دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > المفضليات

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 11 شعبان 1432هـ/12-07-2011م, 05:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح المفضليات لابن الأنباري

وقال المزرد أخو الشماخ
قال أحمد: قال أبو عمرو الشيباني وجميع شيوخنا إن هذه القصيدة لجزء بن ضرار أخي الشماخ:
1: صحا القلب عن سلمى ومل العواذل.......وما كاد لأيا حب سلمى يزايل
(لأيا) بطينا التأت الحاجة والتوت، التأت: أبطأت والتوت: عسرت، يقول لازمني حبها فأطال حتى كاد لا يزايل فؤآدي، ويروى: عن ريا وزاغ (العواذل).
2: فؤادي حتى طار غي شبيبتي.......وحتى علا وخط من الشيب شامل
ويروى زال (غي شبيبتي)، (الوخط): النبذ، أي حتى صار ذلك النبذ في كل مكان من رأسه و(غي الشبيبة ما): دعا إلى الإفساد.
3: يقنئه ماء اليرناء تحته.......شكير كأطراف الثغامة ناصل
ويروى: أصبغه بالزعفران وتحته، يريد أنه يخضب بالحناء وهو اليرناء، ويقننه: يخلص حمرته، يقال أحمر قانئ، و(الشكير): أول ما ينبت من الشعر، و(أطراف الثغام): أبيض، يشبه الشيب عند نصوله من الخضاب به، (يقنئه) يسوده يصيره قانئًا، ويقال للنبت إذا طلع عند النبت الطويل (شكير)، والورق الصغار ينبت بعد الكبار شكير، و(اليرنا ماء) الحناء وهو مقصور وقال أحمد:
والرأس قد صار له شكير.......وصرت لا يحذرك الغيور
4: فلا مرحبًا بالشيب من وفد زائر.......متى يأت لا تحجب عليه المداخل
(الزائر) ههنا الموت، و(الشيب): متقدم له ورسوله، يقال (وفد) الرجل يفد وفادة ووفدًا ووفودًا، و(الوفد): جمع وافد وهو مشتق من قولهم وفد الشيء إذا أشرف وعلا أي متى يأت لا يحجبه حاجب، ويروى: من وجه غائب متى يأت.
5: وسقيا لريعان الشباب فإنه.......أخو ثقة في الدهر إذ أنا جاهل
(وسقيا) دعاء له، أي سقاه الله، و(ريعان الشباب): أوله، وريعان كل شيء أوله.
6: وألهو بسلمى وهي لذ حديثها.......لطالبها مسؤول خير فباذل
(لذ) يستلذه: يستطيبه، يقال (حديثها) لذيذ، ولذ أي طيب شهي أي وهي (لذ حديثها لطالبها) ثم ابتدأ فقال هي (مسؤول خير فباذل)، أي هي تسأل خير فتبذله، ويروى بريًا.
7: وبيضاء فيها للمخالم صبوة.......ولهو لمن يرنو إلى اللهو شاغل
ويروى: وإذ هي (فيها للمخالم صبوة * وشغل لمن يدنو)، و(يرنو والمخالم) الممازح، يقال رجل خلم نساء إذا كان ملازمًا ممازحًا محدثًا لهن، وكذلك طلب نساء وزير نساء، و(الصبوة): الخفة للهو حتى يفعل كما يفعل الصبيان مما يلام عليه، و(يرنو) يديم النظر أي ينظر ويديم ومنه كأس رنوناة أي مقيمة ثابتة.
8: ليالي إذ تصبي الحليم بدلها.......ومشي خزيل الرجع فيه تفاتل
ويروى (فيه تثاقل ودلها): ما تدل به من حسنها وملاحتها، (الخزيل): المنقطع، يريد أنها تهتز في مشيتها للين عظامها، و(التفاتل) الانفتال أي تتثنى في مشيتها.
9: وعيني مهاة في صوار مرادها.......رياض سرت فيها الغيوث الهواطل
يقول كأن عينيها (عينا مهاة)، و(المهاة): البقرة، قال الأصمعي إنما تشبه عينا المرأة بعينا البقرة لسعتها لا لحسنها، و(الصوار): القطيع من البقر، يقال صوار وصوار وصيار والجمع الصيران والأصورة، ومرادها ما ترود فيه أي ترعى، و(الرياض): جمع روضة، ولا يكون في الروضة شجر، قال أبو المهدي: قد تكون الروضة أميالاً، وقوله (سرت) أي: أمطرتها الغيوث ليلاً، ومطر الليل أحمد عند العرب من مطر النهار ومطر العشي أحمد من مطر الغداة، ومطر آخر الشهر أحمد من مطر أوله، قال النابغة الذبياني:
سرت عليه من الجوزاء سارية.......تزجي الشمال عليه جامد البرد
وقال عبيد بن الحصين الراعي:
فصادف نوءهن سرار شهر.......وخير النوء ما لقي السرارا
ويروى ما نحر السرارا، وقال علقمة بن عبدة:
سقاك يمان ذو حبي وعارض.......تروح به جنح العشي جنوب
و(الهواطل): الفواعل من الهطل وهو كثرة المطر وشدة وقعه، قال بيت النابغة يروى سرت وأسرت، ثم قال سارية فأتى باللغتين جميعًا، وقوله من الجوزاء كقول زهير:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
والسارية: التي تمطر ليلاً، وتزجي: تسوق، وقوله جامد البرد والبرد كله جامد، ومثله قول المرار:
ويوم من النجم مستوقد.......يسوق إلى الموت نور الظباء
والظباء كلها نور، وقول علقمة يمان يريد سحابًا جاء من قبل اليمن، وحبي فعيل بمعنى مفعول مثل قتيل ومقتول، وحبيه: اتصال بعضه إلى بعض، يقول قربته الجنوب ودانت بينه لأن الجنوب ريح لينة.
قال أحمد: حبي فاعل من السحاب وإنما يكون مفعولاً إذا حباه ملك، والجنوب مباركة تجيء بالمطر، والعرب تتبرك بالجنوب والصبا وتتشاءم بالشمال والدبور، وأنشد: ودقه لم يشمل، قال: الروضة ماء حوله نبات فإن كان ماء بلا نبات لم يقل له روضة وكذلك إن كان نبات بلا ماء لم يقل له روضة وإنما الروضة باجتماعهما.
10: وأسحم ريان القرون كأنه.......أساود رمان السباط الأطاول
ويروى وأسود ميال (القرون)، يعني بالأسحم الشعر والسحمة السواد، و(القرون): خصل الشعر الواحد قرن، و(السباط): اللينة، يقال شعر سبط إذا كان مسترسلاً لينًا والسبط أطول من الجعد وأراد بالأطاول الطوال، شبه قرون شعرها بالحيات السود، و(رمان) موضع، قال الأصمعي وإنما خص حيات رمان لقربها من الريف، وإذا قربت الحية من الريف طالت ولانت وقل سمها، وإذا بعدت من الريف وكانت في الجبل قصرت وخشنت واشتد سمها.
11: وتخطو على برديتين غذاهما.......نمير المياه والعيون الغلاغل
قال أحمد: (الغلاغل) والغلائل واحد، يقال ماء غلل، و(النمير) الماء المريء الذي ينبت عليه كل شيء، شبه ساقيها في بياضهما وصفائهما واستوائهما ببرديتين من لينهما ونعمتهما، وتقبح الساق إذا عظمت عضلتها، والشعراء تصف ذلك، قال قيس بن الخطيم:
تخطو على برديتين غذاهما.......غدق بساحة حائر يعبوب
ويروى بحافة حائر، وحائر مكان فيه ماء متحير، وجمعه حوران، أي (تخطو على برديتين) على ساقين كأنهما برديتان في بياضهما وصفائهما واستوائهما وليس للبردي عضل وإنما تقبح الساق إن تعظم عضلتها.
غدق: كثير الماء ويقال عيش غيداق إذا كان رغيبًا، يعبوب: طويل ويقال واسع، قال امرؤ القيس:
وكشح لطيف كالجديل مخصر.......وساق كأنبوب السقي المذلل
أراد برديتين، والسقي النخل ههنا، والنمير من الماء الناجع في الماشية الذي تسمن عليه وإن لم يكن كل العذب، والغلاغل من الماء الغلل وهو الذي يجري بين الشجر، ويقال ماء غلل ويروى غذاهما: رهام الربيع والعيون الغلائل.
12: فمن يك معزال اليدين مكانه.......إذا كشرت عن نابها الحرب خامل
(المعزال): المفعال من الأعزل، وهو الذي لا سلاح معه وترفع خاملاً بقوله مكانه كأن قال (فمن يك معزال اليدين إذا كشرت الحرب مكانه خامل) لا يعرف في الحرب ولا يعرف له مكان أيضًا، يقال رجل أعزل لا سلاح معه من قوم عزل، ورجل أكشف لا ترس معه ورجل أميل لا سيف معه، هكذا حكاه يعقوب عن بعض أصحابه والأميل عند الرواة الذي يميل عن السرج في جانب، والرامح الذي معه رمح والأجم الذي لا رمح له وقال عنترة:
ألم تعلم لحاك الله أني.......أجم إذا لقيت ذوي السلاح
ويروى الرماح.
13: فقد علمت فتيان ذبيان أنني.......أنا الفارس الحامي الذمار المقاتل
قال الأصمعي: (الذمار) ما يجب على الرجل أن يحميه و(الذمار) مشتق من الذمر وهو النهي والإغراء، يقال ذمر فلان فلانًا إذا ردعه عن أمر يرغب به عنه وأغراه بغيره، قال عنترة:
لما رأيت القوم أقبل جمعهم.......يتذامرون كررت غير مذمم
14: وأني أرد الكبش والكبش جامح.......وأرجع رمحي وهو ريان ناهل
(كبش) القوم بطلهم وسيدهم، يريد أنه يرد حامية القوم، قوله (جامح) هو أشد عند لجاجه في الحرب.
وقوله (وأرجع رمحي) أي أرده يقال رجعت الشيء إذا رددته ومنه قول الله تعالى: {ارجعنا نعمل صالحًا} أي ردنا، و(الناهل) ههنا (الريان) وهو من الأضداد يقال قطًا ناهل إذا كن عطاشًا، ومنه قول امرئ القيس:
إذ هن أقساط كرجل الدبا أو.......كقطا كاظمة الناهل
(الناهل) ههنا العطاش غيره: رجع الشيء ورجعته أنا وراجعته جميعًا.
15: وعندي إذا الحرب العوان تلقحت.......وأبدت هواديها الخطوب الزلازل
(الحرب العوان) التي قوتل فيها مرة بعد مرة، وهو أشد لها لتذكرهم الأوتار التي تقدمت فيها، وقوله (تلقحت) أي تلقحت بالقتال أي حملته واستقلت به وهذا مثل، و(الخطوب): الأمور الواحد خطب و(الزلازل): الأمور التي تصيب الناس منها كالزلزلة لشدتها، وموضع (هواديها) نصب فسكن الياء وكان يجب فتحها وإنما فعل ذلك كراهية لكثرة الحركات، كقول الأسدي:
كنا نرقعها فقد مزقت.......واتسع الخرق على الراقع
وكان ينبغي أن يقول نرقعها فسكن العين لكثرة الحركات، وكقول القطامي:
تأبى قضاعة أن تعرف لكم نسبًا.......وابنا نزار فأنتم بيضة البلد
كان الواجب أن يفتح الفاء من تعرف، بيضة البلد في الخير والشر مدح وذم، وهوادي كل شيء أوائله.
ومنه قيل للعنق الهادي ويقال جاءت الخيل يهدي بها فرس فلان إذا جاءت متقدمة لها ويقال جاءت الحمر يهديها فحلها، والزلازل والتلاتل والتراتر واحد وهي الشدائد.
16: طوال القرا قد كاد يذهب كاهلاً.......جواد المدى والعقب والخلق كامل
وروى أحمد قصير القراء وقال الأصمعي يستحب من الفرس قصر ظهره وطول بطنه، ويروى جواد الثبى، وقول امرئ القيس طويل القرا وصف ثورًا، ألا تراه قال والروق، قال ثعلب: إنما ذهب إلى طول العنق.
و(الطوال) فوق الطويل، فإذا جاز الطوال قيل طوال، والقرا الظهر، وقوله (قد كاد يذهب كاهلاً) يريد أنه عرض من قبل كاهله، وهو مغرز العنق في الصلب ما اكتنفه الكتفان، و(المدى) الغاية التي ترسل فيها الخيل، وكذلك الندى وجمع الندى أنداء والعقب جري بعد الجري الأول، قال الشاعر: وفي العقب مرجمًا، أي من نشاطه، فإذا كان في العقب هكذا فهو قبل العقب أمرح وأنشط، قال أحمد: قوله (كاد يذهب كاهلاً) أي ذهب كاهله طولاً.
17: أجش صريحي كأن صهيله.......مزامير شرب جاوبتها جلاجل
ويروى جاوبتها الجلاجل، (الأجش): الذي في صوته جشة، وذلك يستحب في الخيل، قال الشاعر:
بأجش الصوت يعبوب إذا.......طرق الحي من الغزو صهل
و(الصريحي): المحض النسب لم تضرب فيه المقاريف والهجن، ويروى مكان (أجش) هزيم، أي في صوته هزمة كهزمة الرعد، و(الشرب) القوم يشربون واحدهم شارب، مثل صاحب وصحب وراكب وركب، قال تكون الجشة في صوت الفرس لعتقه، و(صريحي) منسوب إلى الصريح فحل، ويقال غرابي منسوب إلى غراب فحل أيضًا.
18: متى ير مركوبًا يقل باز قانص.......وفي مشيه عند القياد تساتل
وإنما خص باز القانص لأنه أضرى من غيره من البيزان، و(التساتل): التتابع، يقال تساتلت الأخبار إذا تتابعت وتواترت، ويروى صقر قانص لتوقره وسرعته، أي (في مشيه) وخفته، يقال هذا باز وهذا باز وبأز بالهمز.
19: تقول إذا أبصرته وهو صائم.......خباء على نشز أو السيد مائل
ويروى (تقول إذا) استقبلته، ويروى خيال (على نشز)، (الصائم): القائم، قال النابغة:
خيل صيام وخيل غير صائمة.......تحت العجاج وخيل تعلك اللجما
و(النشز): المكان المرتفع وكل ما ارتفع من الأشياء فهو نشز، والسيد الذئب والماثل هنا القائم المنتصب، والماثل في غير هذا الذاهب وهو من الأضداد، يقال رأيت شخصًا ثم مثل أي ذهب، قال صائم قائم ساكن يقال صام يصوم إذا سكن، يقول فهو منتصب، مثل الخباء على نشز، ومثله قول أبي ذؤيب يصف حمارًا:
فامتد فيه كما أرسى الطراف بدو.......داة القرارة صقب البيت والوتد
امتد انتصب فيه يريد في موضع قد ذكره، قال فانتصب هذا الحمار بهذا الموضع كالطراف بدوداة القرارة، وهو مستوى من الأرض، قال والصقب عمود البيت الأعظم، قوله فيه أي في حزن من الأرض ما غلظ منها وقد ذكره في بيت قبل هذا، امتد فيه أي طال على وجه الأرض، وأرسى أثبت، والطراف البيت من الأدم، والدوداة خشبة توضع على شيء مرتفع الوسط منخفض الجانبين، فيركب صبي على هذا الطرف وصبي على هذا الطرف، فهي أرجوحة الصبيان، وقال أبو عمرو: الدوداة الطريق يخترق فيه الصبيان يذهبون ويجيئون والقرارة: مستقر الماء، والصقب: عمود البيت.
20: خروج أضاميم وأحصن معقل.......إذا لم تكن إلا الجياد معاقل
(الأضاميم): الجماعة من الخيل الواحدة إضمامة، ويقال جاءت إضمامة من القوم عظيمة، (الخروج) الخارج منها، أي يسبقها، و(المعقل) الحرز، ويقال فلان معقل آل فلان أي حرزهم وملجأهم، قال أوس بن حجر:
إذا برز الروع الكعاب فإنهم.......مصاد لمن يأوي إليهم ومعقل
(المعقل): الموضع الذي يحترز فيه ويمتنع، فيقول هذا الفرس إذا اجتمعت هذه (الأضاميم) خرج عليها، وهو (أحصن معقل)، ويقال قد عقل الوعل في رأس الجبل إذا اعتصم به.
21: مبرز غايات وإن يتل عانة.......يذرها كذود عاث فيها مخايل
(الغايات) جمع غاية والغاية مثل المدى والندى وهو ما تبلغ به الخيل في سباقها، و(العانة) القطعة من إناث الحمير، و(يتلوها): يتبعها، و(الذود): ما بين الثلث من الإبل إلى العشر، يقال إنها إناث كلها، وقال الأصمعي: قد يكون فيها ذكران، و(عاث): أفسد و(المخايل): الرجل الذي يخايل صاحبه أي يباريه، قوله (يذرها) أي يعقرها فرسه فيذرها كهذه الذود، ويروى وإن يلق عانة، ويقال مخايل مفاخر لآخر يعقر كما يعقر.
22: يرى طامح العينين يرنو كأنه.......مؤانس ذعر فهو بالأذن خاتل
ويروى جاذل، أي: منتصب يتسمع، وقال الجذل خشبة تنصب للإبل الجربى يحتك بها، ومنه قول الأنصاري أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، (الطامح): الذي يطمح ببصره أي ينظر صعدًا، و(الرنو): إدامة النظر وسكون الطرف، و(المؤانس) الذي يستأنس يستمع شيئًا يحذره، و(الذعر) الفزع، وقوله (بالأذن خاتل) أي كأنه يختل ما يستمع لشدة استماعه، غيره: آنس أحس ذعرًا وخاتل ينظر ما هو ثم يهرب منه خوفًا منه إذا نظر إليه وكأس رنوناة دائمة مقيمة قال ابن أحمر:
بنت عليه الملك أطنابها.......كأس رنوناة وطرف طمر
قال الشيخ أبو بكر بن الجراح قال ابن الأعرابي: أنث الملك لأنه جعلها الكأس والخيل التي ترجم بها عن الملك غيره: ويروى بنت عليه الملك بالنصب أي أدامت له الملك.
23: إذا الخيل من غب الوجيف رأيتها.......وأعينها مثل القلات حواجل
ويروى من طول (الوجيف) ويروى مثل (القلات)، (الوجيف): سير شديد دون العدو، و(غبه) بعده بيوم وأكثر، و(القلات): جمع قلت، وهي نقر تكون في الجبل يجتمع فيها الماء، و(الحواجل) جمع حاجلة، رجع بالحواجل إلى صفة العيون، يقال حجلت عينه إذا غارت، وكذلك دنقت وهججت قال الشاعر:
فتصبح حاجلة عينه.......لحنو استه وصلاه غيوب
ويروى فيصبح حاجلة عينه، والصلا: ما اكتنف الذنب من الجانبين، غيره قال: القلات منقع ماء في حجارة، وأنشد في الحواجل للعجاج:
كأن عينيه من الغؤور.......من الأنا وعرق الغرور
قلتان في لحدي صفا منقور.......صفران أو حوجلتا قارور
الغؤور: مصدر غارت عينه والغرور مكاسر الجلد وما تثنى منه، فالعرق يسير من مكاسر الجلد، قلتان: نقرتان، في صفًا منقور قد نقر، فشبه عيني البعير في غؤورهما بنقرتين في لحدي صفًا أي حرفي صفًا، صفران: أي خاليتان لا ماء فيهما، والحوجلتان: القارورتان، فأراد كأن عينيه قلتان أو حوجلتا قارور، الأنا: بلوغ الجهد منه يقال أدرك أناه أي أقصى ما عنده، والغرور الغضون الواحد غر، واللحدان: مكان داخل في الجبل مثل اللحد ويروى بعد الأنا أي الإعياء.
24: وقلقلته حتى كأن ضلوعه.......سفيف حصير فرجته الروامل
(قلقلته): أذهبت لحمه من كثرة السير، و(الروامل): اللواتي ينسجن الحصر، يقال رمل الحصير وأرمله وأنشد الأصمعي في أرمل قول الشاعر:
نهج كأن حرث النبيط علوبه.......ضاحي الموارد كالحصير المرمل
وروى أحمد نمقته (الروامل)، قال ويروى أيضًا بطنته الروامل، ويروى: (مسف الحصير) قاربته (الروامل) يقال أسففت الخوص، وسففت الدواء، ويروى شرجته (الروامل)، ويروى شرجبته، قال أبو عمرو: شرجبته طولته من الشرجب وهو الطويل، وقال أيضًا شرجته شققته من الشريجة.
25: يرى الشد والتقريب نذرًا إذا عدا.......وقد لحقت بالصلب منه الشواكل
ويروى حتمًا (إذا عدا)، و(الشواكل) جمع شاكلة وهي الخاصرة والقرب والإطل والإطل والأيطل، ويروى دينًا إذا عدا.
26: له طحر عوج كأن مضيغها.......قداح براها صانع الكف نابل
(الطحر): ههنا الأضلاع، قال الأصمعي: اشتق لها من قولهم طحره إذا دفعه وباعده لأن اللحم قد ذهب عنها.
و(المضيغ): اللحم، و(صانع الكف) أي حاذق الكف لطيف، و(النابل): الحاذق، وروى أحمد له طحر بضم الطاء والحاء، ويروى له عجر أيضًا، وقال طحر كأنها امتدت فاتسع لذلك جنباه، كقول الآخر:
خيط على زفرة فتم ولم.......يرجع إلى دقة ولا هضم
غيره: طحر ضلوع، يقال طحر يطحر إذا زحر، كأنها أخذت من ههنا لأنه إذا زحر انتفجت أضلاعه.
ويروى كأن هريتها وأنشد في نابل:
أترص أفواقها وقومها.......أنبل عدوان كلها صنعًا
ويروى نافق البيع ويروى ترص، أفواق جمع فوق وهو مجرى الوتر من السهم، وما حوله الشرخان.
27: وصم الحوامي ما يبالي إذا جرى.......أوعث نقًا عنت له أم جنادل
وروى أحمد أميث نقًا وأوعس، (الحوامي): ما أحاط بالنسور، و(الوعث): المكان الذي يشتد فيه المشي يقال مكان وعث بين الوعوثة، و(الجنادل): جمع جندلة وهي الحجارة، و(عنت): عرضت، ومنه قولهم رجل معن إذا كان معترضًا على الناس، ومنه قولهم اشترك الرجلان شركة عنان وهو أن يشاركه في شيء بعينه دون جميع ماله، قال الشاعر:
وشاركنا قريشًا في تقاها.......وفي أحسابها شرك العنان
بما ولدت نساء بني هلال.......وما ولدت نساء بني أبان
غيره: ويروى أم جراول وهي الحجارة، قال جرير يصف فرسًا:
من كل مشترف وإن بعد المدى.......ضرم الرقاق مناقل الأجرال
يقول يتضرم عدوه في الرقاق، ويحسن نقل قوائمه في الحجارة أي هو حاذق بذلك، قال والمعنى وحوافر صم الحوامي.
و(الوعث): كل لين سهل ليس بكثير الرمل، و(النقا): مثل الكثيب من الرمل، فالمعنى أنه لا يبالي أعدا في سهل أم في موضع غلظ كثير الحجارة وإنما يصف قحة حوافره وصلابتها، يقال قحة وقحة ومن ذلك قيل فلان وقح بين القحة أي صفيق الوجه قليل الحياء.
28: وسلهبة جرداء باق مريسها.......موثقة مثل الهراوة حائل
(السلهبة): الطويلة من الخيل، ومنه قيل رجل سلهب والجمع السلاهب، و(الجرداء): القصيرة الشعر، و(مريسها): شدتها وصبرها في السير، وهو مأخوذ من المراس بين الناس وهي المجاذبة والمماعكة، يريد أن بها نشاطًا على ما بها موثقة: المحكمة الخلق، و(الهراوة): العصا، والخيل تشبه بالعصا، من ذلك قول علقمة بن عبدة:
سلاءة كعصا النهدي غل لها.......ذو فيئة من نوى قران معجوم
و(الحائل): التي لم تحمل فهو أصلب لها وأشد، غيره: ويروى: (وسلهبة) قوداء (باق مريسها)، قال: والمعنى وعندي سلهبة أيضًا، ويقال رجل مريس، والقوداء: الطويلة العنق فرس قوداء من خيل قود أي طوال الأعناق
29: كميت عبناة السراة نمى بها.......إلى نسب الخيل الصريح وجافل
يقال( كميت) للذكور والإناث، و(الكمتة): لون بين الشقرة والدهمة، وكميت جاء مصغرًا لا تكبير له، و(العبناة): الموثقة الخلق الشديدة والذكر عبنى، نمى بها ارتفع بها، والصريح وجافل فحلان، قال الشاعر في عبنى:
اركب حميدًا يا عقنى ثم نم.......على عبنى دافعت عنه الغنم
أي سقي أهل الماء ألبان هذه الغنم حتى سقوه الماء، قال أحمد: أي دافعت بألبانها عنه الموت لولا دفاعها عنه لمات، وقال يعقوب لنحر وليس بشيء ويروى: سرا بها إلى حسب الخيل، غيره عبناة عظيمة.
30: من المسبطرات الجياد طمرة.......لجوج هواها السبسب المتماحل
(المسبطرة): المنقادة في السير السريعة وضرب من السير يقال له المسبطر صفة له، قال الشاعر:
ومن سيرها العنق المسبطر.......والعجرفية بعد الكلال
و(الجياد): فعال من الجودة، والجودة: وهي السرعة، و(الطمرة): القفوز الوثوب، و(السبسب): المتسع من الأرض، و(المتماحل): المنقاد إلى مثله، يقال سبسب وبسبس ويجمع بسابس وسباسب، غيره المسبطرة المنبسطة غير الكزة.
وقال (الطمرة) المشرفة وطمار فعال من هذا، قال ويقال إنها المرتفعة عن الأرض الخفيفة الوثب المعيرة رؤوسها على رؤوس عظامها، والمعيرة التي لها عير كالعير في وسط النصل، و(اللجوج) التي تترامى في العنان، هواها أن تجد سبسبًا متماحلاً، وهو البعيد ما بين الطرفين.
31: صفوح بخديها وقد طال جريها.......كما قلب الكف الألد المجادل
(صفوح بخديها) أي تنظر يمنة ويسرة من النشاط، وهي كقول سلمة بن الخرشب الأنماري:
من المتلفتات بجانبيها.......إذا ما بل محزمها الحميم
(الألد): الشديد الخصومة وهو من قوله عز وجل: {وهو ألد الخصام}، غيره: روى أحمد إذا (طال جريها)، وقال: تعدل بخديها يمنة ويسرة كما يقلب المخاصم يده يمنة ويسرة، وإنما يصف نشاطها في وقت تعبها وعرقها وأنها لم تنكسر، ويقال قد لد الرجل يلد فهو ألد من قوم لد وقد لددت يا رجل تلد، ومثل وزنه رجل أيل وهو القصير الأسنان المقبلة إلى داخل الفم وقد يل ييل وقد يللت يا رجل تيل يللا.
32: يفرطها عن كبة الخيل مصدق.......كريم وشد ليس فيه تخاذل
(يفرطها): يقدمها، و(كبة الخيل) دفعتها في الجري، و(المصدق) الصدق في كل ما كان من عمل أو قول، يريد أن الشد لها والمصدق جميعًا، ويقال أن المصدق لها والشد للخيل التي تجاريها، ولذلك قال ليس فيه تخاذل.
روى أحمد: يقربها من ضمة الخيل، قال ويروى أيضًا: ليس فيه تواكل، وقال التخاذل في الشد لا في الخيل.
يعني أن شدها واحد ليس فيه خلل ولا فترة، كما قال الشماخ:
إذا ما أدلجت وصفت يداها.......لها الإدلاج ليلة لا هجوع
ومن روى يفرطها يقال فرس فرط سريعة متقدمة، والفارط المتقدم، ومصدق صلابة وشدة جري، يقال رمح صدق أي صلب، قال خفاف:
إذا ما استحمت أرضه من سمائه.......جرى وهو مودع وواعد مصدق
أي يعد صدقًا، ومودوع في رفق، لم يجهد نفسه، غير أحمد: يعني أن أعضاءها لم يخذل بعضها بعضًا.
33: وإن رد من فضل العنان توردت.......هوي قطاة أتبعتها الأجادل
يقول إن حبس من عنانها فهي في ذلك كقطاة تبعتها الصقور، فهو أشد لطيرانها، و(الأجدل): الصقر، والجمع (الأجادل)، غيره: إذا رد منها (بالعنان)، ويروى: فإن رد بالفاء، وقال توردت تهيأت للورد، وهوي إسراع، ويقال (توردت) أسرعت وغشيت، يقال فلان يتوردنا في منازلنا أي يأتينا.
34: مقربة لم تقتعد غير غارة.......ولم تمتر الأطباء منها السلائل
(المقربة): المؤثرة المكرمة التي لا تترك إن ترود، وقوله (لم تقتعد) أي لم تركب، وقوله (غير غارة) أي لم تركب إلا في غارة، وأصل المري مسح الضرع لتدر الناقة، فجعله ههنا رضاعًا، و(الأطباء) جمع طبي وهو من الفرس بمنزلة الثدي من المرأة، و(السلائل): الأولاد، يقال للولد ساعة ترمي به أمه سليل، يريد أنها لم تحمل فهو أصلب لها، غيره: (ولم تمتر) الطبيين، وقال (لم تقتعد) لم تتخذ للرحلة، وقال (مقربة) تعلف عند البيوت لكرامتها عليهم، ويقال اقتعده أخذه لرحلة، ويقال نعم القعدة هذه، هذا لكل ما اقتعد من الدواب، فيقول لم تقتعد إلا لغارة يغار عليها، وتمتري تستدر، وإذا درت الناقة على المسح فهي مري والجمع مرايا، والمسح هو المري والمرية والمرية، يقول لم تنتج فترضعها سلائلها أي أولادها فتضعف لذلك، ومثله: لعنت بمحروم الشراب مصرم، كأنها دعي عليها ألا تحمل وألا يكون لها لبن.
35: إذا ضمرت كانت جداية حلب.......أمرت أعاليها وشد الأسافل
(الحلب): نبت ينبت في الصيف ويخضر، وطلبت (الحلب) فاتصل لها الربيع اهـ.
(الجداية): الظبي، يقال جداية للذكر والأنثى إذا أتت عليها ستة أشهر، و(الحلب): نبت يخضر في قبل الصيف، فأراد أن الربيع وصلها بالحلب ودام فسمنت، و(أمرت) فتلت أي فتل لحمها وعصبها، وهو مأخوذ من المرار والمريرة، وهو الحبل يفتل، غيره: وروى أحمد وخف (الأسافل)، أي مشقت قوائمها، مشقًا فذهب رهلها، وما فيها من فساد.
قال: و(الجداية) الذكر والأنثى بالهاء إذا أتى عليه ستة أشهر أو سبعة ونحو هذا، و(أمرت) فتلت وأدمجت والإمرار الفتل.
36: وقد أصبحت عندي تلادًا عقيلة.......ومن كل مال متلدات عقائل
قال الأصمعي: أصل (التلاد) من ولد عندهم وكان الأصل ولادًا فقلبوا الواو تاء كما قالوا تصلة وتخمة وهو من الوصلة والوخامة، وكقوله: متخذًا في ضعوات نولجا * إنما أراد وولجًا فوعلاً من ولج يلج (أنشدني ثعلب الضعة في الشجر والنبت)، ومثل ذلك تقوى كان أصلها وقوى من وقيت، (العقائل): الكرام.
غيره: (التلاد) القليل والكثير والواحد والاثنين والتأنيث والتذكير، وهو الذي اشترى منذ حين فطال مكثه عندهم وتلد: أي طال مقامه، ويقال للرجل إذا حلف على باطل:
كأنما تأكل مالاً متلدًا.......وإنما تأكل جمرًا موقدًا.
37: وأحبسها ما دام للزيت عاصر.......وما طاف فوق الأرض حاف وناعل
أي (أحبسها) أبدًا عندي لا أبيعها ولا أهبها لضني بها، وقوله (ما دام للزيت عاصر) أبدًا.
38: ومسفوحة فضفاضة تبعية.......وآها القتير تجتويها المعابل
(المسفوحة): الدرع المصبوبة، و(الفضفاضة): الواسعة، و(التبعية): المنسوبة إلى تبع، و(القتير): المسامير، (وآها): مثل وعاها شددها، وهو مأخوذ من قولهم فرس، وأي مثل وعًا إذا كان شديدًا مجتمع الخلق، ويروى وأتها (القتير)، والقتير في هذه الرواية مؤنث، و(المعابل): سهام طوال عراض النصال، (تجتويها): تكرهها، وهذا مثل، يريد أن المعابل لا تنفذ فيها، وغيره: القتير رؤوس المسامير، تجتويها تنبو عنها، ويروى المغاول، ويروى وآة القتير، والمغاول السيوف، والغلائل بطائن تلبس تحتها، ويروى كمتن الغدير، والوأى الشديد من الخيل، قال الفراء: هو الطويل، والأول أكثر.
39: دلاص كظهر النون لا يستطيعها.......سنان ولا تلك الحظاء الدواخل
(الدلاص): الدرع اللينة السهلة، و(النون): السمكة، شبهها بها في ملاستها ولينها، وقوله (لا يستطيعها سنان) أي: لا ينفذ فيها، و(الحظاء) جمع حظوة، وهو سهم يلعب به الصبيان، فيريد أنه لا ينفذ فيها سهم ولا ما دونه، غيره: (الدلاص): الخلقاء اللينة، وهي الدلامصة والدمالصة، و(الحظاء): السهام الصغار لا نصال لها، وربما وضعوا في رأس الحظوة تمرة أو طينة فيثقلونها، وهي السروة أيضًا وجمعها سري، وأنشد:
وقد رمى بسراه الدهر معترضًا.......في الركبتين وفي الساقين والرقبة
وإذا كان للسهام ريش ولا نصل له فهو كثاب، وإذا لم يكن له نصل ولا ريش فهو جماح، يقول لا ينفذ فيه سنان ولا ما دونه.
40: موشحة بيضاء دان حبيكها.......لها حلق بعد الأنامل فاضل
ويروى مداخلة (بيضاء)، (حبيكها): طرائقها، و(الأنامل): الأصابع، يريد أنها سابغة، كقول عمرو بن معدي كرب:
دلاص تثنى على الراهش
وحكي عن الأصمعي أنه قال: لئن كان أجاد في صفة الدرع لقد عاب من يلبسها، وذلك أن الفرسان المنسوبين لا يتبجحون بسبوغ الدرع، وأنشد:
ألدرع لا أبغي بها نثرة......كل امرئ مستودع ما له
يقول من قدر عليه شيء كان، وكقول الأعشى:
وإذا تكون كتيبة ملمومة.......خرساء يخشى الواردون نهالها
كنت المقدم غير لابس جنة.......بالسيف تضرب معلمًا أبطالها
وروى أحمد: حاب (حبيكها)، أي مداخل بعضه على بعض، يقال حبا إذا دنا، قال: ويروى جأب، وهو غليظ، وقال موشحة فيها طرائق صفر، ويروى حاب حيودها، أي مرتفع، وأنكر أحمد، ويروى حيودها وهي جوانبها، أي أشرفت نواحيها، ويروى فوق الأنامل، أي ولها حلق بعد الكف فاضل، غيره: ومثل قول جزء هذا قول كثير:
على ابن أبي العاصي دلاص حصينة.......أجاد المسدي سردها فأذالها
وأخبرت أن عبد الملك بن مروان أنكر على كثير هذا البيت، وقال له: الأعشى أشعر منك فقال: إن الأعشى وصف صاحبه بالتغرير ووصفتك أنا بالحزم.
41: مشهرة تحنى الأصابع نحوها.......إذا جمعت يوم الحفاظ القبائل
قوله (تحنى الأصابع نحوها) أي يشار إليها بالاصابع لجودتها، وأصل (الحفاظ) من الحفيظة وهو الغضب.
42: وتسبغة في تركة حميرية.......دلامصة ترفض عنها الجنادل
(التسبغة): نسيج يكون من حلق يكون تحت البيضة، و(التركة): البيضة بلا قونس، و(الحميرية): منسوبة إلى حمير، و(الدلامصة): السهلة اللينة، وإذا لان الحديد كان أجود له، و(ترفض): تكسر، و(الجنادل): الحجارة الواحدة جندلة، غيره: (التسبغة): المغفر، يقال مغفر وغفارة وتسبغة، وهو حلق تلبس على الرأس، و(ترفض) يقول لو ضربت بحجر لانكسر الحجر عنها فتفرق لصلابتها.
43: كأن شعاع الشمس في حجراتها.......مصابيح رهبان زهتها القنادل
(حجراتها): نواحيها، و(زهتها): رفعتها وأشعلتها، و(القنادل): جمع قنديل وغيره: نمتها الفتائل، وقال (الحجرات) واحدتها حجرة، وقال (زهتها): رفعتها وشبتها.
44: وجوب يرى كالشمس في طخية الدجى.......وأبيض ماض في الضريبة قاصل
(الجوب): الترس، وجمعه أجواب، و(الطخية): القتام يحول دون السماء من دون الشمس، و(الدجى): ظلمة الغيم ههنا، (والأبيض): السيف، و(الضريبة): ما ضرب، و(القاصل): القاطع يقال ضربه وقصله إذا قطعه، قال الأصمعي: ومنه اشتق اسم القصيل، غيره: في دهمة (الدجى)، ويروى: وأبيض رساب الحديدة قاصل الرسوب والرساب قال الأصمعي هو الذي إذا وقع غمض مكانه، وقوله (يرى كالشمس) أي يبرق لصفائه من الظلماء، ويروى رساب الكريهة أي يرسب يثبت عند الضرائب الشديدة، و(قاصل): قاطع.
45: سلاف الحديد ما يزال حسامه.......ذليقًا وقدته القرون الأوائل
قوله (سلاف الحديد) أي: خيره، شبهه بسلاف الشراب، وهو مأخوذ من السلف وهو المتقدم من الشيء لفضله، و(الهاء) التي في (حسامه للحديد)، والحسام: الذي إذا ضرب به شيء حسمه أي: قطعه، و(الذليق): الحديد، يقال سيف ذليق ولسان ذليق، والمصدر: الذلاقة، وقوله:( وقدته) أي: طبعته، و(القرون): جمع قرن، (الأوائل): المتقدومون. أراد عتق السيف وكلما قدم السيف كان أجود له، ويقال رجل عتيق الوجه، غيره: ما يزال حسامه حديدًا.
وقال سلاف: خالص، يقول ضرب هذا السيف قديمًا، وسلاف الحديد جيده وخالصه، وحسامه: حده، (ذليق): حديد ماض، ومثله قول أبي دؤاد:
بكرت له أذن توجـ.......ـس حرة وأحم مذلق
أي حديد ماض.
46: وأملس هندي متى يعل حده.......ذري البيض لا تسلم عليه الكواهل
قال (الهندي) والهندواني واحد، قال أبو عمرو والمهند: المحدد، يقال هنده إذا حدده، (الأملس): السيف، و(الهندي): منسوب إلى الهند يقال سيف هندي وهندواني وهندكي، و(الكواهل): جمع كاهل، أراد أنه يتعدى البيضة يقطعها ويجوزها حتى يقطع الكاهل، أحمد غيره: من الملس هندي، قال: يبري البيض حتى يصل إلى الكاهل، جعله (أملس) أي ليس بصديء ولا كشاش إذا مسسته، ويروى: لا تردده إلا (الكواهل).
47: إذا ما عدا العادي به نحو قرنه.......وقد سامه قولاً فدتك المناصل
(القرن): المؤازي في القوة والشجاعة والعمل ما كان وإن اختلفت السن، و(القرن): بفتح القاف المثل في السن، و(المناصل): جمع منصل وهو السيف، أحمد: (سامه): كلفه قولاً، وشامه: سله، وشامه: أغمده أيضًا، وروي: العادي به قابضًا له وقد شامه قول، أي وقد سله، ويروى: إذا ما عدا عاد به قابضًا له، وقد شامه قول، ويقال (سامه قولاً)، أي قال له فدتك المناصل، أي إنك من أفضلها وأمثلها، وأنشد:
بأيدي الرجال لم يشيموا سيوفهم.......ولم يكثروا القتلى بها حين سلت
فشام ههنا أغمد، قال أبو عمرو: معناه لم يشيموها حتى قتلوا بها من أرادوا.
48: ألست نقياً ما تليق بك الذرى.......ولا أنت إن طالت بك الكف ناكل
يقال: سيف لا يليق شيئًا أي لا يمر بشيء إلا قطعه، وقال الأصمعي: يقال أنه الذي لا يمر بشيء إلا خضمه خضمًا، وقوله (نقيًا) أي من خالص الحديد، يخاطب السيف بذلك، وقوله (ما تليق بك الذرى) أي إذا ضربت بك ذروة قطعتها، و(الناكل): المقصر يقال نكل ينكل نكولاً، أحمد: ما تليق ضريبة، ويروى لا تليق ضريبة، ويروى: (ولا أنت إن طارت بك الكف)، ويروى: (ما تليق بك الذرى) أي الوسخ، فمن روى لا تليق بك الذرى أي لا تبقى لك الذرى، وهو أعالي كل شيء، ولا أنت ناكل إذا حملت على ضريبة.
49: حسام خفي الجرس عند استلاله.......صفيحته مما تنقى الصياقل
(خفي الجرس عند استلاله)، وذلك لجودته وسهولته، وإنما سهل لصفاء حديده وخلوصه، و(الجرس): الحركة والصوت الخفي، غيره: حين تسله (* تنقيته مما تنقى الصياقل).
ويروى: حين تسله صفيحته مما يقول: لا تسمع لضربته كشة.
50: ومطرد لدن الكعوب كأنما.......تغشاه منباع من الزيت سائل
يعني رمحًا، و(المطرد): المضطرب والمضطرب اللينة، و(اللدن) اللين، يقال قد لدن لدانة ولدونًا، و(المنباع السائل) المتتابع السيلان، غيره: قال مطرد متتابع ليس فيه اختلاف، يقال اطرد القول تتابع، ومنه قول قيس بن الخطيم:
أتعرف رسمًا كاطراد المذاهب.......لعمرة وحشًا غير موقف راكب
وانباع سال، وانباع الرجل عليك إذا خرج عليك وأنت لا تعلم به.
51: أصم إذا ما هز مارت سراته.......كما مار ثعبان الرمال الموائل
قوله (أصم) أي ليس بأجوف و(مارت) جاءت به وذهبت و(سراته) أعلاه وشبه اضطرابه إذا هز باضطراب حية في عدوه، و(الثعبان): الحية والجمع ثعابين، وإنما جعله ثعبان الرمل لأنه في الرمل أسرع للين (الرمل والموائل): المحاذر الذي يلتمس الملجأ، يقال في مثل: لا وألت إن وألت، أي: لا نجوت إن نجوت. أحمد: ثعبان العريم الموائل، وروى: مارت كعوبه، وقال (سراته): وسطه، قال و(الموائل): الذي يطلب النجاة.
52: له فارط ماضي الغرار كأنه.......هلال بدا في ظلمة الليل ناحل
(فارطه): سنانه و(غراره) حده، غيره: روي له رائد يعني سنانًا، (فارطه) سنانه لأنه يتقدمه، ويروى: في هبوة الليل.
53: فدع ذا ولكن ما ترى رأي عصبة.......أتتني منهم منديات عضائل
(العصبة): الجماعة العشرة ونحوها. و(المنديات): من الأمور المخزيات، ويقال: هي من الأمور التي يعرق لها من قيلت له لشدتها، وقال أبو عبيدة هي التي يعرق لها الوجه ويندى، و(العضائل): الشدائد.
ويروى معاضل، وهو مأخوذ من قولهم عضلت المرأة إذا نشب ولدها، ومن قولهم أعضل بي فلان إذا لم تدر كيف تحتال له وواحد العضائل: عضيلة مثل: صحيفة وصحائف، غيره: ما ترى في عصابة وعضائل دواه قباح شداد، أي (ما ترى في رأي عصبة)، ويقال فلان عضلة من العضل إذا كان داهيًا.
54: يهزون عرضي بالمغيب ودونه.......لقرمهم مندوحة ومئآكل
(يهزون): يقطعونه ويقصبونه، ومن هذا سمي القصاب قصابًا لأنه يقطع، والعرض من الإنسان ما مدح وهجي.
و(القرم): الأكل الضعيف، يقال قد قرمت الشاة تقرم قرمًا، قال الأصمعي: هو الأكل بمقدم الفم، و(المندوحة): المتسع، و(المآكل): جمع مأكل، غيره: (هز عرضه) أي تناوله بالوقيعة، ويروى يهورون أي: يلحقون بي الظنون الرديئة والتهم، وأنشد لمالك بن نويرة يصف فرسًا:
رأى أنني لا بالقليل أهوره.......ولا أنا عنه في المؤاساة ظاهر
أي لا أظن أن القليل يكفيه ولا أستظهر بالمواساة عنه بل أوثره، وقال آخر:
قد علمت جلادها وخورها.......أني بشرب السوء لا أهورها
أي لا أظن أن القليل يكفيها ولكن أطلب لها الكثير، أي هزتني فحشاؤهم ويقرمون عرضي يتناولونه، والقرم: أكل ضعيف، يقال: عناق حين قرمت أي تناولت قليلاً وأنشد:
فإن تقرمونا على ظلمكم.......فقد تقرم العث ملس الأديم
وقيل للأحنف بن قيس: إن حارثة بن بدر الغداني يقع فيك، فقال: عثيثة تقرم جلدًا أملسا.
55: على حين أن جربت واشتد جانبي.......وأنبح مني رهبة من أناضل
يقول: طمعوا في على مدارستي الأمور وعلمي بها والمناضلة: المراماة وهو هنا مثل، غيره: (أنبح مني) أي: صيرته إلى أن ينبح، ويروى: وملئ (مني رهبة) ويروى على حين.
56: وجاوزت رأس الأربعين فأصبحت.......قناتي لا يلفى لها الدهر عادل
قوله: (رأس الأربعين) أي: حيث بلغت أشدي، و(قناته) ههنا مثل، أي لا أحد يناصفني ولا يقوم لي في فخر ولا حرب، و(العادل): الراد والعادل: المقاوم أيضًا، يقال فلان يعدل فلانًا إذا قاومه وكان مثله.
غيره: ما يلفى لها، أي: لا يقدر أحد أن يعدلها عن جهتها.
57: فقد علموا من سالف الدهر أنني.......معن إذا جد الجراء ونابل
(الجراء): الجري، وهو ههنا مثل، و(سالف الدهر): ما تقدم منه، و(المعن): المعترض وهو من قولهم عن له إذا اعترض له في الخصومة والمناظرة، يقول إذا جدت الخصومة ففي فضل أعترض به على الناس و(النابل): الحاذق في أموره، غيره: معن ذاهب في كل وجه، و(نابل): حاذق من قوله: نابل وابن نابل.
58: زعيم لمن قاذفته بأوابد.......يغني بها الساري وتحدى الرواحل
(الزعيم): الكفيل من قوله عز وجل: {وأنا به زعيم} أي: كفيل، ومثل الزعيم القبيل والصبير، (قاذفته): راميته، يعني بالكلام والحجج، و(الأوابد): الغرائب من الكلام، ومنه قولهم جاء فلان بآبدة أي: بكلمة غريبة لا تعرف ومنه قولهم أبد فلان في شعره إذا أغرب فيه، ومن هذا قيل لعويص الشعر مؤبدات، وقوله (يغني بها الساري) أي أهجوكم هجاءً يبقى عليكم عاره ويحفظه الناس فيحدو به الحادي رواحله، ويغني به الساري، وهو السائر ليلاً، غيره: ومنه قولهم الزعيم غارم.
59: مذكرة تلقى كثيرًا رواتها.......ضواح لها في كل أرض أزامل
يعني هذه الأوابد، لم يروه أبو عكرمة ورواه غيره.
60: تكر فلا تزداد إلا استنارة.......إذا رازت الشعر الشفاه العوامل
تكرير الأوابد أنها تزداد جدة على ألسن الرواة لحسنها، (ورازت): جربت، و(العوامل): النواطق بالشعر.
غيره: يكر فلا يزداد، يعني البيت، ويروى إذا ردت، وتروزه: تنظر كيف هو.
61: فمن أرمه منها ببيت يلح به.......كشامة وجه ليس للشام غاسل
يقول من هجوته من هذه الأبيات (ببيت) لزمه ولاح به ودل عليه، كما تلوح النار أو الشيء المضيء، و(الشام): جمع شامة وهي ثابتة ولا تذهب، يريد أن شعره يلزم كلزومها، لا يغسله الماء.
62: كذاك جزائي في الهدي وإن قل.......فلا البحر منزوح ولا الصوت صاحل
ويروى فإن أقم، (الهدي): المهاداة، وقوله (فلا البحر منزوح) أي شعري لا ينقطع، و(الصحل) مثل البحوحة في الحلق، غيره: روى أحمد: جزائي في الهجاء مصدر جازيته، وقال: بحري كلامي يقول وكلامي لا ينقطع وصوتي لا يصحل أي لا يبح.
63: فعد قريض الشعر إن كنت مغزرًا.......فإن غزير الشعر ما شاء قائل
عد أي تصرف وتجاوز و(المغزر) مأخوذ من الغزر وهو كثرة اللبن، يقال ناقة غزيرة، ويقال قد أغزر الرجل في كلامه إذا كان كثيرًا غيره: روي إنك معرب فإن قريض الشعر إلخ.
64: لنعت صباحي طويل شقاؤه.......له رقميات وصفراء ذابل
(رقميات): نبل منسوبة إلى صانع، وقال غيره إلى بلد يقال له الرقم، و(الصباحي) رجل من بني صباح، كان ضيفًا له، و(الرقميات): السهام، و(الصفراء): القوس، و(الذابل): التي قطع عودها وطرحت في الشمس حتى ذهب ماؤها فيها كما قال الشماخ:
فمظعها عامين ماء لحائها.......وينظر فيها أيها هو غامز
غيره: صباح من بني ضبة، ومظعها: شربها، والتشريب هو التمظيع، أي ترك عليها ماء لحائها سنتين حتى يشرب العود ماء اللحاء، قال وصباحي صياد، الرواية:
فأمسكها عامين يطلب درءها........وينظر فيها ما الذي هو غامز
ودرؤها الميل وكل ميل أو خروج في جبل درء.
65: بقين له مما يبري وأكلب.......تقلقل في أعناقهن السلاسل
غير أبي عكرمة: تصلصل (في أعناقهن السلاسل) أراد القلائد.
66: سحام ومقلاء القنيص وسلهب.......وجدلاء والسرحان والمتناول
67: بنات سلوقيين كانا حياته.......فماتا فأودى شخصه فهو خامل
غيره: ويروى: (ففاتا وأودى) منهما ما يجاول. أي كانا يصيدان له في حياته.
68: وأيقن إذ ماتا بجوع وخيبة.......وقال له الشيطان إنك عائل
69: فطوف في أصحابه يستثيبهم.......فآب وقد أكدت عليه المسائل
(يستثيبهم): يطلب ثوابهم ونائلهم، و(أكدت): امتنعت، يقال حفر الحافر فأكدى إذ بلغ إلى كدية، وهو الصلب من الأرض، وهو من قول الله تعالى: {وأعطى قليلاً وأكدى}، أي: منع وآب، رجع، غيره: يقال أكدى الرجل إذا لم يصب حاجته.
70: إلى صبية مثل المغالي وخرمل.......رواد ومن شر النساء الخرامل
(المغالي): سهام يغلى بها في الهواء لا نصال لها، يريد أن صبيانه في ضعفهم وسوء حالهم، ونحولهم مثل هذه السهام، ويقال بل أراد أنه لا نفع عندهم ولا عون على أنفسهم كما لا يصاد بهذه السهام ولا ينتفع بها، و(الخرمل): الحمقاء، غيره: والرواد الرادة التي تختلف إلى بيوت جاراتها، ولا تقعد في بيتها لشرها وعيارتها، قال: والنصول القتر الواحدة قترة وهو نصل فوق القطبة ودون السلاءة يرمى به في الغلاء، والسهم إذا كان للغلاء فهو المريخ والقطبة نصول الأغراض.
71: فقال لها هل من طعام فإنني.......أذم إليك الناس أمك هابل
72: فقالت نعم هذا الطوي وماؤه.......ومحترق من حائل الجلد قاحل
وروى غيره:
فقالت له هذا الطوي وماؤه.......ومخلولق من مائر الجلد قاحل
(الحائل): الذي قد أتى عليه حول، غيره: (قاحل) وقاهل وقافل سواء وهو: اليابس.
73: فلما تناهت نفسه من طعامه.......وأمسى طليحًا ما يعانيه باطل
ويروى فأضحى، ويروى بطينًا أي قد لزق بطنه بظهره من الجوع، وروى غيره: (ما يعنيه باطل)، أبو عكرمة: يريد أنه سهر للجوع ولم يسهره باطل، أي الذي به جد من الجوع، (الباطل) ههنا اللهو واللعب، أي هو مشغول عنه بالجوع، ويروى: من طعامها.
74: تغشى يريد النوم فضل ردائه.......فأعيا على العين الرقاد البلابل
أي (بلابل) صدره منعته النوم، و(البلابل) هماهم صدره، غيره: فأغمى (على عين) الشقي (البلابل)، أي: أعيت بلابل صدره على عينيه أن ينام.
[شرح المفضليات: 160-181]


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
17, قصيدة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir