معنى الحفدة في قوله تعالى (وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة ) .
اختلف العلماء في معنى الحفدة ووجه تسميتها بذلك على أقوال :
القول الأول : الأصهار أو الأختان , وهو قول عبدالله بن مسعود , وقول ابن عباس , وقول إبراهيم النخعي , وقول سعيد بن جبير ,وأبي الضحى, ,وذكره
عبدالرازق الصنعاني ,وابن جرير الطبري ,والماوردي ,وابن الجوزي ,وابن عطية,وابن الجوزي, والقرطبي ,وابن كثير ,والسيوطي ,ومن علماء اللغة يَحيى بن
سلاَّم البصري,والفراء ,وابن قتيبة ,والزجاج ,وابن فارس, وقول مكي بن طالب و ومحمد بن ابي بكر الرازي , والنحاس ,وابن منظور والسمين الحلبي
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعَانِيُّ ورواه النحاس : ماروي عن ابن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود أتدري ما الحفدة يا زر
قال قلت نعم هم حفاد الرجل من ولده وولد ولده قال لا هم الأصهار).
قال الأصمعي : الختن من كان من قبل المرأة ، مثل أبيها وأخيها وما أشبههما ; والأصهار منها جميعا . يقال : أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر .
وقول عبد الله بن مسعود :هم الأختان ، يحتمل المعنيين جميعا . يحتمل أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبهه من أقربائها ، ويحتمل أن يكون أراد وجعل لكم من
أزواجكم بنين وبنات تزوجونهن ، فيكون لكم بسببهن أختان .ذكره القرطبي
التخريج :
_قول ابن مسعود رواه ابن جرير بعدة طرق , ورواه الماوردي , وابن عطية والجوزي والقرطبي والسيوطي رواه عن طريق الفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ،
والبُخارِيُّ في ”تارِيخِهِ“،، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“،.
_وقول ابن عباس :مارواه ابن جريروابن الجوزي وابن كثير , عن طريق حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ , ورواية أخرى عن طريق معاوية، عن
عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ..
_وقول النخعي : رواه ابن جريروالماوردي وابن الجوزي وابن عطية والقرطبي عن طريق هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم .
_قول سعيد بن جبير :مارواه ابن جريرورواه الماوردي وابن عطية عن طريق إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ.
__قول أبي الضحى : رواه ابن جريروالماوردي وابن عطية عن طريق الأعمش، عن أبي الضّحى .
القول الثاني : الخدم والأعوان , وهو قول ابن عباس , وقول عكرمة , وقول مجاهد وقول الحسن البصري , وقول قتادة, وطاووس ,وابن قتيبة , وقول أبي مالك , ,
,وذكره ابن جرير الطبري , والماوردي , وابن عطية, وابن كثير ,وابن الجوزي ,وابن الأنباري , والقرطبي والسيوطي ,ومن علماء اللغة قول يحي بن سلام البصري وقول
الزجاج , وقول النحاس ,والبغدادي , ومكي بن طالب , والرازي , وابن منظور , وابو حيان الاندلسي وابن عاشور .
قال الخليل بن أحمد : الحفدة عند العرب الخدم .
وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الحَفَدَةُ: الخَدَمُ والأعْوانُ.
وقال أبو عبيد : الحفد العمل والخدمة .
قال عبدالله اليزيدي : (والحفدة): هم الأعوان والخدم واحدهم حافد .
وقال أبو جعفر: وهذا القول مبني على حفد يحفد حفدا وحفدانا واحتفد خف في العمل وأسرع وحفد يحفد حفدا خدم ,وذكره أبو حيان بنفس اللفظ .
قال أبو حيان الأندلسي: لحفدة : الأعوان والخدم ، ومن يسارع في الطاعة ; حفد يحفد حفدا وحفودا وحفدانا ، ومنه : وإليك نسعى ونحفد ، أي : نسرع في الطاعة .
التخريج :
قول ابن عباس :رواه ابن جرير عن طريق سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ , ورواه ابن الجوزي عن طريق مارَواهُ
مُجاهِدٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ورواه القرطبي وابن كثير عن طريق حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قول عكرمة :رواه ابن جرير بعدة طرق , ورواه الفراء والسيوطي في تفاسيرهما
قول مجاهد :رواه ابن جرير بعدة طرق عن مجاهدٍ, والماوردي والفراء وابن عطية والنحاس .
وقول الحسن البصري :رواه ابن جريرعن طريق سلم، عن أبي هلالٍ، عن الحسن, والماوردي , والفراء وابن الجوزي والسيوطي والنحاس
قول قتادة :رواه ابن جريروالماوردي والفراء وابن الجوزي عن طريق يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة .
قول طاووس :رواه ابن جريروالماوردي والنحاس عن طريق عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه،
قول أبي مالك : رواه ابن جرير وابن الجوزي والسيوطي عن طريق ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ .
القول الثالث : ولد الرجل وولد ولده , وهو قول ابن عباس قولاً ثانياً , وقول ابن زيد , وقول عطاء ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالضَّحَّاكُ،. , وذكره الماوردي , وذكره
البغوي, وابن عطية ,وابن الجوزي وابن كثير والسيوطي .
قال قتادة : مهنة يمتهنونكم ويخدمونكم من أولادكم .
قالَ الزَّجّاجُ: وحَقِيقَةُ هَذا الكَلامِ أنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَ مِنَ الأزْواجِ بَنَيْنَ، ومَن يُعاوِنُ عَلى ما يُحْتاجُ إلَيْهِ بِسُرْعَةٍ وطاعَةٍ.
وقال ابن العربي : الأظهر عندي في قوله بنين وحفدة أن البنين أولاد الرجل لصلبه والحفدة أولاد ولده ، وليس في قوة اللفظ أكثر من هذا ، ويكون تقدير الآية
على هذا : وجعل لكم من أزواجكم بنين ومن البنين حفدة .
التخريج :
قول ابن عباس :رواه ابن جرير الطبري وابن كثير ,عن طريق محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن
ابن عبّاسٍ, ورواه مجاهد عن ابن عباس .
قول ابن زيد:رواه ابن جرير الطبري عن طريق يونس عن ابن وهبٍ، عن ابن زيدٍ.
قول الضحاك : رواه ابن جريرفي تفسيره بقوله حدثت عن الحسين .
قول عطاء :رواه الفراء في معالم التنزيل .
قول عكرمة :رواه ابن منظورفي تفسيره لسان العرب
قول الحسن :رواه يحي بن سلام في تفسيره , ماروي عن عمّارٌ عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ عن الحسن .
القولالرابع :قول ابن عباس والضحاك ,هم بنو امرأة الرّجل من غيره ذكره ابن جرير , والماوردي ,وابن الجوزي وابن كثير والسيوطي
عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: " بنو امرأة الرّجل ليسوا منه .
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ يَقُولُ: بَنُو امْرَأَةِ الرَّجُلِ، لَيْسُوا مِنْهُ.
التخريج :
قول ابن عباس : رواه ابن جريروالماوردي وابن عطية وابن كثير عن محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن
عبّاسٍ . وأخْرَجَه اِبْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ.
وقول الضحاك: ذكره ابن منظور في لسان العرب .
فهذه الأقوال من باب التنوع لاتضاد بينها ,فكل ماينفع الرجل من أقاربه أو غيره فهو حافد , والحافد في كلام العرب أصله المسرع في الخدمة , قال ابن منظور :
المحفود الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته .
وقال السمين الحلبي : للمفسرين أقوالٌ كثيرةٌ، واشتقاقُهم مِنْ قولِهم: حَفَد يَحْفِد حَفْداً وحُفوداً وحَفَداناً، أي: أسرع في الطاعة.
فقول عامة المفسرين ,وعلماء اللغة , هي من جمع حافد مثل :كملة جمع كامل , وهو المتخف في الخدمة والعمل ,ومنه قولهم في الدعاء "إليك نسعى ونحفد
":أي نسرع ألى العمل بطاعتك .
فظاهر الآية تدل على أن الله سبحانه جعل الأزواج وجعل منهم البنين والحفدة , وغالباً الأبن وولده هم من يقوم بخدمة الأب والقيام بشؤونه .
قال القرطبي :قلت : ما قاله الأزهري من أن الحفدة أولاد الأولاد هو ظاهر القرآن بل نصه ; ألا ترى أنه قال: (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ) فجعل الحفدة والبنين منهن .
قال ابن كثير :قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَهَذِهِالْأَقْوَالُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي مَعْنَى: "الحَفْد" وَهُوَ الْخِدْمَةُ، الَّذِي مِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْقُنُوتِ: "وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ"، وَلَمَّا كَانَتِ الْخِدْمَةُ قَدْ تَكُونُ مِنَ الْأَوْلَادِ
وَالْأَصْهَارِ وَالْخَدَمِ فَالنِّعْمَةُ حَاصِلَةٌ بِهَذَا كُلِّهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾
وَقَدْ يَكُونُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَدِيثِ بَصرة بْنِ أَكْثَمَ: "وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ