دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الرسالة التدمرية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 ذو الحجة 1429هـ/2-12-2008م, 03:20 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,458
افتراضي القاعدة الخامسة: أنا نعلم ما أخبرنا به من وجه دون وجه

الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّا نَعْلَمُ مَا أُخْبرنَا بِهِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}، وَقَالَ: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}، وَقَالَ: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْك مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}، وَقَالَ: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، فَأَمَرَ بِتَدَبُّرِ الْكِتَابِ كُلِّه.
وَقَدْ قَالَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
وَجُمْهُورُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَخَلَفِهَا عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ}، وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهمْ، وَرُوِيَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: (التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: تَفْسِيرٌ تَعْرِفُه الْعَرَبُ مِنْ كَلاَمِهَا، وَتَفْسِيرٌ لاَ يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ، وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ، وَتَفْسِيرٌ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ مَنِ ادَّعَى عِلْمَهُ فَهُوَ كَاذِبٌ).
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَائِفَةٍ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ، وَقَدْ قَالَ مُجَاهِدٌ: (عَرَضْتُ الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَأَسْأَلُهُ عَنْ تَفْسِيرِهَا).
وَلاَ مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ، فَإِنَّ لَفْظَ "التَّأْوِيلِ" قَدْ صَارَ بِتَعَدُّدِ الِاصْطِلاَحَاتِ
مُسْتَعْمَلًا فِي ثَلاَثَةِ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ اصْطِلاَحُ كَثِيرٍ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِه أَنَّ التَّأْوِيلَ: هُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنِ الاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إِلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ لِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَنَاهُ أَكْثَرُ مَنْ تَكَلَّمَ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ فِي تَأْوِيلِ نُصُوصِ الصِّفَاتِ وَتَرْكِ تَأْوِيلِهَا، وَهَلْ هَذَا مَحْمُودٌ أَوْ مَذْمُومٌ، وَحَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ؟
الثَّانِي: أَنَّ التَّأْوِيلَ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى اصْطِلاَحِ مُفَسِّرِي الْقُرْآنِ، كَمَا يَقُولُ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَمْثَالُه مِنَ المُصَنِّفينَ فِي التَّفْسِيرِ: "وَاخْتَلَفَ عُلَمَاءُ التَّأْوِيلِ". وَمُجَاهِدٌ إِمَامُ الْمُفَسِّرِينَ، قَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُكَ بِهِ. وَعَلَى تَفْسِيرِهِ يَعْتَمِدُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهمْ - فَإِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَعَلَمُ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ تَفْسِيرِهِ.
الثَّالِثُ: مِنْ مَعَانِي التَّأْوِيلِ - هُوَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي يُؤَوَّلُ إِلَيْهَا الْكَلاَمُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}.
فَتَأْوِيلُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَخْبَارِ الْمَعَادِ هُوَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِيهِ، مِمَّا يَكُونُ مِنَ القِيَامَةِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ لمَّا سَجَدَ أَبَوَاهُ وَأُخْوَتُه: {وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُءْيَايَ مِنْ قَبْلُ} فَجَعَلَ عَيْنَ مَا وَجَدَ فِي الْخَارِجِ هُوَ تَأْوِيلُ الرُّؤْيَا.
فَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي هُوَ تَفْسِيرُ الْكَلاَمِ وَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي يُفَسَّرُ بِهِ اللَّفْظَُ حَتَّى يُفْهَمَ مَعْنَاهُ أَوْ تُعْرَفَ عِلَّتُه أَوْ دَلِيلُه، وَهَذَا التَّأْوِيلُ الثَّالِثُ هُوَ عَيْنُ مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي)) يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ. تَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}، وَقَوْلُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: (السُّنَّةُ هِيَ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ).
فَإِنَّ نَفْسَ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ "هُوَ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ بِهِ"، وَنَفْسُ الْمَوْجُودِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ هُوَ تَأْوِيلُ الْخَبَرِ، وَالْكَلاَمُ خَبَرٌ وَأَمْرٌ، وَلِهَذَا يَقُولُ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُه: الْفُقَهَاءُ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. كَمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ؛ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ يَعْلَمُونَ نَفْسَ مَا أُمِرَ بِهِ وَنَفْسَ مَا نُهِيَ عَنْهُ، لِعِلْمِهِمْ بِمَقَاصِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا يَعْلَمُ أَتْبَاعُ أَبقراطَ وَسِيبَوَيْهِ وَنَحْوُهُمَا مِنْ مَقَاصِدِهِمْ مَا لاَ يُعْلَمُ بِمُجَرَّدِ اللُّغَةِ. وَلَكِنَّ تَأْوِيلَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لاَ بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِخِلاَفِ تَأْوِيلِ الْخَبَرِ.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخامسة, القاعدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir