15 - بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى:
{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}
[سَبَأٌ:23].
فِي (الصَّحِيحِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خَضَعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، وَصَفَهُ سُفْيَانُبِكَفِّهِ، فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ)).
وَعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُوحِيَ بِالأَمْرِ، تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ أَخَذَتِ السَّمَاوَاتِ مِنْهُ رَجْفَةٌ، أَوْ قَالَ: رِعْدَةٌ شَدِيدَةٌ، خَوْفًا مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَعِقُوا وَخَرُّوا للهِ سُجَّدًا، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ جِبْرِيلُ، فَيُكَلِّمُهُ اللهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ، ثُمَّ يَمُرُّ جِبْرِيلُ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ، كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلاَئِكَتُهَا: مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَاجِبْرِيلُ؟
فَيَقُولُ: قَالَ الْحَقَّ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ مَا قَالَجِبْرِيلُ،فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُبِالْوَحْيِ إِلَى حَيْثُ أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ)).
فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى:
تَفْسِيرُ الآيَةِ.
الثَّانِيَةُ:
مَا فِيهَا مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى إِبْطَالِ الشِّرْكِ خُصُوصًا مَنْ تَعَلَّقَ عَلَى الصَّالِحِينَ، وَهِيَ الآيَةُ الَّتِي قِيلَ: إِنَّهَا تَقْطَعُ عُرُوقَ شَجَرَةِ الشِّرْكِ مِنَ الْقَلْبِ.
الثَّالِثَةُ:
تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: {قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}
.
الرَّابِعَةُ:
سَبَبُ سُؤَالِهِمْ عَنْ ذَلِكَ.
الْخَامِسَةُ:
أَنَّ جِبْرِيلَ يُجِيبُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
((قَالَ: كَذَا وَكَذَا)).
السَّادِسَةُ:
ذِكْرُ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُجِبْرِيلُ.
السَّابِعَةُ:
أَنَّهُ يَقُولُ لأَِهْلِ السَّمَاوَاتِ كُلِّهِمْ؛
لأَِنَّهُمْ يَسْأَلُونَهُ.
الثَّامِنَةُ:
أَنَّ الْغَشْيَ يَعُمُّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ كُلَّهُمْ.
التَّاسِعَةُ:
ارْتِجَافُ السَّمَاوَاتِ لِكَلاَمِ اللهِ
.
الْعَاشِرَةُ:
أَنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الَّذِي يَنْتَهِي بِالْوَحْيِ
إِلَى حَيْثُ أَمَرَهُ اللهُ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:
ذِكْرُ اسْتِرَاقِ الشَّيَاطِينِ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:
صِفَةُ رُكُوبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا.
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ:
إِرْسَالُ الشُّهُبِ.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
أَنَّهُ تَارَةً يُدْرِكُهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا
وَتَارَةً يُلْقِيهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ مِنَ الإِنْسِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ:
كَوْنُ الْكَاهِنِ يَصْدُقُ بَعْضَ الأَحْيَانِ
.
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ:
كَوْنُهُ يَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ
.
السَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
أَنَّهُ لَمْ يُصَدَّقْ كَذِبُهُ إِلاَّ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ.
الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:
قَبُولُ النُّفُوسِ الْبَاطِلَ:
كَيْفَ يَتَعَلَّقُونَ بِوَاحِدَةٍ وَلاَ يَعْتَبِرُونَ بِمِائَةٍ.
التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ:
كَوْنُهُمْ يَتَلَقَّى بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ
تِلْكَ الْكَلِمَةَ ويَحْفَظُونَهَا وَيَسْتَدِلُّونَ بِهَا.
الْعِشْرُونَ:
إِثْبَاتُ الصِّفَاتِ خِلاَفًا لِلأَشْعَرِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ.
الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ:
التَّصْرِيحُ بِأَنَّ تِلْكَ الرَّجْفَةَ وَالغَشْيَ
خَوْفًا مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ:
أَنَّهُمْ يَخِرُّونَ للهِ سُجَّدًا.