وقال الحارث أيضا:
نَأَتْ سَلْمَى وأَمْسَتْ في عَدُوٍّ = تَحُثُّ إِليْهمُ القُلُصَ الصِّعَابَا
وحَلَّ النَّعْفَ مِن قَنَويْنِ أَهْلي = وحَلَّت رَوْضَ بِيشَةَ فالرُّبابَا
وقطَّعَ وَصْلَها سيْفِي وأَنِّي = فَجَعْتُ بِخالدٍ عَمْداً كِلاَبَا
وإِنَّ الأَحْوَصَيْنِ تَوَلَّيَاهَا = وقد غَضِبَا عليَّ فَما أَصَابَا
عَلَى عَمْدٍ كَسَوْتُهُما قُبُوحاً = كَما أَكْسُو نِساءَهما السَّلاَبَا
وإِني يومَ غَمْرَةَ غَيْرَ فَخْرٍ = تَركْتُ النَّهْبَ والأَسْرَى الرِّغَابَا
فَلسْتُ بِشاتِمٍ أَبَداً قُرَيْشاً = مُصِيباً رَغْمُ ذلكَ مَنْ أَصَابَا
فَما قَوْمِي بثَعْلَبةَ بْنِ سَعْدٍ = وَلا بِفَزَارَةَ الشُّعْرَى رقابَا
وقَوْمِي، إِنْ سَأَلْتِ، بنُو لُؤَيٍّ = بمَكَّةَ عَلَّمُوا النَّاسَ الضِّرَابَا
سَفِهْنا باتِّباعِ بني بَغِيضٍ = وتَرِْك الأَقْرَبِينَ بِنَا انْتِسَابَا
سَفاهَةَ فارِطٍ لَمَّا تَرَوَّى = هَرَاقَ الماءَ واتَّبَعَ السَّرَابَا
لَعَمْرُكَ إِنَّني لأَُحِبُّ كَعْباً = وسامَةَ إِخْوَتِي حُبِّي الشَّرابَا
فَما غَطفَانُ لي بِأَبٍ ولكنْ = لُؤَيٍّ والِدِي قَوْلاً صَوَابَا
فَلمَّا أَنْ رأَيْتُ بني لُؤَيٍّ = عَرَفْتُ الوُدَّ والنَّسَبَ القُرَابَا
رَفَعْتُ الرُّمْحَ إِذْ قالُوا قُرَيْشٌ = وشَبَّهْتُ الشَّمَائِلَ والقِبَابَا
صَحِبْتُ شَظِيَّةً منهمْ بِنَجْدٍ = تَكُونُ لِمَنْ يُحَارِبُهُمْ عَذَابَا
وحَشَّ رَوَاحَةُ القُرَشِيُّ رَحْلِي = بِنَاقَتِهِ وَلم يَنُْرْ ثَوَابَا
فَيَا للهِ لم أَكْسِبْ أَثَاماً = ولَمْ أَهْتِكْ لِذِي رَحِمٍ حِجَابَا
أَقامُوا للكَتائِبِ كُلَّ يَوْمٍ = سُيُوفَ المَشْرَفِيَّةِ والحِرَابَا
فلَوْ أَنِّي أَشاءُ لكُنْتُ منهمْ = وما سَيَّرْتُ أَتَّبِعُ السَّحَابَا
ولاَ قِظْتُ الشَّرَبَّةَ كُلَّ يومٍ = أُعَدِّي عن مِياهِهِمُ الذُّبَابَا
مشياهاً مِلْحَةً بِمَبِيتَ سَوْءٍ = تَبِيتُ سِقَابُهُمْ صَرْدَى سِغَابَا
كأَنَّ التَّاجَ مَعْقُودٌ عليهمْ = إِذَا وَرَدَتْ لِقاحُهُمْ شِزابَا