دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 12:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


تفضيل الأنبياء على الأولياء
قال رحمه الله: [ولا نفضل أحداً من الأولياء على أحدٍ من الأنبياء عليهم السلام، ونقول: نبيٌ واحد أفضل من جميع الأولياء] . من فضل ولياً على نبي من الأنبياء فقد كفر؛ لأن هذا يخالف صريح القرآن وصريح السنة، ولم يقل ذلك أحدٌ من أهل الإسلام، إلا ما كان من شذاذ وغلاة بعض الصوفية، كبعض الاتحادية كـابن عربي مثلاً، فإنه في الفتوحات المكية -فضلاً عن كلامه في الفصوص- يذكر أن مقام الولاية أعظم من مقام النبوة، ولما ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجلٍ بنى بنياناً...) جعل النبي على لبنة فضة، وجعله هو على لبنة الذهب، وقال: (إن المراد بلبنة الفضة: من أخذ الأحكام الظاهرة، ومن أخذ العلم المكتوم وعلم السر، فهو لبنة الذهب)، وهلم جرا. فمثل ابن عربي وأتباعه كـابن سبعين و التلمساني وأمثال هؤلاء الاتحادية، يطلقون مثل هذا الكلام، وهؤلاء متفلسفة، وليسوا مجرد صوفية عباد انحرفوا في بعض أوجه العبادة، فزادوا أو نقصوا أو غلوا في بعض أوجه الذكر والعبادة أو الصوم وما إلى ذلك، كما يقع فيه كثيرٍ من الصوفية؛ بل هؤلاء متفلسفة، وهم أئمة الباطنية. ......

أصناف الباطنية
والباطنية صنفان: إما باطنية الشيعة، وإما باطنية الصوفية، وهذه الطريقة الباطنية الغالية هي طريقةٌ مخالفة لأصل العلم الذي بُعث به الرسول صلى الله عليه وسلم، وحقائقها مبنية على مفارقة دين الإسلام، وأرباب هذه الطرق الباطنية، انتحلوا في الظاهر أحد المذهبين، إما مذهب التشيع وإما مذهب التصوف، ومع ما في التشيع والتصوف من البدع والضلال إلا أن حالهم هذه هي الأخف، وأما حقيقة مذهبهم في نفس الأمر، فهو شر من ذلك كثيراً، فمن أئمة باطنية الصوفية من تقدم ذكرهم، كـابن عربي و ابن سبعين و العفيف التلمساني و ابن الفارض و السهروردي وأمثال هؤلاء، وأما باطنية الشيعة، فجمهورهم من الإسماعيلية، كـابن سينا وأمثاله. ولـابن عربي كلام حسن في الفتوحات المكية، في ذكر بعض مقامات العبادة، أو ذكر بعض مقامات الإيمان، أو نحو ذلك، وكذلك ابن سينا له كلام حسن في بعض المقامات، ولكنه لا يكتفي به ولا يقف عليه، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وكنت -يعني بذلك أنه كان في أول عمره- مع إخوة لنا نقرأ في كلام ابن عربي في الفتوحات المكية، ونقرأ في كلامه شيئاً حسناً مما ينفع السالك، حتى نظرنا حقيقة كلامه وما ذكره في الفصوص فتبين مذهبه، وأنه يقول بقول الاتحادية).

أسس نظرية وحدة الوجود
وأما حقيقة مذهب ابن عربي وأمثاله فهو القول بوحدة الوجود، وهذا مبناه ليس على نوع من العرفان المحض أو التعبد أو نحو ذلك، إنما هي نظريةٌ فلسفية بناها ابن عربي في كتبه على مقدمتين: الأولى: التفريق بين الوجود والثبوت. الثانية: مسألة العدم، وهل العدم شيء أو ليس بشيء؟ وهذه نظرية فلسفية معروفة قبل أرسطو ، بل إن الإمام ابن تيمية رحمه الله قال: (وقد وقع لي في كلام لـأرسطو ما هو من الرد على قوم من الفلاسفة قبله كانوا يقولون بوحدة الوجود).

الفرق بين قول ابن عربي وقول ابن سينا في وحدة الوجود
وكذلك ابن سينا لما قال بأن واجب الوجود، هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق، أي أنه مجرد عن الأمور الثبوتية، ولا يوصف إلا بالسلوب والإضافات، أو ما ركب من السلب والإضافة، هذه نظرية فلسفية كان أرسطو طاليس يقررها، وابن عربي وأمثاله يقولون: هو الوجود المطلق لا بشرط، أي: أنه ليس متعيناً، فيجعلون الوجود واحداً، ولا يمكن أن نقول: إن ابن عربي إنما كان يسمي الأعيان باسم الله؛ لأنهم يجعلونه هو الوجود المطلق لا بشرط، أي أنه لا يقبل التعيين، وإن كان متوحداً في سائر الوجود، وقد كان أرسطو طاليس وأمثاله مع إلحاده ينكر هذه النظرية ويردها.

المقالات المبتدعة والفلسفية هي نظريات منقولة
وينبغي أن يفهم أن كثيراً من البدع المغلظة التي قالها بعض غلاة المتكلمين، فضلاً عن المقالات التي قالها المتفلسفة، إما متفلسفة النظار، وإما المتفلسفة الباطنية، سواء كانوا ممن ينتسبون للتشيع أو ينتسبون للتصوف؛ كثيرٌ من هذه المقالات التي ذكروها في مقام الوجود، أو في القدر، أو في الصفات، أو في أفعال الرب أو في حدوث العالم، ومسألة الصدور أو الفيض التي يذكرها ابن سينا ، وأمثال هذه النظريات ينبغي أن يعلم أنها نظريات منقولة، وأنها ليست نتيجة اشتباه اشتبه عليهم في بعض النصوص، فأدى نظرهم في بعض النصوص إلى هذه المقالات. بل هناك موجبات أوجبت عندهم هذه الأقوال، إما من الفلسفة المنقولة، أو ما هو مركب منها ومولد منها، كما هو شأن الغالب من المتكلمين، وإن كان هؤلاء مع هذا يستعملون كلمات من كلمات الشريعة، وينتسبون إلى الإسلام، فنظرية الجبر بصورتها الجبرية الغالية التي كان يقولها الجهم بن صفوان ، ونظرية القدر بصورتها الغالية التي كان يقولها غلاة القدرية الذين ينكرون علم الرب بما سيكون؛ هذه نظريات منقولة، وكانت نظريات فلسفية سابقة، والرازي وأمثاله من النظار الذين كتبوا في النظريات المتقدمة كانوا يذكرون هذا عن أقوام من الفلاسفة. بل إن الرازي يقول: (إن فلاسفة فارس كانوا يذهبون إلى مذهب القدرية، حتى إنهم جعلوا الألعاب التي وضعوها -وذكر منها: لعبة الشطرنج- مبنية على مذهب القدر، قال: والفلاسفة من الهند كانوا مشتغلين بنظرية الجبر، قال: حتى أنهم لما وضعوا لعبة النرد وضعوها على طريقة الجبر) ذكر الرازي هذا في بعض كتبه ومنها (المطالب العالية). ويجب أن يُعلم أن كل متشيع وكل متصوف يستعمل مثل هذا، فلا بد أنه متفلسف من وجه، وإن كان ظاهره التشيع أو التصوف، إلا أن ابن عربي لا يعرفه كثير من العامة، بل كثير من الناظرين لا يعرفون إلا أنه مجرد صوفي، كما أنهم يقولون -مثلاً- عن بعض العباد كـالجنيد بن محمد ، أو الفضيل بن عياض : إنه صوفي، فيجعلون مسالك الصوفية بها اشتملت عليه من أنواع من التعبد والعرفان قادتهم إلى مثل هذه الكلمات.

أقسام الفلاسفة قبل الإسلام
ويمكن أن نلخص المسألة بطريقة أخرى فنقول: إن الفلاسفة قبل الإسلام كانوا على قسمين: الفلسفة النظرية، والفلسفة العرفانية، بمعنى أن الفلاسفة كانوا يتعاملون مع جهتين، إما جهة العقل، وهذه هي التي تمثلها الفلسفة النظرية العقلية، وإما جهة النفس، وهذه هي التي تمثلها الفلسفة العرفانية، القائمة على الغنوص والتجريد المقامات. فبعض الفلاسفة كـأفلاطون ، حاول أن يركب، بل بدأ هذا التركيب من زمن سقراط ، ولهذا إذا قسموا الفلسفة قالوا: الفلسفة قبل السقراطية، والفلسفة بعد السقراطية، وكانت هناك محاولة للجمع أو التركيب بين العقل والنفس، والمقصود أن الفلسفة ليست مقصورة على النظريات العقلية، بل حتى كثير من النظريات العرفانية المقولة في الأحوال والتعبدات، وكيفية سلوك السالك ونحو ذلك، كثير منها إما أن يكون منقولاً وإما أن يكون متأثراً، وليس معنى هذا أن سائر الصوفية كذلك، بل يعلم أن جماهير الصوفية مع ما عندهم من البدع ليسوا على هذا الوجه الفلسفي، وإن كان يقع عندهم بدع وانحراف وغلط؛ لكن الذين يضافون إلى هذه المقامات هم فلاسفة الصوفية كمن ذكرت أسمائهم. فالمقصود أن المصنف قال: (ولا نفضل أحداً من الأولياء) لهذا الموجب.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ولا, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir