وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَفِيفٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ: ( اعْتِقَادُ التَّوْحِيدِ بِإِثْبَاتِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ) قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَتِهِ: ( فَاتَّفَقَتْ أَقْوَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَقَضَائِهِ، قَوْلاً وَاحِدًا، وَشَرْعًا ظَاهِرًا، وَهُمُ الَّذِينَ نَقَلُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ذَلِكَ حَتَّى قَالَ ( عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَحَدِيثَ ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا ) وَقَالَ: فَكَانَتْ كَلِمَةُ الصَّحَابَةِ عَلَى الاتِّفَاق مِنْ غَيْرِ اخْتِلافٍ، وَهُمُ الَّذِينَ أُمِرْنَا بَالأَخْذِ عَنْهُمْ؛ إِذْ لَمْ يَخْتَلِفُوا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَحْكَامِ التَّوْحِيدِ وَأُصُولِ الدِّينِ مِن الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ كَمَا اخْتَلَفُوا فِي الْفُرُوعِ، وَلَوْ كَانَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلافٌ لَنُقِلَ إِلَيْنَا كَمَا نُقِلَ سَائِرُ الاخْتِلاَفِ، فَاسْتَقَرَّ صِحَّةُ ذَلِكَ عنْد خَاصَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ حَتَّى أَدَّوْا ذلك إِلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَاسْتَقَرَّ صِحَّةُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الْمَعْرُوفِينَ حَتَّى نَقَلُوا ذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ; لأَنَّ الاخْتِلاَفَ كَانَ عندهم فِي الأَصْلِ كُفْرٌ، وَلِلَّهِ الْمِنَّةُ.
ثُمَّ إِنِّي قَائِلٌ - وَبِاللَّهِ أَقُولُ -:أنَّه لَمَّا اختلفوا فِي أَحْكَامِ التَّوْحِيدِ وَذِكْرِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَى خِلافِ مَنْهَجِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَخَاضَ فِي ذَلِكَ مَنْ لَمْ يُعْرَفُوا بِعِلْمِ الآثَارِ، وَلَمْ يَعْقِلُوا قَوْلَهُمْ بِذِكْرِ الأَخْبَارِ، وَصَارَ مُعَوِّلُهُمْ عَلَى أَحْكَامِ هَوَاجِسِ النُّفُوسِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنْ سُوءِ الظنِّ به عَلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَالتَّعَلُّقِ مِنْهُمْ بِآيَاتٍ لَمْ يُسْعِدْهُمْ فِيهَا مَا وَافَقَ النُّفُوسَ، فَتَأَوَّلُوا عَلَى ما وافق هواهم، وَصَحَّحُوا بِذَلِكَ مَذَاهِبَهُمْ: احْتَجْتُ إِلَى الْكَشْفِ عَنْ صِفَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَمَأْخَذِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْهَاجِ الأَوَّلِينَ; خَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي جُمْلَةِ أَقَاوِيلِهِم الَّتِي حَذَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أُمَّتَهُ وَمَنَعَ الْمُسْتَجِيبِينَ لَهُ حَتَّى حَذَّرَهُمْ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ خُرُوجَ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وَهُمْ يَتَنَازَعُونَ فِي الْقَدَرِ وَغَضَبَهُ.
وَحَدِيثَ ( لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ ). وَحَدِيثَ: ( سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ) وَإن النَّاجِيَةَ مَا كَانَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ.
ثُمَّ قَالَ: فَلَزِمَ الأُمَّةَ قَاطِبَةً مَعْرِفَةُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَلَمْ يَكُن الْوُصُولُ إِلَيْهِ إِلاَّ مِنْ جِهَةِ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ الْمَعْرُوفِينَ بِنَقْلِ الأَخْبَارِ مِمَّنْ لاَ يَقْبَلُ الْمَذَاهِبَ الْمُحْدَثَةَ، فَيَتَّصِلُ ذَلِكَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ مِمَّنْ عُرِفُوا بِالْعَدَالَةِ وَالأَمَانَةِ، الْحَافِظِينَ عَلَى الأُمَّةِ مَا لَهُمْ وَمَا عَلَيْهِمْ مِنْ إِثْبَاتِ السُّنَّةِ(1).
إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَوَّلُ مَا نَبْتَدِئُ بِهِ مَا أَوْرَدْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ أَجْلِهَا، ذِكْرُ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ، وَمَا بَيَّنَ صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ صِفَاتِهِ فِي سُنَّتِهِ، وَمَا وُصِفَ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا سَنَذْكُرُ قَوْلَ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ مِمَّا لاَ يَجُوزُ لَنَا فِي ذَلِكَ أَنْ نَرُدَّهُ إِلَى أَحْكَامِ عُقُولِنَا بِطَلَبِ الْكَيْفِيَّةِ بِذَلِكَ وَمِمَّا قَدْ أُمِرْنَا بالاسْتِسْلاَمِ لَهُ.
إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَرَّفَ إِلَيْنَا بَعْدَ إِثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالإِقْرَارِ بالأُلُوهِيَّةِ: أَنْ ذَكَرَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ بَعْدَ التَّحْقِيقِ، بِمَا بَدَأَ بِهِ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَكَّدَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِقَوْلِهِ، فَقَبِلُوا مِنْهُ كَقَبُولِهِمْ لأَوَائِلِ التَّوْحِيدِ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.
إِلَى أَنْ قَالَ بِإِثْبَاتِ نَفْسِهِ بِالتَّفْصِيلِ مِنَ الْمُجْمَلِ، فَقَالَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) وَقَالَ: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ).
وَلِصِحَّةِ ذَلِكَ، وَاسْتِقْرَارِ ما جاءَ به نَاجَاهُ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ: {تعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ }، وقال عز وجل: { كتب ربكم على نفسه الرحمة }.
وَأَكَّدَ عَلَيْهِ السَّلامُ صِحَّةَ إِثْبَاتِ ذَلِكَ فِي سُنَّتِهِ فَقَالَ: ( يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي )
وَقَالَ صلَّى الله عليه وسلَّم ( كَتَبَ كِتَابًا بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ) وَقَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَى نَفْسِهِ ) وَقَالَ فِي مَحَاجَّةِ آدَمَ لِمُوسَى: ( أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ وَاصْطَنَعَكَ لِنَفْسِهِ ).
فَقَدْ صَرح بِظَاهِرِ قَوْلِهِ أنَّه أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ نَفْسًا، وَأَثْبَتَ لَهُ الرَّسُولُ ذَلِكَ، فَعَلَى مَنْ صَدَّقَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي اعْتِقَادِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مَبْنِيًّا عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }(2).
ثُمَّ قَالَ: فَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ خَاصَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ قَبُولُ كُلِّ مَا وَرَدَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِهِ صلى الله عَلَيْهِ السَّلامُ، وَإنَّ مِمَّا قَضى اللَّهُ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ وَوَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَرَدَت السُّنَّةُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ أَنْ قَالَ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } ثُمَّ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ { نُورٌ عَلَى نُورٍ } وَبِذَلِكَ دَعَاهُ صلَّى الله عليه وسلَّم: { أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى: ( حِجَابُهُ النُّورُ - أَو النَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لاَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ ) وَقَالَ: سُبُحَاتُ وَجْهِهِ: جَلاَلُهُ وَنُورُهُ، نَقَلَهُ عَنِ الْخَلِيلِ وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: نَوَّرَ السَّمَاوَاتِ نُورُ وَجْهِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ أنَّه حَيٌّ، وَذَكَرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {اللَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }، وَالْحَدِيثَ: ( يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ).
قَالَ: وَمِمَّا تَعَرَّفَ اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ أَنْ وَصَفَ نَفْسَهُ أَنَّ لَهُ وَجْهًا مَوْصُوفًا بِالْجَلالِ وَالإِكْرَامِ فَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ وَجْهًا وَذَكَرَ الآيَاتِ.
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى الْمُتَقَدِّمَ، فَقَالَ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَوْصَافِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ( لاَ يَنَامُ ) مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ )، وَأَنَّ لَهُ وَجْهًا مَوْصُوفًا بِالأَنْوَارِ وَأَنَّ لَهُ بَصَرًا كَمَا عَلَّمَنَا فِي كِتَابِهِ أنَّه سَمِيعٌ بَصِيرٌ.
ثُمَّ ذَكَرَ الأَحَادِيثَ فِي إِثْبَاتِ الْوَجْهِ، وَفِي إِثْبَاتِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَالآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تعالى تَعَرَّفَ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، أَن قَالَ: لَهُ يَدَانِ قَدْ بَسَطَهُمَا بِالرَّحْمَةِ. وَذَكَرَ الأَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ شِعْرَ أُمِّيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ: ( يُلْقَى فِي النَّارِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رِجْلَهُ ) وَهِيَ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ( يَضَعَ عَلَيْهَا قَدَمَهُ ).
ثُمَّ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ الْبَطِينُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْكُرْسِيَّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ. وَأَنَّ الْعَرْشَ لاَ يَقْدِرُ قَدْرَهُ إِلاَّ اللَّهُ، وَذَكَرَ قَوْلَ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ نَفْسِهِ، وَقَوْلَ السُّدِّيِّ، وَقَوْلَ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَأَبِي مَالِكٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: ( مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ ) وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: ( وَاضِعٌ رِجْلَيْهِ عَلَيْهِ ).
ثُمَّ قَالَ: فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ قَدْ رُوِيَتْ عَنْ هَؤُلاءِ مِنْ صَدْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ مُوَافِقَةً لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُتَدَاوَلَةً فِي الأَقْوَالِ، وَمْحْفُوظَةً فِي الصُّدُورِ، لاَ يُنْكِرُ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ وَلا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ مِنْ نُظَرَائِهِمْ، نَقَلَتْهَا الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ مُدَوَّنَةً فِي كُتُبِهِمْ.
إِلَى أَنْ حَدَثَ فِي آخِرِ الأُمَّةِ مَنْ قَلَّلَ اللَّهُ عَدَدَهُمْ مِمَّنْ حَذَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم عَنْ مُجَالَسَتِهِمْ وَمُكَالَمَتِهِمْ، وَأَمَرَنَا أَنْ لاَ نَعُودَ مَرْضَاهُمْ، وَلا نُشَيِّعَ جَنَائِزَهُمْ، فَقَصَدَ هَؤُلاءِ إِلَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فَضَرَبُوهَا بِالتَّشْبِيهِ وَعَمَدُوا إِلَى الأَخْبَارِ فَعَمِلُوا فِي دَفْعِهَا عَلَى أَحْكَامِ الْمَقَايِيسِ، وَكَفَّرُوا الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَنْكَرُوا عَلَى الصَّحَابَةِ والتابعين وَرَدُّوا عَلَى الأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمَأْثُورَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَوَابَهُ لِنَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ; ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ الصُّورَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ صَنَّفَ فِيهِ كِتَابًا مُفْرَدًا، وَاخْتِلافَ النَّاسِ فِي تَأْوِيلِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَسَنَذْكُرُ أُصُولَ السُّنَّةِ وَمَا وَرَدَ مِن الاخْتِلاَفِ فِيمَا نَعْتَقِدُهُ فِيمَا خَالَفْنَا فِيهِ أَهْلَ الزَّيْغِ، وَمَا وَافَقْنَا فِيهِ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ مِنَ الْمُثْبِتَةِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ -.
ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلافَ فِي الإِمَامَةِ وَاحْتَجَّ عَلَيْهَا، وَذَكَرَ اتِّفَاقَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنَّصَارِ عَلَى تَقْدِيمِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ الأُمَّةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ الاخْتِلاَفُ فِي خَلْقِ الأَفْعَالِ، هَلْ هِيَ مُقَدَّرَةٌ أَمْ لاَ؟ قَالَ: وَقَوْلُنَا فِيهَا: إنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مُقَدَّرَةٌ مَعْلُومَةٌ وَذَكَرَ إِثْبَاتَ الْقَدَرِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلافَ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَمَسْأَلَةَ ( الأَسْمَاءِ وَالأَحْكَامِ ) وَقَالَ: قَوْلُنَا فيها إنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ عَلَى الإِطْلاَقِ، وَأَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُمْ.
وَقَالَ: أَصْلُ الإِيمَانِ مَوْهِبَةٌ يَتَوَلَّدُ مِنْهَا أَفْعَالُ الْعِبَادِ فَيَكُونُ أَصْلُهُ التَّصْدِيقُ والإِقْرَارُ والإِعْمَالُ، وَذَكَرَ الْخِلافَ فِي زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ، وَقَالَ: قَوْلُنَا أَنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ.
قَالَ: ثُمَّ كَانَ الاخْتِلاَفُ فِي الْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَقَوْلنَا وَقَوْلُ أَئِمَّتِنَا أَنَّ الْقُرْآنَ كَلاَمُ [ اللَّهِ ] غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَأَنَّهُ صِفَةٌ لِلَّهِ مِنْهُ بَدَأَ قَوْلاً، وَإِلَيْهِ يَعُودُ حُكْمًا.
ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلافَ فِي الرُّؤْيَةِ وَقَالَ: قَوْلُنَا وَقَوْلُ أَئِمَّتِنَا فِيمَا نَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ يُرَى فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ الْحُجَّةَ.
ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ - رَحِمَكَ اللَّهُ - أَنِّي ذَكَرْتُ أَحْكَامَ الاخْتِلاَفِ عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ تَرْتِيبِ الْمُحَدِّثِينَ فِي كُلِّ الأَزْمِنَةِ. وَقَدْ بَدَأْتُ أَنْ أَذْكُرَ أَحْكَامَ الْجُمَلِ مِنَ الْعُقُودِ، فَنَقُولُ وَنَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ عزَّ وجل لَهُ عَرْشٌ، وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ بِكَمَالِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } وَ {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ } وَلا نَقُولُ: إِنَّهُ فِي الأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي السَّمَاءِ عَلَى عَرْشِهِ؛ لأنَّهُ عَالِمٌ بِمَا يَجْرِي عَلَى عِبَادِهِ، ثم يعرج إليه.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَنَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَأَنَّهُمَا مَخْلُوقَتَانِ لِلْبَقَاءِ لاَ لِلْفَنَاءِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَنَعْتَقِدُ أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عُرِجَ بِنَفْسِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَنَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ قَبْضَتَيْنِ فَقَالَ: ( هَؤُلاءِ للْجَنَّةِ وَهَؤُلاءِ للنَّارِ ).
وَنَعْتَقِدُ أَنَّ لِلرَّسُولِ صلَّى الله عليه وسلَّم حَوْضًا، وَنَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ، وَذَكَرَ الصِّرَاطَ، وَالْمِيزَانَ، وَالْمَوْتَ، وَأَنَّ الْمَقْتُولَ قُتِلَ بِأَجَلِهِ، وَاسْتَوْفَى رِزْقَهُ(3).
إِلَى أَنْ قَالَ: وَمِمَّا نَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي ثُلْثِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَيَبْسُطُ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: (أَلاَ هَلْ مِنْ سَائِلٍ ) الْحَدِيثَ، وَلَيْلَةَ النِّصْفِ من شعبان، وَعَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي ذَلِكَ(4).
قَالَ: وَنَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تعالى كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَاتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَأَنَّ الْخُلَّةَ غَيْرُ الْفَقْرِ، لاَ كَمَا قَالَ أَهْلُ الْبِدَعِ. (5)
وَنَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّ مُحَمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم بِالرُّؤْيَةِ (6)، وَاتَّخَذَهُ خَلِيلاً كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً.
وَنَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتُصَّ بِمَفَاتِحِ خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ }.
وَنَعْتَقِدُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، ثلاثًا لِلْمُسَافِرِ، ويومًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ(7).
وَنَعْتَقِدُ الصَّبْرَ عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ قُرَيْشٍ مَا كَانَ مِنْ جَوْرٍ أَوْ عَدْلٍ، مَا أَقَامَ الصَّلاةَ مِنَ الْجُمَعِ وَالأَعْيَادِ، وَالْجِهَادُ مَعَهُمْ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(8).
وَالصَّلاةُ فِي الْجَمَاعَةِ حَيْثُ يُنَادَى لَهَا وَاجِبٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ أو مَانِعٌ، وَالتَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ، وَنَشْهَدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ عَمْدًا فَهُوَ كَافِرٌ(9).
والشَّهَادَةُ وَالْبَرَاءَةُ بِدْعَةٌ.
َوَالصَّلاةُ عَلَى مَنْ مَاتَ مَنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ (10)
وَلا نُنْزِلُ أَحَدًا جَنَّةً وَلا نَارًا. حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ يُنْزِلُهُمْ، وَالْمِرَاءُ وَالْجِدَالُ فِي الدِّينِ بِدْعَةٌ.
وَنَعْتَقِدُ أَنَّ مَا شَجَرَ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ. ونترحم على عائِشَةَ ونَتَرَضَّى عَنهَا، وَالْقَوْلُ فِي اللَّفْظِ وَالْمَلْفُوظِ; وَكَذَلِكَ فِي الاسْمِ وَالْمُسَمَّى بِدْعَةٌ. وَالْقَوْلُ فِي الإِيمَانِ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِدْعَةٌ.
وَاعْلَمْ أَنِّي ذَكَرْتُ اعْتِقَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى ظَاهِرِ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مُجْمَلاً مِنْ غَيْرِ اسْتِقْصَاءٍ إِذْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ منْ مَشَايِخِنَا الْمَعْرُوفِينَ مَنْ أَهْلِ الإِبانةِ وَالدِّيَانَةِ إِلاَّ أَنَّي أَحْبَبْتُ أَنْ أَذْكُرَ عُقُودَ أَصْحَابِنَا الْمُتَصَوِّفَةِ فِيمَا أَحْدَثَهُ طَائِفَةٌ نسبوا إِلَيْهِمْ ما قَدْ تَخَرَّصُوا مِنَ الْقَوْلِ بما نَزَّهَ اللَّهُ تعالى الْمَذْهَبَ وَأَهْلَهُ مِنْ ذَلِكَ(10).
إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَرَأْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ فِي كِتَابٍ سَمَّاهُ ( التَّبْصِيرَ ) كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى أَهْلِ طَبَرِسْتَانَ فِي اخْتِلافٍ عِنْدَهُمْ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُصَنِّفَ لَهُمْ مَا يَعْتَقِدُهُ وَيَذْهَبُ إِلَيْهِ فَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ اخْتِلافَ الْقَائِلِينَ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَذَكَرَ عَنْ طَائِفَةٍ إِثْبَاتَ الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
وَنَسَبَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِلَى الصُّوفِيَّةِ قَاطِبَةً، لَمْ يَخُصَّ طَائِفَةً. فبيَّن أَنَّ ذَلِكَ عَلَى جَهَالَةٍ مِنْهُ بِأَقْوَالِ المُخْلِصِينَ مِنْهُمْ، وَكَانَ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْقَوْلُ - بَعْدَ أَنِ ادُّعِيَ عَلَى الطَّائِفَةِ - ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَحَلِّهِ عِنْدَ المُخْلِصِينَ، فَكَيْفَ بِابْنِ أُخْتِهِ.
وَلَيْسَ إِذَا أَحْدَثَ الزَّائِغُ فِي نِحْلَتِهِ قولاً نُسِبَ إِلَى الْجُمْلَةِ; كَذَلِكَ فِي الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ لَيْسَ مَنْ أَحْدَثَ قَوْلاً فِي الْفِقْهِ، ولَبسَ فِيه حَدِيث يُناسب ذلك يُنْسَبُ ذَلِكَ إِلَى جُمْلَةِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لفظَ ( الصُّوفِيَّةِ ) وَعُلُومَهُمْ تَخْتَلِفُ، فَيُطْلِقُونَ أَلْفَاظَهُمْ عَلَى مَوْضُوعَاتٍ لَهُمْ، وَمَرْمُوزَاتٍ وَإِشَارَاتٍ تَجْرِي فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَمَنْ لَمْ يُدَاخِلْهُمْ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَنَازَلَ مَا هُمْ عَلَيْهِ رَجَعَ عَنْهُمْ وهو خَاسِيء حَسِيرٌ.
ثُمَّ ذَكَرَ إِطْلاَقَهُمْ لَفْظَ الرُّؤْيَةِ بِالتَّقْيِيدِ. فَقَالَ: كَثِيرٌ مَا يَقُولُونَ: رَأَيْتُ اللَّهَ.
وَذُكِرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَوْلُهُ لَمَّا سُئِلَ: هَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ حِينَ عَبَدْتَهُ؟ قَالَ: رَأَيْتُ اللَّهَ ثُمَّ عَبَدْتُهُ. فَقَالَ السَّائِلُ: كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟ فَقَالَ: لَمْ تَرَهُ الأبصارُ بِتَحْدِيدِ الأعيَانِ. وَلَكِنْ رؤية الْقُلُوبُ بِتَحْقِيقِ الإِيقَانِ. ثُمَّ قَالَ: أنَّه تعالى، يُرَى فِي الآخِرَةِ كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَهُ رَسُولُهُ صلَّى الله عليه وسلَّم، فَهَذَا قَوْلُنَا وَقَوْلُ أَئِمَّتِنَا دُونَ الْجُهَّالِ مِنْ أَهْلِ الْغَبَاوَةِ فِينَا(11).
وَأَنَّ مِمَّا نَعْتَقِدُه أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَعْرَاضَهُمْ، وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ. فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَبْلُغُ مَعَ اللَّهِ إِلَى دَرَجَةٍ يُبِيحُ الْحَقُّ لَهُ مَا حَظَرَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ - إِلاَّ الْمُضْطَرَّ عَلَى حَالٍ يَلْزَمُهُ إِحْيَاءٌ لِلنَّفْسِ لَوْ بَلَغَ الْعَبْدُ مَا بَلَغَ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ - فَذَلِكَ كُفْرٌ بِاللَّهِ، وَقَائِلُ ذَلِكَ قَائِلٌ بِالإِباحةِ وَهُمُ الْمُنْسَلِخُونَ مِنَ الدِّيَانَةِ (12).
وَأَنَّ مِمَّا نَعْتَقِدُهُ تَرْكُ إِطْلاقِ تسمية الْعِشْقِ عَلَى اللَّهِ، وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ لاشْتِقَاقِهِ، وَلِعَدَمِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ(13).
وَقَالَ: أَدْنَى مَا فِيهِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ وَضَلالَةٌ، وَفِيمَا نَصَّ اللَّهُ مِنْ ذِكْرِ الْمُحِبَّةِ كِفَايَةٌ.
وَأَنَّ مِمَّا نَعْتَقِدُهُ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَحِلُّ فِي الْمَرْئِيَّاتِ، وَأَنَّهُ المتَفردُ بِكَمَالِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ(14).
وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلاَمُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، حَيْثُ مَا تُلِيَ وَدُرِّسَ وَحُفِظَ.
وَنَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَاتَّخَذَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم خَلِيلاً وَحَبِيبًا، وَالْخُلَّةُ لَهُمَا مِنْهُ عَلَى خِلافٍ مَا قَالَهُ الْمُعْتَزِلَةُ: أَنَّ الْخُلَّةَ الْفَقْرُ وَالْحَاجَةُ(15).
إلَى أَنْ قَالَ: وَالْخُلَّةُ وَالْمَحَبَّةُ صِفَتَانِ لِلَّهِ هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِمَا، وَلا تَدْخُلُ أَوْصَافُهُ تَحْتَ التَّكْيِيفِ وَالتَّشْبِيهِ، وَصِفَاتُ
الْخَلْقِ مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالْخُلَّةِ جَائِزٌ عَلَيْهَا الْكَيْفُ، وَأَمَّا صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى فَمَعْلُومَةٌ فِي الْعِلْمِ، وَمَوْجُودَةٌ فِي التَّعْرِيفِ، قَد انْتَفَى عَنْهُمَا التَّشْبِيهُ، فَالإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَاسْمُ الْكَيْفِيَّةِ عَنْ ذَلِكَ سَاقِطٌ(16).
وَمِمَّا نَعْتَقِدُهُ أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ الْمَكَاسِبَ وَالتِّجَارَاتِ وَالصِّنَاعَاتِ وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْغِشَّ وَالظُّلْمَ، وَأَنَّ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ تلك الْمَكَاسِبِ فَهُوَ ضَالٌّ مُضِلٌّ مُبْتَدِعٌ إِذْ لَيْسَ الْفَسَادُ وَالظُّلْمُ وَالْغِشُّ مِنَ التِّجَارَاتِ وَالصِّنَاعَاتِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ الْفَسَادَ لاَ الْكَسْبَ وَالتِّجَارَةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ جَائِزٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(17).
وَأَنَّ مِمَّا نَعْتَقِدُهُ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِأَكْلِ الْحَلاَلِ ثُمَّ يُعْدِمُهُم الْوُصُولَ إِلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ; لأنَّ مَا طَالَبَهُمْ بِهِ مَوْجُودٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْمُعْتَقِدُ أَنَّ الأَرْضَ تَخْلُو مِنَ الْحَلالِ، وَالنَّاسُ يَتَقَلَّبُونَ فِي الْحَرَامِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ(18).
إِلا أَنَّهُ يَقِلُّ فِي مَوْضِعٍ وَيَكْثُرُ فِي مَوْضِعٍ، لاَ أَنَّهُ مَفْقُودٌ مِن الأَرْضِ.
وَمِمَّا نَعْتَقِدُهُ أَنَّا إِذَا رَأَيْنَا مَنْ ظَاهِرُهُ جَمِيلٌ لاَ نَتَّهِمُهُ فِي مَكْسَبِهِ وَمَالِهِ وَطَعَامِهِ، جَائِزٌ أَنْ يُؤْكَلَ طَعَامُهُ، وَالْمُعَامَلَةُ فِي تِجَارَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْنَا الْكَشْفُ عَما قَاله، فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ عَلَى سَبِيلِ الاحْتِيَاطِ، جَازَ إِلاَّ مَنْ دَاخَلَ الظَّلَمَةَ.
وَمَنْ يَنْزِعُ عَنِ الظُّلْمِ وَأَخْذِ الأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ وَمَعَهُ غَيْرُ ذَلِكَ: فَالسُّؤَالُ وَالتَّوَقِّي، كَمَا سَأَلَ الصِّدِّيقُ غُلاَمَهُ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمَالِ سِوَى ذَلِكَ مِمَّا هُوَ خَارِجٌ عَنْ تِلْكَ الأَمْوالِ فَاخْتَلَطَا، فَلاَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْحَلاَلُ وَلا الْحَرَامُ، إِلا أَنَّهُ مُشْتَبَهٌ فَمَنْ سَأَلَ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ كَمَا فَعَلَ الصِّدِّيقُ(19).
وَأَجَازَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَسَلْمَانُ الأكلُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ التَّبِعَةُ، وَالنَّاسُ طَبَقَاتٌ، وَالدِّينُ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ(20).
وَإِنَّ مِمَّا نَعْتَقِدُهُ أَنَّ الْعَبْدَ مَا دَامَ أَحْكَامُ الدَّارِ جَارِيَةً عَلَيْهِ فَلاَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ، فَكُلُّ مَن ادَّعَى الأَمْنَ فَهُوَ جَاهِلٌ بِاللَّهِ، وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ (فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )(21).
وَقَدْ أَفْرَدْتُ كَشْفَ عَوَارَتِ كُلِّ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ. وَنَعْتَقِدُ أَنَّ الْعُبُودِيَّةَ لاَ تَسْقُطُ عَنِ الْعَبْدِ مَا عَقَلَ وَعَلِمَ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ مُمِيِّزٌ عَلَى أَحْكَامِ الْقُوَّةِ والاسْتِطَاعَةِ؛ إِذْ لَمْ يَسْقُطْ ذَلِكَ عَن الأنَّبِيَاء وَالصَّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ رِقِّ الْعُبُودِيَّةِ إِلَى فَضَاءِ الْحُرِّيَّةِ بِإِسْقَاطِ الْعُبُودِيَّةِ وَالْخُرُوجِ إِلَى أَحْكَامِ الأَحَدِيِّةِ الْمَسَدِيَّةِ بِعَلائِقِ الآخِرِيَّةِ، فَهُوَ كَافِرٌ لاَ مَحَالَةَ، إِلا مَن اعْتَرَاهُ عِلَّةٌ، أَوْ رَأْفَةٌ، فَصَارَ مَعْتُوهًا أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ مُبَرْسَمًا وَقَد اخْتَلَطَ فِي عَقْلِهِ، أَوْ لَحِقَهُ غَشْيَةٌ، ارْتَفَعَ عَنْهُ أَحْكَامُ الْعَقْلِ، وَذَهَبَ عَنْهُ التَّمْيِيزُ وَالْمَعْرِفَةُ، فَذَلِكَ خَارِجٌ عَنِ الْمِلَّةِ مُفَارِقٌ لِلشَّرِيعَةِ(22).
وَمَنْ زَعَمَ الإِشْرَافَ عَلَى الْخَلْقِ يَعْلَمَ مَقَامَاتِهِمْ وَمِقْدَارَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ بِغَيْرِ الْوَحْيِ الْمُنَزَّلِ مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ صلَّى الله عليه وسلَّم فَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الْمِلَّةِ، وَمَن ادَّعَى أَنَّهُ يَعْرِفُ مَآلَ الْخَلْقِ وَمُنْقَلَبَهُمْ عَلَى مَاذَا يَمُوتُونَ عليه وَيُخْتَمُ لَهُمْ، بِغَيْرِ الْوَحْيِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ وَقَوْلِ رَسُولِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ(23).
وَ ( الْفِرَاسَةُ ) حَقٌّ عَلَى أُصُول ما ذَكَرْنَاه، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا رسمناهُ فِي شَيْءٍ.
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ صِفَاتِهِ قَائمَّةٌ بِصِفَاتِهِ - وَيُشِيرُ فِي ذَلِكَ إِلَى غَيْرِ آية العظمة وَالتَّوْفِيقِ وَالْهِدَايَةِ - وَأَشَارَ إِلَى صِفَاتِهِ عزَّ وجل الْقَدِيمَةِ: فَهُوَ حُلُولِيٌّ قَائِلٌ بِاللاَّهُوتِيَّةِ وَالالْتِحَامِ، وَذَلِكَ كُفْرٌ لاَ مَحَالَةَ(24).
وَنَعْتَقِدُ أَنَّ الأَرْوَاحَ كُلَّهَا مَخْلُوقَةٌ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ فَقَدْ ضَاهَى قَوْلَ النَّصَارَى - النُّسْطُورِيَّةِ - فِي الْمَسِيحِ، وَذَلِكَ كُفْرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ(25).
وَمَنْ قَالَ: إِنَّ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عزَّ وجل حَالٌّ فِي الْعَبْدِ، وَقَالَ بِالتَّبْعِيضِ عَلَى اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ(26).
وَالْقُرْآنُ كَلاَمُ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَلا حَالٌّ فِي مَخْلُوقٍ، وَأَنَّهُ كَيْفَ مَا تُلِيَ وَقُرِئَ وَحُفِظَ: فَهُوَ صِفَةُ اللَّهِ عزَّ وجل وَلَيْسَ الدَّرْسُ مِنَ الْمَدْرُوسِ، وَلا التِّلاَوَةُ مِنَ الْمَتْلُوِّ؛ لأنَّهُ عزَّ وجل بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَنْ قَالَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ(27).
وَنَعْتَقِدُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمُلَحَّنَةَ بِدْعَةٌ وَضَلاَلَةٌ.
وَأَنَّ الْقَصَائِدَ بِدْعَةٌ، وَمَجْرَاهَا عَلَى قِسْمَيْنِ: فَالْحَسَنُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ آلاَءِ اللَّهِ وَنَعْمَائِهِ، وَإِظْهَارِ نَعْتِ الصَّالِحِينَ وَصِفَةِ الْمُتَّقِينَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَتَرْكُهُ وَالاشْتِغَالُ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ أَوْلَى بِهِ، وَمَا جَرَى عَلَى وَصْفِ الْمَرْئِيَّاتِ، وَنَعْتِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَاسْتِمَاعُ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ كُفْرٌ، وَاسْتِمَاعُ الْغِنَاءِ وَالرُّبَاعِيَّاتِ عَلَى اللَّهِ كُفْرٌ، وَالرَّقْصُ بِالإِيقَاعِ وَنَعْتُ الرَّقَّاصِينَ عَلَى أَحْكَامِ الدِّينِ فِسْقٌ، وَعَلَى أَحْكَامِ التَّوَاجُدِ وَالْغِنَاءِ لَهْوٌ وَلَعِبٌ.
وَحَرَامٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يسَمِعَ الْقَصَائِدَ وَالرُّبَاعِيَّاتِ الْمُلَحَّنَةَ الْجَارِي بَيْنَ أَهْلِ الأَطْبَاعِ عَلَى أَحْكَامِ الذِّكْرِ، إِلاَّ لِمَنْ تَقَدَّمَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَحْكَامِ التَّوْحِيدِ، وَمَعْرِفَةِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَمَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَلِيقُ بِهِ عزَّ وجل، مِمَّا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ، فَيَكُونُ اسْتِمَاعُهُ كَمَا قَالَ: { الذين يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فيتبعون أحسنه } الآيَةَ.
وَكُلُّ مَنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَقَصَدَ اسْتِمَاعَهُ عَلَى اللَّهِ عَلَى غَيْرِ تَفْصِيلِهِ فَهُوَ كُفْرٌ لاَ مَحَالَةَ، فَكُلُّ مَنْ جَمَعَ الْقَوْلَ وَأَصْغَى بِالإِضَافَةِ إِلَى اللَّهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إِلاَّ لِمَنْ عَرَفَ مَا وَصَفْتُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَنَعْمَائِهِ، وَمَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ عزَّ وجل ممَا لَيْسَ لِلْمَخْلُوقِين فِيهِ نَعْتٌ وَلا وَصْفٌ بَلْ تَرْكُ ذَلِكَ أَوْلَى وَأَحْوَطُ، وَالأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا بِدْعَةٌ، وَالْفِتْنَةُ فيها غَيْرُ مَأْمُونَةٍ على استماع الغناء.
والرباعيات بِدْعَةٌ، وَذَلِكَ مِمَّا أَنْكَرَهُ الْمُطَّلِبِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ(28).
وَالاقْتِدَاءُ بِهِمْ أَوْلَى مِن الاقْتِدَاءِ بِمَنْ لاَ يُعْرَفُونَ فِي الدِّينِ، وَلا لَهُمْ قَدَمٌ عِنْدَ الْمُخْلِصِينَ.
وَبَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِبِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ: إِنَّ أَصْحَابَكَ قَدْ أَحْدَثُوا شَيْئًا يُقَالُ لَهُ الْقَصَائِدُ!!
قَالَ: مِثْلُ أي؟
قَالَ مِثْلُ قَوْلِهِ:
اصْبِرِي يَا نَفْسُ حَتَّى = تَسْكُنِي دَارَ الْجَلِيلِ
فَقَالَ: حَسَنٌ. وَأَيْنَ يَكُونُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ذَلِكَ؟
قَالَ: قُلْت: بِبَغْدَادَ.
فَقَالَ: كَذَبُوا وَالله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لاَ يَسْكُنُ بَغْدَادَ مَنْ يَسْمَعُ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِمَّا نَقُولُ - وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا: إِنَّ الْفَقِيرَ إِذَا احْتَاجَ وَصَبَرَ وَلَمْ يَتَكَفَّفْ إِلَى وَقْتٍ يَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ كَانَ أَعْلَى، فَمَنْ عَجَزَ عَنِ الصَّبْرِ كَانَ السُّؤَالُ أَوْلَى بِهِ عَلَى قَوْلِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ( لأنَّ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ ) الْحَدِيثَ.
وَنَقُولُ: إِنَّ تَرْكَ الْمَكَاسِبِ غَيْرُ جَائِزٍ إِلاَّ بِشَرَائِطَ مَرْسُومَةٍ مِنَ التَّعَفُّفِ وَالاسْتِغْنَاءِ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَمَنْ جَعَلَ السُّؤَالَ حِرْفَةً وَهُوَ صَحِيحٌ، فَهُوَ مَذْمُومٌ فِي الْحَقِيقَةِ خَارِجٌ(29).
وَنَقُولُ: إِنَّ الْمُسْتَمِعَ إِلَى الْغِنَاءِ وَالْمَلاهِي فَإِنَّ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ( الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ )، وَإِنْ لَمْ يَكْفُرْ: فَهُوَ فِسْقٌ لاَ مَحَالَةَ(30).
وَالَّذِي نَخْتَارُ: قَوْلُ أَئِمَّتِنَا: تَرْكُ الْمِرَاءِ فِي الدِّينِ، وَالْكَلاَمِ فِي الإِيمَانِ: مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّسُولَ صلَّى الله عليه وسلَّم وَاسِطٌة يُؤَدِّي، وَأَنَّ الْمُرَسِلَ إِلَيْهِمْ أَفْضَلُ: فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ(31).
وَمَنْ قَالَ بِإِسْقَاطِ الْوَسَائِطِ عَلَى الْجُمْلَةِ فَقَدْ كَفَرَ. أ هـ(32).