القارئ:
(وصفة كتابة الحديث وعرضه).
الشيخ:
(وصفة كتابة الحديث)
الحديث كتابته له صفة معتبرة عند العلماء، كيف يكتب الحديث ؟
وما هي الرموز التي يستخدمها المحدثون ؟
مثل: حدثنا كيف يكتبونها ؟
يكتبونها (ثنا)، ويكتبونها (نا)، ويكتبونها (دثنا).
أخبرنا يكتبونها أحياناً: (أخبرنا)، وأحياناً (أرنا )، وأحياناً (أنا) ، ويعرف كيفية إصلاح الخطأ الذي يقع في الكتابة، وكيفية التخاريج واللحق الذي يكون في الهوامش والحواشي، وكيفية كتابة ما يدل على أن هذه النسخة مقابلة بغيرها، في صور كثيرة لصفة الكتاب يعتني بها الإنسان.
القارئ:
(وعرضه).
الشيخ:
يعني: عرض مسموعاته في عرضها على نسخة شيخه الأصلية، أو يقابلها على نسخة مقابلة على نسخة شيخه، يقابلها بنفسه، أو يقابلها مع غيره، هذه لها طرائق يتعلمها طالب الحديث.
القارئ:
(وسماعه).
الشيخ:
يتعلم كيفية سماع الحديث؛ لأن سماع الحديث له شروطٌ معتبرةٌ، يسمع الحديث متيقظاً غير مشتغل بشيءٍ، لكن لو سمعه وهو ساهٍ، أو نائم، أو يكتب شيئا آخر، أو نحو ذلك، فهذا قدح في السماع.
القارئ:
(وإسماعه).
الشيخ:
يعني: يتعلم كيفية إسماع الحديث، وإسماع الحديث له أصول عند المحدثين، كتبوا فيه آداب الإملاء والاستملاء، في مجموع ما تقدم كتب الخطيب البغدادي: (الجامع في أخلاق الراوي وآداب السامع) هذه لها آداب كيفية إسماع الحديث مثلا:
- من التطهر والإتيان إليه بأحسن لباس.
- وكيفية الجلوس له.
- وكيفية تبليغ الصوت.
- وكيفية إسماعه من حيث يسمعه من كتابه أو يسمعه من حفظه، وإذا شك في حفظه ماذا يصنع، وإذا عارضه غيره ممن حضر كيف يجيب هذه المعارضة؟
لأن المعارضة قد تسقط الراوي، وأحياناً قد ترفعه، فهذه أشياء لا بد أن يتعلمها.
القارئ:
(والرحلة فيه).
الشيخ:
أي: والرحلة في طلب الحديث، وهذه كيف يرحل الحديث؟
متى يرحل؟
لمن يرحل؟
هذه مهمة عند العلماء، مثلاً إذا جاءت الرحلة لا يرحل إلا بعد أن يسمع من أهل بلده، ثم إذا رحل يرحل إلى الشيوخ الذين علا إسنادهم، ثم إذا رحل إلى بلد كيف يسمع من الشيوخ؟
أو من يسمع منهم من الشيوخ؟
لأنه يرد على بلد وهو فيها غريب، فقد يسمع من كذاب أو وضاع، فلا يستفيد من رحلته.
القارئ:
(وتصنيفه إما على المسانيد أو الأبواب).
الشيخ:
وتصنيف الأحاديث إما على المسانيد، يعني:
- يجعل مسند أبي بكر.
- ثم أحاديث علي.
- ثم حديث عائشة يجمعها.
- وأحاديث: عثمان، وعلي، وابن عمر، وابن عباس.
- أو مثلاً: أسانيد المكيين أهل مكة.
- أو مسانيد الشاميين، وهذا كما صنع الإمام أحمد، كما صنع الطبراني وغيرهم.
القارئ:
(أو الأبواب).
الشيخ:
(أو الأبواب) يرتبها على الأبواب، الأبواب الفقهية، مثلاً: يصنفها على الأبواب؛ على باب الطهارة، باب الصلاة، باب القدر، باب الإيمان، باب العلم، كتاب العلم، وكتاب الإيمان، كما صنع البخاري، وكما صنع أبو داود، وكما صنع النسائي.
القارئ:
(أو العلل).
الشيخ:
أو يصنفها على العلل؛ كما يقول أبو حاتم: علل الطهارة، علل الصلاة، يعني: الأحاديث المعلولة في الطهارة، في الصلاة، علل الزكاة.
- أو يصنفها على علل المسانيد، يعني: يأتي بأحاديث أبي بكر ويذكر الأحاديث المعلة منها، كما صنع الدارقطني، ثم أحاديث عمر، ثم أحاديث عثمان، وهكذا.
القارئ:
(أو الأطراف).
الشيخ:
يرتب أطراف الأحاديث، يأتي إلى مسند أبي بكر، ثم يذكر طرف الحديث فقط، فيقول: رواه عن أبي بكر فلان وفلان، وعنه فلان وفلان كما يصنع المزي في (التحفة) وغيره.
القارئ:
(ومعرفة سبب الحديث).
الشيخ:
هذه التصانيف ذكرها المؤلف بإيجاز، ولكن طالب العلم ينبغي له أن يهتم بمعرفة طرائق المؤلفين في تصنيف الحديث؛ لأنها تسهل عليه كثيراً من الاستفادة مما كتبه المحدثون؛ لأن الإنسان إذا عرف مثلاً: أن أبا حاتم رتب كتاب (العلل) على أحاديث الأبواب الفقهية هذا يفيده، إذا أراد أن يستخرج حديثاً أعله أبو حاتم مباشرةً، يذهب إلى كتاب الطهارة، أو إلى الصلاة، وينظر فيه مباشرة.
كذلك:
إذا عرف طريقة الدارقطني، إذا عرف طريقة الترمذي، وهكذا.
كذلك:
إذا أراد أن يستخرج حديثاً من (مسند أحمد)، إذا كان ما يعرف طريقة المسانيد، ما يستطيع أن يمر على أكثر من ثلاثين ألف حديث.
لا بد أن يعرف أبا بكر مقدم، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم العشرة، وهكذا
القارئ:
(ومعرفة سبب الحديث).
الشيخ:
يعني: (ومعرفة سبب ورود الحديث) الحديث يكون له أحياناً سبب ورود، لماذا قاله النبي عليه الصلاة والسلام، كما أن القرآن له أسباب نزول، فمن المهم أن يعرف الإنسان سبب ورود الحديث، فإذا جاءنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله)) إلى آخره، والإسلام والإحسان، هذا سبب وروده سؤال جبريل إذا جاءنا: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبث)) له سبب، النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض وما ينوبها من الدواب والسباع، فقاله.
الأسباب مهمة؛ لأنها تفيدنا في الأحكام، وتوضح الأحاديث، مثلاً حديث: ((من سن سنة حسنة في الإسلام فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة))، أو الحديث الآخر الذي بمعناه ((من دعا إلى هدى))، هذا إذا عرفنا سبب حديث: ((من سن سنة في الإسلام))تبين لنا أنه ليس كل سنة يسنها أحد في الإسلام أنها تكون حسنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((كل بدعة ضلالة)).إذا عرفنا أن هذا ورد على سبب، وهو ورود القوم المجتابي النمار وحاجتهم إلى الصدقة، دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصدقة الصدقة مشروعة، فالرجل الذي تصدق أول ما جاء وتصدق بشيء كثير هذا سن سنة، ما ابتدع صدقة في الإسلام، ولكنه سن بمعنى أنه ابتدأ هذا العمل بشيء عظيم، فصار له الأجر.فدل ذلك على أن المقصود أن من سن سنة، يعني: أن من أحيا سنة، أو عمل بسنة فاقتدى به غيره فيها.
معرفة سبب ورود الحديث، وقد صنف فيه من أجمعها كتاب (البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف)للحسيني في ثلاثة مجلدات.
القارئ:
(وقد صنف فيه بعض شيوخ القاضي أبي يعلى بن الفراء).
الشيخ:
يعني من أوائل من صنف في سبب ورود الحديث أبو حفص العكبري، الذي أشار إليه المؤلف، وكتاب أسباب ورود الحديث للسيوطي، لكنه ما كمل، مطبوع منه مجلد.
القارئ:
(وصنفوا في غالب هذه الأنواع).
الشيخ: يعني: صنفوا في غالب الأنواع المتقدمة، يعني: أكثرها مصنف فيها، إن لم تكن تقارب التمام، فقد صنف فيها، وخاصة الخطيب البغدادي صنف في شيء كثير من هذا، وصنف أيضاً الإمام الدارقطني.
القارئ:
(وهي نقل محض).
الشيخ:
يعني: (وهي نقل محض) ليس مبناها على لغة، ولا على رأي، ولا على اجتهاد واستنباط، إنما هي نقل، فعندنا مثلاً اسم الصحابي أجمد، هذا ما فيه اجتهاد، هذا اسم، كذلك عندنا مثلاً: معاوية بن عبد الكريم الضال، هذا الضال ما اجتهدنا فيه، هذا منقول سبب التسمية منقول نقل، هكذا في بقية الأشياء؛ لأن هذه أشياء سماعية، لا يدخلها لا قياس ولا اجتهاد ولا لغة.
القارئ:
(ظاهرة التعريف مستغنية عن التمثيل).
الشيخ:
يعني: هذا اعتذار من المؤلف عما تركه من التمثيل لهذه الأنواع، يقول: لأنها بذاتها ظاهرة، فإذا قال: من وافقت كنيته كنية زوجه، هذا مجرد ما الإنسان يطلع على كتب تراجم تظهر له هذه الأشياء.
القارئ:
(وحصرها متعسرٌ، فلتراجع لها مبسوطاتها).
الشيخ:
يعني: حصر هذه الأنواع متعسر. لأن الكتاب أولاً: مختصر.
- والثاني: أن هذه أشياء لا يمكن أن نجعل لها قاعدة معينة؛ لأنها تتجدد بتجدد الخبر؛ لأنها مبنية على السماع.
القارئ:
(والله الموفق والهادي لا إله إلا هو).
الشيخ:
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.