قال عمرو بن الأهتم:
أَجِدَّكَ لا تُلِمُّ ولا تزُورُ = وقد بانَتْ بِرُهْنِكُمُ الخُدُورُ
كأَنَّ على الجِمالِ نِعاجَ قَوٍّ = كَوَانِسَ حُسَّراً عنها السُّتُورُ
وأَبْكارٌ نَوَاعِمُ أَلْحَقَتْنِي = بِهِنَّ جُلاَلةٌ أُجُدٌ عَسِيرُ
فَلمَّا أَنْ تَسايَرْنا قَلِيلاً = أَذِنَّ إِلى الحديثِ فَهُنَّ صُورُ
لقد أَوْصَيْتُ رِبْعِيَّ بنَ عَمْرٍو: = إِذا حَزَبَتْ عَشِيرتَكَ الأُمُورُ
بأَنْ لا تُفْسِدَنْ ما قد سَعَينا = وحِفْظُ السُّورَةِ العُلْيا كبِيرُ
وإِنَّ المجدَ أَوَّلُهُ وُعُورٌ = ومَصْدَرُ غِبَّهِ كَرَمٌ وخِيرُ
وإِنَّكَ لَنْ تَنالَ المجدَ حتَّى = تَجُودَ بما يَضَنُّ به الضَّميرُ
بِنفْسِكَ أَو بمالِك في أُمورٍ = يَهابُ رُكوبَها الوَرِع الدَّثُورُ
وجَارِي لا تُهِينَنْهُ، وضَيْفِي = إِذا أَمْسَى وَراءَ البَيْتِ كُورُ
يَؤُوبُ إِليكَ أَشْعَثَ جَرَّفتْهُ = عَوَانٌ لا ينهنِهُهَا الفُتورُ
أَصِبْهُ بالكرامةِ واحْتَفِظْهُ = عليكَ، فإِنَّ منطِقَهُ يَسِيرُ
وإِنْ منَ الصَّديقِِ عَليكَ ضِغْنَاً = بَدَا لي، إِنَّنِي رَجُلٌ بَصِيرُ
بأَدْوَاءِ الرجال إِذا الْتَقَيْنا = وما تُخْفِي منَ الحَسَكِ الصُّدُورُ
فإِنْ رَفَعُوا الأَعِنَّةَ فارْفَعَنْها = إِلى العُلْيا، وأَنتَ بها جديرُ
وإِنْ جَهَدُوا عليكَ فلا تَهَبْهُمْ = وجاهِدْهُمْ إِذا حَمِيَ الفَتِيرُ
فإِنْ قَصَدُوا لِمُرِّ الحَقِّ فاقْصِدْ = وإِنْ جارُوا فَجُرْ حتَّى يَصِيرُوا
وقَوْمٍ يَنْظُرُونَ إِليَّ شَزْراً = عُيُونُهُمُ مِنَ البَغْضَاءِ عُورُ
قَصَدْتُ لَهُمْ بِمُخْزيةٍ إِذا ما = أَصاخَ القومُ واستمِعَ النَّقِيرُ
وكائِنْ مِنْ مَصِيفٍ لا تَرَانِي = أُعَرِّسُ فيه تَسْفَعُنِي الحَرُورُ
علَى أَقْتادِ ذِعْلِبَةٍ إِذا ما = أُدِيثَتْ مُيَّثَتْ أُخْرَى حَسِيرُ
ولو أَنِّي أَشاءُ كَنَنْتُ جسْمِي = وغادَانِي شِواءٌ أَو قَدِيرُ
ولاعَبَنِي علَى الأَنْماطِ لُعْسٌ = عليهنَّ المَجاسِدُ والحريرُ
ولكِنِّي إِلى تَرِكاتِ قومٍ = هُمُ الرُّؤَساءُ والنَّبَلُ البُحُورُ
سُمَيٌّ والأَشَدُّ فَشَرَّفانِي = وعَلَّى الأَهْتَمُ المُوفي المُجيرُ
تَميمٌ يومَ هَمَّتْ أَنْ تَفانَى = ودانَي بَيْنَ جَمْعَيْها المسيرُ
بِوادٍ مِنْ ضَرِيَّةَ كانَ فيهِ = لهُ يومٌ كَوَاكِبُهُ تَسِيرُ
فأَصْلَحَ بينَها في الحربِ مِمَّا = أَلَمَّ بها أَخُو ثِقَةٍ جَسُورُ