بَابُ قَوْلِ مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ
عَنْ
قُتَيْلَةَ: أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ.
تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ.
وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ.
فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا: ((وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.
وَأَنْ يَقُولُوا مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ)) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَلَهُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، فَقَالَ: ((أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدًّا؟ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ)).
وَلاِبْنِ مَاجَةَ عَنِ الطُّفَيْلِ أَخِي عَائِشَةَ لأُِمِّهَا قَالَ: (رَأَيْتُ كَأَنِّي أَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ.
قُلْتُ: إِنَّكُمْ لأََنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ.
قَالُوا: وَإِنَّكُمْ لأََنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ، وَشَاءَ مُحَمَّدٌ.
ثُمّ مَرَرْتُ بِنَفَرٍ مِنَ النَّصَارَى فَقُلْتُ: إِنَّكُمْ لأََنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ.
قَالُوا: وَإِنَّكُمْ لأََنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ، وَشَاءَ مُحَمَّدٌ.
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَخْبَرْتُ بِهَا مَنْ أَخْبَرْتُ.
ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ.
قَالَ:
((هَلْ أَخْبَرْتَ بِهَا أَحَدًا؟)).
قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:
((فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ طُفَيْلاً رَأَى رُؤْيَا أَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ.
وَإِنَّكُمْ قُلْتُمْ كَلِمَةً كَانَ يَمْنَعُنِي كَذَا وَكَذَا أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا.
فَلاَ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ، وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ))
.
فيه مسائل:
الأُولَى:
مَعْرِفَةُ الْيَهُودِ بِالشِّرْكِ الأَصْغَرِ.
الثَّانِيَةُ:
فَهْمُ الإِنْسَانِ إِذَا كَانَ لَهُ هَوًى.
الثَّالِثَةُ:
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: ((أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدًا)) فَكَيْفَ بِمَنْ قَالَ:
مَا لِي مَنْ أَلُوذُ بِهِ سِوَاكَ.. وَالْبَيْتَيْنِ بَعْدَهُ؟
الرَّابِعَةُ:
أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الشِّرْكِ الأَكْبَرِ لِقَوْلِهِ: ((يَمْنَعُنِي كَذَا وَكَذَا)).
الْخَامِسَةُ:
أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ مِنْ أَقْسَامِ الْوَحْيِ.
السَّادِسَةُ:
أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِشَرْعِ بَعْضِ الأَحْكَامِ.