معنى التعارض في القرآن:
أن تتقابل آيتان، بحيث يمنع مدلولإحداهما مدلول الأخرى، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشيء والأخرى نافيةفيه.
قواعد في التعارض:
أولا: لا يمكن أن يقعالتعارض بين آيتين مدلولهما خبري.
تعليل القاعدة: لأنه يلزم كون إحداهما كذبا، وهو مستحيل في أخبارالله تعالى، قال الله تعالى:{ومن أصدق من اللّهحديثاً}[النساء: الآية 87]{ومنأصدق من اللّه قيلاً }[النساء: الآية 122.
ثانيا:لا يمكن أنيقع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي.
ملاحظة:المقصود بالحكمي من كلام الشيخ رحمه الله مايسميه علماء الأصول بالحكم الطلبي بأن يأتي خطاب الشارع بطلب فعل أو طلب ترك فعل.
تعليل القاعدة: لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى قال اللهتعالى: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها نأت بخيرٍ منها أومثلها}[البقرة: الآية 106]وإذا ثبت النسخ كان حكمالأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة.
الموقف عند وقوع مايوهم التعارض:
محاولة الجمع بينهما،فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف، وتكل الأمر إلىعالمه.
من أجمع الكتب في هذاالموضوع كتاب ( دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب ) للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمهالله تعالى.
أمثلة لما يوهم التعارض :
1- قولهتعالى :"هدىً للمتّقين"البقرة: الآية 2 مع قوله تعالى:"شهر رمضانالّذي أنزل فيه القرآنهدىً للنّاس}[البقرة: الآية 185]فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصةبالمتقين، وفي الثانية عامة للناس، والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هدايةالتوفيق والانتفاع، والهداية في الثانية هداية التبيانوالإرشاد.
ونظير هاتين الآيتين،قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم: {إنّك لا تهدي منأحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [القصص: 56]وقوله فيه{وإنّك لتهدي إلى صراطٍمستقيمٍ}[الشورى: الآية 52]فالأولىهداية التوفيق والثانية هداية التبيين.
2- قوله تعالى:{شهداللّه أنّه لا إله إلّا هو والملائكة وأولو العلم}[آل عمران: الآية 18]وقوله: {وما من إلهٍ إلّا اللّه}[آل عمران: الآية 62]وقوله:{فلا تدع معاللّه إلهاً آخر فتكون من المعذّبين}[الشعراء: 213]وقوله: {فما أغنت عنهم آلهتهم الّتي يدعون من دون اللّه منشيءٍ لمّا جاء أمر ربّك وما زادوهم غير تتبيبٍ} [هود: الآية 101]ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريينإثبات الألوهية لغيره.
والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هيالألوهية الحق، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة؛ لقوله تعالى:{ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ مايدعون من دونه هو الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} [الحج: 62].
3- قولهتعالى: {قل إنّ اللّه لا يأمر بالفحشاء}[لأعراف: الآية 28]وقوله: {وإذا أردنا أننهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناهاتدميراً} [الإسراء: 16]ففي الآية الأولى نفي أن يأمرالله تعالى بالفحشاء، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق.
والجمع بينهما أنالأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي، والله تعالى لا يأمر شرعا بالفحشاء لقولهتعالى: {إنّ اللّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربىوينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكّرون} [النحل: 90]والأمر في الآية الثانية هو الأمر الكوني، والله تعالى يأمركونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته لقوله تعالى:{إنّما أمرهإذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} [يّس: 82).