بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير:
مقدمة (وفيها بيان حكم التفسير وفضله)
-بيان أحسن طرق التفسير.
-كيف نفسر ما لا نجد تفسيره في الوحيين ولا في أقوال الصحابة وفي التحذير من التفسير بالرأي.
المقصد العام: بيان حكم التفسير وفضله وأحسن طرقه
1- حكم التفسير وفضله وأحسن طرقه:
ا)بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وإنذارهم بالقرآن:
الحمد لله الذي أرسل رسله وختمهم بالنبي صلى الله عليه وسلمالأمي العربي الهادي لأوضح السبل،أرسله إلى جميع خلقه من الإنس والجن من لدن بعثته إلى قيام الساعة كما قال تعالى:(( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله و كلماته واتبعوه لعلكم تهتدون))
فمن كفر بالقرآن فالنار موعده بنص الله تعالى:(( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ))هود:17
ب)حكم تعلم التفسير وتعليمه:
وقد ندب الله تعالى إلى تفهمه،قال تعالى:(( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )) محمد:24
فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله وتفسير ذلك وطلبه من مظانه وتعلمه وتعليمه،كما قال تعالى:(( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون )) فذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم وإقبالهم على الدنيا وجمعها واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله.
فعلينا أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه وتفهمه وتفهيمه،قال الله تعالى:(( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكون كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون*اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون ))
ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى مما يحيي الأرض بعد موتها كذلك يلين القلوب بالإيمان والهدى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي.
2- بيان أحسن طرق التفسير:
ا) تفسير القرآن بالقرآن:
(( و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون )).
ب)تفسير القرآن بالسنة:
والغرض أن تطلب القرآن منه فإن لم تجده فمن السنة ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ))يعني:السنة.
والسنة تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن.
ج)تفسير القرآن بأقوال الصحابة:
فإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها لاسيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:(( والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته ))
د) حكم نقل ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب:
غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن ابن مسعود وابن عباس ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما كان يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:(( بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ))رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو.
ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للإستشهاد لا للإعتضاد فإنها على ثلاثة أقسام:
1- ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
2- ما علمنا كذبه مما عندنا ما يخالفه.
3- ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم
ه)موقف أهل الكتاب والمفسرين من الإختلاف وفائدته:
يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف ولون كلبهم وعددهم إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دينهم ودنياهم ولكن نقل الخلاف عنهم جائز كما قال تعالى:(( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا ))الكهف:22
فإنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما ثم أرشد أن الإطلاع على عددهم لا طائل تحته.
فهذا أحسن ما يكون في حكاية الإختلاف أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل وتذكر فائدة الخلاف وثمرته لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته فتشتغل به عن الأهم.
انتهى..