النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ
مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ، وَبَيَانُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ:
الْمَقْبُولُ الثِّقَةُ الضَّابِطُ لِمَا يَرْوِيهِ. وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ, سَالِمًا مِنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَخَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ, وَأَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ مُتَيَقِّظًا غَيْرَ مُغَفَّلٍ, حَافِظًا إِنْ حَدَّثَ (مِنْ حِفْظِهِ), فَاهِمًا إِنْ حَدَّثَ عَلَى الْمَعْنَى, فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرْنَا رُدَّتْ رِوَايَتُهُ.
وَتَثْبُتُ عَدَالَةُ الرَّاوِي بِاشْتِهَارِهِ بِالْخَيْرِ وَالثَّنَاءِ الْجَمِيلِ عَلَيْهِ, أَوْ بِتَعْدِيلِ الْأَئِمَّةِ, أَوِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ لَهُ, أَوْ وَاحِدٍ عَلَى الصَّحِيحِ, وَلَوْ بِرِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي قَوْلٍ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَتَوَسَّعَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ, فَقَالَ: كُلُّ حَامِلِ عِلْمٍ مَعْرُوفُ العنايةِ بِه، فهو عَدْلٌ مَحْمُولٌ أَمْرُهُ على العدَالةِ حتَّى يَتَبَيَّنَ جَرْحُه؛ لقولِه -عليه الصلاةُ والسلامُ-: (يَحْمِلُ هذا العِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُه) قالَ: وفيما قالَ اتِّسَاعٌ غَيْرُ مَرْضيٍّ، واللهُ أَعْلَمُ.
قُلتُ: لو صَحَّ مَا ذَكرَهُ مِنَ الحديثِ لَكانَ مَا ذَهَبَ إليه قَوِيًّا، ولكنْ في صِحَّتَهِ نظَرٌ قَوِيٌّ، والأَغْلَبُ عَدَمُ صِحَّتِهِ. واللهُ أَعْلَمُ.
ويُعْرَفُ ضَبْطُ الرَّاوِي بمُوافَقَةِ الثِّقَاتِ لَفْظًا أو مَعْنًى، وعَكْسُهُ عَكْسُهُ.