( بصيرة فى كلم )
الكلام: القول أو ما كان مكتفيا بنفسه. والكلمة: اللفظة، والجمع: كلم، والكلمة بالكسر لغه فيها، والجمع: كلم ككسر. وكلمه تكليما وكلاما. وتكلم تكلما وتكلاما: تحدث. وتكالما: تحدثا. والكلمة: القصيدة.
وكلمة الله عيسى عليه السلام؛ لأنه كان ينتفع به وبكلامه، أو لأنه كان بكلمة (كن) من غير أب، أو لاهتداء الناس به. والكلمة الباقية: كلمة التوحيد. ورجل تكلامة، وتكلامة بالتشديد، وتكلام، وكلمانى كسلمانى، وكلمانى بالتحريك، وكلمانى بكسرتين والتشديد - ولا نظير له -: جيد الكلام فصيحه. وقيل: رجل كلمانى، أى كثير الكلام، والمرأة كلمانية.
والكلم: الجرح، والجمع: كلوم وكلام. وكلمه يكلمه، وكلمه: جرحه فهو مكلوم، وكليم، ومكلم، وهى كلمى. وبهم كلم وكلام وكلوم. وأصل الكلم: التأثير المدرك بإحدى الحاستين السمع والبصر.
والكلام يقع على الألفاظ المنظومة، وعلى المعانى التى تحتها مجموعة؛ وعند النحاة يقع على الجزء منه، اسما كان أو فعلا أو أداة. وعند كثير من المتكلمين لا يقع إلا على الجملة المركبة المفيدة، وهو أخص من القول؛ فإن القول عندهم يقع على المفردات، والكلمة تقع على كل واحد من الأنواع الثلاثة، وقد قيل بخلاف ذلك.
وقوله تعالى: {فتلقى ءادم من ربه كلمات}، قيل هو قوله: {ربنا ظلمنآ أنفسنا}. وقال الحسن: هو وقوله: ألم تخلقنى بيدك! ألم تسكنى جنتك؛ ألم تسجد لى ملائكتك! ألم تسبق رحمتك غضبك! أرأيت إن تبت كنت معيدى إلى الجنة؛ قال: نعم. وقيل: هو الأمانة المعروضة على السماواة والأرض. وقوله: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات} قيل: هى الأشياء التى امتحن الله بها إبراهيم عليه السلام: من ذبح ابنه، والختان وغيرهما. وقوله
لزكريا: {أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله}، قيل: هى كلمة التوحيد، وقيل: كتاب الله، وقيل: يعنى به عيسى عليه السلام.
وقوله: {وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته}، فالكلمة هنا القضية، وكل قضية تسمى كلمة، سواء كان ذلك مقالا أو فعالا، ووصفها بالصدق لأنه يقال: قول / صدق، وفعل صدق.
وقوله: {وتمت كلمت ربك} إشارة إلى نحو قوله: {اليوم أكملت لكم دينكم}، ونبه بذلك على أنه لا نسخ للشريعة بعد اليوم. وقيل: إشارة إلى ما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "أول ما خلق الله القلم، فقال له: اجر بما هو كائن إلى يوم القيامة". وقيل: الكلمة هى القرآن. وعبر بلفظ الماضى تنبيها أن ذلك فى حكم الكائن. وقيل: عنى بالكلمات الآيات والمعجزات، فنبه أن ما أرسل من الآيات تام وفيه بلاغ. وقوله: {لا مبدل لكلماته} رد لقولهم: {ائت بقرآن غير هاذآ أو بدله}. وقيل: أراد بكلمات ربك أحكامه، وبين أنه شرع لعباده مافيه بلاغ.
وقوله: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرآئيل} هذه الكلمة قيل هو قوله: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض}. وقوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما} إشارة إلى ماسبق من حكمه الذى اقتضته كلمته، وأنه لا تبديل لكلماته. وقوله: {ويحق الحق بكلماته} أى بحججه التى جعلها لكم عليهم سلطانا مبينا، أى حجة قوية. وقوله: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} إشارة إلى ما قال: {لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا}، وذلك أن الله تعالى كان قد قال: {لن تخرجوا معي أبدا}، ثم قال هؤلاء المنافقون: {ذرونا نتبعكم} وقصدهم تبديل كلام الله، فنبه على أن هؤلاء لا يفعلون، وكيف يفعلون وقد علم الله منهم أنهم لا يفعلون، وقد سبق بذلك حكمه.
ومكالمة الله تعالى العبد على ضربين: أحدهما فى الدنيا، والثانى فى الآخرة؛ فما فى الدنيا فعلى ما نبه عليه بقوله: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من ورآء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي} الآية. وما فى الآخرة ثواب للمؤمنين وكرامة لهم تخفى عليهم كيفيته. ونبه أن ذلك يحرم على الكافرين بقوله: {ولا يكلمهم الله يوم القيامة}. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان" فلعل المراد به فى بعض المواقف دون بعض، أو المراد: ما من أحد من المؤمنين.
وقوله: {يحرفون الكلم عن مواضعه} جمع كلمة، قيل: إنهم كانوا يبدلون الألفاظ ويغيرونها، وقيل: إن التحريف كان من جهة المعنى، وهو حمله على غير ما قصد به واقتضاه، وهذا أمثل القولين.
وقوله: {لولا يكلمنا الله}، أى لولا يكلمنا مواجهة، وذلك نحو قوله تعالى: {يسألك أهل الكتاب أن تنـزل عليهم كتابا من السمآء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة}.
وأعوذ بكلمات الله التامات، قيل: هى القرآن. وقوله: سبحان الله عدد كلماته، أى كلامه، وهو صفته وصفاته لا تنحصر بالعدد، فذكر العدد هنا مجاز بمعنى المبالغة فى الكثرة. وقيل: يحتمل عدد الأذكار، أو عدد الأجور على ذلك، ونصب (عددا) على المصدر.
وقوله: استحللتم فروجهن بكلمات الله، قيل: هى قوله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}، وقيل: هو إباحة الله الزواج وإذنه فيه.