دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > بيان المُستشكل > أنموذج جليل لابن أبي بكر الرازي

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ربيع الأول 1432هـ/1-03-2011م, 04:33 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي سورة الأنعام

سوره الإنعام
فإن قيل: كيف جمع الظلمة وأفرد النور في قوله تعالى: (وجعل الظّلمات والنّور)؟
قلنا: ترك جمعه استغناء عنه بجمع الظلمة قبله، فإنه يدل عليه كما في ترك جمع الأرض أيضًا استغناء عنه بجمع السماء قبله في قوله تعالى: (الحمد للّه الّذي خلق السّماوات والأرض)
والثاني: الظلمة اسم، والنور مصدر نقله المفصل، والمصادر لا تجمع.
فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: (وجهركم) بعد قوله: (يعلم سرّكم) ومعلوم أن من يعلم السر يعلم الجهر بالطريق الأولى؟
قلنا: إنما ذكره للمقابلة كما في قوله تعالى: (فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه) في بعض الوجوه.
فإن قيل: كيف خص السكون بالذكر دون الحركة في قوله تعالى: (وله ما سكن في اللّيل والنّهار) على قول من فسره بما يقال الحركة؟
قلنا: لأن السكون أغلب الحالتين على كل مخلوق من الحيوان والجماد أو لأن الساكن من المخلوقات أكثر عددًا من المتحرك أو لأن كل متحرك يصير إلى السكون من غير عكس أو لأن السكون هو الأصل والحركة حادثة عليه وطارئة، وقيل: فيه إضمار تقديره: ما سكن
[أنموذج جليل: 120]
وتحرك فاكتفى بأحدهما اختصارًا لدلالته على مقابله كما في قوله تعالى: (سرابيل تقيكم الحرّ) أي والبرد.
فإن قيل: كيف قال: (وهو يطعم ولا يطعم) ولم يقل وهو ينعم ولا ينعم عليه، وهذا أعم لتناوله الإطعام وغيره؟
قلنا: لأن الحاجة إلى الرزق أمس فخص بالذكر.
الثاني: أن كون المعبود أكلا متفوطا أقبح من كونه منعما عليه، فلذلك ذكره.
فإن قيل: قوله تعالى: (قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً)
يقتضى أن يسمى الله تعالى شيئًا ولو صح ذلك لصح نداؤه به كالحي والقيوم ونحوها؟
قلنا: صحة ندائه تعالى مخصوصة بما يدل على المدح، وصفة الكمال كالحي والقيوم ونحوها، لا بكل ما يصح إطلاقه عليه، ألا ترى أن الموجود والثابت يصح إطلاقه عليه سبحانه وتعالى، ولا يصح نداؤه به كذا هذا.
فإن قيل: استشهاد المدعى بالله لا يكفى في صحة دعواه وثبوتها شرعًا حتى لو قال المدعى: الله شاهدي، لا يكفيه هذا، فكيف صح ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم)؟
قلنا: إنما لم يصح ذلك من غير النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يقدر على إقامة الدليل على أن الله تعالى يشهد له، والنبي عليه
[أنموذج جليل: 121]
الصلاة والسلام أقام الدليل على ذلك بقوله: (وأوحي إليّ هذا القرآن) لأنه معجزة.
فإن قيل: في قوله تعالى: (ثمّ لم تكن فتنتهم إلّا أن قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين)
كيف يكذبون يوم القيامة بعد معاينة حقائق الأمور، وقد بعثر ما في القبور، وحصل ما في الصدور؟
قلنا: المبتلى يوم القيامة ينطق بما ينفعه وبما يضره، لعدم التمييز بسبب الحيرة والدهشة كحال المبتلى المعذب في الدنيا يكذب على نفسه وعلى غيره، ويتكلم بما يضره، ألا تراهم يقولون: ربنا أخربنا منها، وقد أيقنوا بالخلود فيها، وقالوا: (يا مالك ليقض علينا ربّك) وقد علموا أنه لا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها.
فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: (ولا يكتمون اللّه حديثًا)؟
قلنا: للقيامة مواقف مختلفة ففي بعضها لا يكتمون، وفى بعضها يحلفون كاذبين، كما قال تعالى: (فوربّك لنسألنّهم أجمعين (92) عمّا كانوا يعملون)
وقال تعالى: (فيومئذٍ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌّ)
[أنموذج جليل: 122]
وقيل: إن حلفهم كاذبين يكون قبل شهادة جوارحهم عليهم (ولا يكتمون اللّه حديثًا) يكون بعد شهادتها عليهم.
فإن قيل: كيف قال: (وللدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون)
وهو خير لغير المتقين أيضًا كالأطفال والمجانين؟
قلنا: إنما خصهم بالذكر لأنهم الأصل فيها من حيث إن درجتهم أعلى وغيرهم تبع لهم.
فإن قيل: كيف قال لمحمد عليه الصلاة والسلام: (فلا تكوننّ من الجاهلين)
فخاطبه بأفحش الخطابين وقال لنوح عليه الصلاة والسلام: (إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين)
فخاطبه بألين الخطابين، مع أن محمدا صلى الله عليه وسلم أعظم رتبة وأعلى منزلة؟
قلنا: لأن نوحًا عليه الصلاة والسلام كان معذورا في جهله، لأنه تمسك بوعد الله تعالى في إنجاء أهله، وظن أن ابنه من أهله، ومحمد صلى الله عليه وسلم ما كان معذورًا لأنه كبر عليه كفرهم مع علمه أن كفرهم وإيمانهم بمشيئة الله تعالى، وأنهم لا يهتدون إلا أن يهديهم الله.


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأنعام, سورة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:50 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir