قال جابر بن حُني التغلبي:
أَلاَ يَا لَقَوْمِي لِلْجَدِيدِ المُصَرَّمِ = ولِلحِلْمِ، بعدَ الزَّلَّةِ، المُتَوَهَّمِ
ولِلمَرْءِ يَعْتَادُ الصَّبابةَ بعدَ ما = أَتَى دُونَها ما فَرْطُ حَوْلٍ مُجَرَّمِ
فَيَا دارَ سلْمَى بالصَّرِيمةِ فالِلّوَى = إِلى مَدْفَعِ القِيقَاء فالمُتَثَلِّمِ
ظَلِلْتُ على عِرْفانِهَا ضَيْفَ قَفْرَةٍ = لأَِقْضيَ منها حاجة المُتَلَوِّمِ
أَقامَتْ بها بالصَّيْفِ ثمّ تَذَكَّرَتْ = مَصائِرها بَيْنَ الجِوَاءِ فَعَيْهَمِ
تُعَوِّجُ رَهْباً في الزِّمامَ وتَنثَنِي = إِلى مُهْذِباتٍ في وَشِيجٍ مُقَوَّمِ
أَنافَتْ وزَافَتْ في الزِّمامِ كأَنَّها = إِلى غَرْضِها أَجْلاَدُ هِرٍّ مُؤَوَّمُ
إِذَا زَال رَعْنٌ عن يَدَيْها ونَحْرِها = بَدَا رَأْسُ رَعْنٍ وارِدٍ مُتَقَدَّمِ
وصَدَّتْ عن الماءِ الرَّوَاءِ، لِجَوْفِها = دوِيٌّ كَدٌفِّ القَيْنةِ المُتَهزِّمِ
تَصَعَّدُ في بَطْحَاءِ عِرْقٍ كأَنَّما = تَرَقَّى إِلى أَعْلَى أَرِيكٍ بِسُلَّمِ
لِتَغْلِبَ أَبْكِي إِذْ أَثَارتْ رِماحُها = غَوائلَ شَرٍّ بينَها مُتثلِّم
وكانوا هُمُ البَانِين قَبلَ اختلافِهمْ = ومَنْ لاَ يَشِدْ بُنيانَهُ يَتَهَدَّمِ
بِحَيٍّ كَكَوْثَلِّ السَّفينةِ، أَمْرُهُمْ = إِلى سَلَفٍ عادٍ إِذَا احْتَلّ مُرْزِمِ
إِذَا نَزَلوا الثَّغْرَ المَخُوفَ تَوَاضَعتْ = مخَاِرمُهُ واحْتَلَّهُ ذُو المُقَدَّمِ
أَنِفْتُ لهم مِن عقْلِ قَيْسٍ ومَرثَدٍ = إِذَا وَرَدُوا ماءً، ورُمْحِ بنِ هَرْثَمِ
ويَوماً لَدَى الحَشَّارِ مَنْ يَلْوِ حَقَّهُ = يُبَزْبَزْ ويُنْزَعْ ثَوْبُهُ ويُلَطَّمِ
وفي كلِّ أَسْوَاقِ العِرَاقِ إِتاوَةٌ = وفي كلِّ ما بَاعَ امْرُؤُ مَكْسُ دِرْهَمَ
وقَيْظُ العراقِ مِنْ أَفَاعٍ وغُدَّةٍ = ورِعْيٍ إِذَا ما أَكْلَؤُوا مُتَوخَّمِ
أَلاَ تَسْتَحِي مِنَّا مُلوكٌ وتَتَّقِي = مَحارِمَنَا لا يَبْوُؤُ الدَّمُ بالدَّمِ
نُعاطِي المُلوكَ السِّلْمَ ما قَصدُوا بِنَا = وليسَ علينا قَتْلُهُمْ بمُحَرَّمِ
وكائِنْ أَزَرْنا الموْتَ مِن ذِي تَحِيَّةٍ = إِذَا ما ازْدَرَانَا أَو أَسَفَّ لِمأْثَمِ
وقد زَعَمَتْ بَهْرَاءُ أَنَّ رِماحَنَا = رِماحُ نَصَارى لاتَخُوضُ إِلى الدَّمِ
فيَوْمِ الكُلاَبِ قد أَزالَتْ رِماحُنا = شُرَحْبِيلَ إِذْ آلى أَلِيَّةَ مُقْسِمِ
لَيَنْتَزِعَنْ أَرْماحَنَا، فأَزَالهُ = أَبُو حَنَشٍ عن ظَهْرِ شَقَّاءَ صِلْدِمِ
تَناوَلَهُ بالرُّمْحِ ثُمَّ اتَّنَى لهُ = فَخَرَّ صَرِيعاً لِلْيَدَيْنِ ولِلْفَمِ
وكان مُعادِينَا تَهِرُّ كِلاَبُهُ = مَخافةَ جَيْشٍ ذِي زُهاءٍ عَرمْرَمِ
وعَمْرَو بنَ هَمَّامٍ صَقَعْنَا جَبِينَهُ = بِشَنْعاءَ تَشْفِي صَوْرَةَ المُتَظَلِّمِ
يَرَى النَّاسُ مِنَّا جِلدَ أَسْوَدَ سَالِخٍ = وفَرْوَةَ ضِرْغَامٍ منَ الأُسْدِ ضَيْغَمِ