دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الرسالة التدمرية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 06:33 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي فساد مسلك النفاة في التنزيه

فـصــــلٌ
وَأَفْسَدُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَسْلُكُهُ نُفاةُ الصِّفَاتِ أَوْ بَعْضِهَا، إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُنَزِّهُوهُ عَمَّا يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْهُ مِمَّا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ، مِثْلَ أَنْ يُرِيدُوا تَنْزِيهَهُ عَنِ الحُزْنِ وَالْبُكَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيُرِيدُونَ الرَّدَّ عَلَى الْيَهُودِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ بَكَى عَلَى الطُّوفَانِ حَتَّى رَمَدَ وَعَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ بِإِلَهِيَّةِ بَعْضِ الْبَشَرِ، وَأَنَّهُ اللَّهُ.
فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَحْتَجُّ عَلَى هَؤُلاَءِ بِنَفْيِ التَّجْسِيمِ أَوِ التَّحَيُّزِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَقُولُونَ: لَو اتَّصَفَ بِهَذِهِ النَّقَائِصِ وَالْآفَاتِ لَكَانَ جِسْمًا أَوْ مُتَحَيِّزًا، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ.
وَبِسُلُوكِهِمْ مِثْلَ هَذِهِ الطَّرِيقِ اسْتَظْهَرَ عَلَيْهِمُ الْمَلاَحِدَةُ، نُفاةُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، فَإِنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ لاَ يَحْصلُُ بِهَا الْمَقْصُودُ لِوُجُوهٍ:
أَحُدُّهَا: أَنَّ وَصْفَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَذِهِ النَّقَائِصِ وَالْآفَاتِ أَظْهَرُ فَسَادًا فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ مِنْ نَفْيِ التَّحَيُّزِ وَالتَّجْسِيمِ، فَإِنَّ هَذَا فِيهِ مِنَ الاشْتِبَاهِ وَالنِّزَاعِ وَالْخَفَاءِ مَا لَيْسَ فِي ذَلِكَ، وَكُفْرُ صَاحِبِ ذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الْإِسْلاَمِ، وَالدَّلِيلُ مُعَرِّفٌ لِلْمَدْلُولِ، وَمُبَيِّنٌ لَهُ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَى الْأَظْهَرِ الْأَبْيَنِ بِالْأَخْفَى، كَمَا لاَ يُفْعَلُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَصِفُونَهُ بِهَذِهِ الْآفَاتِ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَقُولُوا: نَحْنُ لاَ نَقُولُ بِالتَّجْسِيمِ وَالتَّحَيُّزِ، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يُثْبِتُ الصِّفَاتِ وَيَنْفِي التَّجْسِيمَ، فَيَصِيرُ نِزَاعُهمْ مِثْلَ نِزَاعِ مُثْبِتَةِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، فَيَصِيرُ كَلاَمُ مَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَصِفَاتِ النَّقْصِ وَاحِدًا، وَيَبْقَى رَدُّ النُّفاةِ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ هَؤُلاَءِ يَنْفُونَ صِفَاتِ الْكَمَالِ بِمِثْلِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَاتِّصَافُه بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَاجِبٌ، ثَابِتٌ بِالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ سَالِكِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مُتَنَاقِضُونَ، فَكُلُّ مَنْ أَثْبَتَ شَيْئًا مِنْهُمْ أَلْزَمَهُ الْآخَرُ بِمَا يُوَافِقُهُ فِيهِ مِنَ الإِثْبَاتِ، كَمَا أَنَّ كُلَّ مَنْ نَفَى شَيْئًا مِنْهُمْ أَلْزَمَهُ الْآخَرُ بِمَا يُوَافِقُهُ فِيهِ مِنَ النَّفْيِ، فَمُثْبِتَةُ الصِّفَاتِ كَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلاَمِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، إِذَا قَالَتْ لَهُمُ النُّفاةُ كَالْمُعْتَزِلَةِ: هَذَا تَجْسِيمٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ أَعْرَاضٌ، وَالْعَرَضُ لاَ يَقُومُ إِلاَّ بِالْجِسْمِ، فَإِنَّا لاَ نَعْرِفُ مَوْصُوفًا بِالصِّفَاتِ إِلاَّ جِسْمًا - قَالَتْ لَهُمُ الْمُثْبِتَةُ: وَأَنْتُمْ قَدْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ، وَقُلْتُمْ: لَيْسَ بِجِسْمٍ، وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَوْجُودًا حَيًّا عَالِمًا قَادِرًا إِلاَّ جِسْمًا، فَقَدْ أَثْبَتُّمُوهُ عَلَى خِلاَفِ مَا عَلِمْتُمْ، فَكَذَلِكَ نَحْنُ، وَقَالُوا لَهُمْ: أَنْتُمْ أَثْبَتُّمْ حَيًّا عَالِمًا قَادِرًا، بِلاَ حَيَاةٍ وَلاَ عِلْمٍ وَلاَ قُدْرَةٍ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ يُعْلَمُ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ.
ثُمَّ هَؤُلاَءِ الْمُثْبِتَةُ إِذَا قَالُوا لِمَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ يَرْضَى وَيَغْضَبُ وَيُحِبُّ وَيُبْغِضُ، أَوْ مَنْ وَصَفَهُ بِالِاسْتِوَاءِ وَالنُّزُولِ وَالْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ، أَوْ بِالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - إِذَا قَالُوا: هَذَا يَقْتَضِي التَّجْسِيمَ؛ لِأَنَّا لاَ نَعْرِفُ مَا يُوصَفُ بِذَلِكَ إِلاَّ مَا هُوَ جِسْمٌ، قَالَتْ لَهُمُ الْمُثْبِتَةُ: فَأَنْتُمْ قَدْ وَصَفْتُمُوهُ بِالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلاَمِ، وَهَذَا هَكَذَا، فَإِنْ كَانَ هَذَا لاَ يُوصَفُ بِهِ إِلاَّ الْجِسْمُ فَالْآخَرُ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُوصَفَ بِأَحَدِهِمَا مَا لَيْسَ بِجِسْمٍ فَالْآخَرُ كَذَلِكَ، فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقٌ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ.
وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ الرَّدُّ عَلَى مَنْ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِالنَّقَائِصِ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ طَرِيقًا فَاسِدًا - لَمْ يَسْلُكْهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، فَلَمْ يَنْطِقْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْجِسْمِ لاَ نَفْيًا وَلاَ إِثْبَاتًا، وَلاَ بِالْجَوْهَرِ وَالتَّحَيُّز وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا عِبَارَاتٌ مُجْمَلَةٌ لاَ تُحِقُّ حَقًّا وَلاَ تُبْطِلُ بَاطِلًا، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِيمَا أَنْكَرَ عَلَى الْيَهُودِ وَغَيْرِهمْ مِنَ الكُفَّارِ مَا هُوَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، بَلْ هَذَا هُوَ مِنَ الكَلاَمِ الْمُبْتَدَعِ الَّذِي أَنْكَرَهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسلك, فساد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir