو أن القرآن قول الرسول الملكي الموحى إليه من الله، وهو المذكور في قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19)}.
وفي هذا القسم أنكر ربنا على المشركين بأداة النفي الإنكاري (ما) وأكده بحرف (الباء) وأوغل في الإبعاد بقوله (رجيم) وصفا للشيطان المطرود المبعد من رحمة الله، ولفظة شيطان فيها هذا المعنى أيضا لأنها على وزن (فَيْعَال) من شَطَن أي: بعد، فأفادت الآية إيماءً أن هذا الوحي الذي نزل رحمة للعالمين على الصادق الأمين -المعروف بحسن خَلقه وخُلقه لهؤلاء المشركين- والذي نزل به ملك كريم على ربه جميل الخلق والهيئة بعيد كل البعد عن هذيان السحرة والكهان ومن شابههم ممن يتعاملون مع الشياطين.
وأفادت الآية من لازمها إبطال إدعاء كل من اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شاعر أو ساحر أو كاهن، وذلك أن هذه الآية شبيهة بقوله تعالى: {وَمَا تَنزلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) .... هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنزلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنزلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) } (سورة: الشعراء).
قال البيضاوي في تفسيره لقوله تعالى: { والشعراء يتبعهم الغاوون }: وأتباع محمد صلى الله عليه و سلم ليسوا كذلك، وهو استئناف أبطل كونه عليه والصلاة والسلام شاعرا.
وقال ابن تيمية: ". فالكاهن مستمد من الشياطين، { والشعراء يتبعهم الغاوون } وكلاهما في لفظه وزن؛ هذا سجع وهذا نظم، وكلاهما له معان من وحي الشياطين . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم . من همزه ونفثه ونفخه } وقال : " همزه الموتة ونفثه الشعر ونفخه الكبر " إلى أن قال رحمه الله: "ثم ذكر علامة من تنزل عليه الشياطين : بأنه أفَّاك أثيم وأن الشعراء يتبعهم الغاوون . فظاهر القرآن : ليس فيه أن الشعراء تتنزل عليهم الشياطين إلا إذا كان أحدهم كذابا أثيما فالكذاب : في قوله وخبره . والأثيم : في فعله وأمره . وذاك والله أعلم : لأن الشعر يكون من الشيطان تارة ويكون من النفس أخرى". ا.هـ باختصار من مجموع الفتاوى.
فمما سبق يتضح بأن الشياطين تتنزل على كل أفاك أثيم من الشعراء، كما تتنزل على الكهنة، وأضرابهم من السحرة من باب أولى.

قال تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)}.
وهذا تفريع بالفاء على كل البراهين السابقة، وفيه تبكيت وتوبيخ واستضلال لهؤلاء الذين عموا وصمّوا عن كل هذه الحجج والبراهين التي تثبت علو سند القرآن وصحته، كما تثبت صدق الرسول والمرسل إليه بما لا يتطرق إليه شك، فقد ذكر الله عز وجل بطريق السير والتقسيم كل الاحتمالات الواردة في شأن (الوحي)، وهي كالتالي على سبيل الاختصار:

الاحتمال الأول الرئيس: أن يكون الوحي كذبا، وهو ما ادعاه المبطلون في اتهامات واحتمالات كثيرة، بعضها تخص الرسول الملكي وبعضها تخص الرسول البشري (المرسل إليه)، ففندها القرآن كالتالي:
أ‌- أن يكون الرسول (جبريل) كاذبا عمدا ، أو محرفا بغير عمد ، وقد رد الأول بقوله: {أمين}، ورد الثاني بقوله: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطَاعٍ ثَمَّ}.
ب‌- أن يكون المرسل إليه (محمد صلى الله عليه وسلم):
1- مجنونا: ورد ذلك بقوله: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ}.
2- مخطئا أو واهما: ورد ذلك بقوله: { وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ}.
3- محرفا عن غير قصد: ورد ذلك بقوله: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍعلى معنى (ظنين): ضعيف.
4- كاذبا مختلقا للوحي، أو محرفا له بقصد: ورد ذلك تصريحا بقوله: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ}، وبطريق اللازم بقوله: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضنِينٍ}، وبطريق الإيماء والتعليل بقوله: {وَمَا صَاحِبُكُمْ}.
5- شاعرا: ورد ذلك بطريق اللازم بقوله: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍوبطريق الإيماء والتعليل بقوله: { وَمَا صَاحِبُكُمْ }.
6- كاهنا: ورد ذلك بطريق اللازم بقوله: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍوبطريق الإيماء والتعليل بقوله: { وَمَا صَاحِبُكُمْ }.
7- ساحرا: ورد ذلك بطريق اللازم بقوله: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍوبطريق الإيماء والتعليل بقوله: { وَمَا صَاحِبُكُمْ }.

الاحتمال الثاني الرئيس: أن يكون الوحي حقا وهو من عند الله، والقرآن كلامه.

وبعد تفنيد كل الاحتمالات وتبيين عوار ما اعتبرها المبطلون حجج ردوا بها الحق، ألزمهم الله بقبول الخيار الأخير وهو أن القرآن حق وهو وحيه لرسوله البشري محمد سيد ولد آدم الذي بلغه إياه عظيم الملائكة جبريل، لذا قال-موبخا لهم، ومبكتا، ومضللا لعقولهم، ومنكرا عليهم، ومعجِّزا -: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)} ، أي: فبعد كل هذه الحجج إلى أين تعدلون عن هذا القرآن، وأي سبيل أهدى مما أرشدكم له محمد صلى الله عليه وسلم تسلكون؟!، وهذا كما قال تعالى: {فذلكم ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون}.

المصادر
تفسير الطبري
تفسير ابن كثير
تفسير ابن جزي
تفسير القرطبي
تفسير البغوي.
تفسير البيضاوي.
تهذيب اللغة للأزهري.
صحيح البخاري.
فتح القدير للشوكاني.
مجموع الفتاوى لابن تيمية.
التبيان في أقسام القرآن لابن القيم.
روح البيان للألوسي
نظم الدرر للبقاعي
التحرير والتنوير لابن عاشور
أضواء البيان للشنقيطي.
تفسير جزء عمّ للعثيمين.
التفسير الوسيط للطنطاوي.
التفسير اللغوي لمساعد الطيار

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 ربيع الأول 1440هـ/11-11-2018م, 09:10 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالكريم الشملان مشاهدة المشاركة
إعادة :- التطبيق : لأسلوب الحجاج .
قوله تعالى " ألم تَر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين" 258البقرة .
تضمنت الآية تعليم من الله عز وجل عن طريق السؤال والجواب ،والمجادلة في الدين لأنه لا يظهر الفرق بين الحق والباطل إلا بظهور حجه الحق ودحض حجة الباطل ، والاحتجاج بالعلم مباح شائع لقوله تعالى " فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم ..." كما أن في الآية بيان للتدرج مع المجادل وإقامة الحجة المنطقية عليه ، وإلجامه بالبراهين .
قوله تعالى " ألم تَر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك " ذكر الطبري أن في الآية تعجيب من الله سبحانه للذي عارض وخاصم النبي إبراهيم عليه السلام ، لذا أدخلت "إلى " في قوله " ألم تَر إلى الذي " ، وفيه معنى الإنكار لفعل النمرود، الذي تجبر في الأرض ، كما أنه قوله" ألم تَر " *تنبيه * والرؤية قلبيه ، وحاج وزنه " فاعل" من الحجة أي جاذبه إياها، وكانت المحاجة على ثلاثة
أقوال :- أي : عارض حجته بمثلها ، أو أتى على الحجة بمايبطلها ، أو أظهر المغالبة في الحجة ، وذكر أبو حيّان أن " أن آتاه" مفعول من أجله على معنيين : أحدهما : أن الحامل له على المحاجة هو أن إتياؤه الملك : أبطره وأورثه الكبر والعتو ، فحاج لذلك ، والثاني : أنه وضع الحاجة موضع ما وجب عليه من الشكر لله على إتيانه الملك ، وهمزة الاستفهام لإنكار النفي ؛ وتقرير المنفي ، أي : ألم تنظر إلى هذا الطاغوت..، وفِي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام تشريف له ، وإيذان بتأييده في الحاجه، (إرشاد العقل السليم(251/1).
وهو استدلال مسوق لإثبات الوحدانية لله تعالى وإبطال إلاهية غيره لإنفراده بالإحياء والإماتة ، وانفراده بخلق العوالم المشهودة للناس .
وقوله " أن آتاه الله الملك " تعليل حذفت منه لام التعليل ، وهو تعليل لما يتضمنه حاج من الإقدام على هذا الغلط العظيم ، الذي سهله إزدراؤه بنفسه ،التحرير والتنوير(32/3).
"إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحيي وأميت" .
أراد إبراهيم عليه السلام أن يقيم الحجة على هذا الطاغية " النمرود" فابتدأ بتقرير توحيد الربوبية " ربي الذي يحيي ويميت " أي ربي الذي بيده الحياة والموت " فكان رد الطاغية بأنه إن شاء قتل فأمات ، وإن شاء أحيا فأبقى وعفى،
ونقل ابن عطية عن الأصوليين أن إبراهيم عليه السلام وصف ربه تعالى بما هو صفه له من الإحياء والإماتة ، لكنه أمر له حقيقه ومجاز، قصد إبراهيم عليه السلام الحقيقة ، ففزع نمرود إلى المجاز وموه به على قومه ، فسلم له إبراهيم تسليم الجدل ، وانتقل معه من المثال وجاءه بأمر لا مجاز فيه .
وذكر أبو حيّان أن إبراهيم عليه السلام اختص من آيات الله بالإحياء والإماتة لأنهما أبدع آيات الله وأشهرها ، وأدلها على تمكن القدرة .
كما أن قوله " ربي الذي يحي ويميت " مبتدأ وخبر ، وفيه إشارة إلى أنه هو الذي أوجد الكافر ويحييه ويميته كأنه قال " ربي الذي يحي ويميت هو متصرف فيك وفِي أشباهك بما لا تقدر عليه أنت ولا أشباهك من هذين الوصفين العظيمين والمشاهدين للعالم الذين لا ينفع فيهما حيل الحكماء ولا طب الأطباء ، وفيه إشارة إلى المبدأ والمعاد ،
وكذلك فيه دليل على الاختصاص، فتقول زيد الذي يصنع كذا ، أي : المختص بالصنع . واستدل إبراهيم عليه السلام على وجود الله سبحانه بحدوث هذه الأشياء المشاهدة بعد عدمها ، وعدمها بعد وجودها ، وهذا دليل على وجود الفاعل المختار ضرورة ، لأنها لم تحدث بنفسها ، فلا بد لها من موجد أوجدها، وهو الرب ( تفسير ابن كثير (525/1).
و"إذ قال " ظرف لحاج، وقد دل هذا على أن إبراهيم هو الذي بدأ بالدعوة إلى التوحيد ، واحتج بحجة واضحة يدركها كل عاقل، وهي أن الرب الحق هو الذي يحي ويميت ، وكل أحد يعلم بالضرورة أنه لا يستطيع إحياء ميت ، فلذلك ابتدأ إبراهيم الحجة بدلالة عجز الناس عن إحياء الأموات ،وتقديم الاستدلال بخلق الحياة إدماج لإثبات البعث ، ثم أعقبه بدلالة الإماتة ، وفيها دلالة على أنها من فعل فاعل غير البشر
""قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فَأْت بها من المغرب""
لما وجد إبراهيم عليه السلام من النمرود التجبر انتقل معه في الحجاج إلى أمر آخر فعارضة بأمرالشمس.
حيث لما رأى إبراهيم من معارضته النمرود ما يدل على ضعف فهمه أو مغالطته فإنه عارض اللفظ بمثله ، ولم يتدبر اختلاف الوصفين ، ذكر له مالا يمكن أن يدعيه ولا يغالط فيه ، لذا عدل إبراهيم إلى الاسم الشائع عند العالم كلهم ، وليبين له أن إله العالم كلهم هو ربه الذي يعبدونه ولأن العالم يسلمون أنه لا يأتي بها من المشرق الا إلههم ( البحر المحيط (639/2).
ولم يرد النمرود لظهور كذبة إن ادعى ذلك لأهل مملكته ، إذ يعلمون أنه محدث ، والشمس كانت تطلع من المشرق قبل حدوثه ، فعجز بعلمه، ورأى أنه لا مخلص له ،فسكت وانقطع . ويعقب ابن كثير على المقامين الأول والثاني في المحاجه بقوله " بل المقام الأول يكون كالمقدمة للمقام الثاني ، ويبين بطلان ما ادعاه نمرود في الأول والثاني ".
" فبهت الذي كفر " :
بهت :أي انقطع ، وبطلت حجته ،والبهت : افتراء الكذب ، فلما سمع النمرود ذلك المقال لم يرجع إليه شيء ، وعرف أنه لا يطيق ،ووقعت عليه الحجه وقامت عليه المحجة "
وبهت الرجل " :انقطع وسكت متحيراً" ودُهش،
ذكر ابو السعود أن إيراد الكفر في خيز الصِّلة للإشعار بعلة الحكم ، والتنصيص على كوّن المحاجة كفراً .
وبهت فعل مبني للمجهول ، بمعنى أعجزه عن الجواب ، فعجز ، أو فاجأه بما لا يعرف دفعه.
" والله لا يهدي القوم الظالمين " :
قال الطبري: " والله لا يهدي أهل الكفر إلى حجة يدحضون بها حجة أهل الحق عند المحاجة والمخاصمة ، لأن أهل الباطل حججهم داحضة .
والظلم : وضع الشيء في غير موضعه ،والكافر وضع جحوده ما جحد في غير موضعه ،فهو بذلك من فعله :ظالم لنفسه .
والمعنى " أن الله لا يرشد الظالمين في حججهم على ظلمهم ، لأنه لا هدى في الظلم ، فظاهره العموم ، ومعناه الخصوص ، لأن الله قد يهدي الظالمين بالتوبة والرجوع إلى الإيمان ، ويحتمل أن يكون الخصوص فيمن يوافي ظالماً .
واستظهر أبو حيّان أن هذا إخبار من الله بأن من حكم عليه وقضى بأن يكون ظالماً، أي :كافراً ،وقدر أن لا يسلم فإنه لا يمكن أن يقع هداية من الله له .
وهو تذليل مقرر لمضمون ما قبله ، أي لا يهدي الذين ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب المخلد بسبب إعراضهم عن قبول الهداية إلى مناهج الاستدلال ، أو إلى سبيل النجاة، أو إلى طريق الجنة يوم القيامة .
المصادر :
1- جامع البيان (432/5 ) للطبري.
2- المحرر الوجيز (346/1-350)لابن عطية .
3- الجامع لأحكام القرآن (285/3)للقرطبي.
4- البحر المحيط (627/2).
5- تفسير القرآن العظيم ،(526/1).
6- إرشاد العقل السليم (252/1).
7- التحرير والتنوير(31/3->35).
أحسنت في اجتهادك وفقك الله .
- لابدّ من بيان الشبهة أولا قبل التطرق لتحرير مسائل الآيات، ثم نبين أدوات الحجاج في دحض هذه الشبهة من براعة التعليل بمعرفة إبراهيم عليه السلام أنّ النمرود بنى حجته بقوله أنا أحيي وأميت على سبيل المجاز،لذلك أتى له بمثال لا مجاز فيه؛ بحيث انتقل بأسلوب الإضراب الانتقالي في قوله تعالى: ""قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فَأْت بها من المغرب""، حيث انتقل للحديث عن أمر آخر غير الأول دون إبطاله.
... وهكذا تستفيد من كلام المفسرين بأسلوبك دون الحاجة للنقل الذي بدا واضحا .

- جميع ماذكرت كان رائعا إن وظفته جيدا بأسلوبك .
سددك الله ونفع بك .

الدرجة: ب
تم خصم نصف درجة للتأخير .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 ربيع الأول 1440هـ/11-11-2018م, 09:21 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وحدة المقطري مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم


الأسلوب الحجاجي


قال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)} (سورة: التكوير)


المعنى الإجمالي:
في هذه الآيات الكريمات يقسم الله عز وجل بأمور عظيمة على أن القرآن كلامه أوحاه إلى عبده ورسوله البشري محمد -صلى الله عليه وسلم- بواسطة الرسول الملكي جبريل.
وذكر في طيات هذا الخبر براهين عدة على صدق خبره.


المعنى التفصيلي:
قال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)}
أقسم الله تعالى بالخنس وهي النجوم المختفية في النهار متوارية بضوئه عن البصر، فإذا طلعت و رآها الناس جرت في أفلاكها، حتى إذا حان موعد غروبها استترت في محالها كما تكنس الضباء في بيوتها، ومنه: تكَنَّسَت المرأةُ؛ إذا دَخَلَت فى هَوْدَجها، وأقسم سبحانه بالليل إذا أقبل وإذا أدبر معلنا طلوع الصباح، وأقسم بالصباح بهوائه ونسماته الباردة ، وفي إقسامه بالنجوم إشارة إلى أن هذا القرآن هداية للسالكين لربهم كما في النجوم هداية للسالكين في ظلمات الليل ، وفي إقسامه بالليل والصباح تنبيه على عظيم قدرته ومنته على خلقه، باعتبار أن الليل والنهار آيتين عظيمتين لا غناء للخلق عن أحدهما ، كما أن هذا القرآن أعظم منة من الله على عباده، وكما قال: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (72) } (سورة: القصص).
وفي إقسام الله بهذه الآيات الكونية تنبيه من الله للمكذبين بشأن القرآن ، وهذا من البراهين العقلية.
ثم بعد هذه الثلاثة الإقسامات ذكر سبحانه المقسم به فقال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُو عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)}


فالمقسم عليه أمران متلازمان؛ أولهما ذكره سبحانه في قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)} أي: هذا القرآن هو قول رسول صفته أنه:
1-كريم، أي ذي خلق وهيئة حسنة، وفي هذا إيماء إلى انه ليس بقول شيطان؛ لأن الشياطين هيئاتها مفزعة بلغت الغاية في القبح كما هو معروف.
2-ذي قوة. وفي التنصيص على أنه قوي ، للتأكيد على شدة القوة التي أعطاها جبريل فوق قوة الملائكة المعروفة، وإيماءً لرد من قد يلتبس عليه الوصف فيظنه الرسول البشري.
وفي قوله تعالى: {عند ذي العرش} -وذو العرش: هو الله- إشارتين:
الأولى: أن هذا الرسول المذكور هو جبريل؛ لأنه هو من عند ربه في السماء أما محمد صلى الله عليه وسلم فهو في الأرض.
الثانية: أنه كريم على ربه؛ ذو قدر عالٍ ومكانة عظيمة. وفي هذا إيماء إلى عظيم قدر محمد صلى الله عليه وسلم لأن ربه اختص رسولا إليه بهذا القدر عنده، فعلى قدر أهمية الرسالة وعظيم شان المرسل إليه تختار الملوك رسلها.
3-مكين؛ أي: ذي جاه ومكانة في الملإ الأعلى عموما وعند ربه خصوصا. وفي هذا إيماء إلى عظيم قدر محمد صلى الله عليه وسلم لأن ربه اختص رسولا إليه بهذه المكانة.
4-مطاع ثَمَّ. وثم بمعنى: هناك، أي: في الملإ الأعلى؛ وفي هذه الصفة (مطاع) إشارة إلى أنه لا يتسلط عليه أحد سوى ربه، فهو من يملي على الملائكة أوامره فيطيعونه.
وبمفهوم الموافقة الأولوي؛ إن كانت الملائكة الكرام مطيعة لجبريل و لا تستطيع مخالفته أو مقاومته؛ فغيرهم من المخلوقات التي لا تداني الملائكة قوة -كالإنس والجان- من باب أولى.
وفي هذه الثلاث الصفات (ذي قوة، مطاع ، مكين) إشارة إلى أنه متمكن من حفظ الوحي فلا أحد يستطيع أن يقهره ويغير في الوحي بزيادة أو نقص أو تحريف.
5-أمين، تنصيص على أنه مؤتمن في شأن الوحي فهو قد بلغه لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما أوحاه إليه ربه دون تغيير منه متعمد.
وفي صفات أمين الوحي جبريل برهان عقلي إلى أنه من كان هكذا شأنه فهو حقيق عليه ألَّا يبدل و ألَّا يغير في الرسالة التي حُمِّلها؛ لا متعمدا و لا مكرها، فسبحان الله ممن جحد هذه الحقيقة وتنكر لها ولم يعمل عقله كمشركي قريش ومن شابههم كالرافضة التي تدعي أن الله أرسل جبريل لعلي -رضي الله عنه- فخان الرسالة وأعطاها لمحمد صلى الله عليه وسلم!!.

وفي قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} وما بعدها من وصف جبريل؛ رد على إدعاء المشركين وغيرهم ممن ادعوا بأن القرآن قول بشر كما في قوله تعالى عنهم: {وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ} (سورة: الدخان، آية: 14)، وفي قوله: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) } (سورة: النحل).


وأما الأمر الثاني الذي أقسم الله عليه؛ فقد ذكره في قوله تعالى:{ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)}
ففي هذه الآيات يبرهن الله عقليا على صدق نبوة محمد وبأنه رسوله الذي أوحى إليه وليس بمدع مفترىٍ للكلام، مستخدما أسلوب السبر والتقسيم:


:1- فقال تعالى: { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22)}
هنا يذكر الله الاحتمال الأول وهو كونه مجنون -وحاشاه- منكرا لهذا الاحتمال بأداة النفي (ما) ومستغرقا للنفي بحرف (الباء) ، وزاد في ذلك بقوله (صاحبكم) وفي إضافة لفظة (صاحب) لـ (هم) تقريع وتبكيت لهم، وإشارة إلى كذبهم، لأنها من منطوقها تفيد أنه صاحبهم الذي صحبوه مدة عمره مذ ولادته حتى صار عمره أربعين عاما فأوحى إليه ربُّه، ومن مفهومها؛ أنهم يعرفون كمال عقله، وإيماءً؛ أنه ليس بكاذب فهو المشتهر بينهم بالصادق الأمين، فكيف يرتابون ويشككون في كلامه بعد كل هذا العمر والزمان بل ويكذبونه بافتراءات واضح بطلانها!.

2 - قال تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ}
اللام في قوله: {ولقد}: واقعة جواب قسم محذوف. والله لا يقسم إلا على عظيم، ففائدة القسم كما هي معروفة عند العرب تأكيد الكلام بمعظم، والرب سبحانه أقسم على صدق رؤية محمد صلى الله عليه وسلم لجبريل الذي أرسله له بالوحي، وبأنه رآه بالأفق المبين، والأفق: هو الفضاء الواسع بين السماء والأرض، والمبين صفة للأفق من الإبانة أي: الوضوح، وهذه الرؤية هي الروية الأولى التي رأى بها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الملائكية في كرسي بين السماء والأرض يسد الأفق كما جاء في الحديث الذي رواه جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت زملوني زملوني فأنزل الله تعالى {يا أيها المدثر . قم فأنذر - إلى قوله - والرجز فاهجر} فحمي الوحي وتتابع ". رواه البخاري (حديث رقم: 4).
ونلاحظ أن الله أكد كلامه في هذه الآية بثلاثة مؤكدات:
أ‌- القسم؛ أفادته اللام الموطئة للقسم في قوله: {ولقد}.
ب‌- حرف (قد) الذي يفيد التحقيق.
ت‌- وصف الأفق بأنه (مبين).
وفي هذا دليل على أنها رؤية واضحة لا لبس فيها و لا تخليط، فلم يكن ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم رئيا كما كان يزعم المبطلون، كما أنه لم يكن وهما أو تخييل توهمته عيناه؛ كمن يرى السراب فيظنه ماءً! بل هي رؤية حقيقية ببصر رأسه، وبمفهوم هذه الآية يخرج احتمال غلط النبي في الوحي عن غير قصد، وبدلالة الإيماء والتعليل تؤكد صدق ما أخبر عنه من أمر الوحي.

3- قال تعالى: {ومَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}
والغيب: بإجماع هو الوحي (القرآن)، وجاء في ضنين قراءتان: قراءة العامة وهي بالضاد ومعناه بخيل ، وقراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي بالظاء المشالة (بظنين) ومعناه بمتهم، ذكرهما الشوكاني، وباعتبارهما قراءتان فهما كالآيتين، فيكون في منطوق الآية الرد على احتمال كون النبي -صلى الله عليه وسلم- متهما باختلاق الوحي من نفسه، لأنه ليس بمتهم، وكذلك هو ليس بباخل للوحي رغم نفاسته لكنه يبذله ويعلمه دون مقابل يبتغيه منهم، وفي المعنى إيماء لمباعدته عن صفات الكهان الذين لا يتكلمون في أمور الغيب تخرصًا إلا بعد إعطائهم الحلوان.
ففي المعنى الأول على قراءة العامة (بضنين) فيها إشارة إلى أنه كريم، مؤدي لما ائتمنه ربه من أمر الوحي، لا يكتم منه شيئا، ومن لازم ذلك كونه صادق وأمين.
وعلى قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي (بظنين) فيها التصريح على أنه ليس بكاذب.
كما جاء أن معنى (ظنين) هو ضعيف من قول العرب للرجل الضعيف أو قليل الحيلة: هو ظنون ، قاله الفراء ، ذكره الأزهري، وفي هذا المعنى إشارة لكونه -صلى الله عليه وسلم- محتملا للوحي، مبلغا له دون تغيير من تحريف أو زيادة أو نقصان، فلا أحد يستطيع أن يقهره -صلى الله عليه وسلم-و يبدل فيما أوحاه إليه ربه شيئا.
ويُلاحظ أن هذه الآية ردت بالنفي الإنكاري بـ (ما) وأكدته بـ (الباء) على احتمالين قد يختلقهما المبطلون وهما:
أ‌- التبديل والتغير للوحي عن غير قصد من النبي صلى الله عليه وسلم، على معنى (ظنين): ضعيف.
ب‌- الافتراء-أي: الكذب تعمدا- للوحي، واختلاق الرسول صلى الله عليه وسلم له، على معنى (ظنين): متهم، ومن لازم القراءة بـ (بضنين) . كما قال تعالى: {أم يقولون افتراه}: و{َإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ (24)} (سورة: النحل).

4- قال الله عز وجل: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)} .
وهنا أعاد الله الكلام عن القرآن الذي أقسم عليه أولا، فاقسم مجددا بأن القرآن ليس بكلام شيطان يوحيه لنبينا صلوات الله وسلامه عليه وهذا منطوقها، وأما مفهومها المخالف فهو أن القرآن قول الرسول الملكي الموحى إليه من الله، وهو المذكور في قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19)}.
وفي هذا القسم أنكر ربنا على المشركين بأداة النفي الإنكاري (ما) وأكده بحرف (الباء) وأوغل في الإبعاد بقوله (رجيم) وصفا للشيطان المطرود المبعد من رحمة الله، ولفظة شيطان فيها هذا المعنى أيضا لأنها على وزن (فَيْعَال) من شَطَن أي: بعد، فأفادت الآية إيماءً أن هذا الوحي الذي نزل رحمة للعالمين على الصادق الأمين -المعروف بحسن خَلقه وخُلقه لهؤلاء المشركين- والذي نزل به ملك كريم على ربه جميل الخلق والهيئة بعيد كل البعد عن هذيان السحرة والكهان ومن شابههم ممن يتعاملون مع الشياطين.
وأفادت الآية من لازمها إبطال إدعاء كل من اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شاعر أو ساحر أو كاهن، وذلك أن هذه الآية شبيهة بقوله تعالى: {وَمَا تَنزلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) .... هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنزلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنزلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) } (سورة: الشعراء).
قال البيضاوي في تفسيره لقوله تعالى: { والشعراء يتبعهم الغاوون }: وأتباع محمد صلى الله عليه و سلم ليسوا كذلك، وهو استئناف أبطل كونه عليه والصلاة والسلام شاعرا.
وقال ابن تيمية: ". فالكاهن مستمد من الشياطين، { والشعراء يتبعهم الغاوون } وكلاهما في لفظه وزن؛ هذا سجع وهذا نظم، وكلاهما له معان من وحي الشياطين . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم . من همزه ونفثه ونفخه } وقال : " همزه الموتة ونفثه الشعر ونفخه الكبر " إلى أن قال رحمه الله: "ثم ذكر علامة من تنزل عليه الشياطين : بأنه أفَّاك أثيم وأن الشعراء يتبعهم الغاوون . فظاهر القرآن : ليس فيه أن الشعراء تتنزل عليهم الشياطين إلا إذا كان أحدهم كذابا أثيما فالكذاب : في قوله وخبره . والأثيم : في فعله وأمره . وذاك والله أعلم : لأن الشعر يكون من الشيطان تارة ويكون من النفس أخرى". ا.هـ باختصار من مجموع الفتاوى.
فمما سبق يتضح بأن الشياطين تتنزل على كل أفاك أثيم من الشعراء، كما تتنزل على الكهنة، وأضرابهم من السحرة من باب أولى.

قال تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)}.
وهذا تفريع بالفاء على كل البراهين السابقة، وفيه تبكيت وتوبيخ واستضلال لهؤلاء الذين عموا وصمّوا عن كل هذه الحجج والبراهين التي تثبت علو سند القرآن وصحته، كما تثبت صدق الرسول والمرسل إليه بما لا يتطرق إليه شك، فقد ذكر الله عز وجل بطريق السير والتقسيم كل الاحتمالات الواردة في شأن (الوحي)، وهي كالتالي على سبيل الاختصار:

الاحتمال الأول الرئيس: أن يكون الوحي كذبا، وهو ما ادعاه المبطلون في اتهامات واحتمالات كثيرة، بعضها تخص الرسول الملكي وبعضها تخص الرسول البشري (المرسل إليه)، ففندها القرآن كالتالي:
أ‌- أن يكون الرسول (جبريل) كاذبا عمدا ، أو محرفا بغير عمد ، وقد رد الأول بقوله: {أمين}، ورد الثاني بقوله: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطَاعٍ ثَمَّ}.
ب‌- أن يكون المرسل إليه (محمد صلى الله عليه وسلم):
1- مجنونا: ورد ذلك بقوله: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ}.
2- مخطئا أو واهما: ورد ذلك بقوله: { وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ}.
3- محرفا عن غير قصد: ورد ذلك بقوله: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍعلى معنى (ظنين): ضعيف.
4- كاذبا مختلقا للوحي، أو محرفا له بقصد: ورد ذلك تصريحا بقوله: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ}، وبطريق اللازم بقوله: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضنِينٍ}، وبطريق الإيماء والتعليل بقوله: {وَمَا صَاحِبُكُمْ}.
5- شاعرا: ورد ذلك بطريق اللازم بقوله: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍوبطريق الإيماء والتعليل بقوله: { وَمَا صَاحِبُكُمْ }.
6- كاهنا: ورد ذلك بطريق اللازم بقوله: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍوبطريق الإيماء والتعليل بقوله: { وَمَا صَاحِبُكُمْ }.
7- ساحرا: ورد ذلك بطريق اللازم بقوله: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍوبطريق الإيماء والتعليل بقوله: { وَمَا صَاحِبُكُمْ }.

الاحتمال الثاني الرئيس: أن يكون الوحي حقا وهو من عند الله، والقرآن كلامه.

وبعد تفنيد كل الاحتمالات وتبيين عوار ما اعتبرها المبطلون حجج ردوا بها الحق، ألزمهم الله بقبول الخيار الأخير وهو أن القرآن حق وهو وحيه لرسوله البشري محمد سيد ولد آدم الذي بلغه إياه عظيم الملائكة جبريل، لذا قال-موبخا لهم، ومبكتا، ومضللا لعقولهم، ومنكرا عليهم، ومعجِّزا -: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)} ، أي: فبعد كل هذه الحجج إلى أين تعدلون عن هذا القرآن، وأي سبيل أهدى مما أرشدكم له محمد صلى الله عليه وسلم تسلكون؟!، وهذا كما قال تعالى: {فذلكم ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون}.

المصادر
تفسير الطبري
تفسير ابن كثير
تفسير ابن جزي
تفسير القرطبي
تفسير البغوي.
تفسير البيضاوي.
تهذيب اللغة للأزهري.
صحيح البخاري.
فتح القدير للشوكاني.
مجموع الفتاوى لابن تيمية.
التبيان في أقسام القرآن لابن القيم.
روح البيان للألوسي
نظم الدرر للبقاعي
التحرير والتنوير لابن عاشور
أضواء البيان للشنقيطي.
تفسير جزء عمّ للعثيمين.
التفسير الوسيط للطنطاوي.
التفسير اللغوي لمساعد الطيار
أحسنتِ وأجدت رسالة قيّمة وفقكِ الله وسددكِ.
الدرجة : أ
تم خصم نصف درجة للتأخير .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir