س1: ما معنى وصف القرآن بأنه حكيم؟
يتضمن ثلاثة معانٍ :
1- أنّه محكم لا اختلاف فيه ولا تناقض ، كما قال تعالى : " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً "
2- أنه حكيم بمعنى حاكم على الناس في جميع شؤونهم شاؤوا أم أبوا ،
أمّا المنقادون لحكمه لحكمه الشرعي / فيجدون فيه بيان الحق فيما اختلفوا فيه .
وأمّا المعرضون / ففيه بيان مايصيبهم من الجزاء النافذ فيهم غي الدنيا والآخرة .
وهو كذلك حاكم على ماقبله من الكتب ومهيمن عليها ،
وناسخ لها وشاهد بصدق ماأنزل الله فيها ،
كما قال تعالى : " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه "
وهو حاكم فيما اختلف فيه أهل الكتاب قبلنا ،
كما قال تعالى : " إنّ هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون "
3- أنه ذو الحكمة البالغة . كما قال الله تعالى : " ذلك ممّا أوحى إليك ربك من الحكمة " .
وقد جمع الله فيه من جوامع الكلم المبينة لأصول الدين وفروضه وآدابه ومحاسن الأخلاق والمواعظ ، والحقوق والواجبات ، والأمثال والقصص الحكيمة مالا يوجد في كتابٍ غيره ، فمن أخذها وعمل بها فقد أخذ الحكمة من أعظم مصادرها ، وأقربها وأيسرها .
وفي تفسير قوله تعالى : " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً " قال أبو الدرداء في تفسير الحكمة :
( قراءة القرآن والفكرة فيه ) . رواه ابن أبي حاتم .
وقال قتادة : الحكمة : الفقه في القرآن .
س 2- بين أنواع عزة القرآن .
أنواع عزة القرآن :
عِزَّةَ القَدْرِ .
وَعِزَّة الغَلَبة .
وعزَّة الامتناع .
✨ فأما عزة القَدْرِ فلأنه أفضل الكلام وأحسنه، يعلو ولا يعلى عليه ، ويحكم ولا يحكم عليه، يغيِّر الدول والأحوال ولا يتغير.
قال الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}
وهو عزيز القدر عند الله وعند الملائكة وعند المؤمنين
قال أبو المظفر السمعاني: ({وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} أي: كريم على الله ). وروي ذلك عن ابن عباس.
- وأما عزة قدره عند المؤمنين، فلا توجد أمة من الأمم تعتني بكتابها وتجله كما يجل المسلمون القرآن حتى إنهم من إجلالهم للقرآن يجلون حامل القرآن كما في سنن أبي داوود من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط )).
وهذا كله من عزة قدره.
✨وأما عزة غلبته فلأن حججه غالبة دامغة لكل باطل كما قال تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} وحجج القرآن أحسن الحجج وأبينها وأبعدها عن التكلف والتعقيد وأقربها إلى الفطرة الصحيحة والعقل الصريح وأعظمها ثمرة وفائدة، مَنْ عقلها تبين له الهدى، واستبانت له سبل الضالين، ومَنْ حاجَّ بها غَلَب ، ومن غَالبها غُلِب.
ومن عزة غلبته أنه غلب فصحاء العرب وأساطين البلاغة فلم يقدروا على أن يأتوا بمثله، ولا بمثل سورة واحدة منه، وقد تحدى الله المشركين الذين يزعمون أنه من أساطير الأولين وأنه قول البشر أن يأتوا بسورة من مثله فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا حتى أقروا بذلك وهم صاغرون .
✨وأما عزة الامتناع فلأن الله تعالى أعزَّه وحفظه حفظاً تاماً من وقت نزوله إلى حين يقبضه في آخر الزمان كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يمكن لأحد أن يزيد فيه ولا ينقص ،
فهو محفوظ من الشياطين، محفوظ من كيد الكائدين، لا يصيبه تبديل ولا تغيير، يقرأ على مر السنين والقرون كما أنزل لا يخرم منه حرف، ولا يبدل منه شيء.
س 3 : بيّن باختصار معاني عظمة القرآن .
الأول: عظمة قدره .
فمن عظمة قَدْرِه: أنه كلام الله تعالى؛ الذي لا أعظم من كلامه ولا أصدق ولا أحسن.
- أنه فرقان بين الهدى والضلال، والحق والباطل.
- أنه {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}، وهو الفصل ليس بالهزل .
- ومن عظمة قدره: أنه يهدي للتي هي أقوم في كل ما يُحتاج إلى الهداية فيه .
- أن من اعتصم به عُصِمَ من الضلالة، وخرج من الظلمات إلى النور بإذن ربه .
- كثرة أسمائه وأوصافه المتضمنة لمعان جليلة عظيمة تدل على عظمة المسمى بها والمتصف بها.
- ومنها : إقسام الله تعالى به في آيات كثيرة؛ فإن القسم به دليل على شرفه وعظمته .
ومنها : أنه أفضل الكتب المنزلة .
- ومنها : أن خصه الله بأحكام ترعى حرمته وتبين جلالة شأنه .
- ومنها : أن جعل الله له في قلوب المؤمنين مكانة عظيمة لا يساميها كتاب .
- ومنها :أن تحدَّى الله تعالى المشركين أن يأتوا بسورة من مثله فلم يستطيعوا .
وأما عظمته في الآخرة ، فأسعد الناس حظاً أوفرهم نصيباً من كتاب الله ،
فهو يظل صاحبه حين تدنو الشمس من الخلائق .
ويشفع لصاحبه ويُحاج عنه .
وهو كرامة ورِفعة لصاحبه .
الثاني : عظمة صفاته :
فهو حياة القلوب وغذاؤها ودواؤها ، وأنسها وميزانها الذي تزن به الأمور ،
وصفه الله بصفات تُنبئ عن عظمته ، فهو عظيم في عزته ..
عظيم في علوه .. عظيم في إحكامه وحكمه .. عظيم في مجده ..
عظيم في بركته .. عظيم في كرمه .. عظيم في بيانه .