دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الرسالة التدمرية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 ذو الحجة 1429هـ/2-12-2008م, 02:51 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي القاعدة الأولى: أن الله موصوف بالإثبات والنفي المتضمن للكمال

فَـــــصْـــلٌ
وَأَمَّا الْخَاتِمَةُ الْجَامِعَةُ فَفِيهَا قَوَاعِدُ نَافِعَةٌ:
الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفٌ بِالْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ: فَالْإِثْبَاتُ كَإِخْبَارِهِ أَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالنَّفْيُ كَقَوْلِهِ: ( لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ).
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّفْيَ لَيْسَ فِيهِ مَدْحٌ وَلاَ كَمَالٌ، إِلاَّ إِذَا تَضَمَّنَ إِثْبَاتًا، وَإِلاَّ فَمُجَرَّدُ النَّفْيِ لَيْسَ فِيهِ مَدْحٌ وَلاَ كَمَالٌ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ الْمَحْضَ عَدَمُ مَحْضٍ، وَالْعَدَمُ الْمَحْضُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَمَا لَيْسَ بِشَيْءٍ هُوَ كَمَا قِيلَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، فضلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَدْحًا أَوْ كَمَالًا، وَلِأَنَّ النَّفْيَ الْمَحْضَ يُوصَفُ بِهِ الْمَعْدُومُ وَالْمُمْتَنِعُ، وَالْمَعْدُومُ وَالْمُمْتَنِعُ لاَ يُوصَفُ بِمَدْحٍ وَلاَ كَمَالٍ.
فَلِهَذَا كَانَ عَامَّةُ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَه مِنَ النَّفْيِ مُتَضَمِّنًا لِإِثْبَاتِ مَدْحٍ كَقَوْلِه: ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إَلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ) إِلَى قَوْلِهِ: ( وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا).
فَنَفْيُ السُّنَّةِ وَالنَّوْمِ يَتَضَمَّنُ كَمَالَ الْحَيَاةِ وَالْقِيَامِ، فَهُوَ مُبَيِّنٌ لِكَمَالِ أَنَّه الْحَيُّ الْقَيُّومُ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُه: ( وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ) أَيْ لاَ يَكْرِثُهُ وَلاَ يُثْقِلُهُ، وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِكَمَالِ قُدْرَتِهِ وَتَمَامِهَا. بِخِلاَفِ الْمَخْلُوقِ الْقَادِرِ إِذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الشَّيْءِ بِنَوْعِ كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ، فَإِنَّ هَذَا نَقْصٌ فِي قُدْرَتِهِ، وَعَيْبٌ فِي قُوَّتِهِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُه تَعَالَى: ( لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الْأَرْضِ) فَإِنَّ نَفْيَ الْعُزُوبِ مُسْتَلْزِمٌ لِعِلْمِهِ بِكُلِّ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُه تَعَالَى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ)، فَإِنَّ نَفْيَ مَسِّ اللُّغُوبِ الَّذِي هُوَ التَّعَبُ وَالْإِعْيَاءُ دَلَّ عَلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ، وَنِهَايَةِ الْقُوَّةِ.
بِخِلاَفِ الْمَخْلُوقِ الَّذِي يَلْحَقُهُ مِنَ النَّصَبِ وَالْكَلاَلِ مَا يَلْحَقُهُ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُه: ( لاَ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ)، إِنَّمَا نَفَى الْإِدْرَاكَ الَّذِي هُوَ الْإِحَاطَةُ، كَمَا قَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ. وَلَمْ يَنْفِي مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لاَ يُرَى، وَلَيْسَ فِي كَوْنِهِ لاَ يُرَى مَدْحٌ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْمَعْدُومُ مَمْدُوحًا، وَإِنَّمَا الْمَدْحُ فِي كَوْنِهِ لاَ يُحَاطُ بِهِ وَإِنْ رُئِيَ، كَمَا أَنَّهُ لاَ يُحَاطُ بِهِ وَإِنْ عُلِمَ، فَكَمَا أَنَّهُ إِذَا عُلِمَ لاَ يُحَاطُ بِهِ عِلْمًا، فَكَذَلِكَ إِذَا رُئِيَ لاَ يُحَاطُ بِهِ رُؤْيَةً.
فَكَانَ فِي نَفْيِ الْإِدْرَاكِ مِنْ إِثْبَاتِ عَظَمَتِه مَا يَكُونُ مَدْحًا وَصِفَةَ كَمَالٍ، وَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى إِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ لاَ عَلَى نَفْيِهَا، لَكِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ مَعَ عَدَمِ الإحاطَةِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا.
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ ذَلِكَ وَجَدْتَ كُلَّ نَفْيٍ لاَ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتًا هُوَ مِمَّا لَمْ يَصِفِ اللَّهُ بِهِ نَفْسَه، فَالَّذِينَ لاَ يَصِفُونَهُ إِلاَّ بِالسُّلُوبِ لَمْ يُثْبِتُوا فِي الْحَقِيقَةِ إِلَهًا مَحْمُودًا، بَلْ وَلاَ مَوْجُودًا.
وَكَذَلِكَ مَنْ شَارَكَهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ كَالَّذِينَ قَالُوا: إِنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ، أَوْ لاَ يَرَى، أَوْ لَيْسَ فَوْقَ الْعَالَمِ، أَوْ لَمْ يَسْتَوِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَقُولُونَ: لَيْسَ بِدَاخِلِ الْعَالَمِ وَلاَ خَارِجِه، وَلاَ مُبَايِنٍ لِلْعَالَمِ وَلاَ مُحاذِيًا لَهُ، إِذْ هَذِهِ الصِّفَاتُ يُمْكِنُ أَنْ يُوصَفَ بِهَا الْمَعْدُومُ، وَلَيْسَتْ هِيَ مُسْتَلْزِمَةً صِفَةَ ثُبُوتٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ مَحْمُودُ بْنُ سُبَكْتَكِينَ لِمَن ادَّعَى ذَلِكَ فِي الْخَالِقِ: مَيِّزْ لَنَا بَيْنَ هَذَا الرَّبِّ الَّذِي تُثْبِتُهُ وَبَيْنَ الْمَعْدُومِ.
وَكَذَلِكَ كَوْنُهُ لاَ يَتَكَلَّمُ، أَوْ لاَ يَنْزِلُ، لَيْسَ فِي ذَلِكَ صِفَةُ مَدْحٍ وَلاَ كَمَالٍ، بَلْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فِيهَا تَشْبِيهٌ لَهُ بِالْمَنْقُوصَاتِ أَوِ الْمَعْدُومَاتِ، فَهَذِهِ الصِّفَاتُ مِنْهَا مَا لاَ يَتَّصِفُ بِهِ إِلاَّ الْمَعْدُومُ وَمِنْهَا مَا لاَ يَتَّصِفُ بِهِ إِلاَّ الْجَمَادُ أَو النَّاقِصُ.
فَمَنْ قَالَ: لاَ هُوَ مُبَايِنٌ لِلْعَالَمِ وَلاَ مُدَاخِلٌ لِلْعَالَمِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ: لاَ هُوَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَلاَ بِغَيْرِهِ، وَلاَ قَدِيمٌ وَلاَ مُحْدَثٌ، وَلاَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْعَالَمِ وَلاَ مُقَارِنٌ لَهُ.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِحَيٍّ وَلاَ سَمِيعٍ وَلاَ بَصِيرٍ وَلاَ مُتَكَلِّمٍ، لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَصَمَّ أَعْمَى أَبْكَمَ. فَإِنْ قَالَ: الْعَمَى عَدَمُ الْبَصَرِ عَمَّا مَنْ شَانُهُ أَنْ يَقْبَلَ الْبَصَرَ، وَمَا لاَ يَقْبَلُ الْبَصَرَ كَالْحَائِطِ لاَ يُقَالُ لَهُ: أَعْمَى وَلاَ بَصِيرٌ.
قِيلَ لَهُ: هَذَا اصْطِلاَحٌ اصْطَلَحْتُمُوهُ، وَإِلاَّ فَمَا يُوصَفُ بَعْدَمِ الْحَيَاةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلاَمِ يُمْكِنُ وَصْفُه بِالْمَوْتِ وَالصَّمَمِ وَالْعَمَى وَالْخَرَسِ وَالْعُجْمَةِ.
وأيضًا: فَكُلُّ مَوْجُودٍ يَقْبَلُ الِاتِّصَافَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَنَقَائِضِهَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى جَعْلِ الجَمَادِ حَيًّا، كَمَا جَعَلَ عَصَا مُوسَى حَيَّةً، ابْتَلَعَتِ الْحِبَالَ وَالْعِصِيَّ.
وَأَيْضًا: فَالَّذِي لاَ يَقْبَلُ الِاتِّصَافَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَعْظَمُ نَقْصًا مِمَّنْ يَقْبَلُ الِاتِّصَافَ بِهَا مَعَ اتِّصَافِهِ بِنَقَائِضِهَا، فَالْجَمَادُ الَّذِي لاَ يُوصَفُ بِالْبَصَرِ وَلاَ الْعَمَى، وَلاَ الْكَلاَمِ وَلاَ الْخَرَسِ، أَعْظَمُ نَقْصًا مِنَ الحَيِّ الْأَعْمَى الْأَخْرَسِ.
فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ الْبَارِيَ - عَزَّ وَجَلَّ - لاَ يُمْكِنُ اتِّصَافُهُ بِذَلِكَ، كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ وَصْفِهِ بِالنَّقْصِ أَعْظَمُ مِمَّا إِذَا وُصِفَ بِالْخَرَسِ وَالْعَمَى وَالصَّمَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّهُ إِذَا جُعِلَ غَيْرَ قَابِلٍ لَهُمَا كَانَ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْجَمَادِ الَّذِي لاَ يَقْبَلُ الِاتِّصَافَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهَذَا تَشْبِيهٌ بِالْجَمَادَاتِ لاَ بِالْحَيَوَانَاتِ، فَكَيْفَ يُنْكِرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ مَا يَزْعُمُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالْحَيِّ؟!
وَأَيْضًا: فَنَفْسُ نَفْيِ هَذِهِ الصِّفَاتِ نَقْصٌ، كَمَا أَنَّ إِثْبَاتَهَا كَمَالٌ، فَالْحَيَاةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ، هِيَ – مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعْيِينِ الْمَوْصُوفِ بِهَا – صِفَةُ كَمَالٍ. وَكَذَلِكَ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلاَمُ وَالْفِعْلُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَمَا كَانَ صِفَةََ كَمَالٍ فَهُوَ – سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى – أَحَقُّ بِأَنْ يَتَّصِفَ بِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، فَلَوْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهِ مَعَ اتِّصَافِ الْمَخْلُوقِ بِهِ لَكَانَ الْمَخْلُوقُ أَكْمَلَ مِنْهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَهْمِيَّةَ الْمَحْضَةَ كَالْقَرَامِطَةِ وَمَنْ ضَاهَاهُمْ يَنْفُونَ عَنْهُ تَعَالَى اتِّصَافَه بِالنَّقِيضَيْنِ حَتَّى يَقُولُوا: لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَلاَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَلاَ حَيٍّ وَلاَ لَيْسَ بِحَيٍّ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخُلُوَّ عَنِ النَّقِيضَيْنِ مُمْتَنِعٌ فِي بَدَائِهِ الْعُقُولِ، كَالْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ. وَآخَرُونَ وَصَفُوهُ بِالنَّفْيِ فَقَطْ، فَقَالُوا: لَيْسَ بِحَيٍّ وَلاَ سَمِيعٍ وَلاَ بَصِيرٍ. وَهَؤُلاَءِ أَعْظَمُ كُفْرًا مِنْ أُولَئِكَ مِنْ وَجْهٍ، وَأُولَئِكَ أَعْظَمُ كُفْرًا مِنْ هَؤُلاَءِ مِنْ وَجْهٍ.
فَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلاَءِ: هَذَا يَسْتَلْزِمُ وَصْفَه بِنَقِيضِ ذَلِكَ كَالْمَوْتِ وَالصَّمَمِ وَالْبُكْمِ.
قَالُوا: إِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ قَابِلًا لِذَلِكَ.
وَهَذَا الِاعْتِذَارُ يَزِيدُ قَوْلَهُمْ فَسَادًا.
وَكَذَلِكَ مَنْ ضَاهَى هَؤُلاَءِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَيْسَ بِدَاخِلِ الْعَالَمِ وَلاَ خَارِجِه إِذَا قِيلَ لَهُمْ: هَذَا مُمْتَنِعٌ فِي ضَرُورَةِ الْعَقْلِ، كَمًّا إِذَا قِيلَ: لَيْسَ بِقَدِيمٍ وَلاَ مُحَدَثٍ، وَلاَ وَاجِبٍ وَلاَ مُمْكِنٍ، وَلاَ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ وَلاَ قَائِمٍ بِغَيْرِهِ.
قَالُوا: هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ قَابِلًا لِذَلِكَ، وَالْقَبُولُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ المُتَحَيِّزِ، فَإِذَا انْتَفَى التَّحَيُّزُ انْتَفَى قَبُولُ هَذَيْنِ النَّقِيضَيْنِ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: عِلْمُ الْخَلْقِ بِامْتِنَاعِ الْخُلُوِّ مِنْ هَذَيْنِ النَّقِيضَيْنِ هُوَ عِلْمٌ مُطْلَقٌ، لاَ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَوْجُودٌ. وَالتَّحَيُّزُ الْمَذْكُورُ إِنْ أُرِيدَ بِهِ كَوْنُ الْأَحْيازِ الْمَوْجُودَةِ تُحِيطُ بِهِ، فَهَذَا هُوَ الدَّاخِلُ فِي الْعَالَمِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ مُنْحَازٌ عَنِ المَخْلُوقَاتِ، أَيْ: مُبَايِنٌ لَهَا، مُتَمَيِّزٌ عَنْهَا، فَهَذَا هُوَ الْخُرُوجُ.
فَالْمُتَحَيِّزُ يُرَادُ بِهِ تَارَةً مَا هُوَ دَاخِلُ الْعَالَمِ، وَتَارَةً مَا هُوَ خَارِجُ الْعَالَمِ، فَإِذَا قِيلَ: لَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ، كَانَ مَعْنَاهُ لَيْسَ بِدَاخِلِ الْعَالَمِ وَلاَ خَارِجِه.
فَهُمْ غَيَّرُوا الْعِبَارَةَ لِيُوهِمُوا مَنْ لاَ يَفْهَمُ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ أَنَّ هَذَا مَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي عُلِمَ فَسَادُهُ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ. كَمَا فَعَلَ أُولَئِكَ فِي قَوْلِهِمْ: لَيْسَ بِحَيٍّ وَلاَ مَيِّتٍ، وَلاَ مَوْجُودٍ وَلاَ مَعْدُومٍ، وَلاَ عَالِمٍ وَلاَ جَاهِلٍ.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأولى, القاعدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir