قال بشر بن أبي خازم:
عَفَتْ مِنْ سُلَيْمَى رَامَةٌ فَكَثِيبُهَا = وشَطَّتْ بِهَا عنكَ النَّوَى وشُعُوبُهَا
وغَيَّرها ما غَيَّرَ النَّاسَ قَبْلَها = فَبانَتْ وحاجاتُ الفُؤَادِ تُصِيبُهَا
ألَمْ يَأْتِها أَنَّ الدُّمُوعَ نَطَافَةٌ = لِعَيْنٍ يُوَافِي في المَنَام حَبِيبُهَا
تَحَدُّرَ ماءِ الغَرْب عَن جُرَشِيَّةً = عَلَى جِرْبَةٍ تَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُهَا
بِغَرْبٍ ومَرْبُوعٍ وعَوْدٍ تُقِيمُهُ = مَحَالةُ خُطَّافٍ تَصِرُّ ثُقُوبُهَا
مُعَالِيَةً لا هَمَّ إِلاَّ مُحَجَّرٌ = وحَرَّةُ لَيْلَى السَّهلُ منْها ولُوبُهَا
رَأَتنِي كأُفْحُوصِ القَطَاةِ ذُؤَابَتِي = وما مَسَّها مِن مُنْعِمٍ يَسْتَثِيبُها
أَجَبْنا بَنِي سَعْدِ بْنِ ضَبَّةَ إِذْ دَعوْا = وللهِ مَوْلَى دَعْوَةٍ لا يُجِيبُها
وكنَّا إِذا قُلْنا: هَوازِنُ أَقْبِلي = إِلى الرُّشْدِ، لم يَأْتِ السَّدادَ خَطيبُها
عَطَفْنَا لَهُمْ عَطْفَ الضَّرُوسِ مِنَ المَلا = َبِشَهْباءَ لا يَمْشي الضَّرَاءَ رَقِيبُها
فلَمَّا رَأَوْنا بالنِّسَارِ كأَنَّنا = نَشاصُ الثُّرَيَّا هَيَّجَتْها جَنُوبُها
فكانُوا كَذاتِ القِدْرِ لم تَدْرِ إِذْ غَلَتْ = أَتُنْزِلُها مَذْمومَةً أَمْ تُذِيبُهَا
قَطَعْناهُمُ فبِاليمَامَةِ فِرْقَةٌ = وأُخْرَى بأَوْطاسٍ تَهِرُّ كَلِيبُهَا
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها = على كلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عُكُوبُها
لَحَوْ ناهُمُ لَحْوَ العِصِيّ فأَصْبَحوا = على آلَةٍ يَشكُو الهَوانَ حَريبُها
لَدُنْ غُدْوَةً حتي أَتى اللَّيْلُ دونَهُمْ = وأَدرَكَ جَرْيَ المُبقِيات لُغوبُها
جَعلْنَ قُشَيْراً غايةً يُهْتَدَى بها = كَما مَدَّ أَشْطَانَ الدِّلاءِ قَلِيبُهَا
إِذا ما لَحِقْنا مِنهُمُ بِكَتيبَةٍ = تُذُكِّرَ مِنها ذَحْلُها وذُنوبُها
بَنِي عامِرٍ إِنَّا تَركْنا نِساءَكمْ = مِنَ الشَّلِّ والإِيجافِ تَدْمَى عُجوبُها
عَضَارِيطُنا مُسْتَبْطِنو البِيضِ كالدُّمَى = مُضَرَّجَةً بالزَّعْفرانِ جُيُوبُهَا
تَبِيتُ النِّساءُ المُرْضِعاتُ برَهْوَةٍ = تَفَزَّعُ من خَوْفِ الجَنانِ قُلوبُهَا
دَعُوا مَنْبِتَ السَّيفَيْن إِنَّهُما لَنا = إِذا مُضَرُ الْحَمراءُ شُبَّتْ حُرُوبُها