قال معاوية أيضاً:
أَجَدَّ القلبُ منْ سَلْمى اجْتِنابا = وأَقْصَرَ بَعْدَ ما شَابتْ وشَابَا
وشابَ لِدَاتُهُ وعَدَلْنَ عنهُ = كما أَنْضَيْتَ مِن لُبْسٍ ثِيابَا
فإِنْ تَكُ نَبْلُها طاشَتْ ونَبْلِي = فقد نَرْمِي بها حِقَباً صِيَاباً
فَتَصطادُ الرجالَ إِذَا رَمَتْهُمْ = وأَصْطادُ المُخَبَّأَةَ الكَعابَا
فإِنْ تَكُ لا تَصِيدُ اليومَ شيئاً = وآبَ قَنِيصُها سَلَماً وخَابَا
فإِنَّ لها منازِلَ خاوياتٍ = عَلَى نَملَى وَقَفْتُ بها الرِّكابَا
مِنَ الأَجْزاعِ أَسْفَلَ من نُمَيْلٍ = كما رَجَّعْتَ بالقلَمِ الكِتابَا
كتابَ مُحَبِّرٍ هاجٍ بَصِيرٍ = يُنَمِّقُهُ وحاذَرَ أَنْ يُعابَا
وَقَفْتُ بِها القَلُوصَ فلم تُجْبِنِي = ولو أَمْسَى بها حَيٌّ أَجابَا
وناجِيَةٍ بَعَثْتُ عَلَى سَبِيلٍ = كأَنَّ علَى مَغابِنِها مَلابَا
ذَكَرْتُ بِها الإِيابَ وَمَنْ يُسَافِرْ = كما سَافَرْتُ يَدِّكِرِ الإِيابَا
رَأَبْتُ الصَّدْعَ من كَعْبٍ فأَوْدَى = وكانَ الصَّدْعُ لا يَعِدُ ارْتِئابَا
فأَمْسَى كَعْبُهَا كَعْباً وكانتْ = من الشَّنْآنِ قدْ دُعِيَتْ كِعابَا
حَمَلْتُ حَمالَةَ القُرَشيِّ عنهمْ = ولا ظُلْماً أَرَدْتُ ولا اخْتِلاَبَا
أُعَوِّدُ مِثلَها الحُكماءَ بَعْدِي = إِذَا ما الحقُّ في الأَشْياعِ نابَا
سَبَقْتُ بها قَدُامَةَ أَو سُمَيْراً = ولو دُعِيَا إِلى مِثْلٍ أَجَابَا
وأَكفِيها مَعاشِرَ قد أَرَتْهُمْ = منَ الجَرْباءِ فَوْقَهُمُ طِبابَا
يَهُرُّ مَعاشِرٌ مِنِّي ومنهمْ = هَرِيرَ النَّابِ حاذَرَتِ العِصَابَا
سَأَحْمِلُها وتَعْقِلُها غَنيٌّ = وأُورِثُ مَجْدَها أَبَداً كِلاَبَا
فإِنْ أَحْمَدْ بها نَفْسِي فإِنِّي = أَتَيْتُ بها غَدَاتَئِذٍ صَوَابَا
وكنْتُ إِذا العَظِيمَةُ أَفْظَعَتْهُمْ = نَهَضتُ ولا أَدِبُّ لها دِبَابَا
بحَمدِ اللهِ ثُمّ عَطاءِ قَوْمٍ = يَفُكُّونُ الغَنائِمَ والرِّقابَا
إِذا نَزَلَ السَّحابُ بِأَرْضِ قَوْمٍ = رَعْيناه وإِنْ كانُوا غِضابَا
بِكلِّ مُقَلِّصٍ عبْلٍ شَوَاهُ = إِذَا وُضِعَتْ أَعِنَّتُهُنَّ ثابَا
ودَافِعةِ الحِزَامِ بِمِرْفَقَيْها = كَشَاةِ الرَّبْلِ آنَسَتِ الكِلاَبَا