دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 29 ربيع الثاني 1443هـ/4-12-2021م, 11:15 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

(35) مصر:
قال محمود رؤوف عبد الحميد أبو سعدة: ( (35) مصر
«مصر»، هذا الاسم الجغرافي العلم، اسم عربي ليست فيه شبهة عجمة. ولا يقدح في هذا أنه اسم ممنوع من الصرف غير منون، لأن «مصر» علم مؤنث، والعلمية مع التأنيث تمنع من الصرف وجوبًا، عربيًا كان الاسم أم غير عربي.
وفي معجمك العربي «مصر» أخرى تقبل الألف واللام، كما تقل التنكير والإضافة، وتقبل الإفراد والتثنية والجمع، أعني «المصر» بمعنى البلد أو القطر، وتجمع على أمصار، وليست هذه كتلك، لأن المصرَ اسمٌ معنويٌ مذكر، ليس بِعَلَم.
أما «مصرُ» الاسم الجغرافي العلم، أعني هذه الأرض التي نعيش عليها أنا وأنت، فليس معناها عربيًا البلد أو القطر، وإنما معناها «الحائل»، أي الحاجز بين الشيئين، أو بين الأرضين، يمنعك من اختراقه أو النفاذ منه، ولفظه في العربية «ماصر» على الفاعلية، وأيضًا «مِصْر»، وفي العبرية «مَصُور» وأيضًا «مِصِر» بكسرتين (راجع في معجمك العربي الجذر «مَصَر» المشترك على هذا المعنى بين العربية والعبرية).
ولكن «مصر» تجيء أيضًا في العبرية بصيغة المصنى «مِصْرَيم»، وليس هذا على إرادة التثنية، إنما هو للتعظيم، كما يعرف حذاق اللغة العبرية التي تقول «إلوهيم» جمع «إله» على التعظيم تريد الواحد الأحد. وربما أيضًا على المجانسة مع «تَاوى» اسم مصر بلغة أهلها المصرية القديمة «الهيروغليفية»، يعني «الأرضان» على التعظيم لا التثنية.
كانت هيبةٌ مصرَ في صدور جيرانها منذ فجر التاريخ تصورها لهم سدًا منيعًا، تعلموا بالتجربة أنهم ما انتطحوه إلا وتحطمت عليه قرونهم، فلم يجدوا لمصر أليق من هذا الاسم «مصر» يسمونها به.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/74]
ولكن مصر سفهت من بعد فترفهت ولانت، وتهاونَت فهانت. ومع ذلك فقد بقى لها حقها في هذا الاسم بالتقادم: ذهبت الهيبةُ وبقيت مصر، لا يعرف أهلها اليوم لاسمها هذا مبنى أو معنى، لا من العربية ولا من العبرية، ولا من المصرية القديمة أيضًا.
لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وسبحان مقلب القلوب والأحوال والزمان. فاللهم بجاهك وجاه نبيك اردد علينا ما فرطنا في جنب أنفسنا: اردد علينا إسلامنا، واردد علينا قرآننا، وتب علينا، إنا هُدْنا إليك.
أما Egypt 0إيجيبت) اسم مصر الشائع الآن في كل اللغات تقريبًا عدا العربية والعبرية، فهو مأخوذ من «إغيبتوس» Aigyptos اليونانية (السين الخاتمة للرفع)، اسم مصر عند اليونان. وقد تخبط الباحثون في تفسيره فقيل إنه متحور عن Gbtiw (جبتيو) المصرية القديمة يعني «قفط» (مدينة في صعيد مصر). وليس بشيء، فلا معنى لأن يتخذ اليونان من مدينة فقط عَلَما على مصر كلها، ولا معنى أيضًا لأن يتأنوا في تسمية مصر وقد جاءوا من شماليها حتى ينتهي بهم التجوال إلى صعيد مصر. والراجح عندي ولم يقل به بعد أحد – فهو من الجديد الذي من الله علينا به – أن اليونان نحتوا Aigyptos هذه من لفظة agapytos وهو اسم المفعول في اليونانية من agapo يعني «أحب» على الترجمة من المصرية القديمة «تا – مري» يعني أرض المحبوب، أو أرض الأحبة، أو الأرض التي تحب، وهو واحد من أسماء «مصر» بلغة أهلها كما سترى.
كيفما كان الأمر، فقد تحولت «إغيبتوس» اليونانية هذه في اللغة القبطية إلى «جبتو»، وعن «جبتو» القبطية هذه قال العرب: «القبط»ن يعنون المصريين أجمع، لا نصارى مصر فحسب كما شاعت الآن، وكما يظن الذين لا يعلمون. وهو خطأ لغوي بين، لأن «القبط» على هذه الأرض التي نعيش عليها أنا وأنت اسبق تاريخًا من مبعث المسيح عليه السلام، ناهيك باعتناق «القبط» المسيحية يوم اعتنقوها. وهم أيضًا أسبقُ وجودًا على هذه الأرض من مجيء الإسلام ودخول أكثريتهم الكاثرة في دين الله أفواجًا.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/75]
لم يسم المصريون بلدهم باسم «مصر» العربي العبراني على معنى الحائل أو الحاجز كما أسماها بلغاتهم جيران مصر في الشرق، هيبةً ويأسًا وتعظيمًا، فقد من الله على هؤلاء المصريين في غابر الدهر بالطمأنينة في بلادهم، لا يهابون أحدًا من وراء هذا الحائل أو الحاجز، بل قل لا يهتمون لشيء من أمر الذين هم من وراء هذا الحائل أو الحاجز. كان لديهم قدر من «الاكتفاء بالذات» تغبطهم عليه كل شعوب العالم القديم، فانكفؤوا على أنفسهم يحرثون ويزرعون، ويغزلون وينسجون، ثم يجدون من بعد هذا كله وفرة من الوقت يصنعون فيه أصول الحضارة والفن لكل البشر.
هذا الاكتفاء بالذات، والانكفاء على النفس، أورثا المصريين من قديم أنفة واعتزازا، وربما أيضًا عجبًا وخيلاء، والتصاقًا بالأرض، حتى ملئت صدورهم ببلدهم هذا عشقا، فقروا في «أرضهم» لا يبغون عنها حولا، وغيرهم الذاهب الجائي.
كانت حياتهم الأرض والنهر، فكانت مصر عندهم في لغتهم هي «الأرض» (تا) لا أرض غيرها من بعدها، وكان اسم النيل عندهم بلغتهم هو «النهر» (إِترو)، لا نهرَ في الأرض من دونه.
ومن الأرض والنهر اشتق المصريون الأقدمون اسم «مصر» بلغتهم هم فقالوا: (1) «إدبوى» مثنى «إدب» يعني «الضفة» فهي الضفتان، يعنون على الراجح جانبي الوادي. (2) «تاوى» مثنى «تا» يعني الأرض، فهي «الأرضان»، ومنه «نب – تاوى» أي سيد الأرضين يعني «ملك مصر»، في مقابلة «نب – ضار» أي رب الكون. والراجح أن التثنية في «الأرضين» هي على التعظيم، وليست على الجمع بين الوجهين البحري والقبلي. (3) «تا – مري»، يعني «أرض المحبوب» أو «أرض الأحبة» أو «الأرض التي تحب» (4) «تا - كمت»، أو «كمت» فقط اختصارًا، واصل «تا – كمت» هو «الأرض السوداء»، والسواد هنا على معنى الخضرة الضاربة إلى السواد، يعني الزروع، في مقابل «تا - دشرت» (الأرض الحمراء) يعني الصحراء، ومصر كما تعلم جزيرة وسط رمال يضرب لونها إلى الحمرة، كما قال
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/76]
العرب «سواد العراق»، في مقابل باديته. وقد شاع من هذه الأسماء «تاوى»، تا - مري، «تا – كمت» أو «كمت» اختصارا.
«مصر» عند أهلها كما رأيت بلغتهم هم هي الأرض، وإن تعددت النعوت. وقد «علم» القرآن هذا قبل أن يعلمه أحد من الخلق أجمعين عصر نزوله وإلى هذا العصر، فجاءت «مصر» في عدة مواضع من القرآن باسم الأرض كما سترى، وسبحان علام الغيوب.
وهذا من أبين إعجازات القرآن التي تتناولها مباحث هذا الكتاب الذي نكتب.
وردت «مصر» في كل القرآن خمس مرات، جاء الاسم في أربع منها ممنوعا من الصرف، غير منون: {وأحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا} [يونس: 87]، {وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه} [يوسف: 21]، {وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين} [يوسف: 99]، {ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي}؟ [الزخرف: 51]، أما المرة الخامسة فقد ورد فيها الاسم مصروفا، منونا بالألف نصبا، وهي: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم} [البقرة: 61] على خلاف بين مفسري القرآن في أن «مصرا» في هذه الآية من سورة البقرة ليست هي مصر البلد المعروف، وإنما هي بمعنى «المصر» مفرد أمصار، أي اهبطوا من تيه سيناء إلى بلد من تلك البلدان التي تنبت أرضها من الزروع ما اشتهيتموه، فيكون لكم فيه ما سألتم، لا مصر بالذات على وجه التحديد، إذ كيف يؤمرون بالعودة إلى مصر وقد أنجاهم الله منها؟ استند القائل بهذا إلى أن «مصرا» هذه التي جاءت مصروفة في هذه المرة الخامسة، منونة بالألف نصبا، على خلاف المرات الأخرى، ليست هي مصر العلم المؤنث الممنوع من الصرف وجوبا، وإنما اسم معنوي مشترك ينطبق على «أي» بلد أو
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/77]
قطر. وفات هذا المفسر وأضرابه أن هذا ليس بدليل لأن ما كان من العلم المؤنث على زنة «هند» أو «مصر» يجوز فيه الصرف لخفته، وقد جاء بها القرآن على الوجهين. وإن كان الأشهر في «مصر» هو المنع من الصرف. وفاته أيضًا أن المصر والأمصار ليست من ألفاظ القرآن، وإنما نحتت في العربية بعد نزوله، عصر الفتوح وتقطيع «الأمصار» أو «تمصير» الأمصار، أي تخطيط المدن الجديدة في البلدان المفتوحة. وفاته أخيرًا – بل قل فاته أولاً – أن عبارة «فإن لكم ما سألتم» ليست من الله عز وجل على الاستجابة، فلم يهبط موسى ببني إسرائيل من التيه لا إلى مصر من الأمصار ولا إلى «مصر» نفسها التي خرجوا منها فرارًا بأنفسهم، بل قد مات هؤلاء العصاة في التيه، لم يخرجوا إلى غ يره، بل ومات فيه موسى أيضًا. وإنما العبارة هي من الله عز وجل على التقريع، أي: أتطلبون الدنية وقد أكرمكم الله بإنجائكم من فرعون، وأنزل عليكم المن والسلوى، وفجر لكم الماء من الصخر عيونا، تريدون البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل مما كنتم تأكلون في مصر؟ عودوا إلى مصر وفرعون إذن! أي عودوا إلى ما كنتم فيه صاغرين أذلة، قد أذلتكم بطونكم، وليتشف منكم المصريون اشتفاء.
وردت «مصر» إذن بهذا اللفظ خمس مرات في كل القرآن. وليس في أي منها كما رأيت تفسيرٌ لمعنى لفظة «مصر» على منهجنا في هذا الكتاب.
ولكن القرآن المعجز يفسر اسم مصر على الترجمة من المصرية القديمة في أكثر من موضع، أي بلفظة «الأرض» التي في «تاوى»، «تا – مري»، «تا – كمت»، على الإبدال من «مصر» العربية العبرانية. يفعل القرآن هذا عامدًا متعمدًا، إدلالا بعلمه وإعجازه، ما أن تعلم أن «مصر» بلغة أهلها اسمها «الأرض»، وتضع «مصر» موضع «الأرض» في الآيات التي سأنتقيها لك توًا، حتى يستقيم لك معنى الآية على الوجه الصحيح، الذي لات ملك أن تعدل به غيره. وسبحان العليم الخبير، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.
وردت مادة «الأرض» في كل القرآن 359 مرة، تلمح في بعضها اسم «مصر» وراء لفظة «الأرض» التي في الآية، أترك لك استقصاءها في مصحفك،
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/78]
ولكني سأدلك على أحد عشر موضعا في القرآن – غير مستقص – فيها الدليل القاطع على أن «الأرض» التي في الآية إنما يقصد بها اسم «مصر» صريحًا، وهي:
أولاً: ثلاثة مواضع في قصة «يوسف»:
{فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين} [يوسف: 80]، قالها رأوبين بكر يعقوب حين استيأسوا من يوسف أن يرد إليهم أخاهم بنيامين الذي احتبسه يوسف معه في مصر بتهمة سرقة صواع الملك، أو يأخذ أحدهم مكانه. وكان يعقوب حين أذن لهم في اصطحاب بنيامين في سفرتهم الثانية إلى مصر يمتارون لأهليهم قد خشى على بنيامين من إخوته أن يفرطوا فيه مثلما فرطوا من قبل في يوسف، فأخذ عليهم موثقًا من الله ليأتنه به إلا أن يحاط بهم (راجع يوسف: 66)، وتحدثك التوراة (تكوين: 37 – 38) بأن رأوبين تعهد لأبيه بسلامة بنيامين وقال له: أقتل ابني إن لم أرده إليك. خشى أن يعود إلى أبيه في فلسطين بغير بنيامين، فأقسم ألا يغادر «مصر» حتى يأذن له أبوه، أو يحكم الله له. ترى هل تستطيع إلا أن تضع «مصر» موضع «الأرض» في عبارة رأوبين: «لن أبرح الأرض»؟.
{وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} [يوسف: 54 – 55]، وأنت تعلم بالطبع أن ليس للأرض خزائن، وإنما الخزائن التي أقام عليها يوسف هي خزائن مصر. «الأرض» في هذه الآية يعني «مصر»، لا مجال للقول بغيره متى علمت أن مصر بلغة أهلها اسمها «الأرض».
{وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين} [يوسف: 56]. لا تستطيع أن تقول أن الله عز وجل مكن ليوسف في مطلق الأرض، بل مكن له في مصر، يتبوأ من مصر حيث يشاء. «الأرض» في هذه الآية هي «مصر» بلا جدال.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/79]
ثانيًا: ثمانيةُ مواضع في قصة «موسى»:
{وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون} [الأعراف: 127]، والفساد في هذه الآية بمعنى الخلل والاضطراب في قولهم «ويذرك وآلهتك»، أي أن المخشى من موسى وقومه هو أن يفسدوا الرعية على فرعون وكهنة فرعون بإثارة الشك في عباداتهم. وليس الفساد المقصود هو «العتو» فما كان بنو إسرائيل ليستطيعوه في مصر، بدلالة قول «فرعون»: «إنا فوقهم قاهرون» أي هم أذل من أن يستطيعوا له شيئًا. «الفساد» هنا هو «إفساد مصر على فرعونها وعلى آلهته «الأرض» هنا يعني «مصر».
{قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين} [يونس: 78]، لم يستنكر آل فرعون أنت كون لموسى وهرون الكبرياء في مطلق الأرض بالطبع، وإنما خشوا على الكبرياء التي لآل فرعون أن تؤول إلى موسى وهرون. الأرض في هذه الآية يعني مصر، لا يصح القول بغيره.
{فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا} [الإسراء: 103]، أي أراد فرعون أن يستفز بني إسرائيل من مصر، لا من مطلق الأرض. الأرض هنا يعني مصر.
{إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا}[القصص: 4]، الأرض هنا تعني مصر بالاسم، لا يصح لك القول بغيره. بل في هذه الآية الدليل الحاسم على أن القرآن يعلم يقينًا أن «الأرض» اسم من أسماء مصر بلغة أهلها، وعلى أنه يستخدم «الأرض» في موضع «مصر»، وإلا لألزمك فقه اللغة العربية أن تفهم عبارة «وجعل أهلها شيعا» بأنها تعني «وجعل أهل الأرض شيعا» لعودة الضمير الذي في «أهلها» على لفظة «الأرض» التي قبلها. وليس هو مقصود الآية، وإنما مقصودها «إن فرعون علا في مصر وجعل أهل مصر شيعا» . الأرض في هذه الآية اسم لمصر بلا جدال.
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/80]
{ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين} [القصص: 5]، أي أن نمن على بني إسرائيل الذين استضعفوا في «مصر» لا في مطلق الأرض. الأرض هنا اسم لمصر.
{ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} [القصص: 6]، أي نمكن لبني إسرائيل في مصر، لا في مطلق الأرض، بدليل قوله آنفًا: «ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون»، كل هذا في مصر نفسها. الأرض هنا أيضًا اسم لمصر.
{وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} [غافر: 26]، شاور فرعون ملأه في قتل موسى، خشية الفتنة في الدين الذي يسوسون به الدهماء، فيختل نظام الملك، وهو معنى قوله: «أو يظهر في الأرض الفساد»، أي يشيع في مصر الخلل والاضطراب. الأرض هنا اسم لمصر.
{يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من باس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} [غافر: 29]، استمر الحوار بين فرعون وملئه، وانبرى لجدال فرعون ومقالته ذلك الرجل المؤمن من آل فرعون الذي شُهِرَ بين المفسرين باسم «مؤمن غافر»، أي المؤمن الذي في سورة غافر، فخوفهم بسوء المآل وضياع الملك، وحذرهم الافتتان بما هم فيه: لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض، أي في مصر، فلم «يظهروا» في غيرها. الأرض هنا أيضًا اسم لمصر «تا – مري»، لا يصح القول بغيره.
ليس فيما مر بك مصادفات كما ترى، بل هو قصد مقصود. على أن القرآن المعجز لا يدعك تمضي دون أن ينص تنصيصًا في الآية 61 من سورة البقرة على أن «الأرض» = «مصر» في سياق الحديث عن الذين لم يصبروا في التيه على طعامٍ واحد، فطلبوا من موسى أن يدعو لهم ربه: {فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض}، فاستدرك عليهم موسى: {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم} [البقرة: 61]. الأرض في أول الآية اسم مصر بلغة أهلها («تاوى» أو «تا – مري» أو «تا – كمت») مترجمًا، ثم
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/81]
معقبًا عليه في آخر الآية باسمها العربي الصريح: اهبطوا مصران أي إن أردتم ما تنبت مصر فاهبطوا مصرا، لا يصح أن يقال أن «الأرض» في الآية هي على أصلها بمعنى «التربة»، فلم يرد بنو إسرائيل أي بقل وقثاء وفوم وعدس وبصل، وإنما أرادوا ما تنبت «مصر» من هذا الذي أكلوه في مصر واعتادوه، وإلا لكانت عبارة «مما تنبت الأرض» حشوًا يغنيك عنه قولك: فادع لنا ربك يخرج لنا البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل.
لفظة «الأرض» حين يُراد منها «مصر»، هي ترجمة من القرآن المعجز لمعنى اسم مصر بلغة أهلها على عصر موسى: «الأرضان» (تاوى)، أو «أرض الأحبة» أو «الأرض التي تحب» (تا – مري)، أو «الأرض السواد» التي تنبت الزرع «تا – كمت). وسبحان العليم الخبير).
[العَلَمُ الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن: 2/ 74-82]


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأعجمي, العَلم


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir