قال عامر بن الطفيل:
لقد عَلِمَتْ عُلْيَا هَوَازِنَ أَنَّنِي = أَنا الفارِسُ الحامِي حَقِيقَةَ جَعْفَرِ
وقد عَلِمَ المَزْنُوقُ أَنِّي أَكُرُّهُ = علَى جَمْعِهِمْ كَرَّ المَنِيحِ المُشَهَّرِ
إِذَا ازْوَرَّ من وَقْعِ الرِّماحِ زَجَرْتُهُ = وقُلتُ: لَهُ ارْجعْ مُقْبِلاً غيرَ مُدْبِرِ
وأَنْبَأْتُهُ أَنَّ الفِرَارَ خَزَايَةٌ = علَى المَرْءِ ما لم يُبْلِ جَهْداً ويُعذِرِ
أَلَسْتَ تَرَى أَرماحَهُمْ فِيَّ شُرَّعاً = وأَنْتَ حِصَانٌ ماجِدُ العِرْقِ فاصْبِرِ
أَرَدْتُ لِكيْ لا يَعْلمَ اللهُ أَنَّنِي = صَبَرْتُ وأَخْشَى مِثْلَ يومِ المُشَقَّرِ
لَعَمْرِي، وما عَمْرِي عليَّ بِهَيِّنٍ، = لقَدْ شَانَ حُرَّ الوَجْهِ طعْنَةً مُسْهِرِ
فَبِئْسَ الفَتَى إِن كُنْتُ أَعْوَرَعاقِراً = جَباناً، فَما عُذْرِي لدى كُلِّ مَحْضَرِ
وقد عَلِمُوا أَنِّي أَكُرُّ عليهمُ = عَشِيَّةَ فَيْف الرِّيح كَرَّ المُدَوِّرِ
وما رِمْتُ حتي بَلَّ نَحْري وصَدْرَهُ = نَجيعٌ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُسيَّرِ
أَقُولُ لِنَفْسِ لا يُجادُ بِمِثْلِها = :أَقِلِّي المِراحَ إِنَّنِي غيرُ مُقْصِرِ
فلو كانَ جَمْعٌ مثلُنا لم نُبالِهِمْ = ولكِنْ أَتَتْنا أُسْرَةٌ ذاتُ مَفْخَرِ
فَجَاؤُوا بِفُرْسانِ العَرِيضَةِ كُلِّها = وأَكْلُبَ طُرًّا في لباسِ السَّنَوَّرِ