فَصْلٌ
إِذَا عَلَّقَهُ بِالْحَمْلِ فَوَلَدَتْ لأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ طَلَقَتْ مُنْذُ حَلَفَ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلاً فَأَنْتِ طَالِقٌ حَرُمَ وَطْؤُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا بِحَيْضَةٍ فِي البَائِنِ،.......................................
قوله: «إذا علقه بالحمل فولدت لأقل من ستة أشهر طلقت منذ حلف» إذا قال: إن كنت حاملاً فأنت طالق فولدت لأقل من ستة أشهر طلقت منذ حلف؛ لأننا تيقنا أنها كانت حاملاً عند قوله: إن كنت حاملاً فأنت طالق؛ لماذا نقول: إنها طلقت منذ حملت؟ لأن أقل الحمل ستة أشهر، وانتبه لقوله: «منذ حلف» فهذا من باب التجوز؛ لأن هذا المذكور تعليق محض وليس يميناً؛ لأنه علقه على الحمل، والحمل ليس من فعلها حتى نقول: إنه يريد به اليمين.
قوله: «وإن قال: إن لم تكوني حاملاً فأنت طالق حرم وطؤها قبل استبرائها بحيضة في البائن» في الأولى قال: إن كنت حاملاً، وهنا قال: إن لم تكوني حاملاً، ففي الأول إثبات وفي الثاني نفي، فإذا قال: إن لم تكوني حاملاً فأنت طالق، نقول: ما يجوز أن تطأها حتى تحيض إذا كانت بائناً، أما إذا كانت رجعية فلا حرج؛ لأنه يجوز أن يطأها وتكون رجعة، لكن إذا كانت بائناً فهذه آخر طلقة فنقول: لا تطأها؛ لأنك لو وطئتها اشتبه علينا الأمر، فقد تكون الآن غير حامل فتطؤها وهي بائن.
وإلى متى لا يطؤها؟ الجواب: حتى تحيض، فإذا حاضت عرفنا أنها لم تكن حاملاً حين قوله: إن لم تكوني حاملاً فأنت طالق.
وَهِيَ عَكْسُ الأُولَى فِي الأَحْكَامِ، وَإِنْ عَلَّقَ طَلْقَةً إِنْ كَانَتْ حَامِلاً بِذَكَرٍ، وَطَلْقتَيْنِ بأُنْثَى فَوَلَدَتْهُمَا طَلَقَتْ ثَلاَثاً، وَإِنْ كَانَ مَكَانَهُ: إِنْ كَانَ حَمْلُكِ، أَوْ مَا فِي بَطْنِكِ لَمْ تَطْلُقْ بِهِمَا.
قوله: «وهي عكس الأولى في الأحكام» قال في الروض[(1)]: «فإن ولدت لأكثر من أربع سنين طلقت؛ لأنا تبينا أنها لم تكن حاملاً، وكذا إن ولدت لأكثر من ستة أشهر وكان يطأ؛ لأن الأصل عدم الحمل» نقول: هذه المسألة عكس الأولى في الأحكام؛ لأنها عكسها في الصورة، فالأولى إن كنت حاملاً، والثانية إن لم تكوني حاملاً، فيكون المدار على أربع سنين؛ لأنه أكثر مدة الحمل؛ فإذا مضى أربع سنين ولم تضع الحمل ثم وضعته بعد الأربع علمنا أن الطلاق قد وقع؛ لأنه لا يمكن ـ على رأي الفقهاء ـ أن يزيد الحمل على أربع سنوات، وإذا ولدت لأكثر من ستة أشهر وهو يطأ مع أنه يحرم عليه إذا كانت بائناً فإنها في هذه الحال لا تطلق؛ لأننا ما علمنا أنها لم تكن حاملاً، إذ إن الرجل يطأ وقد ولدت لأكثر من ستة أشهر.
والأصل عدم الحمل فإن ولدت لأقل من ستة أشهر لم تطلق مطلقاً سواء كان يطأ أم لم يكن يطأ؛ لأنه يقول: إن لم تكن حاملاً وقد تيقنا أنها حامل؛ لأن أقل الحمل ستة أشهر.
قوله: «وإن علق طلقة إن كانت حاملاً بذَكَرٍ، وطلقتين بأنثى فولدتهما طلقت ثلاثاً» قال: إن كنت حاملاً بذكر فأنت طالق طلقة، وإن كنت حاملاً بأنثى فأنت طالق طلقتين؛ لأن الولد أحب إليه من الأنثى، لكن المرأة ولدت توأماً يعني ولدت ذكراً وأنثى تطلق ثلاثاً؛ لأن الذكر له طلقة، والأنثى لها طلقتان.
قوله: «وإن كان مكانه: إن كان حملك، أو ما في بطنك لم تطلق بهما» .
إن قال: إن كان حملك ولداً فأنت طالق طلقة، وإن كان حملك أنثى فأنت طالق طلقتين، فولدت ذكراً وأنثى فلا تطلق؛ لأن حملها لم يكن واحداً؛ بل كان ذكراً وأنثى، وهو يقول: إن كان حملك ذكراً، وإن كان حملك أنثى، بخلاف قولهم: إن كنت حاملاً بذكر وإن كنت حاملاً بأنثى، وهذه من دقائق العلم التي ما ينتبه لها إلا طلبة العلم.
[1]الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/562).