الفَرَائدُ البَهِيَّةُ
في نَظْمِ القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ
بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
يَقولُ رَاجِي عَفْوِ رَبِّه الْعَلِي = وهو أبو بكرٍ سليلُ الأَهْدَلِ
الحمْدُ للهِ الذي فَقَّهَنَا = ولسلُوكِ شَرْعِه نَبَّهَنَا
عَلَّمَنا سُبحانَه بالقَلَمِ = فَضْلاً ومَنًّا منه ما لم نَعْلَمِ
وَخَصَّنَا بأَفْضَلِ الأَدْيَانِ = والسُّنَّةِ الغَرَّاءِ والقرآنِ
فَكَمْ له مِن نِعمةٍ عَلَيْنَا = ومِنَّةٍ أَوْصَلَها إِلَيْنَا
فالشكْرُ دائمًا له على مَا = أَوْلَاهُ لا نُحْصِي له إِنعامَا
شُكْرًا يكونُ سَبَبَ الْمَزِيدِ = لعَبْدِه مِن فَضلِه الْمَديدِ
ثم صلاتُه مع التَّسليمِ = على النَّبِي الرؤوفِ والرحيمِ
محمَّدٍ وآلِهِ الأَطْهَارِ = وصَحْبِه الأفاضلِ الأبرارِ
وتَابِعِيهِمُ بالاستقامَةِ = على سَبيلِهم إلى القِيامةِ
وبَعدُ فالعلْمُ عَظيمُ الْجَدْوَى = لا سِيَّمَا الفقْهُ أساسُ التَّقْوَى
فَهْوَ أَهَمُّ سائرِ العلُومِ = إذ هو للخُصوصِ والعمومِ
وهو فَنٌّ واسعٌ مُنْتَشِرُ = فُرُوعُه بالعَدِّ لا تَنْحَصِرُ
وإنما تُضْبَطُ بالقواعِدِ = فحِفْظُها مِن أَعظمِ الفوائدِ
وهذه أُرْجُوزةٌ مُحَبَّرَهْ = وَجيزةٌ مُتْقَنَةٌ مُحَرَّرَهْ
نَظَمْتُ فيها ما لَهُ مِن قاعِدَهْ = كُلِّيَّةٍ مُقَرِّبًا للفائدهْ
سَمَّيْتُها الفرائدَ البَهِيَّهْ = لِجَمْعِها الفوائدَ الفقهيَّهْ
لَخَّصْتُها بعونِ رَبِّي القادِرِ = مِن لُجَّةِ الأشباهِ والنظائرِ
مُصَنَّفِ الحَبْرِ السيوطِيِّ الأَجَلْ = جَزاهُ خيرًا رَبُّنا عزَّ وَجَلْ
إشارةً مِن شيخِنا الشِّهَابِ = عالِي الْجَنابِ مُرْشِدِ الطُّلَّابِ
أَعْنِي الصَّفِيَّ أحمدَ بنَ الناشرِي = حاوي الْمَعالي والجمالِ الباهرِ
جَزاهُ رَبِّي أَفضلَ الْجَزَاءِ = عَنِّي وزَادَهُ مِن العطاءِ
فإنه أَمَرَنِي فيما غَبَرْ = بنَظْمِ هذه القَواعدِ الغُرَرْ
وقد رأى كُرَّاسةً كَتَبْتُهَا = مِن مِنْحَةِ الوَهَّابِ واستَصْحَبْتُها
ولم أَكُنْ فَرَغْتُ مِن نِظَامِهَا = فحَثَّنِي جِدًّا على إِتْمَامِها
وقال لي قَواعدَ الفْقِهِ انْظِمِ = يَنْفَعْ بها الطلاَّبَ مُولِي النِّعَمِ
فلم يُساعِدْنِي القَضاءُ والْقَدَرْ = بالسعْيِ في مَأمورِه على الأَثَرْ
لكثرةِ الأشغالِ والعَوَائِقِ = بالنفْسِ والعيالِ والعلائقِ
ثم أَفَقْتُ فامْتَثَلْتُ أَمْرَهُ = وخُضْتُ للدُّرِّ النَّثِيرِ بَحْرَهُ
وإن أَكُنْ لستُ لذاك أَهْلَا = فمَطْلَبِي منه الدُّعاءُ فَضْلَا
وأَسالُ اللهَ تعالى فيها = إعانةً بِحَقِّه يُوفِيهَا
وأن يكونَ نَظْمُها مِن العَمَلْ = لوَجْهِهِ وخالصًا مِن العِلَلْ
وأن يَدومَ نَفْعُها لي وَلِمَنْ = حَصَّلَها عني في كلِّ زَمَنْ
فإنه يُجيبُ مَن دَعاهُ = ولا يَخِيبُ أحدٌ رَجَاهُ
وقد جَعَلْتُهَا على أَبْوَابِ = ورَبِّيَ الْمُلْهِمُ للصَّوَابِ