قال عبد الله بن عنمة الضبي:
أَشَتَّ بِلَيْلَى هَجْرُها وبِعادُها = بما قَدْ تُؤَاتِينا ويَنْفَعُ زَادُهَا
سَنَلْهُو بِلَيْلَى والنَّوَى غَيْرُ غَرْبةٍ = تَضَمَّنَها منْ رَامَتَيْن جِمَادُهَا
ليَالِيَ لَيْلَي إِذْ هِيَ الهَمُّ والهَوَى = يُرِيدُ الفُؤَادُ هَجرَها فَيُصَادُهَا
فلمّا رأَيتُ الدَّارَ قَفْراً سأَلْتُها = فَعَيَّ علينا نُؤْيُها ورَمادُهَا
فلم يَبْقَ إِلاَّ دمْنَةٌ ومَنازِلٌ = كما رُدَّ في خَطِّ الدَّوَاةِ مِدَادُهَا
إِذَا الحارِثُ الْحَرَّابُ عادَى قَبيلةً = نَكاها ولم تَبْعُدْ عليه بِلاَدُهَا
سَمَوْتَ بِجُرْدٍ في الأَعِنَّةِ كالقَنَا = وهُنَّ مَطايا ما يَحِلُّ فِصادُهَا
يُعَلِّقُ أَضْغاثَ الْحَشيشِ غُوَاتُها = ويُسْقَى بِخِمْسٍ بَعْدَ عِشْرٍ مَرَادُهَا
يُطَرِّحْنَ سَخْلَ الخيلِ في كلِّ مَنْزِلٍ = تَبَيَّنُ منهُ شُقْرُها ووِرادُهَا
لَهُنَّ رَذِيَّاتٌ تَفُوقُ وحاقِنٌ = منَ الجُهْد والمِعْزَى أَبانَ كُبادُهَا
كَفاكَ الإِلهُ إِذْ عَصاكَ مَعاشِرٌ = ضِعافٌ قليلٌ لِلعدُوِّ عَتادُهَا
صُدُورُهُمُ شَناءَةٌ فَنفاسَةٌ = فلاَ حُلَّ مِنْ تلكَ الصُّدُورِ قَتادُهَا
بأَيديهِمُ قَرْحٌ منَ العَكْمِ جالِبٌ = كما بانَ في أَيْدِي الأُسارَى صِفادُهَا
قدِ اصْفَرَّ من سَفْعِ الدُّخانِ لِحَاهُمُ = كمالاحَ من هُدْبِ المُلاَءِ جِسادُهَا
لِئامٌ مُبِينٌ لِلْعَشِيرَةِ غِشُّهُمْ = وقد طالَ من أَكلِ الغِثاثِ افْتِئَادُهَا
فآبَ إِلى عُجْرُوفةٍ باهِلِيَّةٍ = يُخَلُّ عليها بالعَشِيِّ بِجادُهَا
حُذُنَّةُ لمَّا ثابَتِ الخيلُ تَدَّعِي = بمُرَّةَ لم تُمْنَعْ وفَرَّ رُقادُها
تَقُولُ لهُ لمَّا رَأَتْ خَمْعَ رِجْلِهِ = أَهذا رَئيسُ القَوْمِ؟ رَادَ وِسَادُهَا
رَأَتْ رَجُلاً قد لاحَهُ الغَزْوُ مُعَلِماً = لهُ أُسْرَةٌ في المَجدِ رَاسٍ عِمَادُهَا
فَباتتْ تُعَشِّيهِ الفَصِيدَ وَأَصْبَحَتْ = يُفَزَّعُ مِنْ هَوْلِ الجَنانِ فُؤَادُهَا
وإِنِّي على ما خَيَّلَتْ لأََظُنُّها = سَيَأتِي عُبَيْداً بَدْؤُها وعِيَادُهَا
سَيَأَتِي عُبَيْداً رَاكِبٌ فيقُودُهُ = فَيَهْبِطُ أَرضاً ليس يُرْعَى عَرَادُهَا
فلولا وَجَاهَا والنِّهابُ التي حَوَتْ = لكانَ على أَبْناءِ سَعْدٍ معَادُهَا