بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص باب آداب حامل القرآن من كتاب التبيان في آداب حملة القرآن للنووي
آداب حامل القرآن:
مع نفسه :
1- يجب على حامل القرآن أن يتخلق بأخلاق القرآن فيقوم بما أمره الله به وينتهي عما نهاه الله عنه .
2- أن يكون صاحب خشية عليه طابع السكينة والوقار، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه
إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون"
مع غيره :
- أن يكون عزيزاًمع الجبابرة ومتواضعاً مع الصالحين وأهل الخير والمساكين .
في كسبه :
1- أن يكون متعففاً و ذو كسب شريف . عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".
2-أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها، فقد جاء عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)).
وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء فيه؛
1-منهم من قال بالمنع كالزهري وأبو حنيفة ( حكاه الخطابي ) واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها))، وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف.
2- وذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة، وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة.
3- وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه، وهو قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين،
وأجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين:
أحدهما: أن في إسناده مقالا.
والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض، فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم، والله أعلم.
مع قرآنه :
1-ينبغي أن يحافظ على تلاوته ويكثر منها.،- ثبت عن أبي موسى الأشرعي يا رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.
2-كراهية نسيانه - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.
3- أن يكون له ورد يومي للقرآن يحرص عليه ولا يفوته ، وقد ورد فيمن نام عن ورده -عن سليمان بن يسار، قال: قال أبو أسيد رضي الله عنه: "نمت البارحة عن وردي حتى أصبحت فلما أصبحت استرجعت وكان وردي سورة البقرة فرأيت في المنام كأن بقرة تنطحني" رواه ابن أبي داود
حال السلف مع القرآن :
وكان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه
1)فروى ابن أبي داود عن بعض السلف رضي الله عنهم أنهم كانوا يختمون في كل شهرين ختمة واحدة، 2)بعضهم كان يختم في الأسبوع مرة وهم كثيرون؛ نقل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله عنهم، وعن جماعة من التابعين كعبد الرحمن بن يزيد وعلقمة وإبراهيم رحمهم الله.
3)ومنهم الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم: عثمان بن عفان رضي الله عنه وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون.
4)ومنهم الذين كانوا يختمون ثلاث ختمات في الليلة : سليم بن عمر رضي الله عنه قاضي مصر في خلافة معاوية رضي الله عنه.
5)وروى أبو بكر بن أبي داود أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات، وروى أبو عمر الكندي في كتابه في قضاة مصر أنه كان يختم في الليلة أربع ختمات.
6)وأما الذي يختم في ركعة فلا يحصون لكثرتهم؛ فمن المتقدمين: عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير رضي الله عنهم، ختمة في كل ركعة في الكعبة.
حكم أقل ما يختم به :
وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة،يدل عليه الحديث الصحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والله أعلم.
أفضل أوقات ختم القرآن :
1-وأما وقت الابتداء والختم لمن يختم في الأسبوع؛ فقد روى أبو داود أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يفتتح القرآن ليلة الجمعة ويختمه ليلة الخميس.
2-وقال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء: الأفضل أن يختم ختمة بالليل وأخرى بالنهار، ويجعل ختمة النهار يوم الاثنين في ركعتي الفجر أو بعدهما، ويجعل ختمة الليل ليلة الجمعة في ركعتي المغرب أو بعدهما، ليستقبل أول النهار وآخره.
3-وعن حبيب بن أبي ثابت التابعي أنه كان يختم قبل الركوع، قال ابن أبي داود: وكذا قال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى
أجر ختم القرآن :
وروى الدارمي في مسنده، بإسناده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: "إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإذا وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي"، قال الدارمي: هذا حسن من سعد.
فضل القراءة ليلاً:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تفطرت قدماه ، وكذلك صحبه رضوان الله عليهم من بعده كانوا يقيمون الليل وتمسع من بيوتهم دوياً كدوي النحل .
لذا حري بحامل القرآن أن يحرص على قيام الليل ،قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون )
- وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
لماذا فضلت القراءة ليلاً :
1- وقت النزول الإلهي واستجابة الدعاء وفي الحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: [هل من داع فأستجيب له]))
2-ا أجمع للقلب وأبعد عن الشاغلات والملهيات
3-أبعد عن الرياء وأدعى للإخلاص
مقدار ما يقرأ في قيام الليل :
1-يستحب الاطالة في قيام الليل بشرط ألا يضر المرء بنفسه
2- يحصل أجر القيام ولو بالقليل: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)
3- وأقله ركعتان ، وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما".
4--من فاته قيام الليل فله أن يقضيه بالنهار، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.