المجموعة الثانية:
س1: بيّن معنى العبادة لغة وشرعا، واذكر مراتب العبودية.
العبادة لغة هي: الخضوع والتذلل, يقال: طريق معبد, أي: مذلل من كثرة وطء الأقدام عليه.
أما شرعا فهي: امتثال الأمر والنهي على جهة المحبة والرجاء والخوف, وعرفها شيخ الإسلام بقوله: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
أما مراتب العبودية تدور على خمسة عشرة قاعدة, من كملها كمل مراتب العبودية, ذلك لأن العبودية منقسمة على القلب واللسان والجوارح, وعلى كل منها عبودية تخصه, وأحكان العبودية خمسة: واجب, ومستحب, ومحرم, ومكروه, ومباح, وهذا لكل واحد من القلب واللسان والجوارح.
س2: بيّن بالأدلة أنّ دين الأنبياء واحد.
قال تعالى:"ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت", فبين الله سبحانه وتعالى, أنه بعث في جميع الأمم رسل تدلهم عليه, وتأمرهم بعبادته وحده وترك عبادة من سواه من الطواغيت التي عبدت من دونه.
وقال تعالى:"وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون", فدلت الآية أن مهمة جميع الرسل كانت أمر الناس بعبادة الله وحده, ولو اختلفت شرائع الرسل كما قال تعالى:"لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا", لكن رسالة توحيد الله بالعبودية كانت واحدة, كما قال عليه الصلاة والسلام, في الحديث المتفق عليه:"...والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد".
وقال تعالى:"وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره".
س3: بيّن معنى " لا إله إلا الله"، وكيف تردّ على من أخطأ في تفسيرها من المتكلمين وغيرهم.
الإله هو المألوه محبة وتعظيما وخضوعا له وتذللا, وهو المعبود المطاع المستحق أن يعبد لكمال صفاته وجميل إنعامه, فمن هذا يكون معنى كلمة التوحيد: لا معبود بحق إلا الله, ففيها نفي وإثبات, فقوله:"لا إله " نفي الألوهية عمن سوى الله, وقوله:"إلا الله" إثباتها لله وحده, وتقديم المعمول أفاد حصر الألوهية وقرها على الله تعالى.
فليس معنى الإله الخالق أو الصانع أو القادر على الاختراع, كما قال بهذا القبوريون وجهلة المتكلمين, فما قالوه لم ينكره الكفار في زمن النبي عليه الصلاة والسلام, بل كانوا مقرين ومعترفين بأصل توحيد الربوبية, بأن الله هو الخالق, والرازق, قال تعالى:"ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم", وأخبر الله عنهم بأنهم كانوا يبررون عبادتهم للأصنام بقولهم:"ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى", فأقر المشركون بها لفظا وجحدوها معنى, فجعلوا لله شركاء صرفوا لهم بعض أنواع العبادات, أما مشركوا هذا الزمان فجحدوها لفظا زمعنى, فهم من جهة لم يفهموا معناها, ومن جهة أخرى صرفوا العبادات لغير الله تعالى, ممن عظموا من الأولياء والقبور, بل كانوا أجهل من مشركي العرب قديما, حيث أن مشركي هذا الزمان توجهوا لأوليائهم في الشدة والرخاء, بينما مشركوا العرب كانوا يتوجهون لله في الشدة ويخلصون له الدعاء, قال تعالى:"فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون".
س4: بيّن تفاضل الناس في التوحيد، وكيف تردّ على من زعم أنّ المسلمين متساوون في توحيدهم؟
يتفاضل الناس في تحقيق التوحيد, لأن تحقيق التوحيد يكون على درجتين:
1- تحقيق واجب.
2- تحقيق مستحب.
فالأول يكون تحقيقه بتصفية التوحيد من الشرك بجميع أنواعه :الأكبر, والأصغر, والخفي, ومن البدع بحميع أنواعها: الاعتقادية, والقولية, والفعلية, ومن المعاصي كبيرها وصغيرها,ويكون بتحقيق الشهادتين من إخلاص لله ومتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام.
أما تحقيق التوحيد المستحب, فهذا الذي يتفاضل فيه الناس أعظم تفاضل، وهي ألا يكون في القلب شيء من التوجه لغير الله ، فلا يلتفت القلب إلى غيره، فيترك ما لا بأس به خوفا مما به بأس، وهذا بالنسبة للقلب واللسان والجوارح.
فإا كان تحقيق التوحيد على درجتين, لزم أن يكون الناس فيه أيضا متفاوتون متفاضلون في كل من الدرجتين, فمن ارتكب شيئا من الكبائر ليس كمن اجتنبها, ومن وقع في الصغائر ولم يتب منها, ليس كمن يديم التوبة والاستغفار منها, ومن اجتنب المحرمات وأتى بالمأمورات وفعل المستحبات ليس كمن لم يفعل, كذلك من رضي بشيئ من الكفر أو المعاصي أو البدع, ولو لم يفعلها, لم يحقق التوحيد الواجب, لأن حركة قلبه مالت عن مراد الله تعالى, لذلك قال الله في إبراهيم عليه السلام:"إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين", فوصفه بصفات من حقق كمال التوحيد المستحب, ففقد جمع صفات الكمال البشري والخير, وكان مديم الطاعة لله تعالى, بعمل المأمورات واجتناب المنهيات, وكان مائلا عن الشرك مستقيما على التوحيد, فلم يشرك بربه شيئا, واجتنب الشرك بأ،واعه.
لذل كان الناس في هذا المقام درجات, قال تعالى:"ولكل درجات مما عملوا", وقال:"هم درجات عند الله", فيختلف الناس فيما وقر في قلوبهم من إيمان وعقائد, ويختلفون في مقدار طاعتهم وأعمالهم وإحسانهم, لذلك قيل: "ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام، ولا صلاة، ولكن بشيء وقر في صدره", وجاء في الحديث: "فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب", ووصفهم عليه الصلاة والسلام لأصحابه بقله:" "هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون", وهؤلاء حققوا كمال التوحيد المستحب بكمال توكلهم على الله, فتركوا أمورا لا بأس بها خوفا من ميل قلوبهم إلى غير الله, وهذا لا يستطيعه الجميع بالاتفاق.
س5: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك للأبواب الثلاثة الأولى من كتاب التوحيد.
- أهمية العلم.
- التفطن للغاية التي خلق من أجلها الخلق, فمعرفتها تعين على معرفة العبد لربه, ومعرفة العبد لنفسه, ومعرفة العبد لحقيقة الدنيا.
- أهمية معرفة معنى التوحيد بأنواعه, ومعرفة معنى:"لا إله إلا الله" وشروطها, فعليه يتوقف فوز العبد بالجنة ونجاته من النار.
- أهمية معرفة الشرك بأنواعه للتمكن من اجتنابه, فمن لم يعرف الشر وقع فيه.
- الحرص على معرفة السنة وما جاء فيها, وتعويد النفس على اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام, فلا طريق يوصل إلى الله تعالى إلا من خلاله.
- محاربة البدع بإحياء السنن ونشرها بين الناس والحرص على تطبيقها.
- ضرورة الحرص على الدعوة التصحيحية لعقائد الناس المنحرفة ممن وقعوا في الشرك الأكبر أو الأصغر, وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.
- التطلع إلى الدرجات العلا في تحقيق التوحيد, والحرص على الإتيان بكماله المستحب ما أمكن العبد ذلك, والطمع في ما أعده الله لمن حقق التوحيد.
- عظم نعمة التوحيد, فيجمع العبد قلبه ولا يلتفت لغير ربه, فيحمي قلبه من التشتت في أودية الدنيا المختلفة التي تودي به إلى جهنم.
- دوام شكر الله على ما أنعم علينا بأن خلقنا مسلمين, وعرفنا ودلنا عليه سبحانه وتعالى.