قال ثعلبة بن عمرو العبدي:
لِمَنْ دِمَنٌ كأَنَّهُنَّ صحائِفُ = قِفارٌ خَلاَ مِنها الكَثِيبُ فَواحِفُ
فَما أَحْدثَتْ فِيها العُهُودُ كأَنَّما = تَلَعَّبَ بالسَّمَّانِ فِيها الزَّخارِفُ
أَكَبَّ عليها كاتبٌ بدوَاتِهِ = يُقِيمُ يَدَيْهِ تارَةً ويُخالِفُ
رَجَا صُنْعَه ما كان يَصنعُ ساجِياً = ويَرْفَعُ عَيْنَيْهِ عن الصُّنعِ طارِفُ
وشَوْهاءَ لم تُوشَمْ يَدَاها ولَم تُذَلْ = فَقاظَتْ وفيها بالوَلِيدِ تَقاذُفُ
وتُعْطِيكَ قَبْلَ السَّوْطِ ملْءَ عِنانِها = وإِحْضَارَ ظَبْىٍ أَخْطَأَتْهُ المَجادِفُ
بَلِلتُ بها يَوْمَ الصُّرَاخ، وبَعْضُهُمْ = يَخُبُّ به في الحَيِّ أَوْرَقُ شَارِفُ
بِبَيْضَاءَ مِثْلِ النَّهْيِ رِيحَ ومَدَُّه = شابِيبُ غَيْثٍ يَحْفِشُ الأُكْمَ صَائِفُ
ومُطَّرِدٍ يُرْضِيكَ عندَ ذَوَاقِهِ = ويَمْضِي ولا يَنْآدُ فِيمَا يُصَادِفُ
وصَفرَاءُ من نَبْعٍ سِلاَحٌ أُعِدُّهَا = وأَبيضُ قَصَّالُ الضَّرِيبةِ جائِفُ
عَتادُ امْرِىءٍ في الحرب لا وَاهِنِ القُوَى = ولا هو عمَّا يَقْدِرُ اللهُ صارِفُ
بِهِ أَشْهَدُ الحربَ العَوَانَ إِذا بَدَتْ = نَوَاجِذُها واحْمَرَّ منها الطَّوائِفُ
قِتالَ امرىءٍ قد أَيْقَنَ الدَّهْرَ أَنه = مِنَ الموتِ لا يَنْجُو ولا الموتُ جَانِفُ
ولو كُنْتُ في غُمْدَانَ يَحْرُسُ بَابَهُ = أَرَاجِيلُ أُحْبُوشٍ وأَسْوَدُ آلِفُ
إِذاً لأَتَتْنِي، حَيْثُ كُنْتُ، مَنِيَّتِي = يَخُبُّ بها هَادٍ لإِثْريَ قَائِفُ
أَمِنْ حَذَرٍ آتِي المَهَالِكَ سَادِراً = وأَيَّةُ أَرْضٍ ليسَ فِيها مَتَالِفُ