1. (سؤال عامّ لجميع الطلاب)
استخرج خمس فوائد سلوكية وبيّن وجه الدلالة عليها من قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)}.
الثمرات العملية أو الفوائد السلوكية من الآيات هي:
1- في الآية {يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم} تهديد من الله ، فعلينا ألا نقابل كرم الله الذي منَّ علينا بما لا نحصيه بالعصيان بل نستحي من الكريم ونطيعه وكما يقال "إن أكرمت الكريم ملكته" ، ونعلم بان الله يغضب وقد توعدنا في هذه الآية بأن نقابل إنعامه بالجحود والنكران والعصيان.
2- في الآية {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} دليل على أن السبب الرئيس لاغترار الإنسان هو تكذيبه بالجزاء، وإن كانت الآية قيلت في المشركين لكن الصحيح حتى نحن المؤمنين لا نؤمن بذلك إيمانا راسخًا؛ فلو أننا استحضرنا كوننا مقبلين على الله ومقامنا بين يدي الله وقدرنا ذلك الموقف حق قدره لما ضيعنا الأوقات في سفاسف الأمور، بل ولما تجرأنا على مولانا وهو يرانا. فالله المستعان.
3- في قوله تعالى {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} إرشاد للعباد بأن كل أعمالهم محفوظة عليهم وسيحاسبون عليها فالعاقل -وأسأل الله أن يجعلنا منهم- يراقب نفسه بمَ يملئ صحيفته.
4- في قوله تعالى {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} دليل على أن الملائكة تصاحبنا غالب أحوالنا كما ثبت في الحديث عدا في الجنابة والحمام، وهذا يعني بأن علينا أن نكرمها ونستحيي منها فنلبس ملابس محتشمة ولو كنا لوحدنا لأنها معنا.
5- في الآية {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} رد على القائلين بأن منشأ خلق الإنسان قردًا!! والواجب على كل شخص منا أن يحمد الله أن لم يجعله يدب على أربع كالدواب بل جعلنا مستقيمين معتدلين القامة.
6- {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاء رَكَّبَكَ} في هذه الآية أن الذي اختار صورنا هو الله، فمن رزقه الله بجمال فلا يتكبر ويغتر وليحمد الله ولبعلم أنه كما هو فتنة لغيره فهو فتنة لنفسه أيشكر أم يكفر ، والذي خلقه الله بعاهة أو صورة قبيحة فليحمد الله أنه لم يجعل له وجه خنزير أو كلب، وكما قال تعالى {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون}.
المجموعة الثالثة:
2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بتزويج النفوس.
اختلف فيها إلى ثلاثة أقوال:
1- جمع كلّ امرئ إلى نظيره، فالأبرار مع الأبرار والفجار مع الفجار ،واختاره ابن كثير وحكاه عن عمر وابن عباس مجاهد والرّبيع بن خثيمٍ والحسن وقتادة وكذا عن ابن جريرٍ ، وهو أيضا اختيار السعدي.
v قوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}.
v الحديث الذي رواه ابن ابي حاتم بسنده لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {وإذا النّفوس زوّجت}. قال: الضّرباء كلّ رجلٍ مع كلّ قومٍ كانوا يعملون عمله وذلك بأنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: {وكنتم أزواجاً ثلاثةً فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسّابقون السّابقون}قال: "هم الضّرباء".
v الأثر الذي رواه ابن أبي حاتمٍ من طرقٍ أخر عن سماك بن حربٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ: أنّ عمر بن الخطّاب خطب النّاس فقرأ: {وإذا النّفوس زوّجت}. فقال: تزوّجها أن تؤلّف كلّ شيعةٍ إلى شيعتهم.
2- قرنت النفوس بالأبدان، وهو قول أبو العالية وعكرمة وسعيد بن جبيرٍ والشّعبيّ والحسن البصريّ، حكاه عنهم ابن كثير .
الأثر الذي رواه ابن أبي حاتم عن ابن عبّاسٍ أنه قال: يسيل وادٍ من أصل العرش من ماءٍ فيما بين الصّيحتين، ومقدار ما بينهما أربعون عاماً، فينبت منه كلّ خلقٍ بلي من الإنسان أو طيرٍ أو دابّةٍ ولو مرّ عليهم مارٌّ قد عرفهم قبل ذلك لعرفهم على وجه الأرض قد نبتوا ثمّ ترسل الأرواح فتزوّج الأجساد، فذلك قول اللّه عزّ وجلّ: {وإذا النّفوس زوّجت}.
3- زوّج المؤمنون بالحور العين، وزوّج الكافرون بالشّياطين. حكاه القرطبيّ في (التّذكرة) حكاه عنه ابن كثير، وهو اختيار ثانٍ للسعدي واختاره الأشقر.
قول الْحَسَنُ: (أُلْحِقَ كُلُّ امْرِئٍ بِشِيعَتِهِ: الْيَهُودُ باليهودِ، وَالنَّصَارَى بالنَّصَارَى، والمَجُوسُ بالمجوسِ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئاً مِنْ دُونِ اللَّهِ يَلْحَقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَالْمُنَافِقُونَ بِالْمُنَافِقِينَ، وَيَلْحَقُ الْمُؤْمِنونَ بِالْمُؤْمِنِينَ).
هو ما ذهب إليه الشيخ السعدي بأن تزويجها هو جمع كل امرئ لنظيره فالأبرار مع الأبرار والفجار مع الفجار ومن ذلك جمع المؤمنين بالحور العين لأنهن من الأبرار ، وجمع الكفار مع شياطينهم لأنهم فجرة، والله أعلم.
1- السّماء السّابعة. وهو قول لابن عباس حكاه عنه ابن كثير، وقال (ابن كثير) هكذا قال غير واحدٍ إنّها السّماء السّابعة.
ودليله: ما رواه الأعمش، عن شمر بن عطيّة، عن هلال بن يسافٍ قال: سأل ابن عبّاسٍ كعباً وأنا حاضرٌ عن: {سجّينٍ} قال: هي الأرض السّابعة، وفيها أرواح الكفّار. وسأله عن: {علّيّين}. فقال: هي السّماء السّابعة، وفيها أرواح المؤمنين.
2- الجنة . وهو رواية ثانية لابن عباس حكاها عنه ابن كثير، وخص أعلي الجنة السعدي وتردد الأشقر في الجنة عموما أو أعاليها على وجه الخصوص.
ودليله: ما رواه عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {كلاّ إنّ كتاب الأبرار لفي علّيّين}. قال: يعني الجنّة.
3- ساق العرش اليمنى ،وهو اختيار قتادة نسيه له ابن كثير.
4- {علّيّون}: عند سدرة المنتهى، نسبه ابن كثير لآخرين ولم يسمهم.
أنّ كل الاحتمالات واردة فـ {عليين} من العلو وكل ما فسروه بها موجود في الأعلى، وكما قال ابن كثير : والظاهر أن {علّيّين} مأخوذٌ من العلوّ، وكلّما علا الشّيء وارتفع عظم واتّسع" وإن كان القول بأنها السماء السابعة أو الجنة أقرب للآثار الواردة.
3. بيّن ما يلي:
أ: ما أعدّه الله تعالى من العذاب للكفار والعصاة.
1- أن مأواهم النار لا يخرجون منها و لا تفتر عنهم ساعة و لا يموتون فيرتاحون، نسأل الله العافية.
2- أنهم كما حجبوا قلوبهم عن الإيمان في الدنيا يحجبهم الله عن رؤيته في الآخرة، وهو أشدها إيلامًا لهم فلا نعيم يعدل نعيم رؤية ربنا - اللهم لا تحرمنا وزدنا و لا تنقصنا.
ب: المراد بالتطفيف وحكمه، وما يستفاد من الآيات الواردة في شأنه.
المراد به: التطفيف هو البخس في المكيال والميزان شيئا طفيفا أي نزرًاا حقيرا، وهذا البخس إما يكون بالازدياد إن استوفى حقه من الناس أو بالنقصان إن قضاهم حقهم.
حكمه: الحرمة للتهديد من الله في سورة المطففين {ويل للمطففين الذين عن اكتالوا على الناس يستوفون وإن كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم}.
1- إن التطفيف في الأصل هو البخس في الكيال والميزان شيئا طفيفا ، فمن باب أولى من يبخس الناس حقهم شيئا كثيرا فهو أشد حرمة ومتعرض أكثر لعقاب الله.
2- توعد الله المطففين بالهلاك والخسران ، بل وأنزل سورة مخصوصة لهذا الفعل ، بل بسبب هذا الفعل ذم الله قوم شعيب ، فعلى كل مسلم أن يعلم أنه ليس بالأمر الهين وليستحضر أن الله بصير مطلع عليه ولو لم ينتبه له من بخسه حقه فالله موفيه حقه يوم القيامة.
3- المطففون قوم غير أسوياء فهم يكتالون بمكيالين فلا يرضون بأن يحطوا من حقهم ويسترخصون أكل حقوق الغير بالباطل ، ففي تصرفهم دليل على فساد طويتهم وسوء خلقهم فمن وجد في نفسه ذلك فليتب وليسأل الله أن يعينه على نفسه ويرزقه حسن الخلق.
4- لما ذكر الله {ليوم عظيم} في ذلك إشارة لعظم جرم التطفيف فذكرهم باليوم العظيم الذي سيقفون فيه وسيحاسبون على فعلهم المتضمن لأكل الناس بالباطل والغش وخيانة الأمانة.
5- إن كان هذا التهديد والوعيد بشأن من يبخس الناس حقهم فكيف بمن يغتصبها أو يسرقها فإثمه أشد فليتقي اللهَ هؤلاء في أنفسهم.
6- من تعدي عليه فأخذ ماله بغير وجه حق من مطفف أو مغتصب أو سارق فلا يحزن وليطمئن قلبه وليعلم أن له ربا سيأتيه بحقه إن عاجلا أو آجلا، بل في ذاك اليوم سيجد مقابل حقه حسنات في يوم لا تباع الحسنة بملء الأرض ذهبا وكما قال تعالى {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب اليم}.